الحرب على الفساد تطال وزراء في حكومة السراج

اعتقال عميد بلدية بني وليد ومسؤولين في وزارات

السراج مع وزير العمل بحكومة «الوفاق» المهدي الأمين (المجلس الرئاسي)
السراج مع وزير العمل بحكومة «الوفاق» المهدي الأمين (المجلس الرئاسي)
TT

الحرب على الفساد تطال وزراء في حكومة السراج

السراج مع وزير العمل بحكومة «الوفاق» المهدي الأمين (المجلس الرئاسي)
السراج مع وزير العمل بحكومة «الوفاق» المهدي الأمين (المجلس الرئاسي)

بدا أن الحرب المفاجئة على الفساد في العاصمة الليبية طرابلس، باتت تطال مسؤولين كبارا في حكومة الوفاق الليبي، بعد حملة اعتقالات بالجملة، شملت عميد بلدية بني وليد، ومسؤولين في وزارات ومصالح حكومية عدة.
ولم تعلن الحكومة المعترف بها دوليا، والتي يرأسها فائز السراج، عن تنفيذ اعتقالات بحق بعض المسؤولين المتنفذين فيها. لكن مصادر حكومية أكدت صحة ما رددته وسائل إعلام محلية، أمس، عن اعتقال صالح الصكلول، وكيل شؤون الديوان بوزارة الحكم المحلي، تزامنا مع إعلان قسم التحقيقات بمكتب النائب العام أنه أمر بحبس وكيل وزارة التعليم عادل جمعة.
وكان مكتب النائب العام قد أعلن مساء أول من أمس توقيف وزير الحكم المحلي بحكومة الوفاق، ميلاد الطاهر وعميد بلدية بني وليد، سالم انوير، بتهمة «اختلاس أموال». وقالت مصادر حكومية إن فتحي باشاغا، وزير الداخلية بحكومة «الوفاق»، الذي يقف وراء حملة الاعتقالات بهدف مكافحة الفساد، والاستجابة لمطالب المحتجين مؤخراً في المنطقة الغربية، وخاصة العاصمة طرابلس، على تفشي الفساد، وتدهور الأوضاع المعيشية والخدمات العامة، كان قد طلب من ميليشيا «لواء الصمود»، التي تنتمي إلى مدينة مصراتة، اعتقال انوير.
وفي مؤشر جديد على صدام وشيك بين وزارتي الدفاع والداخلية بحكومة «الوفاق» في طرابلس، طالب مكتب المدعي العام العسكري، التابع لوزارة الدفاع، وزارة الداخلية، بتسليم آمر كتيبة (الضمان) علي دريدر، الذي كانت الأخيرة قد أعلنت أنه سلم نفسه إليها قبل يومين، بعد إعلان وزير الدفاع صلاح النمروش أنه أصدر أوامره بحل كتيبتي (الضمان) و(أسود تاجوراء)، وإحالة قادتها إلى التحقيق العسكري، على إثر المواجهات العنيفة التي جرت بينهما بمختلف الأسلحة الثقيلة والمتوسطة يوم الجمعة الماضي في منطقة تاجوراء بالضاحية الشرقية للعاصمة طرابلس، وأسفرت عن سقوط عدد من القتلى والجرحى.
ووجه المدعي العام العسكري رسالة رسمية إلى إدارة إنفاذ القانون بوزارة الداخلية، دعاها فيها إلى تسليم دريدر على خلفية هذه الواقعة. لكن وزارة الداخلية التزمت الصمت ولم تعقب، بينما قالت مصادر مقربة منها إنها لن تقوم بتسليم دريدر لوزارة الدفاع، دون تقديم أي تفسيرات رسمية.
وتقول أوساط الحكومة إن توترا بين باشاغا والنمروش قد يدفع إلى مواجهات مسلحة خلال الأيام القليلة المقبلة في العاصمة طرابلس، مشيرة إلى ما وصفته بحالة استنفار بين الميليشيات الموالية للطرفين داخل المدينة.
وقال مسؤول مطلع، طلب عدم تعريفه لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك خلافات على النفوذ داخل الحكومة بين وزيري الداخلية والدفاع، وإن كل واحد منهما يسعى للاحتماء بالميليشيات الموالية له في العاصمة، وهو ما قد يؤدي إلى اندلاع مواجهات عسكرية بين قوات الطرفين في أي لحظة»، على حد تعبيره.
من جانبه، أعلن السراج أنه ناقش أمس مع وزير العمل والتأهيل، المهدي الأمين، نتائج عملية الحصر الشامل للباحثين عن عمل في جميع أنحاء ليبيا (المنطقة الغربية والوسطى والشرقية والجنوبية)، من الذين تتوفر فيهم شروط التعيين والتدريب بالقطاع العام.
وأوضح السراج في بيان له أمس، أن المهدي قدم إحاطة كاملة ودقيقة بخصوص قرار أصدره الشهر الماضي، بشأن تشغيل وتدريب العاطلين عن العمل من الشبان، لافتا إلى أن العدد الكلي للباحثين عن عمل بلغ نحو ربع مليون عاطل، مسجلين في المنظومة، من بينهم عدد 525 من ذوي الإعاقة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.