أهالي السويداء غاضبون من دمشق وموسكو

تشييع قتلى الاشتباكات بين فصائل محلية و«الفيلق الخامس» جنوب سوريا

سوريون من أهالي السويداء أمس (السويداء 24)
سوريون من أهالي السويداء أمس (السويداء 24)
TT

أهالي السويداء غاضبون من دمشق وموسكو

سوريون من أهالي السويداء أمس (السويداء 24)
سوريون من أهالي السويداء أمس (السويداء 24)

قام مشيعون غاضبون في مدينة السويداء، ذات الغالبية الدرزية، بطرد ممثلي النظام السوري من التشييع في الملعب البلدي بالسويداء، صباح يوم الأربعاء، لخمسة عشر شاباً قُتلوا أول من أمس، في اشتباكات عنيفة وقعت جنوب محافظة السويداء بين الفيلق الخامس الذي شكّلته روسيا وتابع لقوات النظام، وبين فصائل السويداء المحلية، على خلفية توغل الفيلق الخامس في أراضٍ زراعية تابعة لبلدة القريا جنوب السويداء، إذ هبّت الفصائل المحلية لاستعادة تلك الأراضي.
وتسود مشاعر من الغضب بين الأهالي في السويداء ضد النظام وحليفه الروسي، وقالت مصادر محلية في السويداء لـ«الشرق الأوسط»: «أهالي الجبل غاضبون من الروس لعدم التزامهم بالتعهدات التي قطعوها لعقّال السويداء فيما يخص إلزام الفيلق الخامس بالانسحاب من أراضي بلدة القريا التي توغلوا فيها منذ ستة أشهر، كما أن الأهالي غاضبون من النظام الذي لم يمنع وقوع الاشتباكات وأجاز الاعتداء على أراضي السويداء واستمرار التوتر في المنطقة بهدف زج شباب السويداء في المعارك دون أن يقوم بلجم الفيلق الخامس». وأضافت المصادر أن «الأهالي عبّروا عن غضبهم من النظام بطرد ممثليه من جنازة الشهداء».
وذكر موقع «السويداء 24» الإخباري المحلي أن مراسم التشييع جرت في السويداء «وسط حالة من الغضب بين المواطنين، الذين طردوا أمين فرع حزب البعث ومسؤولي السلطة، من التشييع». وقال الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز في الأراضي المحتلة، موفق طريف، الذي تابع «بقلق» أحداث السويداء خلال اليومين الماضيين: «إن الاعتداء على الجبل، مهما كان مصدره ومن يقف وراءه، سيكلف المعتدين غالياً ومن شأنه أن يؤدي إلى تدهور الوضع الأمني في المنطقة».
كما نشرت الصفحة الرسمية لطريف بياناً أوضحت فيه أن الشيخ موفق طريف طلب من الجانب الروسي «لجم اعتداءات الفيلق الخامس وأحمد العودة على بلدة القريا وسكانها في ريف السويداء»، ذلك في اتصال هاتفي أجراه مع نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، حيث أكد الشيخ «أنّه في حال استمرت الاعتداءات فإنها لن تمر مرور الكرام» لما تمثله بلدة القريا لدروز العالم من أهمية ومكانة تاريخية. كما أفاد البيان بأن نائب الوزير بوغدانوف قال لطريف «إنه بحث مع الرئيس السوري بشار الأسد، الوضع في الجنوب السوري خلال زيارته لسوريا قبل أسابيع، واعداً بالسعي لوقف إطلاق النار في القريا وبحث القضية مع القوات الروسية العاملة في سوريا».
وقُتل 15 عنصراً من فصائل السويداء المحلية والدفاع الوطني في بلدة القريا بريف السويداء الغربي، وآخر من قوات الفيلق الخامس المدعوم من روسيا في مدينة بصرى الشام شرقي درعا، بعد أن اندلعت أول من أمس (الثلاثاء) 29 سبتمبر (أيلول) 2020، اشتباكات عنيفة بين فصائل محلية مسلحة في السويداء وقوات الفيلق الخامس في مدينة بصرى الشام المعقل الرئيسي لقوات الفيلق الخامس المدعوم من روسيا على الحدود الإدارية بين محافظتي درعا والسويداء جنوب سوريا.
وأفادت مصادر محلية بأن المواجهات تسببت بسقوط قتلى وجرحى بين الطرفين، تزامن مع حالة من التوتر سادت المنطقة، جراء استمرار الاشتباكات واستخدام الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والتحشيد العسكري الذي نفّذه كل من الفيلق الخامس و«قوات رجال الكرامة»، طرفي النزاع في المنطقة.
وقالت مصادر خاصة من بصرى الشام لـ«الشرق الأوسط» إن مجموعة مسلحة من السويداء تابعة للدفاع الوطني شنت هجوماً صباح الثلاثاء على عدة محاور لنقاط متقدمة تابعة للفيلق الخامس بين مدينة القريا في السويداء ومدينة بصرى الشام في درعا المتحاذيتين. وأضافت المصادر أن القوات المهاجمة استقدمت تعزيزات إلى مدينة القريا في السويداء بينما نشر الفيلق الخامس عتاداً عسكرياً ثقيلاً في منطقة الاشتباك التي استهدفت مواقع تمركز المجموعات المهاجمة.
