حل المشكلات الواقعية باستخدام التصميم الابتكاري في جامعة ستانفورد

المشروعات الإبداعية تركز على كيفية تسهيل حياة الأشخاص

مساحة مشتركة للطلاب في معهد هاسو بلاتنر للتصميم في ستانفورد الذي يطلق عليه «دي سكول» (نيويورك تايمز)
مساحة مشتركة للطلاب في معهد هاسو بلاتنر للتصميم في ستانفورد الذي يطلق عليه «دي سكول» (نيويورك تايمز)
TT

حل المشكلات الواقعية باستخدام التصميم الابتكاري في جامعة ستانفورد

مساحة مشتركة للطلاب في معهد هاسو بلاتنر للتصميم في ستانفورد الذي يطلق عليه «دي سكول» (نيويورك تايمز)
مساحة مشتركة للطلاب في معهد هاسو بلاتنر للتصميم في ستانفورد الذي يطلق عليه «دي سكول» (نيويورك تايمز)

كانت المهمة الأولى لاكاشي كوثاري في معهد التصميم «دي سكول (D.school)»، تتمثل في التفكير مجددا بشأن كيفية تناول الأشخاص لأطباق حساء السباغيتي الياباني المعروف باسم «رامن نودلز». وأدت آخر المهام المنوط بها لكوثاري في دي سكول، المعروف رسميا باسم معهد هاسو - بلاتنر للتصميم بجامعة ستانفورد الأميركية، إلى التوصل لابتكار أحد تطبيقات قراءة الأخبار الذي اشتراه موقع التواصل الاجتماعي المهني «لينكد إن» مقابل 90 مليون دولار أميركي.
وفي حين أن المشروعات تضم منتجات نهائية مختلفة، فإنها تشتمل أيضا على نقطة بداية مشابهة وهي: التركيز على كيفية تسهيل حياة الأشخاص. ويعد ذلك الأمر هو الجزء المحوري الذي يجري تدريسه في «دي سكول»، مما يدفع الطلاب إلى التفكير مجددا بشأن الحدود الخاصة بالكثير من المجالات.
ويعد تطوير ما يسميه ديفيد كيلي، أحد مؤسسي دي سكول، «قوة التقمص العاطفي» من الأمور المحورية التي يجري تدريسها في تلك المؤسسة. وفي داخل ساحة معهد دي سكول، التي تبدو مشابهة لساحات المعرفة في وادي السليكون، يجري التدريس للطلبة بهدف التركيز على ما يتعلق بالأشخاص بشكل أكثر من الاهتمام بالكومبيوتر والجداول الحسابية.
ولقد نجحت هذه العملية حتى الآن. ومنذ افتتاح دي سكول – قبل ثمانية أعوام، قام الطلاب بإنتاج كميات كبيرة من المنتجات الابتكارية والأعمال الصغيرة. وبالإضافة إلى ذلك، طور الطلاب الطرق الأصلية للتعامل مع مسألة وفيات الأطفال وعدم كفاية الكهرباء وسوء التغذية في دول العالم الثالث، فضلا عن التعامل مع مشكلة حنف القدم، وهو عيب خلقي شائع يسبب تشوه باطن القدم والجزء الداخلي منها لدى الأطفال.
وفي ضوء هذا النجاح باتت الجامعات المنتشرة عبر العالم تغبط دي سكول بسبب كل هذه الإنجازات. وتقول سارة ستين غرينبرغ، إحدى الطلبة السابقين بمعهد دي سكول والعضو المنتدب، إنها «تتلقى استفسارات كل أسبوع من الجامعات التي تتطلع لمحاكاة المناهج التعليمية المتبعة في دي سكول».
وعلاوة على ذلك، صارت المدرسة واحدة من أكثر الوجهات التي يقصدها الأشخاص في ستانفورد. وفي بعض الفصول الدراسية، يتجاوز عدد الطلبات المقدمة أكثر من أربعة أضعاف الأماكن المتاحة للتدريس. ومن أجل تلبية هذه المطالب، تقوم دي سكول بإضافة الفصول الدراسية الكاملة والفصول الدراسية التي ظهرت أخيرا، والتي تركز على المشكلة بشكل أكثر تحديدا. وكانت أحد هذه الفصول الدراسية، التي أنشئت أخيرا تتعامل مع هذا السؤال «أين ذهبت أوليمبيا سنو؟»، حيث يكون أمام الطلبة أحد التحديات لحل واحدة من أصعب المشكلات على الإطلاق: ألا وهي إثارة مسألة الثنائية الحزبية مجددا. وتعد أوليمبيا سنو إحدى الأعضاء الجمهوريين السابقين بمجلس الشيوخ من ولاية مين.
