ارتفاع معدلات الانتحار في «مناطق النفوذ» الثلاث في سوريا

دمشق تؤكد حالات شنق... وامرأة في إدلب تستعمل السم... وفتاة قتلت نفسها بالمسدس شرق الفرات

حملة توعية ضد استعمال العنف والانتحار في شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
حملة توعية ضد استعمال العنف والانتحار في شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
TT

ارتفاع معدلات الانتحار في «مناطق النفوذ» الثلاث في سوريا

حملة توعية ضد استعمال العنف والانتحار في شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
حملة توعية ضد استعمال العنف والانتحار في شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

بين الأمور القليلة التي تجمع السوريين في «مناطق النفوذ» الثلاث حالياً هو ارتفاع معدلات الانتحار والجريمة لأسباب كثيرة بينها الأزمة الاقتصادية وسوء الأوضاع المعيشية.
ومع ازدياد حالات الانتحار في مناطق سيطرة الحكومة السورية، هزت مدينة طرطوس الأحد الماضي، رواية عن إقدام مدرس على قتل بناته الثلاث ومن ثم قتل نفسه، بعد تلقيه تهديدات من أشخاص كانوا متطوعين في «الفيلق الخامس» الروسي، وذلك حسب منشور كتب عن حسابه الشخصي في موقع «فيسبوك»، وسط تشكيك كبير بصحة الرواية والاعتقاد بأن الأب ضحية جريمة قتل بشعة طالت جميع أفراد العائلة.

