نقاش داخل «فتح» و«حماس» لرسم خريطة طريق للمصالحة

أبو مرزوق: قطر وتركيا ضامنتان... الرجوب: اتفقنا على محورية دور كل من الأردن ومصر

TT

نقاش داخل «فتح» و«حماس» لرسم خريطة طريق للمصالحة

قال عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» موسى أبو مرزوق، إن تركيا وقطر على استعداد لتكونا ضامنتين لاتفاق المصالحة بين حركتي «حماس» و«فتح»؛ بينما أكد أمين سر اللجنة المركزية لحركة «فتح» جبريل الرجوب على محورية دور كل من الأردن ومصر.
وقال أبو مرزوق في تصريحات لموقع تابع لحركة «حماس»: «الأتراك والقطريون عندهم استعداد ليشكلوا ضمانات. إنهم إيجابيون ودعموا نحو المصالحة، وشجعوا الطرفين ليكونا في موقع المسؤولية».
وكانت حركتا «فتح» و«حماس» قد اتفقتا في تركيا الأسبوع الماضي على إجراء انتخابات متدرجة، تبدأ بالتشريعية ثم الرئاسية والمجلس الوطني لمنظمة التحرير، في غضون 6 أشهر.
وينتظر الفلسطينيون مرسوماً للرئيس الفلسطيني محمود عباس هذا الشهر، بعد أن يحصل على اتفاق تام بين «فتح» و«حماس» وبقية الفصائل. ويفترض أن تكون حركة «فتح» قد ناقشت الاتفاق الذي توصل إليه وفدها إلى تركيا في اجتماع للجنة المركزية، ترأَّسه الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس.
وقال أمين سر اللجنة المركزية لحركة «فتح» جبريل الرجوب، إن وفد الحركة للحوار مع «حماس» غادر أرض الوطن بمهمة مزدوجة اشتملت على بندين رئيسيين: أولهما لقاء «حماس» في محاولة لتطوير وإقرار آليات تنفيذية وفق مخرجات مؤتمر الأمناء العامين للفصائل، لبناء الشراكة وإنهاء الانقسام من خلال عملية ديمقراطية فيها انتخابات لكل النظام السياسي الفلسطيني، والبند الثاني يتضمن محاولة تطوير آليات متابعة وعمل وفهم مشترك مع الدول العربية التي زارها الوفد؛ حيث تم لقاء وزير الخارجية القطري الذي أرسل رسالة للقيادة «بأنهم يشجعون الحوار، وبناء أسس لإنهاء الانقسام وبناء الشراكة»، كما تم لقاء وزير الخارجية المصري والمخابرات العامة المصرية، وفي الأردن تم الاجتماع مع مدير المخابرات العامة الأردنية للغرض ذاته.
وفيما يتعلق بالحوارات التي دارت في تركيا، شدد الرجوب على أنها نقاش فلسطيني فلسطيني، وتمت على أرض القنصلية الفلسطينية.
وأكد الرجوب أن حركتي «فتح» و«حماس» اتفقتا على محورية دور كل من الأردن ومصر، الأمر الذي يقتضي أن يكون الجميع في الخط ذاته والاتجاه ذاته، لافتاً إلى أن القاهرة وعمان لديهما حرص واضح على ضرورة إنهاء الانقسام، وبناء أسس أفضل لمستقبل شعبنا.
وينتظر من «المركزية» أن تضع خطة طريق، على أن تفعل الأمر نفسه حركة «حماس»، ثم يتناقشون لوضع خطة عريضة قبل لقاء الأمناء العامين.
وأكد قيس عبد الكريم (أبو ليلى)، نائب أمين عام «الجبهة الديمقراطية»، أن الهدف من الحوارات الثنائية بين حركتي «فتح» و«حماس» كما أبلغنا، أن تبلور توافقات بين الطرفين، من أجل أن تكون اقتراحات لبحثها في الإطار الوطني الشامل، والمصادقة عليها من الأمناء العامين، برئاسة الرئيس محمود عباس.
وأضاف في تصريح وزعته الجبهة: «حتى الآن فإن التقارير التي قدمت من الطرفين خلال الحوارات التي جرت في إسطنبول، هي تقارير أولية وليست تفصيلية. وقد فهمنا أن هذه التفاهمات هي بصدد البحث والمصادقة عليها من قبل الهيئات القيادية من الطرفين، وستوضع خلال الأيام المقبلة من قبلهما في صورتها التفصيلية؛ بحيث تبحث جميع الفصائل هذه التفاهمات، تحضيراً لاجتماع الأمناء العامين المقبل برئاسة الرئيس عباس والبت فيها، وكيفية التعاطي معها في إطار العملية الشاملة لإنهاء الانقسام».
ويأمل الفلسطينيون هذه المرة بنجاح المصالحة بعد محاولات عديدة فاشلة.
وقال أبو مرزوق: «هناك اختلاف في جولة المصالحة الحالية عن سابقاتها، تمثلت في عدة أسباب، أهمها أن ملف التسوية السياسية مغلق، وأن المنطقة الحاضنة تتجه نحو التطبيع، وهذا جعلنا نقف منفردين في مواجهة المشروع الإسرائيلي، والحصار المالي المفروض على السلطة، إضافة إلى وقف التعامل مع إسرائيل، هذه مشاهد متغيرة كبيرة».
وأضاف أبو مرزوق: «هناك توافق أرجو أن يُقر بـ(مركزية فتح)، أنه لا بد من إجراءات بناء ثقة من الطرفين، وهناك كثير من الترسيبات الماضية، ولذا لا بد من الطرفين تقديم إجراءات لبناء الثقة لدى الطرف الآخر».
وأشار إلى أن حركته استعرضت كثيراً من إجراءات بناء الثقة مع «فتح»، مثل «عودة مخصصات أسر الشهداء والأسرى والجرحى، ومن قُطعت رواتبهم بسبب الانقسام وملاحقتهم، وهناك قوائم لدى الحركتين».
واستطرد: «الملف الأبرز الذي كان مطروحاً هو ملف المقاومة الشعبية، وتشكيل قيادة مركزية لها في كل أماكن وجود الشعب الفلسطيني، وخصوصاً بالضفة والقدس».
وأكد أن هناك توافقاً على أن تكون الانتخابات أداة رئيسية لترتيب الساحة الفلسطينية، سواء المجلس التشريعي أو المجلس الوطني والانتخابات الرئاسية، و«ذكرنا بوضوح أن انتخابات (التشريعي) و(الوطني) يجب أن تكون متزامنة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».