أزمات مضاعفة في المخيمات الفلسطينية بلبنان

البطالة بين اللاجئين قاربت 90 %... ومخاوف من تحرك خلايا نائمة

مسلحان من حركة «حماس» في مخيم «عين الحلوة» جنوب لبنان (رويترز)
مسلحان من حركة «حماس» في مخيم «عين الحلوة» جنوب لبنان (رويترز)
TT

أزمات مضاعفة في المخيمات الفلسطينية بلبنان

مسلحان من حركة «حماس» في مخيم «عين الحلوة» جنوب لبنان (رويترز)
مسلحان من حركة «حماس» في مخيم «عين الحلوة» جنوب لبنان (رويترز)

تشهد المخيمات الفلسطينية في لبنان أزمات مضاعفة عن تلك التي يرزح تحتها البلد كله. فالواقع المرير والصعب الذي تعاني منه هذه المخيمات وقاطنوها منذ عشرات السنوات يجعل أي أزمات وتحديات جدية تدخل على الخط بمثابة عوامل تهدد الاستقرار فيها، مع تفاقم المخاوف من تحرك خلايا إرهابية نائمة في المخيمات، تزامناً مع تحركها أخيراً في مناطق شمال لبنان.
ولعل ما يعزّز تلك الهواجس لدى القيادات الفلسطينية هو بلوغ نسبة البطالة بين اللاجئين الفلسطينيين مستويات قياسية وغير مسبوقة، إذ يشير القيادي في حركة «فتح» اللواء منير المقدح إلى أن هذه النسبة قاربت 90 في المائة، لافتاً إلى أن «الوضع صعب جداً، سواء على المستوى الاقتصادي أو الصحي» بعد تفشي فيروس «كورونا» في كل المخيمات.
ويوضح المقدح لـ«الشرق الأوسط» أن «القيادات الفلسطينية تنسق مع القيادات اللبنانية، وعلى المستويات كافة، للحفاظ على أمن المخيمات والجوار كي لا يتم استغلال الواقع الاقتصادي لتحريك خلايا نائمة، ولم نلحظ حتى الساعة أي حراك جديد لها». وقال: «على كل الأحوال نحن نسهر على أمن المخيمات لتفادي أي اهتزاز للاستقرار؛ خصوصاً أنه لا ينقصنا أي شيء من هذا القبيل، في ظل الواقع الصعب الذي نرزح تحته بغياب أي تحمل للمسؤوليات، سواء من (أونروا) أو من غيرها... مراكز الحجر المرصودة لمرضى (كورونا) لا تتمتع بالشروط الصحية اللازمة، إضافة إلى أن الواقع والظروف داخل المخيمات تتيح تفشي الوباء سريعاً». وسجلت «أونروا» مطلع الشهر الحالي 424 إصابة جديدة بـ«كورونا» ليرتفع العدد الإجمالي للمصابين بين اللاجئين الفلسطينيين إلى 1122، إضافة إلى 27 وفاة.
ويعيش في مخيم «عين الحلوة» الواقع في منطقة صيدا جنوب لبنان أكثر من 120 ألف لاجئ في كيلومتر مربع واحد؛ حيث تغيب ظروف الحياة اللائقة، ما دفع في السنوات الماضية مئات الشبان إلى كنف مجموعات متطرفة كانت تؤمن لهم حداً أدنى من مقومات العيش. وبعد مرحلة طويلة من التفلت الأمني داخل المخيم المذكور، أدت إلى جولات متتالية من العنف والاقتتال بين القوى الفلسطينية، ولجوء كثير من المطلوبين للقضاء بجرائم إرهاب إلى أحياء مخيمات، باعتبار أن قوى الأمن اللبنانية لا تدخلها وتترك أمر الحفاظ على الأمن والاستقرار فيها للقوى الفلسطينية، شهد «عين الحلوة» كما باقي مخيمات لبنان استقراراً لافتاً في الأعوام القليلة الماضية.
وتردّ القيادات الفلسطينية واللبنانية على حد سواء ذلك إلى «التعاون الأمني المتواصل بين الطرفين، ما يؤدي إلى إلقاء القبض على المطلوبين وحصار كل من تخوّل له نفسه العبث بالأمن». ويقول مصدر في «فتح» لـ«الشرق الأوسط» إن «الهاجس الأمني لا شك موجود، ولكنه مماثل في الساحة الفلسطينية كما في الساحة اللبنانية».
وفي ظل غياب الموارد المالية، بدأ الجوع يفتك بقوة بالعائلات الفلسطينية، ما أدى إلى تفاقم ظاهرة لجوء البعض إلى مكبات النفايات بحثاً عن الطعام. وتقول مصادر فلسطينية في مخيم «عين الحلوة» إن بعض القوى الفلسطينية، كما بعض الجمعيات، تقدم الخبز للمحتاجين، لكن أحداً لا يوفر الوجبات والسلال الغذائية لمحتاجيها، ما يؤدي إلى تفاقم الجوع في صفوف اللاجئين الذين يرزح معظمهم تحت خط الفقر.
وتضيف المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن المشكلة في المخيمات غير مرتبطة بالأزمات المستجدة حصراً، إنما بالأزمات المزمنة التي ترزح تحتها، وأبرزها حرمان اللاجئين من حقوقهم المدنية والاقتصادية الاجتماعية؛ خصوصاً حق العمل في كثير من القطاعات وحق التملك. وأتت الأزمات الجديدة لتزيد الطين بلة، ولا سيما انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار، ما أدى إلى ارتفاع جنوني في الأسعار لا تستطيع العائلات الفلسطينية التأقلم معه، وإن كان كثير منها يعتمد اليوم على ما يرسله لها أبناؤها في المهجر مع فقدان عشرات الآلاف لفرص العمل التي كانت تؤمن لهم مصروفهم اليومي، وأبرزها في مجالي البناء والزراعة، وعمال نظافة.
وزار المدير العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة «أونروا» في لبنان، كلاودي كوردوني، نهاية الأسبوع، مخيم «عين الحلوة» وبحث مع المعنيين «بدقة، الوضع الصحي في ظل جائحة كورونا»، ووصف الوضع المالي للوكالة بـ«الصعب جداً»، لكنه شدد على أنه «رغم كل التحديات، ستسعى الأونروا إلى حشد التمويل اللازم لكي تتمكن من صرف جولة ثانية من المساعدات الإغاثية النقدية».