ويقول كيلي، الذي يعد أيضا مؤسس الشركة الاستشارية الخاصة بالتصاميم والابتكارات آيدو (IDEO)، إن «الهدف من ذلك هو منح الأدوات للطلبة، الذين يمتلك الكثير منهم تفكيرا تحليليا، لتغيير حياتهم».
ومن أجل التأكيد على تحقيق هذا الأمر، يتعين على الطلبة الخروج من حرم المبنى الدراسي وملاحظة الأشخاص للتعامل مع المشكلات المثيرة للارتباك في حياتهم.
ووفقا لهذا الأسلوب، بدأ كوثاري، أحد الطلبة الخريجين من قسم الهندسة الميكانيكية، مشروعه الخاص بكيفية تناول الأشخاص لأطباق رامن السباغيتي. وفي إطار هذه المهمة، قضى كوثاري الكثير من الساعات داخل المحلات المحلية التي تقدم تلك الأطباق ليشاهد ويتحدث مع الزبائن الذين وضعوا الحساء والسباغيتي في نفس الطبق. وبالمشاركة مع مجموعة أخرى من طلبة دي سكول، قام كوثاري بعمل النموذج المبدئي الذي يوفر للزبائن الرامن ويمكنهم من شربها أيضا.
وبالإضافة إلى ذلك، تهتم دي سكول بتدريب الطلبة على ابتكار وتعديل واختبار الحلول الممكنة بلا كلل بهدف توفيرها للمستخدمين، ثم تكرار نفس دورة العمل هذه مرات كثيرة إلى أن يتم التوصل إلى الحلول التي سيستخدمها الأشخاص بالفعل.
ويضيف كيلي أن أحد العناصر المهمة في دي سكول هو وجود طلبة يبدؤون تلك المهام وهم صغار، ثم يكتسبون ما يسمونه «الثقة الإبداعية» مع كل نجاح يحققونه، ومن ثم يمكنهم الاتجاه للتعامل مع أمور أكبر قد تبدو مثل مشكلات مستعصية. وأردف قائلا، إن «هذا الأمر لا يختلف على الإطلاق عن تدريس طريقة عزف البيانو لشخص ما».
وفي أحد فصول المخيمات التدريبية، التي أنشئت أخيرا، جرى إرسال الطلبة إلى أحد صالونات الحلاقة المحلية للتعامل مع المشكلة التي تواجه كبار السن هناك: ألا وهي مشكلة الحلاقة السيئة.
وكانت إحدى المجموعات مندهشة عندما عرفت أن الشعر الذي يكنس من أرضية الصالون يسبب مشكلات للكثير من مصففي الشعر. وقامت هذه المجموعة بتصميم نموذج مبدئي لجهاز لالتقاط الشعر المقصوص قبل وقوعه على الأرضية. وخلال القليل من الدورات التدريسية التي جرت لاحقا، كان نفس الطلبة مطالبين بتطبيق نفس هذه العملية التحليلية على مسألة نقص التبرع بالأعضاء.
ويقول كيلي: «يعد ذلك الأمر اتجاها توجيهيا لبناء قوة التقمص العاطفي إلى أن يقوم الطلبة، فيما بعد ذلك بفترة وجيزة، بفعل ذلك من تلقاء أنفسهم».
ومن أكثر الدورات التدريبية التي يسعى الأشخاص للالتحاق بها بمعهد دي سكول هي دورة ديزاين فور إكستريم افوردابيلتي Design for Extreme Affordability وعلى مدار فترتين – تصل كل واحدة منهما إلى ثلاثة أشهر – يقوم الطلبة بتشكيل فريق مع رفقائهم من مختلف دول العالم لمعالجة مشكلاتهم الواقعية. وحتى الآن، قام طلبة «إكستريم» – حسبما يطلق عليهم – باستكمال 90 مشروعا مع 27 شخصا من رفقائهم في 19 دولة. وفي هذا العام، سيعمل الطلبة بالمشاركة مع رفقائهم في كولومبيا والهند ونيبال ونيكاراغوا والسنغال وجنوب أفريقيا.
