تفاهمات مصرية ـ أميركية على تثبيت وقف إطلاق النار فى ليبيا

TT

تفاهمات مصرية ـ أميركية على تثبيت وقف إطلاق النار فى ليبيا

وسط مساعٍ مصرية وأميركية مشتركة لتثبيت وقف إطلاق النار بين قوات الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، والقوات التابعة لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج، تعهد الأخير بمواصلة «رفع درجات الاستعداد، والتأهب لمواجهة أي طارئ»، على الرغم من إعلانه «السعي لتحقيق السلام على كامل التراب الليبي». وفي غضون ذلك، وقع أمس، انفجار كبير بمخزن سلاح في منطقة سكنية بالعاصمة الليبية طرابلس، واندلعت اشتباكات جديدة ومفاجئة بالأسلحة الثقيلة بين الميليشيات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق.
وقالت مصادر على صلة بالمشاورات المصرية - الأميركية، إن المفاوضات الرامية إلى تشجيع طرفي النزاع على تثبيت وقف إطلاق النار في مدينة سرت ومنطقة الجفرة، وتحويل سرت إلى منطقة خضراء منزوعة السلاح «لا تزال جارية دون التوصل إلى اتفاق شامل».
وأوضحت المصادر التي طلبت عدم تعريفها أن «هذه المفاوضات تحرز تقدماً مطرداً»، دون الكشف عن أي تفاصيل أخرى، مشيرة إلى أن «جانباً منها يتوقف على نجاح المحادثات العسكرية والأمنية لممثلي حفتر وحكومة السراج بشأن سحب متبادل لقوات الطرفين، ومنح مهمة تأمين سرت، التي يفترض أن تكون مقراً للسلطة الجديدة التي سيتم تشكيلها لاحقاً لإدارة شؤون البلاد، إلى قوة محلية مؤلفة من الجانبين، وبمشاركة القبائل الليبية، وتحت رعاية بعثة الأمم المتحدة».
واستبقت ستيفاني ويليامز، رئيس البعثة الأممية بالإنابة، اجتماعاً كان مفترضاً أمس، في العاصمة المصرية بين عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي، والسفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، بالتأكيد على أن «المنطقة منزوعة السلاح في سرت ستحددها اللجنة العسكرية المشتركة للجيش الوطني وحكومة (الوفاق)»، وتوقعت «استئناف اجتماعاتها في مدينة جنيف السويسرية خلال الأسابيع المقبلة». وبعدما حذرت من أن «توقف الاشتباكات في ليبيا قد لا يستمر؛ إذا لم يتوصل الفرقاء إلى حل سياسي»، اعتبرت ويليامز أن «حل الأزمة الليبية أولوية قصوى للأمم المتحدة.
إلى ذلك، وقع انفجار ضخم أمس في مخزن للذخيرة، تابع لكتيبة «فرسان جنزور» الموالية لحكومة الوفاق، في منطقة شعبية سيدي عبد الجليل، بالقرب من مقر بعثة الأمم المتحدة بضاحية جنزور غرب طرابلس، ما أسفر عن خسائر مادية لممتلكات المواطنين.
وطبقاً لمصادر أمنية محلية وبعض السكان، فقد «نشبت معارك بين ميليشيات مسلحة تنتمي إلى مدينة الزاوية وميليشيات أسامة الجويلي، أحد كبار القادة العسكريين لقوات حكومة الوفاق، في منطقة السواني جنوب العاصمة طرابلس».
من جهة أخرى، قالت مصادر في حكومة الوفاق إن وزير دفاعها صلاح النمروش كلف مجموعات مسلحة من مدينة الزاوية، التي ينتمى إليها، بتأمين «مطار طرابلس الدولي» المغلق منذ عام 2014 تحت اسم «قوة حماية المطار». وأظهرت لقطات مصورة لوسائل إعلام محلية انتشار قوات تابعة لميليشيات الزاوية في المطار، وتمركزها بمحيطه.
وفي سياق الخلافات المعلنة بين وزارتي الداخلية والدفاع بحكومة الوفاق، أعلنت وزارة الدفاع عن تكليفها جهاز الشرطة القضائية بإتمام إجراءات التسليم والتسلم لمقر وزارة العدل بمنطقة تاجوراء، الذي كان مُستغلاً من قبل كتيبة الضمان المُساندة سابقاً. ولفتت في بيان لها إلى أن هذا الإجراء «يأتي سعياً منها، وحرصاً من وزيرها صلاح النمروش على إخلاء المواقع العامة من أي مظاهر مُسلحة، ومن ضمنها مقر وزارة العدل».
في المقابل، قالت وزارة الداخلية بحكومة «الوفاق» إن إحدى إداراتها الأمنية بدأت اعتباراً من أول من أمس، تأمين كامل مقر «مؤسسة الإصلاح والتأهيل والضمان»، وهو ما يعرف بكتيبة الضمان بتاجوراء، مشيرة إلى «العثور على عدد من الموقوفين داخلها، تم ضبطهم بطرق تعسفية ومن دون إجراءات قانونية».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.