واشنطن تُحكم «صندوق العزلة» على دمشق... وموسكو تقف عند «منعطف سوري»

أميركا تعلن مواصلة فرض عقوبات لـ«الحصول على تنازلات استراتيجية»

صورة للرئيس السوري بشار الأسد قرب محل وسط دمشق (رويترز)
صورة للرئيس السوري بشار الأسد قرب محل وسط دمشق (رويترز)
TT

واشنطن تُحكم «صندوق العزلة» على دمشق... وموسكو تقف عند «منعطف سوري»

صورة للرئيس السوري بشار الأسد قرب محل وسط دمشق (رويترز)
صورة للرئيس السوري بشار الأسد قرب محل وسط دمشق (رويترز)

واشنطن ماضية في خياراتها السورية، وآخر خطوة هي فرض عقوبات على شخصيات عسكرية وأمنية واقتصادية لإحكام «صندوق العزلة» على دمشق. وموسكو تقف على «منعطف» وماضية في خياراتها، وآخر الخطوات البدء بتنظيم مؤتمر للاجئين في دمشق في 11 الشهر المقبل وإعادة ترتيب الفريق المسؤول عن الملف السوري في الخارجية الروسية لفتح «نوافذ لسوريا». والخياران ماضيان في «طلاق لمقاربة خطوة مقابل خطوة» بينهما، قبل تسلم الرئيس الأميركي الجديد أو القديم في نهاية يناير (كانون الثاني) المقبل.
وإذ أبلغ روس نظراءهم الأوروبيين أن أربعة أسباب أدت إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية السورية، هي: تسع سنوات من الحرب، «كورونا»، الأزمة الاقتصادية في لبنان، والعقوبات الغربية، وشنت موسكو حملة على العقوبات الغربية باعتبارها «تساهم في تفاقم الأزمة الاقتصادية»، فإن واشنطن وبروكسل ماضيتان في فرض العقوبات. ويتوقع أن يصدر الاتحاد الأوروبي بعد أيام قائمة عقوبات على وزراء في الحكومة السورية الجديدة، في وقت فرضت واشنطن عقوبات أول من أمس على محافظ «مصرف سوريا المركزي» و16 شخصا أو مؤسسة أخرى في الجيش والأمن وقطاع الأعمال.
وحسب التصور الأميركي، فإن قائمة العقوبات الأخيرة، التي رفعت عدد المعاقبين منذ بدء تنفيذ «قانون قيصر» في منتصف يونيو (حزيران) إلى 75. شملت ثلاثة مستويات: الأول، ضباط منخرطون ومسؤولون في الحرب. الثاني، مسؤولون وضعوا مؤسسات الدولة في خدمة الحرب وأشخاص. الثالث، أشخاص هم «واجهة للعمليات الاقتصادية للنظام».
بالنسبة إلى واشنطن، فإن «رسالة العقوبات»، هي «التأكيد على الجدية في هذا المسار. كانوا يقولون قبل يونيو، إن واشنطن لن تطبق قانون قيصر، لكن القانون طبق. ثم قالوا إن قائمة عقوبات واحدة فقط ستصدر، لكن قوائم كثيرة صدرت وستصدر في الأسابيع المقبلة». وقال أحدهم: «كانت رسالة النظام: سننتصر عسكرياً وستأتي الأموال من العالم العربي وأوروبا والعالم. هذا ليس صحيحاً ولن يحصل»، مضيفا: «هناك من كان يقول في دمشق، إن الوقت لصالح النظام، لكن العقوبات تظهر أن الوقت ليس لصالحه، لأن الأزمة الاقتصادية ستتفاقم والضغوطات ستزيد، ولن يحصل تطبيع عربي وأوروبي وسيبقى النظام في صندوق العزلة ما لم تتحقق الشروط المطلوبة بتنازلات استراتيجية من دمشق، وتشمل: وقف دعم الإرهاب، إخراج إيران، مصالحة ومساءلة، التخلص من السلاح الكيماوي، عودة اللاجئين طوعا، وتنفيذ القرار 2254».
ما هي «الرسائل» الآتية من موسكو، حول تأثير العقوبات؟ تأتي إلى واشنطن رسالتان متناقضتان: «الأولى، العقوبات الأميركية لن تؤثر في حسابات النظام. الثانية، العقوبات تدمر الحكومة والاقتصاد». وتبعث واشنطن إلى موسكو رسالة مضادة: «السياسة العسكرية لروسيا فشلت، ولا بد من الحل السياسي وتنفيذ 2254». لذلك، يبدو إلى المراقبين الغربيين، أن موسكو تمر في «منعطف سوري»، ذلك أنها «تعرف أن الاستراتيجية العسكرية لن تنجح مستقبلاً، لكن لم تتبلور استراتيجية بديلة إلى الآن».
في غضون ذلك، هناك إشارات أن الجانب الروسي عدل من أدواته مع الذكرى السنوية الخامسة للتدخل العسكري، ذلك أن مشاركة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بزيارة الوفد رفيع المستوى إلى دمشق قبل أيام، اعتبرت مؤشرا إلى إعطاء الأولوية للبعد السياسي وتراجع دور وزارة الدفاع، خصوصاً أن هذا جاء في وقت شهدت الخارجية الروسية بعض التغييرات بينها ابتعاد نائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينن عن الملف السوري مقابل زيادة دور الدبلوماسيين والمحسوبين على لافروف.
وحسب المعلومات، فإن موسكو بدأت حملة لعقد مؤتمر للاجئين يرمي إلى حث السوريين الموجودين في الخارج، بينهم 5.6 مليون مسجلون في دول الجوار، للعودة إلى البلاد. وهي تريد مشاركة الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ومؤسساتها وممثلي الدول المجاورة في هذا المؤتمر. لكن واشنطن أبلغت دولا عدة بضرورة عدم المشاركة، في وقت يقترب الاتحاد الأوروبي من قراره حسم عقد «مؤتمر المانحين» في ربيع العام المقبل.
وتنقسم الأمم المتحدة بين الرغبة بالمشاركة وتمسك مسؤولين آخرين فيها بضرورة أن تكون العودة طوعية وبكرامة مع ملاحظة أن العام الجاري لم يشهد سوى عودة 25 ألفا (أحد الأسباب هو كورونا) مقابل عودة 95 ألفا في العام الماضي. كما أن بند «توفير بيئة آمنة» و«شروط العودة الطوعية» ضمن بنود عمل المبعوث الأممي غير بيدرسن.
الملف الإنساني، الذي يتضمن الكثير من السياسة، كان أحد البنود التي بحثت خلال المحادثات الروسية - الفرنسية قبل أيام. اللافت، أن وفد موسكو كرر مواقفه بضرورة التمسك بمسار اللجنة الدستورية لتنفيذ القرار 2254 وعدم فتح أي ملف آخر لتطبيق القرار قبل انتهاء أعمال «الدستورية» التي قد تأخذ سنوات.
كما نصحت موسكو ممثلي باريس بضرورة أن تتخذ الدول الغربية الانتخابات الرئاسية المقبلة منتصف العام المقبل، بوابة للعودة إلى العاصمة السورية، قائلة إن «الانفتاح على دمشق سيشجعها على تنازلات سياسية والابتعاد عن إيران».
وفي تراجع عن تفاهمات مع دول غربية سابقة، رفضت موسكو مقاربة الخطوة مقابل خطوة، وتقترح أن تعمل مع باريس على «مبادرات إنسانية» كما حصل في العام 2018 عندما أرسلت مساعدات مشتركة إلى مناطق مشتركة، وأن يتم دعم «خطوات دمشق بعد إطلاق 150 معتقلا في الصيف الماضي».