ومن أكثر المشاريع الناجحة لـ«إكستريم» هو مشروع «إمبراس (Embrace)»، وهو عبارة عن كيس مصغر منخفض التكلفة، مشابه لكيس النوم، الذي يساعد في منع تطور عملية خفض الحرارة لدى الأطفال الرضع. ويقول مبتكرو «إمبراس» إن ذلك الكيس المصغر ساعد في الحيلولة دون وفاة 22 ألف طفل.
وفي خلال هذا العام، قاما إيان كونولي وجيفري يانغ، إحدى طلبة معهد دي سكول، بتكوين شراكة مع منظمة «ميراكل فييت (Miraclefeet)»، وهي منظمة غير هادفة للربح تتخذ من كارولاينا الشمالية مقرا لها، بغرض تصميم دعامة للأطفال الذين يعانون من حنف القدم مقابل تكلفة تقل عن 20 دولار أميركي.
ومن المشكلات التي تؤرق الأمهات هي ولادة أطفالهن الذين يعانون مرض حنف القدم، واكتشاف ارتفاع تكلفة تلك الدعامات بما يصعب تركيبها بالشكل المناسب، فضلا عن المنظر القبيح عادة، بما يسهم في وجود القليل من معدلات المطابقة.
ولذلك، طور المصممون نموذجا مبدئيا يتكون من حذاءين ملونين يمكن خلعهما، مع إمكانية تثبيتهما مع الدعامة وسهولة ارتدائهما بشكل كبير. وفي شهر أغسطس (آب)، سافر يانغ وكونولي إلى البرازيل من أجل اختبار 30 نموذجا مبدئيا إلى أن استقرا على نموذج واحد فقط. وتجري عملية الإنتاج بالفعل، بمعدلات منخفضة، ويأمل الطلبة في تصنيع 15 ألف دعامة بحلول عام 2015.
ويقول يانغ إن «هذا المشروع كان خارج نطاق خططي العملية بالشكل الكامل». ويذكر أن يانع كان يخطط للحصول على عمل في مجال البحث الأكاديمي، ولكنه يأمل الآن في الحصول على وظيفة في مجال تصميم الإنتاج.
وقال كوثاري أيضا إن «خططه قد اتخذت مسارا جديدا»، مضيفا أنه «قبل التحاقه بأول دورة تدريبية في معهد دي سكول في عام 2008، كان يقضي معظم وقت فراغه أمام شاشة الكومبيوتر ومحاولة الحصول على الأفكار للمواقع الإلكترونية وتطبيقات الجوال التي لم تتجسد ماديا على الإطلاق. ودائما ما كان التصميم مجرد فكرة عابرة».
ويستعيد كوثاري بذهنه تلك الفترة قائلا «لم أتخيل نفسي على الإطلاق كمصمم. وإذا كنت بحاجة إلى إجراء الكثير من العمليات الحسابية للتوصل إلى إجابة، فإنني الشخص المناسب لذلك».
بيد أنه يقول إن «أول مهمة لمعرفة كيفية تناول أطباق الرامن أصبحت هي المقدمة إلى طريقة جديدة ومختلفة كليا لحل المشكلات من خلال قضاء الوقت مع الأشخاص لمعرفة كيف يعيشون حياتهم».
وفي الربع الأخير له في دي سكول، التحق كوثاري بالفصل الدراسي «لانشبا (Launchpad)» الذي يلزم الطلبة بتوقيع التزام بالموافقة على تقديم أحد المنتجات أو الخدمات في غضون 10 أسابيع.
تحدث كوثاري ورفيقه أنكيت غوبتا مع الأشخاص الموجودين في مقاهي بالو ألتو بهدف معرفة ما قد يحتاجونه. وكان النوع الشائع الذي يسبب الإحباط للأشخاص هو الانتشار المتواصل للأخبار التي كانوا يحصلون عليها من خلال مجال متسع ومتنوع من المصادر. ولذا قررا الاثنان أنه بإمكانهما إحداث أفضل التأثيرات في هذا الشأن من خلال تطبيق بالس (Pulse)، وهو تطبيق قارئ للأخبار بما يسمح للمستخدمين بتعديل تغذية الأخبار الخاصة بهم.
