جريمة «صاروخي الرضوانية» تغضب العراقيين

ميليشيات اعتبرتهما «طائشين»... والسلطات توصلت إلى الجناة

TT

جريمة «صاروخي الرضوانية» تغضب العراقيين

أثار مقتل 7 أشخاص من عائلة واحدة بسقوط صاروخين على منزلهم الطيني في منطقة الرضوانية قرب مطار بغداد، غضباً واسعاً بين العراقيين، فيما أعلنت السلطات، أمس، التوصل إلى الجناة. وأزكى الحادث الاستياء الشعبي المتزايد من القوى الموالية لإيران التي اتجهت إليها أصابع الاتهام.
واحتشد مئات في الرضوانية، أمس، رغم الإجراءات الاحترازية لاحتواء فيروس «كورونا»، لتشييع الضحايا، وهم امرأتان و5 أطفال. وعبّر المشيعون عن غضبهم من الاعتداء. وقال أحدهم لوكالة الصحافة الفرنسية إن قرية البوشعبان الواقعة على بعد بضعة كيلومترات من المطار «مثل عراق صغير... إذا كانت الحكومة غير قادرة على حمايتها، كيف يمكن أن تضمن أمن العراق كله؟».
وتجمع عدد من وجهاء العشائر التي تسكن منطقة البو شعبان، أمس، أمام منزل الضحايا الصغير الذي كانت آثار القصف والشظايا والدماء ما زالت ماثلة فيه. كما توجه كثير من الضباط الكبار والمسؤولين رفيعي المستوى إلى المكان للطمأنة، لكن وجودهم لم يكن كافياً بالنسبة إلى المئات الذين تجمعوا حول نعوش الضحايا. وأعرب كثير من المشيعين عن قلقهم، وقال أحدهم: «لم يبق أي مكان أمان نعيش فيه... بعدما قتل الأطفال وهم يلعبون أمام منزلهم».
وارتفع عدد الضحايا إلى 7، إذ بعد مقتل 5 مساء الاثنين، توفي طفلان في المستشفى. ويتوقع أن يجعل الأمر موقف الميليشيات الموالية لإيران صعباً أمام العراقيين الذين يعانون منذ سنوات من أعمال عنف تتهم الميليشيات بالوقوف وراءها. ومن ثم، لم تتبن أي جهة مسؤولية الهجوم بعدما كانت فصائل مسلحة تتسابق لتبني هجمات ضد المصالح والقوات الأميركية.
وجاء إطلاق الصاروخين وسط محاولات من الحكومة العراقية لتقديم تطمينات أمنية للولايات المتحدة لإقناعها بالعدول عن التهديد بإغلاق سفارتها في بغداد التي تتعرض مؤخراً لهجمات بالصواريخ تشنها ميليشيات موالية لإيران على المنطقة الخضراء ومحيط المطار حيث توجد قوات أميركية.
كما أتى الهجوم غداة قول رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني لوزير الخارجية العراقي فؤاد حسين إن طرد القوات الأميركية من العراق «أقل عقاب» لمقتل قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني قاسم سليماني بغارة قرب مطار بغداد مطلع العام.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية، أمس، إن الولايات المتحدة تشعر «بغضب» بسبب الهجوم الصاروخي. ودعت السلطات العراقية إلى التحرك فوراً لمحاسبة المسؤولين عنه. وقالت المتحدثة باسم الخارجية مورغان أورتاغوس: «أكدنا من قبل أن أعمال الميليشيات الخارجة على القانون والمدعومة من إيران تظل هي العائق الأكبر أمام الاستقرار في العراق».
وفي حين استنكرت قوى سياسية الاعتداء «الوقح»، سعت قوى شيعية إلى التقليل منه ووصفت الصاروخين بأنهما «طائشان». وحمّل «تحالف القوى العراقية» بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي و«جبهة الإنقاذ والتنمية» بزعامة رئيس البرلمان الأسبق أسامة النجيفي الفصائل المسلحة الموالية لإيران مسؤولية ما جرى في الرضوانية بشكل واضح.