- تهديدات
وتناولت صحيفة «حبر» السورية الإلكترونية، والكثير من الصفحات على موقع «فيسبوك» الحادثة وصور الأب والفتيات الثلاث، وعرضت منشوراً للأب الذي يعمل مدرس رياضيات، نشر على حسابه في «فيسبوك»، ويتحدث فيه عن سبب قتله لنفسه ولبناته الثلاث، قبل أن يتم حذف المنشور فيما بعد.
وجاء في المنشور: «الأصدقاء الكرام... عندما تقرأون أكون قد انتحرت وقتلت بناتي، بسبب تهديدات المدعو (أ ع) الذي يقطن طرطوس، والذي سأرفق صورة صفحته وبعضاً من صوره من صفحته على (فيسبوك) وتهديداته نتيجة لعمل طلبه ولم أتمكّن من إنجازه في الوقت المحدد في 27 الشهر، أي اليوم، وخلافنا كان على ثلاث ساعات تأخير، أي للساعة التاسعة ليلاً بأقصى حد، ولأسباب قاهرة يعرفها وشرحتها له تفصيلياً ولم يحاول تقبلها أو تفهمها، بسبب جماعته التي تضغط عليه حسب قوله».
ويذكر المنشور أن «تهديدات (أ) كانت بخصوص قتلي وقتل بناتي وحرقنا كما هو مُوضَّح في تسجيل صوتي له في التاب الخاص بي، وهو تسجيل اليوم، وهو ومن وراءه قادرون على ذلك».
ويشير المنشور إلى أسماء أخرى منهم أخوه «متورطين بسرقة أسلحة وذخيرة وبيعها قبل نحو 3 سنوات عندما كنا متطوعين في الفيلق الخامس منذ 3 أعوام».
ويشكك عدد كبير ممن قرأوا المنشور، بأن يكون هو من كتبه، ويرجحون بأن ما حصل هو جريمة مروعة طالت جميع أفراد العائلة بمن فيهم غدير، وأن القتلة هم من قاموا بكتابة المنشور بعد ارتكاب الجريمة لإبعاد الشبهات عنهم، وأن الحقيقة عند زوجته المصابة التي ما زالت على قيد الحياة.
ووفق تقارير صحفية، فإن مصادر مطلعة على ملابسات الجريمة، أكدت أن الأب قتل بأربع رصاصات واحدة منها في ظهره، وهو ما يجعل فرضية انتحاره بعد قتل أسرته غير صحيحة على الأرجح، إذ كيف يمكن أن يقوم بإطلاق أربع رصاصات على نفسه!
وفي الوقت نفسه، يرى العديد من المواطنين أن هناك أسباباً كثيرة تدفع البعض للانتحار وتتمثل في الفقر والبطالة والتفكك العائلي والاجتماعي والتنمر، والعنف والأسباب العاطفية، والفشل بالدراسة، إضافة إلى الفلتان الأمني وممارسة ذوي النفوذ من قادة وعناصر الميليشيات ضغوطاً كبيرة على المواطنين.
وتقول سيدة في العقد الرابع من العمر لـ«الشرق الأوسط»، إن «أغلب مسؤولي الأسر باتوا غير قادرين على تأمين قوت أبنائهم ولا متطلبات متابعة دراستهم، ولا الدفاع عن بناتهم في الشوارع عند تعرضهن للتحرش من قبل مسلحين أو بلطجية، والشباب معظمه عاطل عن العمل»، وتضيف: «في ظل هذه الظروف بات الموت بالنسبة للكثيرين أفضل من الحياة».
وكشف رئيس الطبابة الشرعية في الحكومة السورية زاهر حجو في تصريحات أدلى بها مؤخراً عن ارتفاع نسبة حالات الانتحار في سوريا مؤخراً، بحسب إحصائية أجريت في بداية سبتمبر (أيلول) الجاري، وقال إنه تم تسجيل 116 حالة منذ بداية عام 2020. وبيّن أن الشنق كان هو الأكثر اتباعاً (48 حالة)، يليه الطلق الناري (27 حالة)، ورمي النفس من الأماكن العالية (18 حالة)، والتسمم (16 حالة).
وشملت الإحصائية جميع المحافظات السورية باستثناء محافظات «إدلب والرقة ودير الزور» الخارجة عن سيطرة الحكومة، وتوزعت: حلب 23 حالة، وريف دمشق 18، ودمشق وحمص 14 حالة في كل منهما، وحماة 10، والسويداء 9، ودرعا 2، والقنيطرة حالة انتحار واحدة، في حين شهدت اللاذقية زيادة ملحوظة في حالات الانتحار مؤخراً حيث بلغت 18 حالة.
وسبق أن أعلنت الهيئة العامة للطب الشرعي التابعة للحكومة السورية، أن عدد حالات الانتحار خلال العام الماضي بلغت 124حالة؛ 76 ذكور، و48 إناث.
- أسباب نفسية
وتشهد مناطق الشمال السوري، إدلب ومناطق عفرين، في الآونة الأخيرة، حالات انتحار بين المواطنين، لأسباب نفسية وصحية، وتردي الأوضاع المعيشية لدى غالبية المواطنين وتحديداً النازحين. ويقول الناشط الحقوقي سعيد الحسين لـ«الشرق الأوسط»، إن «غياب القانون الذي يحد من العنف في أوساط المجتمع الذي يعقبه غالباً حالات قتل وانتحار، فضلاً عن تردي الأوضاع المعيشية لدى المواطنين والنازحين، تعد عوامل رئيسية تدفع بالأشخاص إلى الانتحار».
ويضيف أنه تم توثيق أكثر من 8 حالات انتحار لمواطنين بينهم نساء خلال أقل من 6 أشهر، مع عودة هذه الظاهرة إلى الواجهة خلال الآونة الأخيرة، حيث قبل أسبوعين أقدمت سيدة عمرها 33 عاماً، نازحة من منطقة سجنة جنوب إدلب، في منطقة أطمة شمال سوريا، على الانتحار نتيجة العنف الممارس عليها من قبل زوجها، بعد تناولها حبوب سامة أدت إلى الانتحار، بالرغم من أن لديها 3 أطفال.