وبناء على ذلك، قاما بإطلاق هذا التطبيق في وقت مبكر في غضون خمسة أسابيع من الانضمام للدورة التدريبية. ولا يمكن عد توقيت هذا الإطلاق على أنه كان موفقا، لا سيما أنه جاء قبل فترة قليلة من انعقاد مؤتمر «آبل» العالمي للمطورين في عام 2010.
وكانا كوثاري وغوبتا بتناوب العمل على كومبيوتراتهم بشأن هذا الحدث، وقام ستيف غوبز، المدير التنفيذي لـ«آبل» آنذاك، بالإطراء على تطبيق «بالس» خلال كلمته الرئيسة قائلا، إن «هذا التطبيق رائع». وعلى الفور، صار تطبيق «بالس» من أكثر التطبيقات المحملة على أجهزة «آي فون».
وفي شهر أبريل (نيسان)، اشترى الموقع الاجتماعي المهني «لينكد إن» هذا العمل من كوثاري وغوبتا مقابل 90 مليون دولار أميركي.
ويقول كوثاري إنه «لجأ لاستخدام تفكيره وعقله بفضل منهج دي سكول، حيث إنه ما كان ليستفيد من تلك المقدرة على الإطلاق قبل ذلك».



حينما تكون اللهجة معوقاً للنجاح... فالحل بدراسة النطق الصحيح

حينما تكون اللهجة معوقاً للنجاح... فالحل بدراسة النطق الصحيح
TT

حينما تكون اللهجة معوقاً للنجاح... فالحل بدراسة النطق الصحيح

حينما تكون اللهجة معوقاً للنجاح... فالحل بدراسة النطق الصحيح

اللهجات المختلفة تشير أحياناً إلى منشأ المتحدث بها، أو درجة تعليمه، أو وسطه الاجتماعي. وفي بعض الأحيان، تقف اللهجات عائقاً أمام التعلم والفهم، كما أنها في بعض الأحيان تقف عقبة أمام التقدم المهني ونظرة المجتمع للمتحدث. ولهذا يتطلع كثيرون إلى التخلص من لهجتهم، واستبدالها بلغة «راقية» أو محايدة تمنحهم فرصاً عملية للترقي، وتحول دون التفرقة ضدهم بناء على لهجة متوارثة لا ذنب لهم فيها.
هذه الفوارق بين اللهجات موجودة في كل اللغات، ومنها اللغة العربية التي يحاول فيها أهل القرى اكتساب لهجات أهل المدن، ويتحدث فيها المثقفون إعلامياً بلغة فصحى حديثة هي الآن اللغة السائدة في إعلام الدول العربية. ولكن من أجل معالجة وسائل التعامل مع اللهجات واللكنات، سوف يكون القياس على اللغة الإنجليزية التي تعد الآن اللغة العالمية في التعامل.
هناك بالطبع كثير من اللهجات الإنجليزية التي تستخدم في أميركا وبريطانيا وأستراليا ودول أخرى، ولكن معاناة البعض تأتي من اللهجات الفرعية داخل كل دولة على حدة. وفي بريطانيا، ينظر البعض إلى لهجة أهل شرق لندن، التي تسمى «كوكني»، على أنها لهجة شعبية يستخدمها غير المتعلمين، وتشير إلى طبقة عاملة فقيرة. وعلى النقيض، هناك لهجات راقية تستخدم فيها «لغة الملكة»، وتشير إلى الطبقات العليا الثرية، وهذه أيضاً لها سلبياتها في التعامل مع الجماهير، حيث ينظر إليها البعض على أنها لغة متعالية، ولا تعبر عن نبض الشارع. وفي كلا الحالتين، يلجأ أصحاب هذه اللهجات إلى معالجة الموقف عن طريق إعادة تعلم النطق الصحيح، وتخفيف حدة اللهجة الدارجة لديهم.
الأجانب أيضاً يعانون من اللكنة غير المحلية التي تعلموا بها اللغة الإنجليزية، ويمكن التعرف فوراً على اللكنات الهندية والأفريقية والعربية عند نطق اللغة الإنجليزية. ويحتاج الأجانب إلى جهد أكبر من أجل التخلص من اللكنة الأجنبية، والاقتراب أكثر من النطق المحايد للغة، كما يسمعونها من أهلها.