وأكدت المصادر سقوط أربعة قتلى من فصائل السويداء المحلية وعدد من الجرحى، بالإضافة إلى مقتل عنصرين من الفيلق الخامس، تزامن ذلك مع استعادة فصائل السويداء ثلاثة مواقع هي «المناخ، والدلافة، وبيوت البدو» مما استفز قوات الفليق الخامس التي قصفت بالقذائف الصاروخية بلدة المجمير وبرد بالسويداء، ما أدى إلى إصابة أحد المدنيين بجروح.
وفي سياق متصل، أوضحت مصادر من السويداء أن المواجهات أتت نتيجة فشل المباحثات مع قوات الفيلق الخامس في بصرى الشام التي يتزعمها أحمد العودة، للانسحاب من الأراضي الزراعية التي تعود ملكيتها لأهالي بلدة القريا في ريف السويداء الواقعة بين محافظتي درعا والسويداء، لافتةً إلى أن الفيلق الخامس استقدم تعزيزات إضافية إلى المنطقة قبل أيام، الأمر الذي عدّته فصائل السويداء فرضاً للأمر الواقع، وبناءً عليه قررت الهجوم.
من جانبها، أعلنت الفصائل المحلية المسلحة في السويداء (حركة رجال الكرامة) مقتل عدد من مقاتليها وإصابة آخرين خلال الاشتباكات الدائرة في بلدة القريا، وأنها دفعت بمئات المقاتلين إلى مواقع الاشتباكات في القريا.
وقالت مصادر مطّلعة على المفاوضات بين الفيلق الخامس وبلدة القريا إن المنطقة شهدت حالة من الهدوء لعدة أشهر، بعد الخلاف الأول الذي حصل شهر أبريل (نيسان) الماضي، مشددة على أن قوات الفيلق لم تمنع المزارعين هناك من الذهاب إلى أراضيهم وحصادها، سواء من أهالي القريّا في السويداء أو أهالي بصرى الشام في درعا.
وكان وفد المفاوضات السابق قد تعهد بالحفاظ على الجوار والسلم الأهلي في المنطقة، لكن الهجوم الأخير كان على النقاط العسكرية التابعة للفيلق الخامس بين بصرى الشام والقريا، وهذه النقاط موجودة على أرض بصرى الشام، سيؤدي إلى وقوع خلافات جديدة.
وأوضحت مصادر مطلعة أن فصائل السويداء وتحديداً في بلدة القريا ترى أن الفيلق الخامس سيطر على أراضٍ من بلدة القريا، وينشر نقاطه فيها، بينما كان الاتفاق السابق يقضي بنشر قوات للجيش السوري في أرض القريا المتاخمة للنقاط التي يسيطر عليها الفيلق الخامس، وبقاء الفيلق الخامس ضمن نقاطه الموجودة في أرض بصرى الشام، وكان ذلك الاتفاق بحضور روسي وجهود وفود مفاوضة من درعا والسويداء.
والمواجهات ليست الأولى بين قوات الفيلق الخامس في بصرى الشام والفصائل المحلية في السويداء عند بلدة القريا، حيث شهدت المنطقة الجنوبية في أوائل شهر أبريل الماضي 2020 توتراً في بلدة القريا، جنوب غربي محافظة السويداء، ومدينة بصرى الشام، بريف درعا الشرقي، بعد اشتباكات بين فصائل من السويداء وقوات من «الفيلق الخامس» في درعا، المشكّل من فصائل التسويات «مما أدى إلى وقوع 15 قتيلاً من عناصر الفصائل المحلية في السويداء ومن أبناء بلدة القريا، وثلاثة عناصر من الفيلق الخامس في بصرى الشام، وأصدرت حينها الفصائل المحلية في السويداء «حركة رجال الكرامة» بياناً حمّلت فيه «الفيلق الخامس» المدعوم من روسيا مسؤولية الأحداث التي شهدتها بلدة القريا بريف السويداء، والتي راح ضحيتها كثير من القتلى والجرحى، وعدّت أن «الفيلق الخامس تشكيل من مرتبات (الجيش)، ويتبع مباشرة للقوات الروسية في سوريا، وعلى هذا فإن المسؤولية المباشرة عن المجزرة التي ارتكبها الفيلق التابع لها تتحملها القوات الروسية في سوريا، ويقع على عاتقها محاسبة المرتكبين، بدءاً من حليفها أحمد العودة وصولاً إلى عناصره الذين ارتكبوا المجزرة بحق المدنيين».
وانتهت المواجهات حينها بتوجه وفد من وجهاء محافظة درعا إلى مدينة بصرى الشام، والتقوا قيادة «الفيلق الخامس» الروسي هناك لاحتواء الموقف، وتهدئة التوتر لإبعاد الفتنة بين المحافظتين. كما تدخل حينها مركز المصالحة الروسية في المنطقة الجنوبية، وأرسل وفداً إلى مدينة بصرى الشام في درعا، وبلدة القريا في السويداء، للتفاوض مع أطراف الصراع، واتفقوا على توزيع النقاط العسكرية في تلك المنطقة.



الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
TT

الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)

أعلنت السلطات السورية، الثلاثاء، أن قواتها قتلت زعيم خلية مرتبطة بتنظيم «داعش» واعتقلت 8 آخرين، على خلفية الهجوم الدامي الذي استهدف، الأحد، قوات الأمن بشمال البلاد.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، قالت الوزارة في بيان إن العملية «استهدفت موقع خلية إرهابية تتبع لتنظيم (داعش) الإرهابي»، وأدت العملية إلى «إلقاء القبض على جميع أفراد الخلية وعددهم 8، وحُيّد (قُتل) العنصر التاسع، متزعم الخلية، أثناء المداهمة».

وأفادت الوزارة بعملية أمنية ثانية بناء على المعلومات التي جمعتها من العملية الأولى، وأسفرت العمليتان عن «ضبط أحزمة ناسفة، وكواتم صوت، وصواريخ من نوع ميم-دال، إلى جانب أسلحة رشاشة».

وقالت الداخلية إن المجموعة المستهدفة «مسؤولة عن تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية التي استهدفت دوريات أمنية وعسكرية في محافظتي إدلب وحلب».

وتأتي هذه العملية بعد هجوم استهدف، الأحد، دورية لإدارة أمن الطرق في ريف إدلب، ما أسفر عن مقتل أربعة من عناصر قوى الأمن الداخلي وإصابة خامس، حسب وزارة الداخلية السورية.

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» بأن مسلحين أطلقوا النار على الدورية أثناء تنفيذ مهامها على طريق معرة النعمان جنوب المحافظة.

وتبنى تنظيم «داعش» لاحقاً الهجوم، وفق ما أورده موقع «سايت» المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية.

ويأتي ذلك بعد أيام من استهداف وفد عسكري مشترك في مدينة تدمر وسط سوريا، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أميركيين، بينهم جنديان ومدني يعمل مترجماً، إضافة إلى إصابة عناصر من القوات الأميركية والسورية، حسب واشنطن ودمشق.


تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
TT

تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)

أقرت مصر حزمة واسعة من التسهيلات لمستثمري منطقة طابا ونويبع، الواقعتين على شاطئ البحر الأحمر بجنوب سيناء، بعد تضرر الأنشطة السياحية هناك على مدار العامين الماضيين، نتيجة الحرب في قطاع غزة والتوترات الأمنية المحيطة بالمنطقة.

