«المهرجانات» تزيح الأغنيات الكلاسيكية من حفلات الزفاف المصرية

نقاد: استبدلت بالكلمات الراقية الموسيقى الصاخبة

«المهرجانات» تزيح الأغنيات الكلاسيكية من حفلات الزفاف المصرية
TT

«المهرجانات» تزيح الأغنيات الكلاسيكية من حفلات الزفاف المصرية

«المهرجانات» تزيح الأغنيات الكلاسيكية من حفلات الزفاف المصرية

في إحدى قاعات الزّفاف بفندق مصري شهير في حي الزمالك الراقي (وسط القاهرة)، أطل المدعوون بفساتين سهرة أنيقة وبزات سوداء رسمية، وبعد دقائق من الاستماع إلى مجموعة من الأغنيات الكلاسيكية الهادئة، ذهب أحد أقارب العروس لمنسق الموسيقى في القاعة وهمس في أذنيه، معطياً إياه الضوء الأخضر بإطلاق البداية الفعلية للحفل عبر تشغيل أغاني المهرجانات، ليتناسى الجميع هدوءهم ويندمج الشباب في الرقص الاحتفالي الساخن على الإيقاع الصاخب للكلمات التي تقول: «هو اللي خان وباع.... هو اللي قال وداع.... نفسك قصير اجري... وطوّله، أصلك جاي في حتة أنا عمها»، وفق ما رصدته «الشرق الأوسط»، وذلك عقب قرار السلطات المصرية أخيراً إعادة فتح قاعات الزفاف في الفنادق والنوادي والقرى السياحية، وذلك بعد نحو ستة أشهر من «إغلاق كورونا»، حيث تجدد الجدل مرة أخرى بشأن الانتشار الطاغي لأغنيات المهرجانات في مصر على حساب الأغنيات الهادئة والكلاسيكية، التي أُزيحت من حفلات الزفاف بالأحياء الراقية والأحياء الشعبية على السواء بفعل «المهرجانات».
وبالقرب من الفنادق الفاخرة، يلجأ أهالي المناطق الشعبية بالقاهرة والمحافظات الأخرى إلى إقامة حفلات الزفاف في الشوارع من أجل توفير النفقات، وتكون أغاني المهرجانات أداة ناجعة لإضفاء أجواء مبهجة ومفرحة بحفلات الزفاف، رغم عدم وجود علاقة بين كلمات الأغنية والمناسبة التي تذاع فيها، فالإيقاع الراقص مع مكبرات الصوت والموسيقى الصاخبة أهم من سماع الكلمات التي يصفها بعض النقاد بأنها «غير لائقة».
باستثناء أغنيات كلاسيكية قليلة من بينها «يا دبلة الخطوبة» للفنانة المصرية الراحلة شادية، اندثرت معظم أغاني حفلات الزفاف والخطوبة التي قدمها مطربون كبار وظلت فترة كبيرة تسكن الوجدان المصري لصالح أغانٍ مستحدثة تتسم بـ«انحدار الذوق» و«فجاجة الكلمات» و«الترويج للتلوث السمعي» مع جملة موسيقية واحدة مكررة، حسب وصف الناقد الفني المصري رؤوف عبد الحميد، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «اختفت على سبيل المثال أغنية الفنان الراحل محمد فوزي الشهيرة (يا ولاد بلدنا يوم الخميس... أكتب كتابي وأبقى عريس... ويبقى ليّا في البيت ونيس)، كما لم نعد نسمع أغنية مها صبري التي تقولها على لسان العروس (زوّقيني يا ماما)، كما اختفت أيضاً الأغنية الجميلة التي كانت من ملامح أي حفل زفاف مصري في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي التي يغنيها باللهجة السورية المطرب أركان فؤاد (بدنا نتزوج ع العيد، بدنا نعمّر بيت جديد)».
ويلاحظ عبد الحميد كذلك غياب بعض الأغاني التي ظلت لعقود تمثل طقساً ثابتاً، حيث يرقص على إيقاعها الهادئ العروسان كما هو الحال مع أغنية إيمان البحر درويش «ضميني وانسي الدنيا».
وعلى الرّغم من أنّ نقابة المهن الموسيقية المصرية تتخذ موقفاً صارماً من مطربي المهرجانات وترفض منحهم تراخيص للغناء داخل مصر وتخاطب النقابات العربية لمنعهم من الغناء في الخارج، فإنّ أغنياتهم تحقق رواجاً وانتشاراً طاغياً في السنوات الأخيرة على المواقع الإلكترونية والأفراح المصرية.
ويؤكد الشاعر والباحث في التراث الغنائي المصري مسعود شومان، أنّ «أغاني الأفراح الشعبية بطبيعتها المميزة وقدرتها على الإمساك بلحظات وعي الإنسان بجماعته وعاداتها وتقاليدها، فالخطبة لها أغنيات خاصة، ولليلة الزفاف أغنياتها، وكذلك الصباحية لها أغنيات تتسق مع خصائصها، كما أنّ هناك أغنيات أفراح خاصة بالرجال وأخرى بالنساء»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أنّ «أغاني المهرجانات تعتمد على استبدال الموسيقى الصاخبة بالكلمات الراقية على نحو يجعل من الجسد موطناً للغرائز»، مشيراً إلى أن هذه «الظاهرة تسود العالم في الوقت الراهن معتمدة على المباشرة والتسطيح بينما يتوارى شعراء الأغنية الراقية».
وفي شهر فبراير (شباط) الماضي، احتلت سبع أغاني مهرجانات شعبية قائمة أكثر 50 أغنية سماعاً على تطبيق الأغاني الشهير «ساوند كلاود»، واستحوذ مطرب المهرجانات حسن شاكوش على 5 منها، وكانت أغنيته «بنت الجيران» في المقدمة حيث حققت 45 مليون مرة استماع، خلال أسبوع واحد فقط، وحققت أغنيات مهرجانات أخرى عشرات الملايين من المشاهدات في مقابل ملايين محدودة من المشاهدات للأغنيات الرومانسية لنجوم معروفين.
ويُلقي الشاعر الغنائي والباحث في الفلكلور المصري، سعيد شحاتة، باللائمة على التطور التكنولوجي الذي تسبب في توقف الخيال والتقوقع داخل الذات بدلاً من الانفتاح على الآخرين، ويؤكد لـ«الشرق الأوسط»: «مثل هذا المناخ أدى لصعود تيار أغاني المهرجانات، بما يمثله من فجاجة بالتزامن مع افتقار الريف المصري لخصوصيته، حيث تآكلت الأرض الزراعية في الأعوام العشرين الأخيرة وزحفت المباني القبيحة معمارياً وانتشرت العشوائيات».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.