الحوثيون يعسكرون قرى حول الحديدة ويهجرون سكانها

الحوثيون حولوا التجمعات السكانية إلى مواقع لإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة (إعلام محلي)
الحوثيون حولوا التجمعات السكانية إلى مواقع لإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة (إعلام محلي)
TT

الحوثيون يعسكرون قرى حول الحديدة ويهجرون سكانها

الحوثيون حولوا التجمعات السكانية إلى مواقع لإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة (إعلام محلي)
الحوثيون حولوا التجمعات السكانية إلى مواقع لإطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة (إعلام محلي)

كشفت مصادر حكومية يمنية عن تهجير الحوثيين الآلاف من السكان في ريف محافظة الحديدة الساحلية لاستخدام قراهم مواقع عسكرية ولتخزين الأسلحة واستهداف سفن الشحن التجاري في جنوب البحر الأحمر.

وأدانت السلطة المحلية التابعة للحكومة الشرعية في محافظة الحديدة ما سمته عمليات التهجير القسري التي تقوم بها «ميليشيات الحوثي» لسكان عدد من القرى في المديريات الساحلية، جنوب وشمال المحافظة، منذ نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ضمن مسلسل جرائمها وانتهاكاتها اليومية الجسيمة لحقوق الإنسان.

