بعد موقف ماكرون... الأنظار تتركز على عون وموقفه من «حزب الله»

في ظل معلومات عن توجهه للتريث في الدعوة للاستشارات

ماكرون في مؤتمره الصحافي أول من أمس (د.ب.أ)
ماكرون في مؤتمره الصحافي أول من أمس (د.ب.أ)
TT

بعد موقف ماكرون... الأنظار تتركز على عون وموقفه من «حزب الله»

ماكرون في مؤتمره الصحافي أول من أمس (د.ب.أ)
ماكرون في مؤتمره الصحافي أول من أمس (د.ب.أ)

لم يقفل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الباب في وجه إعادة تعويم مبادرته لإنقاذ لبنان، وإن كان اتهم المنظومة السياسية بارتكاب «الخيانة الجماعية» على خلفية عدم التزامها بما تعهدت به في تبنّيها خريطة الطريق والسير فيها بلا أي تحفّظ، باعتبار أنها تشكل الفرصة الأخيرة والوحيدة لوقف الانهيار الاقتصادي والمالي وانتشاله من الهاوية التي يتموضع فيها، مع إصراره على تخصيص حركة «أمل» و«حزب الله» بانتقاد من العيار الثقيل متهماً إياهما برفض التسوية.
ومع أن ماكرون وإن كان لا يربط بين المبادرة الإنقاذية التي طرحها وبين ترقُّب ما ستؤول إليه الانتخابات الأميركية التي ستجري في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، فإنه في المقابل أوحى بأن هذا الربط قائم، وإلا لماذا أمهل الأطراف اللبنانية فرصة جديدة تتراوح بين 4 و6 أسابيع لمراجعة حساباتها ومواقفها، وما إذا كانت على استعداد للسير في مبادرته؛ خصوصاً أن هذه الفرصة تمتد إلى ما بعد إنجاز الاستحقاق الرئاسي الأميركي؟
لكن ماكرون حرص على تحييد إيران بقوله إنه لا دليل يُثبت أن لها دوراً في منع تشكيل الحكومة في محاولة لعدم قطع التواصل معها في ضوء الاستعداد الذي أبداه لمواصلة التشاور معها في سياق تشاوره مع دول أخرى معنية بالوضع في لبنان.
لذلك حرص ماكرون على أن يحتفظ بخط الرجعة لمعاودة التواصل مع طهران، رغم أنه قال كلاماً وجّهه تحديداً إلى «حزب الله» لم يسبق له أو لأي مسؤول فرنسي الإدلاء بموقف انتقد فيه الحزب، على خلفية أنه لا يمكنه أن يكون جيشاً في حالة حرب مع إسرائيل وميليشيا تقاتل في سوريا، وفي الوقت نفسه حزب سياسي محترم في لبنان، وهو أظهر عكس ذلك.
واعتبرت مصادر سياسية أن ما قاله ماكرون عن المنظومة السياسية كلها لا يساوي بين الحملة التي شنّها عليها وما قاله عن «حزب الله»، وكأنه أراد أن يحتفظ لنفسه بتطوير موقفه من الأخير لجهة مبادرته إلى رفع منسوب الحملة عليه في حال امتناع قيادته عن التفاعل إيجاباً باتجاه موافقته على الانخراط في التسوية.
ولفتت المصادر إلى أن الحملة التي شنها ماكرون ضد «حزب الله» قد تكون أول الغيث، ويمكن أن يبادر إلى اتخاذ موقف يكون أقرب إلى موقف دول الاتحاد الأوروبي التي لا تميّز بين جناحي الحزب السياسي والعسكري وتتعامل معهما على أنهما يتبعان قيادة سياسية واحدة، هذا في حال أصرّ على عناده وقرر أن يدخل في سجال مباشر مع الرئيس الفرنسي، وبالتالي لا بد من التريُّث وعدم إصدار الأحكام المسبقة لما سيكون عليه موقف الحزب ريثما يقول أمينه العام حسن نصر الله كلمة الفصل في خطاب سيلقيه اليوم (الثلاثاء)، يتناول فيه التطورات المستجدة في لبنان.
ورأت أن ماكرون لمح إلى عدم تمييزه بين جناحي الحزب العسكري والسياسي، وإن لم يقل موقفه بالفم الملآن الذي يتزامن مع الاستعدادات لعقد القمة الأوروبية التي ستنظر في الوضع اللبناني بنداً أساسياً على جدول أعمالها.
وعليه، فهل يفرّط نصر الله في خطابه اليوم بموقف باريس التي لا تشاطر دول الاتحاد الأوروبي في عدم تمييزها بين جناحي الحزب العسكري والسياسي، أم أنه سيقرر التفاعل إيجابياً لإعادة الاعتبار للمبادرة الفرنسية؟
والسؤال عن موقف نصر الله حيال الحملة التي شنّها على «حزب الله» ينسحب أيضاً على رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وإنما في ضوء ما سيصدر عنه؛ خصوصاً أن باريس كانت تعوّل على دوره في تسهيل مهمة الرئيس المكلف السفير مصطفى أديب لتشكيل حكومة بمواصفات خريطة الطريق التي لقيت تأييداً من القوى السياسية الفاعلة، قبل أن يضطر إلى الاعتذار وعودته أمس إلى برلين للالتحاق بمقر عمله سفيراً للبنان لدى ألمانيا الاتحادية. وكشفت المصادر نفسها أن المفاوضات مع «أمل» و«حزب الله» لا يمكن أن تبدأ من حيث انتهت إليه مفاوضاتهما مع أديب. وعزت السبب إلى أن إصرارهما على شروطهما لدى الشروع في تشكيل حكومة جديدة، يعني أن الرئيس المكلف الذي سيخلف أديب سيواجه المشكلة نفسها، وقالت إن ممثل «حزب الله» في المفاوضات المعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين خليل أقفل الباب ومن دون اعتراض من المعاون السياسي لرئيس المجلس النائب علي حسن خليل في وجه الوصول إلى تسوية تحول دون اعتذاره.
وأكدت بأن حسين خليل استخدم في لقاءاته مع أديب أو في اتصاله بأحد رؤساء الحكومات تعابير سياسية عالية السقف جاءت أشبه بتوجيه إنذارات له ما لم يستجب لشروط «الثنائي الشيعي» لما حملته من تهديدات، وقالت إن ماكرون أُحيط علماً بمضامين المداولات بين أديب والخليلين، والتي كانت وراء اعتذاره، وهذا ما دفع الرئيس الفرنسي إلى تحميل هذا الثنائي مسؤولية إطاحته بمبادرته برفضه انخراطه في التسوية.
وعليه، فإن الأنظار تترقّب حالياً الخطوة التي سيقوم بها رئيس الجمهورية ميشال عون؛ خصوصاً في دعوته إلى إجراء استشارات نيابية مُلزمة لتسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة، وهذا ما ركّز عليه ماكرون، ربما لقطع الطريق على ما تردّد أخيراً بأنه سيأخذ وقته في مراجعة المواقف والأسباب التي كانت وراء تعثُّر المبادرة الفرنسية، وبالتالي سيفضّل التريّث، إضافة إلى أن موقفه من «حزب الله» سيكون من الآن وصاعداً موضع مراقبة وتدقيق لاختبار مدى استعداده للقيام بدوره الرئاسي بعيداً عن حسابات الآخرين.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.