الجيش الأميركي: مقاتلات «إف-35» شاركت في ضرب الحوثيين

مقاتلة أميركية تستعد للإقلاع لتوجيه ضربة إلى مواقع الحوثيين (الجيش الأميركي)
مقاتلة أميركية تستعد للإقلاع لتوجيه ضربة إلى مواقع الحوثيين (الجيش الأميركي)
TT

الجيش الأميركي: مقاتلات «إف-35» شاركت في ضرب الحوثيين

مقاتلة أميركية تستعد للإقلاع لتوجيه ضربة إلى مواقع الحوثيين (الجيش الأميركي)
مقاتلة أميركية تستعد للإقلاع لتوجيه ضربة إلى مواقع الحوثيين (الجيش الأميركي)

كشف الجيش الأميركي عن مشاركة مقاتلات من طراز «إف-35 سي» في الضربات الأخيرة على مواقع الحوثيين، مؤكداً استهداف منشآت لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة، في سياق الحد من قدرات الجماعة المدعومة من إيران على مهاجمة السفن التجارية والعسكرية في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويأتي استخدام الجيش الأميركي لطائرات «إف-35 سي» في ضرباته على الحوثيين بعد أن استخدم الشهر الماضي القاذفة الشبحية «بي-2» لاستهداف مواقع محصنة تحت الأرض في صعدة وصنعاء.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية في بيان، أن قواتها نفذت سلسلة من الغارات الجوية الدقيقة على عدد من منشآت تخزين الأسلحة الحوثية الواقعة داخل الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، يومي 9 و10 نوفمبر (تشرين الثاني).