وبحسب تصريحات إعلامية لرئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإنه تمت الموافقة من جانب إدارة الهيئة على منح المستثمرين عاماً إضافياً لتأجيل سداد المديونيات، مع وقف المطالبة بالسداد لمدة 18 شهراً دون فوائد، لافتاً إلى أن هذه القرارات جاءت استجابة لمطالب المستثمرين وبعد عدة اجتماعات ميدانية وجولات تفقدية للمنطقة.

وتضمنت حزمة التسهيلات المقررة مد فترة الإعفاء من سداد قيمة الأراضي إلى 3 سنوات بدلاً من عامين، إلى جانب تجميد المديونيات لمدة سنة ونصف السنة دون فرض أي أعباء إضافية.

وأوضح أن المنطقة تعرضت لضغوط استثنائية أدت إلى توقّف غالبية المقاصد السياحية، مشيراً إلى أن عدد الفنادق العاملة حالياً لا يتجاوز 6 فنادق من بين 55 فندقاً مسجلة في المنطقة.

حوافز حكومية لمنتجعات جنوب سيناء في مصر لتنشيط السياحة (هيئة تنشيط السياحة)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أشارت تقارير إعلامية مصرية إلى «إغلاق نحو 90 في المائة من المنشآت السياحية في مدينتي طابا ونويبع الواقعتين بسيناء على شاطئ البحر الأحمر وتراجع معدل الإشغالات الفندقية في منتجع شرم الشيخ ومدن جنوب سيناء نتيجة الحرب على غزة».

الدكتور يسري الشرقاوي، مستشار الاستثمار الدولي ورئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، عدّ التسهيلات المالية التي تقدمها الحكومة المصرية لمساندة المشروعات السياحية المتعثرة خطوة مهمة، لكنها لا تمثل حلاً كاملاً في مواجهة تداعيات الظروف الجيوسياسية الراهنة، مشدداً على ضرورة تبني استراتيجية متعددة المحاور.

وقال الشرقاوي، لـ«الشرق الأوسط»: «تُعد السياحة أحد أهم المصادر للعملة الصعبة في مصر، وكان تأثير الظروف الجيوسياسية على مناطق سيناء، خصوصاً المناطق الجنوبية المتضررة جغرافياً، تأثيراً مباشراً وحاداً».

وتابع: «اليوم، تنظر الحكومة المصرية إلى عام 2026 بوصفه عاماً مرتقباً للهدوء النسبي والاستقرار، وهو العام الذي سيأتي أيضاً بعد شهور من الافتتاح الكامل للمتحف المصري الكبير، والتدابير المتخذة تهدف إلى جعل عام 2026 عاماً ذهبياً لقطاع السياحة إذا ما تلاشت التأثيرات الخارجية»، مؤكداً أن الحلول المالية المطروحة حالياً ستسهم في سداد الفواتير الكبيرة المستحقة على أصحاب المشروعات السياحية المتعثرة في سيناء، ومتوقعاً المزيد من المساعدات التدريجية في هذا الصدد.

وبحسب تصريحات رئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإن الهيئة حرصت على جمع مطالب المستثمرين، وإقرار ما يدعم استمرارية النشاط في المنطقة التي تمثل أحد أهم المقاصد في جنوب سيناء.

واستقبلت مصر، وفق بيانات رسمية 15.7 مليون سائح خلال عام 2024، ما يُعدّ أعلى رقم تحققه البلاد في تاريخها. كما أعلنت زيادة أعداد السائحين خلال الربع الأول من العام الحالي 2025 بنسبة 25 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، رغم التحديات الجيوسياسية التي تواجهها المنطقة.

ودعا الشرقاوي إلى ضرورة تدخل أوسع من الحكومة على 3 محاور متزامنة لضمان جذب أعداد أكبر من السائحين؛ أولها المحور الدبلوماسي والسياسي، عبر استمرار الجهد المكثف، ممثلاً في وزارة الخارجية وتحت توجيهات القيادة السياسية، لضمان التحسن التدريجي المستقر في الظروف الجيوسياسية وتلاشي أثرها، إلى جانب الترويج النوعي، من خلال إعداد وزارة السياحة والآثار المصرية برامج ترويجية جاذبة تستهدف إعادة تثبيت الرؤية الآمنة لأسواق السياحة الدولية تدريجياً، خاصة للوافدين إلى سيناء.

