تسعى مصر إلى استعادة زخم قضية «سد النهضة» الإثيوبي، بعد فترة جمود تشهدها المفاوضات حالياً. وعقب أيام من حديث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمام الأمم المتحدة، عن «قلق متصاعد» بشأن المشروع، ورفضه استمرار المفاوضات «إلى ما لا نهاية»، وجه المستشار القانوني لوزارة الخارجية المصرية الدكتور محمد هلال، إفادة تفصيلية إلى مجلة «فورين بوليسي» الأميركية، اتهم فيها أديس أبابا بـ«محاولة فرض الأمر الواقع»، مؤكداً صعوبة الوصول إلى اتفاق في ظل هدف إثيوبيا «السيطرة على النيل الأزرق وليس توليد الطاقة».
وتُجري مصر والسودان وإثيوبيا مفاوضات منذ يوليو (تموز) الماضي، برعاية الاتحاد الأفريقي، على أمل الوصول إلى اتفاق بشأن قواعد ملء وتشغيل السد الذي تبنيه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، غير أن المفاوضات عُلقت نهاية أغسطس (آب) الماضي، بعد خلافات فنية وقانونية.
وتخشى مصر ومعها السودان، تأثير السد على حصتيهما في مياه النيل، فضلاً عن أضرار بيئية واجتماعية متوقعة، ولذا تؤكدان ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم يضمن حقوق ومصالح الدول الثلاث، ويتضمن آلية ملزمة لتسوية النزاعات.
وأخفقت المفاوضات بين الدول الثلاث على مدار عقد كامل، في الوصول إلى حلول توافقية، وعبّر المسؤول المصري عن أسفه لـ«عدم جدوى» المفاوضات حتى الآن. وأشار هلال في إفادته إلى عشرات البيانات والتقارير التقنية ومئات الاجتماعات على مستوى الزعماء والحكومات ووزراء الخارجية ووزراء المياه والمهندسين والمحامين والوسطاء الأجانب والمراقبين الدوليين، دون التوصل إلى أي اتفاق سوى معاهدة 2015 التي وفّرت إطار العمل القانوني لتنظيم المفاوضات. وسبق أن أخفقت محاولة أميركية، مطلع العام الجاري، بعد رفض إثيوبيا التوقيع على اتفاق نهائي، جرى وضعه بمشاركة وزارة الخزانة الأميركية والبنك الدولي، واتهمتهما –إثيوبيا- بـ«الانحياز لصالح مصر».
ويرجع فشل المفاوضات إلى «الاختلاف الجوهري على الهدف منها، حسب المستشار القانوني للخارجية المصرية، الذي أوضح أن مصر تسعى للتوصل إلى اتفاق مبنيّ على مقايضة بسيطة ومفيدة للطرفين وهي أن إثيوبيا يجب أن توفر الطاقة الكهرومائية من السد دون الإضرار بمجتمعات دول المصب في مصر والسودان، في المقابل فإن إثيوبيا تستغل المفاوضات كي تؤكد سيطرتها على النيل الأزرق، وإعادة تشكيل التضاريس السياسية في حوض النيل».
وتابع أن سبب «التعنت الإثيوبي» هو أن سد النهضة بالنسبة لإثيوبيا له «قيمة أكبر بكثير من قيمته الاقتصادية»، حيث تعدّه أديس أبابا، «أداة سياسية للسيطرة غير المقيدة على النيل الأزرق، ولإجبار مصر والسودان على تقسيم مياه النيل الأزرق وفقاً لشروطها».
وتعوّل مصر على دور قوي للولايات المتحدة في الضغط على إثيوبيا لتوقيع الاتفاق.
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أقامت السفارة المصرية ندوة في واشنطن ضمن سلسلة لقاءات تنظّمها الخارجية المصرية مع خبراء في إدارة الموارد المائية والري، وأعضاء بمراكز أبحاث في عدد من العواصم، لمناقشة تطورات مفاوضات (سد النهضة)، وشرح المواقف المصرية في هذا الشأن.
وأعلنت الإدارة الأميركية قبل أسابيع «وقفاً مؤقتاً» لجزء من المساعدات الأميركية لإثيوبيا، كدليل على القلق المتزايد بشأن قرار إثيوبيا ملء السد وعدم إحراز تقدم في المفاوضات.
ودعا هلال دولة جنوب أفريقيا (رئيسة الاتحاد الأفريقي)، والراعي الحالي للمفاوضات، والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، للضغط على إثيوبيا للتوصل إلى اتفاقية حول ملء وتشغيل السد.
وأنجزت إثيوبيا نحو 75% من عملية بناء السد، التي انطلقت عام 2011، فيما انتهت أديس أبابا في يوليو الماضي من المرحلة الأولى لملء الخزان، تمهيداً لتشغيله.
وتنفي إثيوبيا تأثير السد على دولتي المصب، وقال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، أمام الدورة الخامسة والسبعين للجمعية العامة للمنظمة الدولية، إن بلاده «لا تنوي إلحاق الضرر» بالخرطوم والقاهرة. ودافع آبي أحمد عن المشروع، وقال إنه «يسهم في الحفاظ على موارد المياه التي كانت ستُهدَر نتيجة التبخر في دول المصب».
مصر لاستعادة زخم قضية «سد النهضة» بعد جمود المفاوضات
مسؤول بالخارجية: إثيوبيا تستهدف إعادة تشكيل «التضاريس السياسية» للنيل
مصر لاستعادة زخم قضية «سد النهضة» بعد جمود المفاوضات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة