هل كتب مورينيو نهاية حزينة لقصة ديلي آلي «الرائعة» مع توتنهام؟

عندما يصف المدرب البرتغالي لاعباً بأنه {موهوب} يتعين على هذا اللاعب أن يشعر بالقلق

قبل 3 سنوات تلاعب آلي بدفاع ريال مدريد وسجل هدفين ضمن الثلاثية التي فاز بها توتنهام (إ.ب.أ)
قبل 3 سنوات تلاعب آلي بدفاع ريال مدريد وسجل هدفين ضمن الثلاثية التي فاز بها توتنهام (إ.ب.أ)
TT

هل كتب مورينيو نهاية حزينة لقصة ديلي آلي «الرائعة» مع توتنهام؟

قبل 3 سنوات تلاعب آلي بدفاع ريال مدريد وسجل هدفين ضمن الثلاثية التي فاز بها توتنهام (إ.ب.أ)
قبل 3 سنوات تلاعب آلي بدفاع ريال مدريد وسجل هدفين ضمن الثلاثية التي فاز بها توتنهام (إ.ب.أ)

أعلنت مؤسسة «سبورت إنغلاند» العام الماضي أنها ستنفق 85 مليون جنيه إسترليني على خطة المواهب الخاصة بإنجلترا. وتتمثل الفكرة وراء إطلاق خطة المواهب في إنشاء «أفضل خطة مواهب في العالم»، وهي خطة طموحة لم نر لها مثيلاً في العالم من قبل! لكن الشيء المؤكد هو أن خطة المواهب هذه لديها الكثير لتقوله عن «الموهبة» لدرجة أن مسودة هذه الخطة والمكونة من 35 صفحة قد ذكرت كلمة «الموهبة» 258 مرة، وهو الأمر الذي يعكس أهمية «الموهبة» بشكل كبير. ولكي نكون واضحين، لا أحد هنا يزعم أننا لا نهتم بالموهبة، لكن في الوقت ذاته، فإن الحقيقة الواضحة والتي لا جدال فيها تتمثل في أنه لا يوجد أي شخص قادر على وضع تعريف محدد للموهبة وكيفية التعامل معها. وأصبح من المألوف في دوائر التدريب أن نقول إن الموهبة مبالغ فيها، وإنها نوع من أنواع الوهم!
وأشار لاعب الكريكيت الإنجليزي السابق، مايك أثيرتون، إلى أنه قضى مسيرته في المنتخب الإنجليزي للكريكيت وهو يسمع أنه من المحير أن «الكثيرين من اللاعبين الموهوبين» قد فشلوا مراراً وتكراراً، بينما حقق هو مسيرة مذهلة لم تعبر بأي بحال من الأحوال عن حجم موهبته. لكن السؤال الكبير الذي يطرح نفسه الآن هو: ما الموهبة؟ تقول خطة المواهب في هذا الصدد: «إن الرياضيين الذين يُعتبرون موهوبين سيتم تحديدهم من خلال التفاعل بين القيود الفردية والبيئية»، قبل أن تضيف في النهاية: «يمكن التفكير في الموهبة باعتبارها حزمة متعددة الأبعاد من الخصائص والقدرات».
عند هذه النقطة، يتبادر إلى ذهنك على الفور لاعب توتنهام هوتسبير، ديلي آلي، الذي يتفق الجميع على أنه لاعب موهوب وكانوا يتوقعون له مستقبلاً مشرقاً للغاية. وقد كان الأسبوع الماضي مثيراً للاهتمام حقاً في مسيرة ديلي آلي الكروية، فيوم الخميس الماضي شارك في التشكيلة الأساسية لنادي توتنهام هوتسبير أمام شكنديا المقدوني في إطار مباريات الدوري الأوروبي وقدم أداء جيداً لمدة ساعة.
وكانت اللقطة الأبرز له في هذه المباراة عندما انطلق من منتصف الملعب بسرعته الفائقة قبل أن يسدد الكرة بقوة باتجاه المرمى لكنها اصطدمت بأحد المدافعين. أما اللحظة الأسوأ فكانت عندما حصل نادي شكنديا على ركلة مرمى وسُمع المدير الفني لتوتنهام، جوزيه مورينيو، وهو يصرخ قائلاً: «ديلي، انتبه ديلي، اللعنة»، حيث كان المدير الفني البرتغالي يطالب اللاعب الذي خاض 32 مباراة دولية مع المنتخب الإنجليزي بأن يقوم بدوره فيما يتعلق بالضغط على الفريق المنافس.
لكن كيف وصلنا إلى الدرجة التي تجعلنا نأخذ المسيرة الكروية لآلي كمثال على التحقيق الذي نجريه لمعرفة ما هي الموهبة وكيف نتعامل معها حتى نساعدها على تقديم أفضل ما لديها؟ هناك بالطبع من سيشير إلى أن آلي قد وصل إلى هذا المستوى بسهولة بسبب الموهبة الطبيعية التي يمتلكها وأن وسائل الإعلام قد بالغت كثيراً في الحديث عنه في أول موسمين له مع توتنهام. لكن الحقيقة تتمثل في أن آلي قد بذل مجهوداً كبيراً من أجل تقديم مستويات جيدة، وحصل على جائزة رابطة اللاعبين المحترفين لأفضل لاعب شاب في الدوري الإنجليزي الممتاز مرتين متتاليتين، ووصل إلى أفضل مستوياته قبل ثلاث سنوات في المباراة التي فاز فيها توتنهام على ريال مدريد بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد على ملعب ويمبلي، حيث سجل آلي هدفين في تلك الليلة، وتلاعب بدفاع ريال مدريد، وكان أفضل لاعب داخل المستطيل الأخضر.
كان ديلي آلي يبلغ من العمر 21 عاماً آنذاك، وكان من المفترض أن تكون هذه اللحظة بمثابة نقطة الانطلاق الحقيقية لهذا اللاعب الشاب. لكن بعد مرور ثلاث سنوات، تشير تقارير إلى أن توتنهام يبحث عن طريقة لتقليص خسائره وبيع اللاعب بمبلغ جيد. فما الذي حدث للاعب بهذه الإمكانيات الهائلة وحوله إلى قصة غامضة يستعصي علينا فهمها؟ وفي هذه المرحلة، يبدو وجود مورينيو مناسباً تماماً، نظرا لأن مسيرته التدريبية بالكامل تعد بمثابة هجوم مؤلم على تصورات الآخرين بشأن تعريفهم للموهبة، فعندما يصف مورينيو أي لاعب بأنه موهوب، يتعين على هذا اللاعب أن يشعر بالقلق على الفور، وخير مثال على ذلك ما حدث لتانغوي ندومبيلي الذي وصفه المدير الفني البرتغالي بأنه «لاعب يتمتع بموهبة كبيرة».
ولا يعد ندومبيلي هو المثال الوحيد على ذلك، فهناك أيضاً خوان ماتا الذي قال عنه مورينيو عندما كان يتولى تدريبه في تشيلسي: «كل شيء واضح بيننا.
إنه لاعب موهوب»؛ وأنتوني مارسيال الذي قال عنه مورينيو «إنه لاعب موهوب، والجميع يعرف ذلك»؛ وإيدن هازارد الذي قال عنه مورينيو قبل الدخول في صدام معه «الجميع يعرف أنه لاعب موهوب».
ويبدو أن مورينيو يستخدم كلمة «الموهبة» بطريقة مشفرة لوصف اللاعب الذي يتم المبالغة في قدراته والذي يلعب بشكل متراخ ويتم التخلص منه! وبالتالي، فإن وصف مورينيو لديلي آلي بأنه لاعب موهوب يجعلنا نتيقن من أن المدير الفني البرتغالي سيدخل في صدام وشيك مع اللاعب وأن القصة بين الطرفين لن تنتهي عند ذلك الحد، خاصة أنه من المعروف عن مورينيو أنه مدير فني يعتمد على اللعب الجماعي وليس على المهارات الفردية والموهبة.
ويصر مورينيو على التزام مهني كبير من جانب اللاعبين، وكشف فيلم وثائقي جديد عن تحذير مورينيو آلي من «الكسل» ومطالبته له بضرورة الوصول لأفضل مستوى وإلا فإنه ربما «يندم». ورداً على سؤال عما إذا كان يريد بقاء آلي في الفريق، قال مورينيو: «أريد فريقاً متوازناً. هذا ما أريده. ولا يوجد ما يدعو للتضحية بآلي». وقال لاعب وسط توتنهام السابق مايكل براون إنه يعتقد إنه من الأفضل للجميع رحيل آلي. وقال براون عن ذلك: «لا يبدو أن العلاقة بين الرجلين تسير بصورة جيدة تماماً».
ورغم كل اللمحات الفنية الرائعة التي أظهرها آلي، فمن الواضح أن هذا اللاعب الموهوب يجمع بين نقاط قوة كبيرة ونقاط ضعف واضحة في الوقت ذاته، وأنه ليس كافياً أن يسجل ويصنع أهدافاً بل يتعين عليه أن يقوم بواجباته مع الفريق بشكل أكثر دقة.
صحيح أنه يتعين على آلي أن يلعب في مركز صانع الألعاب، لكن يتعين عليه أن يركض كثيراً ولا يكتفي بالتمرير من الوضع واقفاً. وعلاوة على ذلك، يحتاج آلي إلى مهاجم قوي أمامه ولاعبين يتحركون بشكل مستمر من أجل أن يفتحوا له المساحات اللازمة للركض فيها خلف خطوط الفريق المنافس.
ويجب أن نعرف أن بعض اللاعبين الموهوبين يكونون أقل قدرة على التأقلم والتكيف من غيرهم من المواهب الأخرى، وخير مثال على ذلك النجم الكوري الجنوبي سون هيونغ مين، الذي يمكنه أن يؤدي الأدوار التي يقوم بها آلي، لكنه أفضل منه في تنفيذ تعليمات المدير الفني بحذافيرها.
ويجب أن نؤكد هنا على أن الأمر لم ينته تماماً بالنسبة لديلي آلي، لكن يتعين عليه أن يدرك أن الوقت يمر بسرعة، وأن قائمة اللاعبين الذين تمكنوا من العودة إلى المسار الصحيح بعد تراجع مستواهم بهذا الشكل ضئيلة جداً! وفي الوقت الحالي، يبدو أن ديلي آلي أصبح «أسيراً» للحظات الجيدة التي قدمها في الماضي، ويبدو أنه قدم أفضل مستوياته في سن صغيرة ولم يعد قادراً على الوصول للمستويات ذاتها مرة أخرى.


مقالات ذات صلة

السيسي يهنئ السعودية باستضافة «مونديال 2034»

رياضة عربية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (إ.ب.أ)

السيسي يهنئ السعودية باستضافة «مونديال 2034»

وجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التهنئة إلى المملكة العربية السعودية، بعد الفوز بتنظيم «كأس العالم 2034».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عالمية إنزو ماريسكا مدرب تشيلسي (رويترز)

ماريسكا: تشيلسي لا ينافس على «البريميرليغ»

قال ماريسكا إنه ولاعبي تشيلسي لا يشعرون بأنهم دخلوا في إطار المنافسة على لقب «البريميرليغ» بعد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية روبن أموريم مدرب مانشستر يونايتد (إ.ب.أ)

أموريم: يونايتد بكامل جاهزيته لمواجهة سيتي

ربما يستعين روبن أموريم مدرب مانشستر يونايتد بالمدافع المخضرم جوني إيفانز، عندما يسافر الفريق عبر المدينة لمواجهة مانشستر سيتي.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية أنجي بوستيكوغلو مدرب توتنهام هوتسبير (إ.ب.أ)

بوستيكوغلو: توتنهام بحاجة للاعبين ملتزمين

قال أنجي بوستيكوغلو مدرب توتنهام هوتسبير إنه لا يخشى انتقاد لاعبيه قبل مواجهة ساوثهامبتون.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية أنطونيو كونتي مدرب نابولي (أ.ب)

كونتي: علينا مواصلة العمل

قال أنطونيو كونتي مدرب نابولي إنه يريد من الفريق رد الفعل نفسه الذي يقدمه عند الفوز.

«الشرق الأوسط» (نابولي)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».