وبحسب البيان تضمنت هذه المرافق مجموعة متنوعة من الأسلحة التقليدية المتقدمة التي يستخدمها الحوثيون المدعومون من إيران لاستهداف السفن العسكرية والمدنية الأميركية والدولية التي تبحر في المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن. كما أفاد بأن أصولاً تابعة للقوات الجوية والبحرية الأميركية بما في ذلك طائرات «إف-35 سي» شاركت في الضربات.

وطبقاً لتقارير عسكرية، تمتلك مقاتلة «إف-35» قدرات شبحية للتخفي تفوق مقاتلتي «إف-22» و«إف-117»، وقاذفة «بي-2»، ولديها أجهزة استشعار مصممة لاكتشاف وتحديد مواقع رادارات العدو وقاذفات الصواريخ، إضافة إلى تزويدها بحجرات أسلحة عميقة مصممة لحمل الأسلحة وتدمير صواريخ المنظومات الدفاعية الجوية من مسافة بعيدة.

وجاءت الضربات -وفق بيان الجيش الأميركي- رداً على الهجمات المتكررة وغير القانونية التي يشنها الحوثيون على الملاحة التجارية الدولية، وكذلك على السفن التجارية الأميركية وقوات التحالف في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن. وهدفت إلى إضعاف قدرة الحوثيين على تهديد الشركاء الإقليميين.

تصد للهجمات

أوضحت القيادة المركزية الأميركية أن المدمرتين «يو إس إس ستوكديل» و«يو إس إس سبروانس» إلى جانب طائرات القوات الجوية والبحرية الأمريكية، نجحت في التصدي لمجموعة من الأسلحة التي أطلقها الحوثيون أثناء عبور المدمرتين مضيق باب المندب.

وطبقاً للبيان الأميركي، اشتبكت هذه القوات بنجاح مع ثمانية أنظمة جوية من دون طيار هجومية أحادية الاتجاه، وخمسة صواريخ باليستية مضادة للسفن، وأربعة صواريخ كروز مضادة للسفن؛ مما ضمن سلامة السفن العسكرية وأفرادها.

مقاتلات «إف-35» الأميركية تمتلك قدرات حربية غير مسبوقة (أ.ب)

وإذ أكدت القيادة المركزية الأميركية عدم وقوع أضرار في صفوفها أو معداتها، وقالت إن إجراءاتها تعكس التزامها المستمر بحماية أفرادها والشركاء الإقليميين والشحن الدولي، مع الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة.

وأضافت أنها «ستظل يقظة في جهودها لحماية حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن، وستواصل اتخاذ الخطوات المناسبة لمعالجة أي تهديدات للاستقرار الإقليمي».

ويزعم الحوثيون أنهم يشنون هجماتهم البحرية لمنع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، في سياق مساندتهم للفلسطينيين في غزة، وأخيراً لمساندة «حزب الله» في لبنان.

22 غارة

وكان إعلام الحوثيين أفاد بتلقي الجماعة نحو 22 غارة بين يومي السبت والثلاثاء الماضيين، إذ استهدفت 3 غارات، الثلاثاء، منطقة الفازة التابعة لمديرية التحيتا الواقعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية التي تتخذ منها الجماعة منطلقاً لشن الهجمات البحرية، واستقبال الأسلحة الإيرانية المهربة.

ويوم الاثنين، اعترفت الجماعة أنها تلقت 7 غارات وصفتها بـ«الأميركية والبريطانية»، استهدفت منطقة حرف سفيان شمال محافظة عمران، إلى جانب غارتين استهدفتا منطقة الرحبة في مديرية الصفراء التابعة لمحافظة صعدة، حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

كما أقرت بتلقي 4 غارات استهدفت منطقة جربان في الضواحي الجنوبية لصنعاء، إلى جانب غارة استهدفت معسكر «الحفا» في صنعاء نفسها، وغارتين ضربتا منطقة حرف سفيان في محافظة عمران، يوم الأحد.

طوربيد بحري استعرضه الحوثيون أخيراً زاعمين أنه بات ضمن أسلحتهم (إعلام حوثي)

وبدأت الموجة الجديدة من الضربات الغربية المتتابعة، مساء السبت الماضي؛ إذ استهدفت 3 غارات معسكرات الجماعة ومستودعات أسلحتها في منطقتي النهدين والحفا في صنعاء.

وبلغت الغارات الغربية التي استقبلها الحوثيون نحو 800 غارة، بدءاً من 12 يناير الماضي (كانون الثاني)؛ كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية لأول مرة، في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في استهداف المواقع المحصّنة للجماعة في صنعاء وصعدة.

يشار إلى أنه منذ نوفمبر 2023، تبنّت الجماعة الحوثية قصف أكثر من 200 سفينة، وأدت الهجمات في البحر الأحمر إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وتقول الحكومة اليمنية إن الضربات الغربية ضد الجماعة غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانيها، وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي، واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.