وتابع: «كما يجب أن يكون هناك ترويج مدعوم للسياحة الداخلية للحفاظ على نسب الإشغال داخل هذه المنطقة، فلا يمكن لأي منطقة في العالم أن تتجاوز جميع الآثار إلا إذا تضافرت الأيدي الداخلية مع الدعم الخارجي».


«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

في وقت تحدث فيه إعلام إسرائيلي عن زيادة وتيرة التوتر بين مصر وإسرائيل في الفترة الحالية، بسبب ممارسات حكومة بنيامين نتنياهو في قطاع غزة، قال مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأجهزة المصرية رصدت ما تقوم به إسرائيل من مخالفات لاتفاق شرم الشيخ، وأعدت به ملفاً وأبلغت به واشنطن للتأكيد على أن القاهرة ملتزمة ومصرة على تنفيذ الاتفاق».

ووفق عسكريين سابقين بمصر، فإن «القاهرة ترى في ممارسات إسرائيل بغزة محاولة للتملص من خطة ترمب المتفق عليها، واللجوء لترسيخ وجود عسكري إسرائيلي دائم فيما يعرف بالخط الأصفر بغزة، مما يهدد الأمن القومي المصري».

و«الخط الأصفر» هو خط تقسيم يفصل قطاع غزة إلى جزأين، وفقاً لخطة السلام الموقعة بشرم الشيخ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهي الخطة التي تهدف إلى إنهاء حرب غزة. ويفصل الخط الأصفر 47 في المائة من الأراضي في المنطقة الغربية التي يسيطر عليها الفلسطينيون، عن 53 في المائة من قطاع غزة التي تسيطر عليها إسرائيل، وتقريباً جميع الفلسطينيين في غزة نزحوا إلى المنطقة الغربية من الخط.

قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)

وكشف تقرير لـ«القناة 14» الإسرائيلية عن نشاط للجيش الإسرائيلي فيما يعرف بـ«الخط الأصفر»، وتعديل التضاريس الجغرافية لقطاع غزة، وهو ما تعدّه القاهرة «تهديداً مباشراً لمصالحها الإقليمية»، وفق القناة، التي ذكرت أن «ذلك أغضب مصر ودفعها للشكوى إلى الولايات المتحدة، متهمة إسرائيل بأنها تعمل على تقسيم قطاع غزة إلى جزأين، وتغيير التركيبة الديموغرافية والتضاريسية للمنطقة».

وحسب التقرير، فإن القاهرة «تنظر بقلق بالغ لما يجري في قطاع غزة، خصوصاً بعد تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي إيل زامير، حول الخط الأصفر، باعتباره خطاً دفاعياً وهجومياً جديداً»، حيث إن نشاط الجيش الإسرائيلي في المنطقة «الصفراء» - الذي يشمل تدمير بنية تحتية للأنفاق وهدم منازل - «يفسر في القاهرة على أنه استعداد لترسيخ وجود عسكري طويل الأمد في غزة، ما دفع مصر إلى التحرك الدبلوماسي العاجل باتجاه واشنطن»، وفق القناة العبرية.

وأكد نائب مدير المخابرات الحربية ورئيس جهاز الاستطلاع السابق بمصر، لواء أركان حرب أحمد كامل، أن «مصر غاضبة بشدة من محاولات إسرائيل التملص من التزامها بخطة السلام المتفق عليها، وتحركاتها في المنطقة الصفراء توحي برغبتها في تثبيت وجود عسكري دائم في غزة وقرب الحدود المصرية، مما يمثل تهديداً للأمن القومي المصري».

مصادر تتحدث عن اشتراطات مصرية لعقد قمة بين السيسي ونتنياهو (إعلام عبري)

كامل، وهو مستشار بالأكاديمية العسكرية المصرية للدراسات العليا والاستراتيجية قال لـ«الشرق الأوسط»: «الموقف المصري واضح ومحدد وثابت في عده قضايا رئيسية تخص الأمن القومي المصري، ويقوم على أن السلام هو الهدف الرئيسي والاستراتيجي للسياسة الخارجية المصرية، واحترام مصر للاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، خصوصاً اتفاقيه السلام الموقعة عام 1979، والملحق العسكري المرفق بالاتفاقية وتعديلاته الخاصة بزيادة أعداد القوات المسلحة المصرية في سيناء، وضرورة احترام إسرائيل للاتفاقيات الموقعة بين الجانبين».

