لبنان: قرار إقفال القرى والبلدات يطبق اليوم

الجسم الطبي والتمريضي «بات منهكاً كلياً» وتحذيرات من كارثة قريبة

صورة أرشيفية لدورية أمنية لمراقبة الالتزام بقيود «كورونا» في بيروت في 21 أغسطس الماضي (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لدورية أمنية لمراقبة الالتزام بقيود «كورونا» في بيروت في 21 أغسطس الماضي (أ.ف.ب)
TT

لبنان: قرار إقفال القرى والبلدات يطبق اليوم

صورة أرشيفية لدورية أمنية لمراقبة الالتزام بقيود «كورونا» في بيروت في 21 أغسطس الماضي (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لدورية أمنية لمراقبة الالتزام بقيود «كورونا» في بيروت في 21 أغسطس الماضي (أ.ف.ب)

يدخل قرار إقفال عدد من البلدات والقرى اللبنانية بشكل كامل صباح اليوم حيّز التنفيذ، وسط اعتراض بعض البلديات التي اعتبرت أنّ القرار مجحف بحقّها، وذلك في وقت يواصل فيه عدّاد فيروس كورونا اليومي تسجيل أرقام قياسية تتجاوز الألف إصابة حتى تخطّى عدد الإصابات الإجمالي 42 ألفا.
قرار الإقفال الذي يمتد لأسبوع جاء بعد دخول لبنان «المرحلة الأخيرة لانتشار الوباء»، حسب توصيف بترا خوري مستشارة رئيس الوزراء للشؤون الطبية في حكومة تصريف الأعمال حسان دياب. خوري وفي حديث مع «الشرق الأوسط»، أشارت إلى أنّ لبنان مصنف «عالي الخطورة» حيث نسبة الإشغال في المستشفيات تخطّت الـ 90 بالمائة، ولا سيّما في بيروت وجبل لبنان، فضلا عن تراوح نسبة الفحوصات الإيجابية من عدد الفحوصات العامة بين 9 و10 بالمائة خلال الفترة الأخيرة، مذكرة بأنّ لبنان كان يسجّل آخر 14 يوما 250 إصابة لكلّ 100 ألف، وهذا مؤشر سلبي.
ولفتت خوري إلى وجود مؤشر سلبي آخر في موضوع كورونا، يتمثّل «بتضاعف عدد الوفيات بسبب الفيروس بوتيرة أسرع من الوتيرة العالمية». وحيال هذا الوضع، كانت وزارة الداخلية وانطلاقا من توصيات لجنة كورونا الحكومية قررت إقفال 111 بلدة تركزت معظمها في جبل لبنان والشمال، عوضاً عن إقفال البلد بشكل تام.
وفي الوقت الذي رأت فيه بعض البلديات أنّ قرار وزارة الداخلية بالإقفال غير مبرر، متمنية إعادة النظر به، أوضحت خوري أنّ اختيار البلدات والقرى «كان على أساس معيار عالمي يتم اعتماده في البلدان التي لا تريد إغلاق البلد بشكل كامل»، وأنّه كان انطلاقا من «نتائج مسح لعدد الإصابات وتحويلها على أساس كلّ 100 ألف نسمة وبعدها تمّ إقفال المناطق التي صنّفت ذات (مستوى الخطر المرتفع)، والتي سجّلت 8 حالات إصابة يومية على أقل تقدير لمدة 14 يوما».
وأشارت خوري إلى أنّ تقييم آخر لوضع هذه البلديات والقرى سيتم بعد أسبوع الإقفال، ليعاد تصنيفها مرة أخرى، لافتة إلى أنّ الإقفال سيساعد وزارة الصحة في التتبع والحد من انتشار الفيروس.
وكان وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن أشار إلى أن قرار الإقفال «جريء ويحاكي هواجس المجتمع والتحديات الحياتية اليومية ولا سيما في ظلّ الأزمة الاقتصادية الخانقة» معتبرا أنّ «لا أحد يموت من الجوع في ظل التعاضد المجتمعي ولكن يمكن أن يموت من الفيروس».
من جهته رأى رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي أنّ «قرار الإقفال قرار سليم في ظل الانتشار الواسع للوباء وتعب القطاع الصحي بسبب الضغط عليه»، لافتا في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أّنّ الجسم الطبي والتمريضي «بات منهكا كليا»، وأنّه لا يستطيع الاستمرار في حال عدم تدارك الأمر.
واعتبر عراجي أنّ العبرة الحقيقية دائما ليست بالإقفال بل بالتطبيق، «فلا معنى لإقفالات تشبه الإقفالات الماضية والتي كانت حبرا على ورق»، داعيا الجهات المعنية إلى القيام بواجباتها والحرص على تطبيق قرار الإقفال، والمواطنين إلى الالتزام بالإجراءات الوقائية لأن الاستمرار بالوضع الحالي قد يضعنا «قريبا أمام كارثة حقيقية». وفي ما خصّ قدرة المستشفيات الاستيعابية، أشار عراجي إلى أنّنا «بتنا في وضع حذر جدا» وأنه كان من المتوقع وبعد الاتفاق الأخير بين وزارة الصحة والجهات الضامنة والمستشفيات الخاصة أن «يرتاح الوضع قليلا»، إلّا «أنّ شكاوى عدة لا تزال تصل يوميا بخصوص رفض مستشفيات الخاصة استقبال مرضى كورونا».
وكانت وزارة الصحة العامة أعلنت بعد اجتماع مع الجهات الضامنة والمستشفيات الخاصة قرارها إعطاء المستشفيات الخاصة جزءا من مستحقاتها، فضلا على تعديل التعرفة في وزارة الصحة العامة لمستلزمات الحماية الشخصية التي تستعمل للوقاية من الأمراض الوبائية على أن تحتسب هذه المستلزمات كمبلغ مقطوع يومي لاستشفاء مريض كورونا، الأمر الذي كان من المتوقّع أن يؤدي إلى تعاون أكبر من المستشفيات الخاصة في استقبال مرضى كورونا.
وبعيدا من القرى والبلدات المشمولة بقرار الإقفال أكدت المـديرية العـامة لقـوى الأمـن الـداخلي أنّ دوريّات من قسم الشرطة السياحية في وحدة الشرطة القضائية نظّمت أمس محاضر ضبط بحق عدد من الملاهي الليلية المخالفة لقرار التعبئة العامة الصادر عن وزارة الداخلية والبلديات، لجهة التقيّد بشروط السلامة والصحة العامة والتباعد الاجتماعي والإقفال كحد أقصى الساعة الواحدة من بعد منتصف الليل.
هذا، وحذّرت قوى الأمن الداخلي المخالفين من أنها لن تتوانى عن اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم. يُشار إلى أن قرار وزارة الداخلية الأخير أبقى على منع التجول في كل لبنان من الساعة الواحدة بعد منتصف الليل ولغاية الساعة السادسة صباحاً، على أن يتوقف في البلدات المشمولة في الإقفال العمل في جميع المؤسسات العامة والخاصة وتلغى جميع المناسبات الاجتماعية والدينية.


مقالات ذات صلة

صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.