ميناء اصطياد سمكي في الحديدة حوله الحوثيون إلى منطقة عسكرية مغلقة (إعلام حكومي)

ونقل الإعلام الرسمي عن بيان السلطة المحلية القول إن الحوثيين أجبروا خلال اليومين الماضيين سكان 5 قرى جنوب مديرية الجراحي، تضم 350 أسرة، أي نحو 1750 نسمة، على إخلاء منازلهم تحت تهديد السلاح، للشروع في حفر أنفاق وبناء تحصينات عسكرية في تلك المناطق السكنية.

ووفقاً للبيان، فإن سكان تلك القرى باتوا يعيشون في العراء بعد أن هجّروا بالقوة من منازلهم ومزارعهم ومصادر عيشهم، في ظل تجاهل وصمت مطبق من قبل المنظمات الحقوقية المحلية والدولية تجاه هذه الممارسات والانتهاكات السافرة.

ويعتمد سكان هذه القرى -بحسب السلطات المحلية- على الزراعة بوصفها مصدر دخل رئيسياً، وسيؤدي هذا التهجير إلى حرمان أبناء هذه القرى من مصدر رزقهم ويعمّق معاناتهم الإنسانية، فضلاً عن إلحاق الخراب بمئات الأراضي والحيازات الزراعية.

تهجير مماثل

بحسب بيان السلطة المحلية في الحديدة، فإن عمليات التهجير القسري لسكان مناطق وقرى مديريات الجراحي جاءت بعد أيام من عمليات تهجير مماثلة طالت المئات من سكان بلدة المنظر الساحلية التابعة لمديرية الحوك والواقعة في الأطراف الجنوبية لمدينة الحديدة، حيث قام الحوثيون ببناء سور حول البلدة التي يبلغ عدد سكانها 4500 نسمة تقريباً، وأغلقوا جميع المنافذ والطرقات المؤدية إليها، وأجبروا قاطنيها على النزوح.

ونبّه بيان السلطة المحلية إلى أن الحوثيين كانوا قد أقدموا في وقت سابق هذا العام على تهجير سكان قرية الدُّقاوِنة الواقعة على الخط الرئيس الرابط بين مديرية حرض والحديدة، التابعة لمديرية باجل، التي يبلغ عدد سكانها 70 أسرة، أي ما يقارب 350 نسمة.

السلطة المحلية اليمنية في الحديدة انتقدت صمت المجتمع الدولي على عملية التهجير (إعلام حكومي)

كما قامت الجماعة بتحويل ميناء الخوبة السمكي في مديرية اللحية شمالي المحافظة إلى منطقة عسكرية مغلقة بعد منع الصيادين من إرساء قواربهم وممارسة نشاطهم السمكي.

وناشدت السلطة المحلية المجتمع الإقليمي والدولي وهيئة الأمم المتحدة وكل المنظمات الدولية والإنسانية والحقوقية بالوقوف أمام هذه الانتهاكات التي يرتكبها الحوثيون بحق سكان محافظة الحديدة، التي تتعارض مع القانون الدولي الإنساني ومبادئ واتفاقيات حقوق الإنسان، والمبادئ العالمية الخاصة بحماية المدنيين أثناء النزاعات.

وأكد البيان أن هذه الانتهاكات وما سبقها من استهداف للمدنيين تعد «جرائم حرب»، داعية الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ومجلس حقوق الإنسان إلى إدانة هذه الجرائم.

من جهته أكد العميد محمد الكميم، مستشار لوزير الدفاع اليمني، أن الحوثيين هجّروا نحو 6 آلاف مدني من قراهم في محافظة الحديدة خلال الأيام الماضية، من بينهم سكان 5 قرى في جنوب مديرية الجراحي وبلدة منظر في أطراف مدينة الحديدة، وقرية الدُّقاوِنة التابعة لمديرية باجل.

وأوضح الكميم أن الغرض الواضح من هذه العملية هو حفر الخنادق والأنفاق لمعارك الجماعة الوهمية، لكنه جزم بأن الغرض الحقيقي لهذه العملية هو نهب أراضي السكان في تلك القرى.