وفي كل هذه الحالات، يكون الحل هو اللجوء إلى المعاهد الخاصة أو خبراء اللغة لتلقي دروس خاصة في تحسين النطق، وهو أسلوب تعلم يطلق عليه (Elocution) «إلوكيوشن»، وله أستاذته المتخصصون. ويمكن تلقي الدروس في مجموعات ضمن دورات تستمر من يوم واحد في حصة تستمر عدة ساعات إلى دورات تجري على 3 أشهر على نحو أسبوعي. كما يوفر بعض الأساتذة دورات شخصية مفصلة وفق حاجات الطالب أو الطالبة، تعالج الجوانب التي يريد الطالب تحسينها.
ومن نماذج الأساتذة الخصوصيين ماثيو بيكوك، الذي يقوم بتدريب نحو 20 طالباً أسبوعياً في لندن على تحسين نطقهم، حيث يتعامل مع حالة طبيب في مستشفى لندني يعاني من لهجته الكوكني، ويريد التخلص منها حتى يكتسب مصداقية أكبر في عمله كطبيب. ويقول الطبيب إنه يكره الفرضيات حول لهجته من المرضى والمجتمع الذي يتعامل معه.
ويقول بيكوك إن الطلب على دروس تحسين اللهجات في ارتفاع دائم في السنوات الأخيرة. كما زاد الطلب على الدروس بنسبة الربع في بريطانيا بعد استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي في العام الماضي. وكان معظم الطلب من الأوروبيين المقيمين في بريطانيا الذين يريدون التخلص من لكنتهم الأوروبية حتى يمكنهم الاختلاط بسهولة في بريطانيا، وتجنب التفرقة ضدهم من الشعب البريطاني.
ويقدم أحد فروع الأكاديمية الملكية للفنون الدرامية في لندن دروساً شخصية في الإلقاء وتحسين اللهجة. ويقول كيفن تشابمان، مدير فرع الأعمال في الأكاديمية، إن الإقبال في العام الأخير على هذه الدروس زاد من 3 إلى 4 أضعاف. ويتلقى الطلبة دروساً فردية للتخلص من لهجات قروية، ولكن مع تقدم الدروس، يكتشف المدرس أن الطالب يحتاج أيضاً إلى معالجة أمور أخرى غير اللهجة، مثل الاضطراب والضغوط النفسية عند الحديث مع الإعلام وكيفية الإلقاء الصحيح.
وتجرى بعض هذه الدروس عن بعد، عن طريق برامج فيديو مثل «سكايب» يمكن للطالب أن يستمع إلى إلقائه عبر الفيديو من أجل تحسين لهجته. وترتبط دروس تحسين اللهجات في معظم الأحوال بتحسين أساليب التواصل والإلقاء عبر الوسائل الإلكترونية، وهي مقدرة يحتاجها أصحاب الأعمال في توصيل أفكارهم بوضوح وبساطة إلى زبائن الشركة والموردين الذين يتعاملون معهم، خصوصاً أن التعامل في عالم الأعمال الحديث يكون في مناخ دولي من جميع أنحاء العالم.
وبخلاف أصحاب الأعمال، يقبل على دروس تحسين اللهجة والحديث العام شرائح مجتمعية أخرى، مثل المدرسين والمحامين. وتقول فيليستي غودمان، مدربة الصوت التي تعمل في مدينة مانشستر، إنها فوجئت بأن بعض طلبتها اعترفوا بأنهم فشلوا في مقابلات عمل بسبب اللهجة، وهي تعتقد أن أصحاب الأعمال قد يقصدون القدرة اللغوية أو كيفية النطق، بدلاً من اللهجة، عند رفض المتقدمين لوظائف معينة.
ومن شركة متخصصة في تدريب الموظفين الذين يعملون في مجال السلع والخدمات الفاخرة، اسمها «لندن لكشري أكاديمي»، يقول مديرها العام بول راسيل، المتخصص في علم النفس، إن التفرقة ضد بعض اللهجات موجودة فعلاً. وهو يقوم بتدريب موظفي الشركات على التعامل بلهجات واضحة مع كبار الزبائن الأجانب. ويقول إن العامة تحكم على الأشخاص من لهجتهم رغماً عنهم، خصوصاً في بعض المجالات، حيث لا يمكن أن ينجح أي شخص بلهجة قوية في التواصل مع المجتمع المخملي في أي مكان.
