معارك ضارية في قره باغ تسابق نداءات التهدئة

باكو «لا ترى جدوى» من الحوار مع يريفان و«مجموعة مينسك» تشدد على وقف النار

مدنيون ينزحون من مدينة ستيباناكرت في قره باغ إلى يرفان عاصمة أرمينيا أمس (د.ب.أ)
مدنيون ينزحون من مدينة ستيباناكرت في قره باغ إلى يرفان عاصمة أرمينيا أمس (د.ب.أ)
TT

معارك ضارية في قره باغ تسابق نداءات التهدئة

مدنيون ينزحون من مدينة ستيباناكرت في قره باغ إلى يرفان عاصمة أرمينيا أمس (د.ب.أ)
مدنيون ينزحون من مدينة ستيباناكرت في قره باغ إلى يرفان عاصمة أرمينيا أمس (د.ب.أ)

شهدت جبهات القتال على طول الشريط الفاصل في منطقة قره باغ تصعيداً حاداً للقتال أمس، واندلعت مواجهات ضارية على أكثر من جبهة بعد شن الجيش الأذري هجوماً واسع النطاق صباحاً. وقالت يريفان إن قوات الدفاع في إقليم قره باغ نجحت في صد الهجمات في مناطق وأطلقت هجمات مضادة في مناطق أخرى. وسابقت هذه التطورات نداءات التهدئة التي وجهها قادة «مجموعة مينسك»، فيما أعلنت باكو أنها لا ترى جدوى في فتح حوار مع يريفان قبل الانسحاب الأرمني من قره باغ، في حين تضاربت المعطيات بين الطرفين الأرمني والأذري حول حصيلة الخسائر عند كل طرف.
وأعلنت وزارة الدفاع الأرمينية أن أذربيجان شنت هجوماً واسعاً وأن معارك عنيفة دارت بين الجانبين على عدة جبهات. ولفتت الناطقة باسم الوزارة إلى أن «جيش الدفاع في قره باغ نجح في صد هجوم العدو الواسع النطاق الذي بدأ اليوم (أمس)». وأضافت: «شنت قواتنا هجوماً مضاداً».
وبحسب وزارة الدفاع الأرمينية، فإن قره باغ «تعرضت لهجمات جوية وصاروخية». وأفاد المتحدث الصحافي باسم رئيس جمهورية قره باغ غير المعترف بها، فغرام بوغوسيان، بأن «المناطق المدنية» في قرة باغ، بما في ذلك العاصمة ستيباناكيرت، تعرضت لنيران المدفعية، ودعا السكان للنزول إلى الملاجئ.
واتهمت يريفان الأذريين باستخدام أسلحة بعيدة المدى في قصف أهداف مدنية حيوية في قره باغ. ولفت بيان إلى أن أذربيجان «انتقلت إلى شن ضربات باستخدام صواريخ بعيدة المدى على مرافق البنى التحتية المدنية التي قد يؤدي تدميرها إلى كوارث بيئية». في الوقت ذاته أعلن بوغوسيان، أن باكو تكبدت خسائر فادحة خلال الهجوم، وأوضح أن «البيانات الاستخباراتية تظهر أن عدد القتلى الأذريين قد تجاوز ثلاثة آلاف قتيل»، مشيراً إلى أن «أغلبية الجثث في المنطقة المحايدة ولا يتم عمل أي شيء لإزالتها». وتحدث عن وقوع نحو 200 قتيل في المقابل في صفوف القوات الأرمينية.
وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن رئيس سلطات الإقليم الانفصالي أياريك هاروتيونيان قال للصحافيين أمس إن «المعركة الأخيرة» على قره باغ قد بدأت، مضيفاً فيما ارتدى الزي العسكري أنه سيتوجه إلى الجبهة للانضمام إلى القتال.
في المقابل، حافظت باكو على تكتمها حول الخسائر، فيما أعلنت وزارة الدفاع الأذرية أن قواتها المسلحة شنت «عمليات هجوم مضادة على طول خط التماس بأكمله في قره باغ».
