العبادي يبدأ من البصرة توسيع صلاحيات المحافظات.. ويقر بدستورية الأقاليم

أحد زعامات المحافظة الجنوبية: المطالبة بإقليم البصرة أصبحت حركة شعبية

صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لرئيس الحكومة حيدر العبادي لدى وصوله إلى البصرة أمس
صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لرئيس الحكومة حيدر العبادي لدى وصوله إلى البصرة أمس
TT

العبادي يبدأ من البصرة توسيع صلاحيات المحافظات.. ويقر بدستورية الأقاليم

صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لرئيس الحكومة حيدر العبادي لدى وصوله إلى البصرة أمس
صورة من موقع رئاسة الوزراء العراقية لرئيس الحكومة حيدر العبادي لدى وصوله إلى البصرة أمس

أكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على ضرورة توزيع الثروات بشكل عادل بين المحافظات، والإسراع بتهيئة الأرضية المناسبة لتسليم الصلاحيات لها. وقال العبادي خلال ترؤسه اجتماعا في مدينة البصرة (550 كلم جنوب بغداد) للهيئة التنسيقية العليا للمحافظات غير المنتظمة إن «عقد هذه الاجتماعات بشكل دوري يمثل التزاما منا بالدستور والبرنامج الحكومي، الذي أكد على أهمية نقل الصلاحيات للحكومات المحلية، وهو التزام واقعي ولمصلحة الوطن ولن تنجح الحكومة إلا بنجاح المحافظات».
وأوضح العبادي أن «اختيار محافظة البصرة لعقد هذا الاجتماع لم يأت اعتباطا، فهي تمثل رمز الوطنية ووحدة العراق وثغره، وهي محافظة عزيزة علينا، ويجب أن تستغل ثرواتها لبنائها وإعمارها». وأكد العبادي: «نحن ماضون بنقل الصلاحيات إلى المحافظات من أجل السير بالبلاد على الطريق الصحيح، ولكننا بحاجة إلى ضوابط في الإدارة يلتزم بها الجميع من أجل مصلحة الوطن والمواطن الذي يجب أن نتعامل معه بغض النظر عن انتمائه». وشدد العبادي على «ضرورة توزيع الثروة بشكل عادل وأن لا تحتكر عند محافظة دون أخرى»، مشيرا إلى أن «إنشاء الأقاليم حق دستوري ولا يمكن أن يقف أحد ضده، ولكن يجب فتح النقاش في عدد من الأمور، ومنها ما يتعلق بالتوقيت ومدى الحاجة، وعدد المحافظات، وغيرها من الأمور، وهو نقاش سليم وحق دستوري ولا ينبغي لأحد أن يمنع من إثارته»، مشيرا إلى أهمية «إحداث توازن بين المركزية واللامركزية وتهيئة الأرضية المناسبة بأسرع وقت لتسليم الصلاحيات للمحافظات».
وكانت المادة 45 من قانون التعديل الثاني لقانون المحافظات غير المنتظمة في الإقليم رقم 21 لسنة 2008 الذي صوت عليه البرلمان العراقي خلال الدورة الماضية نصت على أن «تؤسس هيئة تسمى (الهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات) برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وعضوية وزراء (البلديات والأشغال العامة، والإعمار والإسكان، والعمل والشؤون الاجتماعية، والتربية، والصحة، والتخطيط، والزراعة، والمالية، والرياضة والشباب) ووزير الدولة لشؤون المحافظات والمحافظين ورؤساء مجالس المحافظات، تتولى (نقل الدوائر الفرعية والأجهزة والوظائف والخدمات والاختصاصات التي تمارسها تلك الوزارات مع اعتماداتها المخصصة لها بالموازنة العامة والموظفين والعاملين فيها، إلى المحافظات في نطاق وظائفها المبينة في الدستور والقوانين المختصة بصورة تدريجية، ويبقى دور الوزارات في التخطيط للسياسة العامة».
من جهته، أكد وزير شؤون المحافظات السابق، وائل عبد اللطيف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه «بصرف النظر عن النيات الطيبة لرئيس الوزراء حيدر العبادي وعقده هذا الاجتماع في البصرة، لكن بالنتيجة لن يحصل شيء ولن تنقل الصلاحيات ما دامت بقيت المحاصصة هي التي تتحكم بمفاصل الدولة العراقية، وذلك من خلال وجود 8 وزارات زائدة (الوزارات الخدمية)، ويمكن نقل صلاحياتها إلى المحافظات، لكن ما دامت تسلمت كل جهة حصتها من هذه الوزارات فإنها لا يمكن أن تقبل بذلك»، مشيرا إلى أنه «متى ما تمت هيكلة هذه الوزارات فإننا لا نتوقع أي نقل للصلاحيات». وأوضح عبد اللطيف، عضو البرلمان السابق عن محافظة البصرة، أنه «سبق لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي أن ترأس اجتماعا لمجلس الوزراء في البصرة وجرى الحديث عن نقل الصلاحيات، إلا أن شيئا من ذلك لم يحصل».
وردا على سؤال بشأن تأكيد العبادي على أن تشكيل الأقاليم حق دستوري في وقت توجد فيه مطالبات بالبصرة لإعلانها إقليما، قال عبد اللطيف، وهو أحد المؤيدين لهذا المشروع، إن «مطالبتنا بإنشاء إقليم البصرة لن تتراجع سواء وافقت الحكومة أم لم توافق لأن التمتع بهذا الحق الدستوري هو ملك أبناء المحافظة، وطبقا للآليات الدستورية التي تلزم الحكومة بترويجها طبقا للدستور رغم أنها تستطيع عرقلتها، لكن بطرق غير دستورية»، مؤكدا أن «المطالبة بإقامة إقليم البصرة هي الآن حركة شعبية ولا علاقة لها بمجلس المحافظة أو أية جهة رسمية، وقد تمكنا الآن من جمع نسبة الـ2 في المائة ونتجه لجمع نسبة الـ10 في المائة، وهي اللازمة لرفع الطلب إلى الحكومة والبرلمان بهدف إجراء الاستفتاء داخل المحافظة».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم