صراع روسي ـ إيراني جنوب سوريا... و«سيطرة ظاهرية» للنظام

TT

صراع روسي ـ إيراني جنوب سوريا... و«سيطرة ظاهرية» للنظام

لا تزال محافظة درعا جنوب سوريا تشهد صراعا بين روسيا عبر ذراعها المتمثل بـ«الفيلق الخامس» من جهة وإيران عبر ميلشياتها المحلية من جهة ثانية وسط «سيطرة ظاهرية» لقوات الحكومة السورية منذ عودتها إلى جنوب غربي البلاد في منتصف 2018.
- اغتيالات
بلغت عدد حوادث الاغتيال في درعا خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، أكثر من 21 حادثة، معظمها استهدف أفراد ينتمون لقوات النظام وأجهزته الأمنية. أما حوادث التفجير والتخريب التي كانت تستهدف المواطنين فقد بلغ عددها حوالي 5، كما واصلت قوات النظام إخلالها بالاتفاقات عبر استمرار الاعتقالات التعسفية فضلاً عن حوادث الاختطاف المتصاعدة في المحافظة، في وقت «يعاني المواطن السوري في درعا من تأمين أدنى مقومات الحياة في ظل الظروف الاقتصادية الكارثية»، حسب تقرير لـ«المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وأضاف: «بلغت أعداد الهجمات ومحاولات الاغتيال في درعا بأشكال وأساليب عدة عبر تفجير عبوات وألغام وآليات مفخخة وإطلاق نار نفذتها خلايا مسلحة خلال الفترة الممتدة من حزيران 2019 وحتى أواخر سبتمبر 2020 إلى أكثر من 698 هجوما واغتيالا، فيما وصل عدد الذين قتلوا إثر تلك المحاولات خلال الفترة ذاتها إلى 460. وهم: 126 مدنياً بينهم 12 مواطنة، و15 طفلا، إضافة إلى 210 من قوات النظام والمسلحين الموالين لها والمتعاونين مع قوات الأمن، و79 من مقاتلي الفصائل ممن أجروا «تسويات ومصالحات»، وباتوا في صفوف أجهزة النظام الأمنية من بينهم قادة سابقون، و23 من الميليشيات السورية التابعة لـ«حزب الله» اللبناني والقوات الإيرانية، بالإضافة إلى 22 من الفيلق الخامس».
- مظاهرات
وثق «المرصد» اندلاع 5 احتجاجات شعبية في درعا في سبتمبر، كان أولها في الثاني منه، في مدينة الحراك بريف درعا الشرقي، حيث قطع متظاهرون الطرقات وحرقوا الإطارات المطاطية، وحاصر عدد منهم حاجزاً يتبع لشعبة المخابرات الجوية، «رداً على اعتقال قوات النظام لرجل مسن يبلغ من العمر 70 عاماً، أثناء ذهابه إلى مدينة أزرع، حيث خرج عشرات من أهالي درعا البلد للمطالبة بكشف مصير المعتقلين في سجون النظام، كما اتهم المتظاهرون قوات النظام بعمليات الخطف التي تشهدها درعا». وتم تسجيل احتجاج العشرات بمدينة الحراك مطالبين بإسقاط النظام السوري و«اتهموا النظام بافتعال أزمات الوقود والخبز في محافظة درعا، رافعين لافتات مناهضة للنظام». وفي 24 من نفس الشهر تظاهر أهالي حي طريق السد في مدينة درعا «ضد عمليات الخطف والاغتيال والتشبيح والإرهاب التي تمارسها قوات النظام، وطالبوا برفع القبضة الأمنية عن محافظة درعا»، فيما أشار «المرصد» في 25 سبتمبر إلى تضامن أهالي مدن وبلدات بريف درعا كاليادودة وجاسم مع بلدة كناكر بريف دمشق، حيث قام مجهولون بتوزيع منشورات ورقية تطالب بالإفراج عن المعتقلات في كناكر، على خلفية قيام أجهزة النظام الأمنية باعتقال ثلاث مواطنات من أبناء البلدة لأسباب مجهولة.
- تجنيد وغارات
أفاد «المرصد» في 13 سبتمبر، باندلاع اشتباكات بين مسلحين من «الفيلق الخامس» الموالي لروسيا من جهة، ومسلحين عشائريين من جهة أُخرى في بلدة الصور بريف درعا الشرقي، حيث تسببت الاشتباكات بمقتل عنصرين من «الفيلق الخامس»، وسط توتر وحشودات من كلا الطرفين في المنطقة. كما أشار في 18 الشهر الماضي إلى اشتباكات عنيفة شهدتها بلدة أم المياذن بريف درعا الشرقي، بين عناصر من الأمن العسكري التابع للنظام السوري، ومسلحين من أبناء البلدة.
وواصلت القوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها عمليات التجنيد في الجنوب السوري من خلال اتباع عدد من الأساليب تمثلت في «السخاء المادي واللعب على الجانب المذهبي للمواطنين السوريين، والتي تتم بشكل رئيسي ضمن ما يعرف بـ«سرايا العرين» التابع للواء 313 الواقع شمال درعا»، إضافة لمراكز في منطقة اللجاة ومناطق أخرى بريف درعا، وخان أرنبة ومدينة البعث بريف القنيطرة على مقربة من الحدود مع الجولان السوري المحتل. وقال «المرصد» إن عداد المتطوعين في صفوف الإيرانيين والميليشيات الموالية لها في الجنوب السوري ارتفع إلى أكثر من 7400.
وثق «المرصد» في بداية سبتمبر استهداف الغارات الإسرائيلية مواقع لقوات النظام في ريفي دمشق ودرعا، حيث طاولت محيط إزرع وكتيبة نامر وكتيبة قرفا وتل محجة في ريف درعا الشمالي الشرقي، التي تتواجد فيها قوات «حزب الله» اللبناني، وقد أسفر عن هذا القصف قتل 10 أشخاص، وهم 3 من قوات النظام بينهم ضابط في الدفاع الجوي، و7 من القوات الموالية لإيران و«حزب الله» من جنسيات غير سورية.
وقال «المرصد» في التقرير: «من المتوقع أن يستمر هذا الانفلات مع استمرار الصراع بين الأطياف المتنافسة كقوات النظام والقوات الإيرانية والجانب الروسي المتمثل في «الفيلق الخامس»، إلى جانب إخلال النظام بالتزاماته في التسويات المبرمة تجاه مواطني درعا، والذي قام بدوره باعتقالهم والتنكيل بهم ونهب ممتلكاتهم، إضافة إلى رغبة روسيا للاستقواء بإسرائيل لدعم نفوذها في سوريا على حساب التواجد الإيراني هناك، وكذلك محاولتها تقويض نفوذ القوات والميليشيات التابعة للنظام.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.