وقالت الرئاسة الأذرية إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعا نظيره الأذري، إلهام علييف، لخوض محادثات للسلام مع أرمينيا حول المواجهة العسكرية بين البلدين. وأضافت أن علييف رد بأن يريفان قوضت كل مجالات للحوار. وقال بيان للرئاسة في أذربيجان إن ماكرون «أعرب عن قلقه حيال الأعمال العدائية الجارية على خط التماس بين أرمينيا وأذربيجان ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار والدخول في مفاوضات». وزاد البيان أن علييف أبلغ ماكرون بمقتل 19 مدنياً أذرياً وجرح أكثر من 60 في القصف المدفعي الأرميني للمناطق الآذرية، فضلاً عن تدمير المئات من المنازل.
وأضاف علييف خلال الاتصال أن قوات بلاده نفذت هجوماً مضاداً ناجحاً حررت خلاله جزءاً من «الأراضي المحتلة»، متهماً أرمينيا باتخاذ خطوات أدت إلى تقويض عملية التفاوض.
ونقلت وسائل إعلام عن علييف في وقت لاحق، أنه «لا يرى جدوى من عقد لقاءات مع رئيس الحكومة الأرمينية» نيكول باشينيان. وجدد مطالبة أرمينيا بـ«إعادة قره باغ» لأذربيجان.
وفي مسعى لمحاصرة التصعيد، أصدر الرؤساء المشاركون لمجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا بياناً جديداً أمس حث الأطراف على «وقف إنساني فوري للنار». وزاد أن الرؤساء المشاركين للمجموعة «يدينون بشدة أعمال العنف الجارية في منطقة النزاع في قره باغ ويعربون عن قلق جدي إزاء التقارير التي تفيد بزيادة الخسائر في صفوف المدنيين».
وأكد الرؤساء المشاركون مجدداً أن تدخل أطراف خارجية في النزاع يؤدي إلى تصعيد العنف ويقوض الجهود المبذولة لتحقيق سلام دائم في المنطقة.
وكانت تركيا قد قللت من أهمية نداءات مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ووصفتها بأنها «غير صادقة»، وقالت إن هذه المجموعة «لم تتمكن منذ سنوات من إيجاد تسوية عادلة للصراع في قرع باغ».
إلى ذلك، نفى رئيس جهاز أمن الدولة في جورجيا، جريجول ليلواشفيلي، صحة معطيات إعلامية أفادت بعبور مسلحين سوريين من تركيا عبر الأراضي الجورجية للقتال في أذربيجان. وقال: «انتشرت معلومات مضللة على وسائل التواصل الاجتماعي تتحدث عن نقل تشكيلات مسلحة من الجنسية السورية من الأراضي التركية إلى أذربيجان عبر جورجيا بشكل غير رسمي، هذه كذبة تهدف إلى تصعيد الموقف وزيادة التوتر في المنطقة».
وكان الرئيس الأذري، نفى وجود مقاتلين سوريين في بلاده يشاركون في المعارك الدائرة على حدود إقليم قره باغ، لكن يريفان أكدت أن لديها معطيات مؤكدة بهذا الشأن. ودخلت كل من روسيا وفرنسا على خط التحذير من نقل مقاتلين من سوريا ومناطق أخرى إلى منطقة النزاع.
وفي مقابل الاتهامات الأرمينية قال الرئيس الأذري أمس، إن لديه «أدلة» على وجود مقاتلين من الشرق الأوسط يقاتلون إلى جوار أرمينيا. وتابع «لدينا أدلة استخباراتية تشمل مقاطع فيديو على الإنترنت تظهر أشخاصاً ملامحهم شرق أوسطية يجلسون مع جنود أرمينيين يرتدون زي القوات المسلحة الأرمينية ويحملون علمها... يجب محاسبتهم على ذلك». وأضاف أن النزاع في قره باغ «يجب أن يحل الآن، وباكو لن تنتظر لثلاثين عاماً أخرى».
في غضون ذلك، جددت طهران تحذير الطرفين الأرميني والأذري من تعرض أراضيها لهجمات خلال النزاع الدائر. وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده إن «التحركات والاشتباكات عند مناطقنا الحدودية خطيرة ونقوم برصدها بشكل حساس للغاية».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».