وأوضح أن «هناك اشتراطات مصرية للتهدئة مع إسرائيل تتعلق بتنفيذ اتفاق غزة طبقاً لمبادرة الرئيس الأميركي ترمب بمراحلها المختلفة، والبدء فوراً في المرحلة الثانية دون عرقلة أو أسباب واهية، مع التأكيد على تثبيت وقف إطلاق النار الدائم والتحول إلى مرحلة السلام، وقيام إسرائيل بالتنفيذ الدقيق للاتفاقية ودخول المساعدات الإنسانية بالكميات المتفق عليها، وفتح معبر رفح في الاتجاهين».

ومن الشروط كذلك بحسب كامل، «رفض مصر الهجرة القسرية أو الطوعية لسكان قطاع غزة، وكذلك الإجراءات الإسرائيلية بالضفة الغربية الخاصة بإقامة المستوطنات وضم الضفة الغربية لإسرائيل، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من كامل أراضي القطاع بما فيها محور فيلادلفيا والعودة لحدود 7 أكتوبر 2023، والتأكيد أن الوجود الإسرائيلي الحالي هو وضع مؤقت مرهون بتطور تنفيذ مراحل الاتفاق، وأن الخطوط الملونة ومنها الخط الأصفر، هي خطوط وهمية لا يعتد بها».

الشرط الرابع، وفق كامل، متعلق بـ«مدى تجاوب نتنياهو وحكومته مع المطالب العربية الواضحة في المبادرة العربية، والخاصة بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، والشروع والموافقة على حل الدولتين وعدم التهجير للفلسطينيين؛ سواء بغزة أو الضفة، وإبداء النوايا الحسنة الخاصة بحسن الجوار وعدم الاعتداء، والتجاوب مع المطالب الدولية الخاصة بإخلاء المنطقة من التهديد بالسلاح النووي، وانضمام إسرائيل للاتفاقيات الدولية بذات الشأن».

مسلحون من «حماس» يرافقون أعضاء «الصليب الأحمر» نحو منطقة داخل «الخط الأصفر» الذي انسحبت إليه القوات الإسرائيلية في مدينة غزة (أرشيفية - رويترز)

ويعتقد أن «مصر لن تتجاوب مع المساعي الأميركية والإسرائيلية الخاصة بعقد اجتماع بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، دون تقديم إسرائيل مبادرة واضحة ومحددة لرغبتها في السلام واستقرار المنطقة، وتكون قابلة للتنفيذ».

وذكرت التقارير الإسرائيلية أن الولايات المتحدة حاولت فعلياً تنظيم قمة ثلاثية في واشنطن؛ بين السيسي ونتنياهو بحضور ترمب، لكن الفكرة ارتطمت بجدار الشروط المصرية التي وصفها الإعلام العبري بـ«غير المقبولة» من وجهة النظر الإسرائيلية، لكن التقارير ذاتها أشارت إلى أن القاهرة تتوقع أن يمارس ترمب ضغوطاً خلال لقائه المرتقب مع نتنياهو في فلوريدا نهاية الشهر الحالي، لـ«كبحه» والحد من خطواته في غزة.

وقال رئيس الأركان السابق للجيش المصري، اللواء سمير فرج، إن «هناك تعويلاً كبيراً على القمة التي ستعقد بين ترمب ونتنياهو ومخرجاتها، وإن ترمب بالقطع سيضغط على نتنياهو للالتزام بخطة السلام في غزة، التي تحمل اسم ترمب شخصياً».

ونوه فرج في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بأن مصر ستقيم الموقف في إطار ما ستتمخض عنه قمة ترمب ونتنياهو، ولكن في الوقت ذاته، فإن موقفها واضح وثابت في أنها لا تقبل أبداً بتثبيت الوجود العسكري الإسرائيلي في الخط الأصفر، أو في أي منطقة من غزة، وكل ما تفعله حكومة نتنياهو تدرك القاهرة تماماً أنه محاولة لعرقلة خطة السلام التي تنص على الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من جميع أراضي غزة.