ولمن يريد تحسين لهجته أو لغته بوجه عام، مع جوانب كيفية لفظ الكلمات والإلقاء العام، عليه بدورات تدريبية متخصصة، أو بدروس خصوصية من مدرب خاص. وتتراوح التكاليف بين 30 و40 جنيهاً إسترلينياً (40 و52 دولاراً) في الساعة الواحدة. ويحتاج الطالب في المتوسط إلى دورة من 10 دروس.
ولا يلجأ مدرسي النطق الصحيح للغات إلى الإعلان عن أنفسهم لأنهم يكتفون بمواقع على الإنترنت والسمعة بين طلبتهم من أجل الحصول على ما يكفيهم من دفعات الطلبة الجدد الراغبين في التعلم. ويقول روبن وودريدج، من مدرسة برمنغهام، إن تكاليف التعلم اللغوي الصحيح تعادل تكاليف تعلم الموسيقى، وهو يقوم بتعليم ما بين 40 و50 طالباً شهرياً.
ويضيف وودريدج أن سبب الإقبال على دروسه من رجال الأعمال والأكاديميين هو رغبتهم في تجنب الافتراضات المرتبطة بلهجتهم. فعلى رغم جهود التجانس والتعايش الاجتماعي، فإن التفرقة ضد اللهجات ما زالت منتشرة على نطاق واسع في مجتمع مثل المجتمع البريطاني.
وعلى الرغم من أن أكاديمية لندن للموسيقى والفنون الدرامية تقول في شروط اختباراتها إن اللهجات الإقليمية مقبولة، فإن وودريدج يؤكد أن معظم طلبة مدرسة برمنغهام للنطق الصحيح يأتون من مدارس خاصة، ولا يريد ذووهم أن تكون لهجة برمنغهام ذات تأثير سلبي على مستقبلهم.
ويقول أساتذة تعليم النطق اللغوي إن الفرد يحتاج إلى كثير من الشجاعة من أجل الاعتراف بأن لهجته تقف عقبة في سبيل نجاحه، ولذلك يلجأ إلى تغيير هذه اللهجة. ويشير بعض الأساتذة إلى حساسية التعامل مع مسألة اللهجات، والحاجة إلى الخبرة في التعامل مع كيفية تغييرها، ويعتقد أنه في بريطانيا، على الأقل، ما بقيت التفرقة ضد اللهجات، واستمر النظام الطبقي في البلاد، فإن الإقبال على خدمات تحسين اللهجات سوف يستمر في الزيادة لسنوات طويلة.
- كيف تتخلص من لكنتك الأجنبية في لندن؟
> هناك كثير من المعاهد والجامعات والكليات والمدارس الخاصة، بالإضافة إلى المعلمين الذين يمكن اللجوء إليهم في دورات تدريبية، في لندن لتحسين النطق باللغة الإنجليزية، أو التخلص من اللكنة الأجنبية. والنموذج التالي هو لمدرسة خاصة في لندن، اسمها «لندن سبيتش وركشوب»، تقدم دورات خاصة في تعليم النطق الصحيح، وتساعد الطلبة على التخلص من اللكنة الأجنبية في الحديث.
وتقول نشرة المدرسة إنه من المهم الشعور بالثقة عند الحديث، وإن الدورة التدريبية سوف تساهم في وضوح الكلمات، وتخفف من اللكنات، وتلغي الحديث المبهم. وترى المدرسة أن هناك كثيراً من العوامل، بالإضافة إلى اللهجة أو اللكنة الأجنبية، تمنع وضوح الحديث باللغة الإنجليزية، وهي تعالج كل الجوانب ولا تكتفي بجانب واحد.
وتقدم المدرسة فرصة الاستفادة من درس نموذجي واحد أولاً، قبل أن يلتزم الطالب بالدورة التدريبية التي تمتد إلى 10 حصص على 3 أشهر. كما يمكن للطالب اختيار حل وسط بدورة سريعة تمتد لـ5 حصص فقط. وتصل تكلفة الدورة المكونة من 10 حصص إلى 1295 جنيهاً (1685 دولاراً)، ويحصل الطالب بالإضافة إلى الحصص على دليل مكتوب في مائة صفحة للتدريب اللغوي، وخطة عمل مخصصة له، بالإضافة إلى واجبات دراسية أسبوعية. وللمدرسة فرعان في لندن: أحدهما في حي مايفير، والآخر في جي السيتي، شرق لندن بالقرب من بنك إنجلترا.