«س. ع» أرملة تعيل 4 أطفال وتقيم في مخيمات دير حسان التي تفتقر لأدنى مقومات الحياة، تقول: «فكرت بالانتحار عدة مرات، وفي كل مرة تراودها وتقرر فيها الانتحار كانت هناك أسباب قاهرة تدفعها لذلك»، لافتة إلى أن أول مرة فكرت وحاولت فيها الانتحار قبل نحو 3 أشهر عندما تعرض ابنها ذو الـ5 سنوات للحرق بـ«البابور الكاز» أثناء طهي الطعام في الخيمة التي تؤويها وأطفالها وتعرضه لحروق شديدة، لتغلق أبواب المساعدة بوجهها وعدم تمكنها من معالجة ابنها فقررت الانتحار على ألا ترى ابنها يتألم نتيجة الحروق.
وفي المرات اللاحقة كانت نتيجة عدم توفر الطعام لأيام أو أي شيء يسد رمق الأطفال، الأمر الذي دفعها للتفكير بالانتحار، لكن انحسار تفكيرها لحظة الانتحار عن تدبير أطفالها أنفسهم بعد موتها يدفعها إلى التراجع عن ذلك، لتقرر في النهاية أن تعمل منظفة في أحد مشاغل الخياطة النسائية لتحصل على ما يمكنها من العيش وأطفالها وتتخلص من فكرة الانتحار.
من جهته، يقول الناشط أيمن بكور إن 6 أشخاص حاولوا خلال الآونة الأخيرة الانتحار عبر رمي أنفسهم من أبنية عالية في محافظة إدلب، إلا أن حالة واحدة فقط أدت إلى الوفاة، وبعد تدخل الجهات الأمنية والكوادر الطبية ونقل تلك الحالات إلى المشافي تبين أن لديهم أمراضاً نفسية مع إخضاعهم للعلاج والتخلص من ميول الانتحار الذي يراودهم بشكل متكرر. ويضيف أنه يتوجب على المنظمات الإنسانية والصحية إطلاق حملات توعوية تمكن المواطنيين من التغلب على صعوبات الحياة، تحديداً النازحين منهم لحمايتهم من الانتحار، وشدد على أنه بالوقت ذاته على المنظمات الإنسانية الدولية والمحلية رفع مستوى نشاطها لدعم للمواطنين وسد حاجتهم حتى لا يكون الفقر عنصراً أساسياً في إصابتهم بأمراض نفسية وصحية تدفع في النهاية إلى الانتحار.
- حملات توعية
في شرق الفرات، ذكرت منظمة «سارا لمناهضة العنف ضد المرأة» العاملة في مناطق «الإدارة الذاتية»، في تقرير صُدر بمناسبة (اليوم العالمي للانتحار)، أن 16 حالة انتحار وثقتها خلال العام الجاري حتى بداية سبتمبر (أيلول)، وتراوحت الفئات العمرية للمنتحرات بين 18 سنة و35 سنة.
وقالت الإدارية نجاح آمين إنهم وثقوا حتى بداية الشهر الحالي 16 حالة انتحار في مناطق الإدارية الذاتية. وتعزو الأسباب إلى الحرب الدائرة منذ 9 سنوات ونيف التي خلقت أزمات حقيقية على كل الأصعدة، «ما أفرزته بتعميق الشعور بالإحباط واليأس لدى كثير من الأفراد نساءً ورجالاً، نتجت عنها حالات القتل والانتحار، ولا تزال المرأة صاحبة النصيب الأكبر من هذه الضغوطات بالأسرة والمجتمع».
وتعمل منظمة «سارا» النسوية منذ شهر يوليو (تموز) 2013، وتجمع الإحصاءات والبيانات الخاصة بالانتهاكات والخروقات التي تطال الفتيات والنساء وحقوقهنّ؛ من هيئات المرأة وديوان المحاكم المحلية ونشرات الضابطة الشرطية، بحسب آمين.
وبمناسبة اليوم العاملي للانتحار الذي صادف يوم 9 من الشهر الحالي، أصدرت تقريراً مفصلاً عن حالات الانتهاك التي طالت الفتيات والنساء على مستوى شرق الفرات، وذكرت آمين أن التقرير شمل بيانات الانتهاكات الواقعة خلال العام الجاري: «تعرضت 5 نساء للتهديد بالقتل، وتقدّمت 288 سيدة بدعاوى أمام المحاكم المختصة بدعاوى العنف الأسري، وسجلنا 11 حالة تعرضن للتحرّش الجنسي، وتمّ توثيق 46 حالة زواج قاصر كما تعرّضت 3 فتيات للاغتصاب»، إضافة إلى 23 سيدة تعرضت للقتل، و27 حالة دعارة و124 واقعة لتعدد الزوجات، و27 حالة خطف، و4 حالات خيانة زوجية، بحسب التقرير نفسه.
ومن بين الحالات التي رصدتها المنظمة، أقدمت سيدة متزوجة نهاية شهر مارس (آذار) الماضي، على الانتحار عبر مسدس بعدما أطلقت النار على نفسها بمنزل والدها، حيث كانت تبلغ من العمر 22 سنة ولديها طفلة عمرها سنة، وأخبرت آمين: «من خلال متابعتنا تبين أن سبب الانتحار خلاف عائلي نشب بينها وبين زوجها، مع العلم أن خلافاتهما كانت مستمرة، والتمسك بالعادات والتقاليد حالت دون طلب الطلاق واللجوء للمحاكم المحلية».
ودعت المسؤولة الكردية جميع المنظمات المدنية والنسوية والمؤسسات والهيئات الحكومية، إلى الوقوف عند هذه الحالات وتزايد عددها في مناطق الإدارة، للعمل على الحد منها حفاظاً على تماسك المجتمع، ولفتت آمين إلى أن «منظمتنا بالتعاون مع جهات شريكة عقدنا ندوات حوارية، وقمنا بحملات توعوية وتوزيع مناشير والتنسيق مع المراكز النفسية لمعالجة الحالات المرضية، للحد من حالات الانتحار والقتل التي باتت تهدد المجتمعات».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم