المستشار القضائي يهدد بإقالة نتنياهو «إذا واصل استغلال منصبه»

المتظاهرون يعلنون أنهم لن يخلوا الساحات

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
TT

المستشار القضائي يهدد بإقالة نتنياهو «إذا واصل استغلال منصبه»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

أعلن المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أبيحاي مندلبليت، رفضه القاطع للتوصل إلى صفقة مع رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، تقضي باعتزاله السياسة مقابل إغلاق الملفات ضده، وقال إن عليه أن يخضع للمحاكمة حتى النهاية، وهدد مندلبليت بإقالة نتنياهو من منصبه، في حال استمر في تهجماته على سلطات إنفاذ القانون واستغلاله منصبه لعرقلة محاكمته بتهم الفساد. وقال إن احتمال أن يقرر بأن نتنياهو «غير قادر على ممارسة مهامه رئيساً للحكومة»، لم يسقط بعد وإنه مطروح على طاولته وسيستخدمه، إذا لم يفرق الرجل بين «المتهم نتنياهو ورئيس الحكومة نتنياهو». وأضاف متوجها إلى نتنياهو مباشرة: «إذا قمت بخلط الأمور واستخدمت سلطتك الحاكمة كرئيس للحكومة للتأثير على وضعك الجنائي، هنا تبدأ الأمور تتجه إلى مشكلة كبيرة».
وقد جاءت أقوال مندلبليت، في حديث لصحيفة المتدينين اليهود «همشبحا» (العائلة) العبرية، نشر أمس الأربعاء، وأثار موجة من ردود الفعل اللاهبة في الحلبة السياسية. ففي حين هاجمه اليمين بقوة ورفع العديدون منهم مطلب إقالته وتعيين مستشار آخر مكانه، حظي مندلبليت بتأييد قوى المعارضة وحزب الائتلاف الحكومي «كحول لفان» أيضاً. وقال وزير شؤون القدس، ديفيد أمسالم، إن «مندلبليت هو أسوأ ما حصل للديمقراطية الإسرائيلية» وقال رئيس كتل الائتلاف، ميكي زوهر، إن تصريحاته «عدائية وتتجاوز صلاحياته». ولكن وزير القضاء، آفي نيسانكورن، من «كحول لفان» رد قائلاً، إن إقالة مندلبليت غير واردة، وإنه ينصح كل السياسيين من جميع الأحزاب بأن يلزموا حدودهم في التعامل مع القانون ومع سلطة إنفاذ القانون.
وقال وزير الأمن الأسبق، موشيه يعلون، من حزب «يش عتيد - تيلم» المعارض، إنه كان على مندلبليت ألا يهدد بل ينفذ. فنتنياهو متورط في قضايا فساد هائلة ومندلبليت خفف ملفات الاتهام ضده من دون وجه حق وأعفاه من قضية الغواصات التي تعتبر أكبر قضية فساد في تاريخ إسرائيل. ولو أن نتنياهو تصرف كما يتصرف قائد مستقيم، لكان استقال من زمان. وكشف يعلون أنه توجه إلى نتنياهو برسالة شخصية، قبل أيام، ينصحه فيها بالاستقالة. وقال: «كتبت له أننا نعرف بعضنا البعض من أيام الشباب. فقد خدمنا معاً في وحدة عسكرية مختارة تابعة مباشرة لهيئة رئاسة أركان الجيش، وهناك تربينا على أخلاقيات معينة ذكرته بها. فقد تعلمنا أنه عندما يرتكب الواحد منا خطأ يفحص نفسه ويتحمل مسؤولية عن الخطأ. ليس من شيمنا أن نقف ونخطب في الجمهور بهذه الوقاحة ونتهم العالم كله بالمسؤولية عن هذا الخطأ ونبرئ أنفسنا. فكم بالحري إذا كان هذا ليس خطأ فحسب بل خطيئة، بل قل خطايا عديدة. عندما بدأت التحقيقات مع رئيس الحكومة الأسبق أولمرت بالفساد، وهي في مرحلة الشبهات وقبل صدور لائحة اتهام، طالبه نتنياهو بالاستقالة. فلماذا لا يفعل مثله؟
وكان مندلبليت، الذي شغل منصب سكرتير حكومة نتنياهو ثم رقاه إلى منصب المستشار من شدة قربه منه، قد أعرب عن ألمه الشخصي من وضع نتنياهو في قفص الاتهام. وأضاف: «لم أكن أرغب في اتخاذ قرار كهذا. لكنني لم أستطع التصرف بشكل مختلف. فأنا موظف دولة ولست موظف نتنياهو. والرجل ارتكب مخالفات فساد كبيرة». وسُئل مندلبليت عن الوقت الذي يصبح فيه مستحيلاً أن يقبل باستمرار نتنياهو في الحكم فأجاب: «إنها ليست مسألة حسابية، أنا لست في عجلة من أمري وأحاول أن أكون متوازناً وهادئاً للغاية، وفي كل مرة أصل إلى مرحلة اتخاذ قرار، فإنني أعد للألف وليس فقط للعشرة».
وقال مندلبليت إن الخطوة الأولى الآن هي أن يوقع نتنياهو على اتفاق مع النيابة حول ما يعرف باسم «منع تضارب المصالح»، وأكد أنه يجري مفاوضات حاليا مع نتنياهو حول هذه المسألة. وأكد: «يجب أن يكون واضحا أن نتنياهو لا يقدم لي معروفا إذا وقع على اتفاق كهذا. وأنا لا أقبل أن يأتي ويقول: سوف أتحمل طواعية هذه القيود. لا؛ أنت مجبر على تقبلها، وهذا أيضاً ما قالته المحكمة العليا في قرارها بهذا الشأن. عليه ألا يتدخل، مثلا، في تعيين مسؤولين في أجهزة إنفاذ القانون، ولا يتدخل في تعديل تشريعات معينة تتعلق بمصلحته الشخصية. عندما يستخدم سلطته الحكومية، يجب عدم السماح بحدوث ذلك».
وتطرق مندلبليت إلى الاتهامات التي وجهها نتنياهو للجهاز القضائي وادعائه بأن النيابة العامة نسجت من الخيال الملفات الموجهة ضده، فقال إن «مسألة حبك الملفات ضده، وزعمه بأنه «لن يكون هناك شيء لأنه لا يوجد شيء» ستبت فقط في المحكمة. فدعونا ننتظر. أنا أحترم أي قرار للمحكمة. ومع ذلك أقول إن جميع الأدلة موجودة أمامي. وحسب تقديري هناك فرصة معقولة لإدانته». وشدد على ضرورة ألا تسمح المحكمة لنتنياهو بالمماطلة بل انتقدها بشكل مبطن على قرارها عقد 3 جلسات في الأسبوع، وقال: «يجب أن تنتهي المحاكمة في أسرع وقت ممكن. فالجمهور يريد أن تحسم هذه المسائل وأن يتخذ القرار سريعاً في هذا الشأن. ليس من الممكن جر المسألة طيلة خمس سنوات، هذا أمر سيئ للغاية. يجب أن تتم المحاكم خلال أيام متتابعة، وإنهاؤها في أقرب وقت ممكن والبت في جميع الادعاءات».



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.