أما بعض القوى الشيعية فرأت أن إطلاق الصاروخين «الطائشين» على حد وصفها «ليس أكثر من محاولة لخلط الأوراق»، واستبعدت تورط الفصائل المسلحة بمثل هذا العمل. واعتبر زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر أن «هناك جهات مشبوهة تعمل على تعريض السلم الأهلي للخطر». وشدد في تغريدة عبر «تويتر» على «ضرورة تحكيم العقل والشرع وحب الوطن، قبل الإقدام على أي أمر يجرّ البلاد إلى الحرب الأهلية وصدام شيعي - شيعي أو طائفي».
وأعلن وزير الداخلية العراقي عثمان الغانمي عن التوصل إلى مرتكبي جريمة الرضوانية. وقال في تصريحات من مدينة كربلاء، أمس، إن «ما حدث في الرضوانية أمر يندى له جبين الإنسانية أن يستشهد أطفالنا وأبنائنا... الداخلية وضعت النقاط على الحروف وتمكنت من الوصول إلى الجناة»، من دون أن يحدد هويتهم. وأضاف: «عزمنا على معالجة السلاح المنفلت في كل المحافظات العراقية من بغداد ووصلنا إلى البصرة وميسان وواسط وجميع المحافظات الأخرى وستستمر الحملة بلا هوادة لفرض الأمن والاستقرار والسيطرة على السلاح».
وهذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها السلطات التوصل إلى الجناة في إطلاق الصواريخ التي كانت تسقط طوال الشهور الماضية على المنطقة الخضراء حيث السفارة الأميركية، وعلى المعسكرات التي يوجد فيها جنود أميركيون في المطار والتاجي قبل انسحابهم منها قبل نحو شهر.
ففي المرات السابقة كانت الجهات الرسمية تكتفي بإصدار بيان مقتضب تشير فيه إلى سقوط الصواريخ، مع الإشارة إلى توصلها إلى منصة الإطلاق، وربما العثور على صاروخ لم ينطلق أو قيد الإطلاق والوعد بملاحقة الجناة الذين لم يعثر عليهم أحد. أصابع الاتهام توجه دائماً إلى الفصائل المسلحة القريبة من إيران التي تمنح نفسها صفة «فصائل المقاومة»، من دون أن تتبنى ذلك إلا في مرات نادرة. بل على العكس يقوم بعض الفصائل بإصدار بيانات إدانة لما يحصل، وكثيراً ما تتهم «تنظيم داعش» بمثل هذه العمليات أو من تسميهم «عملاء السفارة» الأميركية من أجل خلط الأوراق.
وحذرت الحكومة العراقية، أمس، من أن انسحاب أو غلق أي بعثة دبلوماسية أجنبية لأي دولة في العراق ستكون له «تداعيات كارثية» على المنطقة برمتها. وقال المتحدث باسم الحكومة أحمد الملا طلال إن السلطات اتخذت «إجراءات عدة لتأمين أمن البعثات الدبلوماسية».
وأضاف أن الحكومة ترفض «تحويل البلاد إلى ساحة صراع بين أميركا وإيران»، وأن «واشنطن وطهران تدعمان هذا الموقف العراقي». وذكر أن رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي أكد أن «قرار الحرب والسلم هو صلاحية حصرية للمؤسسات الدستورية العراقية، وأن قوات التحالف جاءت بطلب من الحكومات العراقية السابقة ولا يوجد احتلال في البلد حالياً». وأوضح أن «القوات الأمنية ألقت القبض على عدد من مطلقي الصواريخ، فضلاً عن توقيف 19 ضابطاً ومسؤولاً أمنياً أطلقت الصواريخ من قواطع مسؤوليتهم سابقاً».
وتسعى القيادات العراقية بكل طاقتها للحيلولة دون تنفيذ واشنطن ومعها ما يقرب من 13 سفارة عربية وأجنبية قرار مغادرة بغداد باتجاه أربيل، عاصمة إقليم كردستان. وبدأت تداعيات هذه الخطوة في الظهور، فارتفعت أسعار الدولار في الأسواق العراقية في ظل إعلان وزارة المالية عن عدم قدرتها على صرف رواتب الموظفين للشهر التاسع الذي انتهى من دون أن يتسلم أي من 6 ملايين موظف فلساً واحداً.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.