توافق تام بين بغداد وأربيل على محاصرة مطلقي «الكاتيوشا»

محافظ نينوى لـ«الشرق الأوسط»: الصواريخ انطلقت من قاطع لـ«الحشد» وهو يتحمل المسؤولية

TT

توافق تام بين بغداد وأربيل على محاصرة مطلقي «الكاتيوشا»

في وقت تستمر هدنة الصواريخ ولليوم السادس على التوالي على المنطقة الخضراء في بغداد حيث السفارة الأميركية، يبدو أن نقل المعركة إلى أربيل لم يعد في صالح الجماعات المسلحة. فللمرة الأولى تأخذ تحذيرات وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، التي نقلها على مدى يوميين متتاليين إلى الرئيس العراقي برهم صالح، ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، منحى جدياً وصل حدّ بدء تحقيقات دولية بشأن صواريخ الكاتيوشا.
التحقيقات الدولية لم تكن مطروحة على الطاولة حتى مع استمرار قصف محيط السفارة الأميركية في بغداد، غير أن إطلاق صواريخ على أربيل حيث قاعدة «حرير» وهي ثاني أكبر قاعدة أميركية في العراق بعد «عين الأسد» في محافظة الأنبار يعد تحولاً في استراتيجية الجماعات المسلحة يتمثل، وطبقاً لما أعلنه وزير الخارجية العراقي الأسبق هوشيار زيباري في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» أول من أمس، في توجيه «رسالة للأميركيين قبل أن تكون لأربيل». وطبقاً لزيباري، وهو وزير خارجية عراقي سابق وقيادي بارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه مسعود بارزاني، فإن هذا التطور بمثابة «لعب بالنار من خلال اتباع هؤلاء سياسة حافة الهاوية».
هذا اللعب بالنار جعل التوافق بين أربيل وبغداد على صعيد هذه العملية أقوى من أي مرة سابقة وهو ما سوف يترك تأثيراته من وجهة نظر المراقبين سواء في بغداد أو أربيل على مجمل عملية الوجود الأميركي في العراق. وكون العملية أدت، كما يقول زيباري، إلى «تضامن شعبي غير مسبوق داخل الإقليم مع حكومة الإقليم» كما وحّدت المواقف الرسمية والشعبية معاً، علماً بأن الصواريخ أُطلقت من منطقة برطلة في سهل نينوى وهي تابعة إدارياً لمحافظة نينوى وتحت سيطرة أحد ألوية «الحشد الشعبي»، وحسب محافظ نينوى الفريق نجم الجبوري، فإن «الهجوم على أربيل انطلق من قاطع سيطرة اللواء 30 في الحشد الشعبي وبالتالي هو يتحمل مسؤولية هذا الخرق الذي هو مرفوض من قِبلنا كوننا لن نقبل أن تكون أرض نينوى منطلقاً للإضرار بإقليم كردستان». وقال الجبوري لـ«الشرق الأوسط» إن «إقليم كردستان استضاف على مدى السنوات الماضية مئات الآلاف من النازحين والهاربين من (داعش) عام 2014»، مبيناً أن «اللجنة التحقيقية التي شكّلها رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي هي وحدها المسؤولة عن معرفة حقيقة ما جرى ومن هي الجهات المتورطة في هذه العملية»، مضيفاً أن «الجهة أياً كانت فإن هدفها من وراء ذلك أنها تريد العبث بأمن العراق ومصيره وتقديمه قرباناً لدول أخرى، وحتى المواطنون العراقيون تريد الجهة المسؤولة أن تقدمهم قرباناً للآخرين». وتابع الجبوري: «إننا ننتظر نتائج التحقيق ولا نستطيع استباق النتائج لحساسية الأمر، لكننا في النهاية لن نساوم على أمن المحافظة ولا على أمن إقليم كردستان كوننا نرتبط بعلاقات وثيقة مع الإقليم الذي آوى ولا يزال يؤوي العرب النازحين إلى هناك».
من جهتها، أعلنت أربيل أنها تعمل بتوافق تام مع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بشأن قضية الصواريخ. وقال عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني ريبين سلام، في تصريح له أمس، إن «الخطوة الأولى التي ستتخذها حكومة كردستان لحماية البعثات الدبلوماسية ومصالح الولايات المتحدة الأميركية هي التعاون مع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، للتخلص من سطوة الفصائل المنفلتة وإبعادها عن المناطق القريبة من أربيل والإقليم، خصوصاً بمحافظتي نينوى وكركوك». وأضاف سلام أن «الولايات المتحدة ستقوم بتعزيز منظومة الدفاع (الباترويت)»، مبيناً أن «الصواريخ التي انطلقت نعدّها لعب أطفال وسقطت في مناطق نائية بعد التصدي لها، ولن تؤثر على موقفنا في رفض خروج القوات الأميركية وتعزيز علاقتنا مع جميع الدول».
من جهته، أعلن وزير الدفاع الكندي هارجيت ساجان، أن بلاده تراقب عن كثب الهجمات التي تطال البعثات الدبلوماسية والعسكرية في العراق. ساجان وفي بيان له قال إن «كندا ملتزمة بمهامها في الشرق الأوسط وببرنامج حلف الشمال الأطلسي (الناتو) في مجال التدريب العسكري». وعن الهجوم الذي تعرضت له محافظة أربيل، قال الوزير الكندي إن «حماية أمن قواتنا في مقدمة أولوياتنا» مبيناً: «إننا نراقب تطورات الوضع في العراق عن قرب ونُجري قراءة دقيقة للهجمات الأمنية في ذلك البلد».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.