انقلابيو اليمن يحوّلون «الأحوال المدنية» إلى بوابة ابتزاز

اتهامات للجماعة بجني موارد المؤسسة إلى جيوب كبار قادتها

TT

انقلابيو اليمن يحوّلون «الأحوال المدنية» إلى بوابة ابتزاز

اتهمت مصادر يمنية الميليشيات الحوثية بمواصلة استغلال مؤسسات الدولة في العاصمة صنعاء ومدن يمنية أخرى وتسخيرها خدمةً لأجندتها وأهدافها الانقلابية والسلالية.
وحسب مصادر محلية تحدثت لـ«الشرق الأوسط» فإن آلاف المواطنين الذين يترددون على مصلحة الأحوال المدنية والسجل المدني الخاضعة مع عدد من فروعها للجماعة الانقلابية يتعرضون للابتزاز ودفع أموال غير قانونية تذهب إلى جيوب قادة الجماعة.
وأشارت المصادر إلى أن ميليشيات الانقلاب سعت ومنذ اقتحامها المصلحة وفرض سيطرتها على فروعها في المحافظات إلى تحويلها، كغيرها من المؤسسات الأخرى، إلى وكر للفساد والعبث والمتاجرة بمعاملات المواطنين ومعاناتهم.
كما أفاد عاملون في المصلحة الخاضعة للجماعة بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، بأن الحصول على البطاقة الشخصية وغيرها من الوثائق الرسمية الأخرى بمناطق سيطرة الميليشيات باتت اليوم من الأمور المستحيلة والتي يواجه من خلالها السكان صعوبات كبيرة.
وأشار العاملون، الذين ضاقوا من فساد الجماعة، إلى استحداث الانقلابيين مؤخراً رسوماً غير قانونية على المعاملات التي أقر القانون مجّانيتها للمواطنين، كما ضاعفوا الرسوم الرمزية لمعاملة وثائق المواليد والهوية الشخصية والعائلية.
وطبقاً للعاملين، «يتوافد الكثير من المواطنين يومياً إلى بوابات المركز الرئيسي بصنعاء وفروعه بمناطق السيطرة الحوثية للحصول على هويات شخصية، وهناك تنكسر أحلامهم ويسلمون أمرهم للعصابات الحوثية ومنهم من يحصل عليها بعد دفع مبالغ مالية كبيرة والبعض الآخر يقع ضحية نهب وسطو العصابات الانقلابية».
وعلى ذات الصعيد، شكا مواطنون في العاصمة وريفها من المعاملات السيئة وعمليات الابتزاز والاستغلال الذي يتعرضون يومياً ممّن وصفوهم بـ«لصوص الأحوال المدنية». وقال عدد من منهم لـ«الشرق الأوسط»: «إن مصلحة الأحوال وفروعها بمناطق الحوثيين تحولت عقب الانقلاب من مؤسسات حكومية تقدم خدماتها لليمنيين بالمجان وبكل يسر وسهولة، إلى وكر للارتزاق والنهب والبلطجة من مافيا منظمة».
وأكدوا أن العاملين في المصلحة وفروعها، ممن أدرجتهم الجماعة مؤخراً ضمن قوائم الكادر الوظيفي لانتمائهم إليها سلالياً، يرفضون إنجاز أي معاملة أو توقيعها إلا بمقابل الحصول على مبالغ مالية، على الرغم من أن ما يقومون به من عمل هو واجب عليهم دون أن يدفع المواطن أي مقابل.
وقدّروا حجم المبالغ التي يتقاضاها السماسرة مقابل إنجاز معاملاتهم بأنها تصل إلى ملايين الريالات وجميعها تذهب لصالح قيادات حوثية من بينهم المدعو محمد عبد العظيم الحاكم، المعيّن من الجماعة رئيساً للمصلحة.
وتحدث مواطن من صنعاء، اكتفى بالترميز لاسمه بـ(خالد. ع)، عن قيام سماسرة حوثيون في المصلحة بصنعاء بسرقة وابتزاز العشرات من المواطنين بشكل يومي لمجرد قدومهم لاستخراج وثائق شخصية.
وقال المواطن لـ«الشرق الأوسط»: «فعلياً لا تتجاوز تكلفة استخراج بعض الوثائق ألف ريال، بينما تفرض تلك العصابات مبالغ خيالية تتراوح بين 20 ألفاً و30 ألف ريال للوثيقة الواحدة (الدولار نحو 600 ر‏يال)».
وأضاف: «عندما تصل إلى مبنى المصلحة بمنطقة عصر (غرب العاصمة) تواجهك مافيا الجماعة ويعرضون لك الخدمات وتسهيل معاملاتك، وبمجرد تسلمهم المعاملة تبدأ أساليب الابتزاز، ومع كل توقيع يطلبون منك مبلغاً مالياً إضافياً». وحسب المواطن، تصل تكلفة استخراج شهادة ميلاد في ظل سيطرة وحكم الميليشيات، إلى أكثر من 15 ألف ريال، في حين تتراوح بقية الوثائق البسيطة مثل استخراج «بدل فاقد» بين 12 و20 ألف ريال، وهي مبالغ كبيرة في ظل الظروف الراهنة التي يمر بها اليمن جراء الانقلاب على السلطة الشرعية.
ونظراً لمتاجرة، الميليشيات المدعومة إيرانياً، بالبطاقات الشخصية واستبدال ما سمته «كرت استبيان» بها حالياً، شكا (عبد الله. ح) من محافظة صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من صعوبات قال إنها لا تزال تشكل عائقاً أمامه منذ فترة في الحصول على البطاقة الشخصية ليستكمل بقية معاملاته الأخرى للسفر إلى الخارج للدراسة.
وأشار عبد الله (36 عاماً) إلى أن العاملين في فرع المصلحة بالمحافظة أبلغوه بأن الكروت الإلكترونية لم يعد لها وجود لديهم، بسبب نفاد الكمية، وعدم قدرتهم على استيراد كميات جديدة من الخارج.
وفي حين أشار إلى اضطراره لدفع مبلغ 25 ألف ريال مقابل استخراج بطاقة هوية. تحدث عن حصوله في النهاية على ورقة أخرى بديلة عن الإلكترونية تطلق عليه الميليشيات (الاستبيان) وهي، حسبه، وثيقة غير مقبولة لدى الجهات الخارجية وغير معمول بها خارج حدود مناطق السيطرة الحوثية.
وقال: «شعرت بالإحباط عند رفض ملفي المقدم لإحدى الجهات للحصول على منحة دراسية كون الوثيقة غير معتمدة لدى جميع الجهات الخارجية».
وتعد بطاقة الهوية في اليمن إحدى أهم الأوراق الثبوتية التي يحملها الشخص للتعريف بنفسه أمام الجهات الرسمية والخاصة، وفي مختلف شؤون الحياة عندما يتطلب الأمر إبراز الهوية الشخصية للفرد.
وكشف العاملون في مصلحة الأحوال المدنية بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن فرعها في العاصمة أصدر خلال العام الماضي نحو 184 ألف وثيقة ثبوتية توزعت بين 91 ألف بطاقة شخصية و13 ألفاً و641 بطاقة عائلية، و71 ألف شهادة ميلاد و6 آلاف وثيقة وفاة و786 وثيقة طلاق وزواج.



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.