خروق انقلابية للهدنة الأممية تشعل المواجهات غرب اليمن

TT

خروق انقلابية للهدنة الأممية تشعل المواجهات غرب اليمن

دخلت المواجهات في محافظة الحديدة، حيث الساحل الغربي لليمن، مرحلة جديدة من القتال، مع ازدياد خروق ميليشيات الحوثي، ودفعها بتعزيزات جديدة إلى عاصمة المحافظة وجنوبها، في مسعى لتحقيق أي اختراق بعد فشل خطتها باتجاه محافظة مأرب، لكن القوات الحكومية المشتركة كانت على أهبة الاستعداد، حيث تصدت لتلك المحاولات، حسب ما أفادت به مصادر عسكرية.
ووفق بيان أصدرته القوات المشتركة، فإن منظومة الدفاع الجوي التابعة لتحالف دعم الشرعية دمرت (الجمعة) طائرة مسيرة مفخخة تابعة للميليشيات المدعومة من إيران، قبل تنفيذها عملية إرهابية تستهدف الأعيان المدنية في مدينة المخا الساحلية غرب محافظة تعز.
وقال البيان، «إن ميليشيا الحوثي أطلقت طائرة مسيرة عن بعد تحمل متفجرات لاستهداف الأحياء السكنية بمدينة المخا ذات الكثافة السكانية، إلا أن منظومة الدفاع الجوي التابعة للتحالف اعترضت ودمرت الطائرة المسيرة الهجومية في سماء المدينة»، مشيراً إلى عدم سقوط ضحايا أو أي أضرار مادية.
من جهتها، قالت مصادر في القوات المشتركة في الساحل الغربي لـ«الشرق الأوسط»، إن خطوط التماس في مدينة الحديدة شهدت مواجهات عنيفة مع ميليشيات الحوثي التي حاولت التسلل خلف خطوط التماس في جنوب مدينة الحديدة، بالقرب من مباني الجامعة ومنصة 22 مايو (أيار) الخاصة بالعروض العسكرية والشبابية، وإن الميليشيات عادت أدراجها تاركة عدداً من القتلى في تلك المواقع.
وذكرت المصادر أن الميليشيات دفعت خلال الأيام الماضية بتعزيزات إضافية من مسلحيها إلى الحديدة، بعد أن كانت سحبتهم إلى جبهات القتال في مأرب والجوف خلال الأسابيع الماضية.
ورافق هذه التحركات الحوثية، حسب المصادر، تصعيد آخر في جنوب الحديدة، حيث تحاول الميليشيات إحداث ثغرة في الطوق العسكري المفروض على مركز مديرية الدريهمي، حيث تحاصر القوات المشتركة مجاميع من الميليشيات في داخل المدينة تتمترس خلف المدنيين.
القوات المشتركة قالت إنها «كبدت الميليشيات ‫الحوثية خسائر فادحة جراء دفعها بمجموعة قتالية جديدة نفذت هجمات لفتح ثغرة صوب مدينة ‫الدريهمي، والسيطرة على المرتفعات المحيطة بها، إلا أن هذه المحاولة باءت بالفشل الذريع».
وبينت أن ميليشيات ‫الحوثي «أعدت للهجوم صوب مدينة الدريهمي منذ أسابيع، إلا أن تحركاتها كانت مرصودة بدقة ما أفقدها عنصر المباغتة أمام يقظة وصلابة القوات المشتركة».
وحسب بلاغ عسكري، فإن «وحدات من القوات المشتركة اشتبكت مع دفعة جديدة من الميليشيات الحوثية حاولت مهاجمة مدينة ‫الدريهمي، وكبدتها قتلى وجرحى، وأجبرت البقية على الفرار، كما دمرت مخزني ذخائر وثلاثة مواقع للمدفعية التي استهدفت القرى ومزارع المواطنين في منطقة دخنان ووادي رمان».
‏‫وقال وضاح الدبيش المتحدث الرسمي باسم القوات المشتركة في الساحل الغربي، «إن مجموعة أخرى من عناصر ميليشيا الحوثي تسللت نحو منطقة ‫ الجبلية، إلا أن قوات من اللواء الثالث مشاة كانت في مواجهتهم، وباغتتهم برد عنيف، وغير متوقع، وكبدتهم خسائر بشرية، وفر من تبقى منهم تاركين أسلحتهم وعتادهم».
وفي مديرية حيس جنوب المحافظة، استهدفت ميليشيات الحوثي، الذراع الإيرانية، الأحياء السكنية في مناطق متفرقة من المديرية، بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وفق ما ذكرته القوات المشتركة التي أكدت تعرض الأحياء السكنية في مركز المديرية لقصف مدفعي بقذائف الهاون الثقيل، بالتزامن مع استهدافها بالأسلحة الرشاشة من قبل عناصر الميليشيات.
وذكرت القوات المشتركة، التي تضم «ألوية العمالقة» و«المقاومة الوطنية» و«الألوية التهامية»، أن عناصر القناصة الحوثيين استهدفوا المارة في الطرقات الرئيسية والفرعية، مسببين حالة من الرعب وسط المدنيين العزل بالمديرية.
‏كان العميد الركن صادق دويد عضو القيادة المشتركة بالساحل الغربي، حمل ميليشيا الحوثي «المسؤولية الكاملة عن حياة المدنيين، وكسر التهدئة الهشة جراء تصعيدها ضد المدنيين، وعلى خطوط التماس».


مقالات ذات صلة

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.