رئيس تحرير «زمان» التركية لـ «الشرق الأوسط»: قوانين الإعلام.. حبر على ورق

أكرم دومانلي قال إن الاتهامات الموجهة إليه سخيفة.. وغولن رجل سلام وحوار لا إرهاب

رئيس تحرير «زمان» التركية لـ «الشرق الأوسط»: قوانين الإعلام.. حبر على ورق
TT

رئيس تحرير «زمان» التركية لـ «الشرق الأوسط»: قوانين الإعلام.. حبر على ورق

رئيس تحرير «زمان» التركية لـ «الشرق الأوسط»: قوانين الإعلام.. حبر على ورق

سجن أكرم دومانلي، رئيس تحرير صحيفة «زمان» التركية المعارضة، مرتين. الأولى عند الانقلاب الذي نفذه الجيش في عام 1980، وكان عمره 16 عاما. والثانية منتصف الشهر الحالي عندما قبض عليه في إطار الحملة التي تشنها الحكومة التركية على الموالين للداعية فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة التي تصفه بـ«الكيان الموازي». دومانلي المهدد بالعودة إلى السجن في أية لحظة بعد اعتراض النيابة العامة على قرار الإفراج عنه، يستخف بالاتهامات الموجهة إليه ويعتبرها سخيفة، مبديا أسفه لأن السجون تحسنت عما كانت عليه أيام الانقلابيين، لكن «سمعة القضاء تدهورت في المقابل فاهتز حس الثقة بالعدالة والجهاز القضائي الحالي».
ويؤكد دومانلي في حوار مع «الشرق الأوسط» أن التهديد الحقيقي الموجه لحريات الفكر والتعبير والصحافة في تركيا «ليس ناجما عن نقص في القوانين»، معتبرا أننا «نمر اليوم بفترة بقيت فيها القوانين التي تضمن هذه الحريات مجرد حبر على ورق».
وفي ما يأتي نص الحوار:

* كيف كانت تجربة احتجازك؟
- في الحقيقة ليست هذه هي تجربتي الأولى مع السجن، فعندما وقع الانقلاب العسكري في 12 سبتمبر (أيلول) 1980 كنت حينها طالبا يبلغ من العمر 16 عاما في المرحلة الثانوية. وفي تلك الفترة تم اعتقالي ولم تتم إحالتي إلى المحكمة إلا بعد مرور عام كامل على الاعتقال، ثم صدر قرار ببراءتي. وإذا ما عقدنا مقارنة بين السجن في تلك الفترة وما عليه اليوم فيمكنني أن أقول إن الشروط من الناحية الفنية كانت أفضل، إلا أن الفارق الذي كان يبعث على الحزن هو أن مراكز الشرطة كانت تشهد حالات من التعذيب في فترات الانقلاب العسكري، لكن على الرغم من ذلك كان عنصر الثقة بالمحاكم هو المسيطر على تصور الناس. والآن تم تحسين شروط تلك المراكز بمعدلات نسبية، غير أننا نشعر بقلق ومخاوف عميقة، ذلك لأن الهيكلة السياسية للجهاز القضائي هزت حس الثقة بالعدالة والجهاز القضائي الحالي.
* وما النقاط التي ارتكز عليها التحقيق معك؟
- لا شك أن التحقيقات تمت في عجالة واستندت إلى ادعاءات لا أصل ولا سند لها، وهذا أمر واضح للقاصي والداني، إذ إن الأدلة الموجودة لديهم ضدي هي مقالان وخبر واحد حسبما ذكر لي قاضي التحقيق بلسانه. لكن الأمر الذي يدعو للدهشة هو أنني لست من قام–أصلا–بكتابة المقالين أو الخبر التي اعتبرت ذريعة لإدانتي. كما أن التهمة الموجهة إلى السيد هدايت كراجا مدير مجموعة «سامان يولو» الإعلامية عبارة عن مسلسل تلفزيوني. وأرى أن اتهامنا بتشكيل تنظيم إرهابي مسلح بسبب مقالين وخبر ومسلسل، فوضى مريعة تظهر انعدام القانون وقرينة على غيابه.
* توجه الحكومة إليك اتهاما بكتابة أخبار تروج لـ«الكيان الموازي». ما ردك على هذه الاتهامات؟ وهل أنت أحد المنتسبين إلى حركة الخدمة؟
- حركة الخدمة معروفة في تركيا وفي أكثر من 160 بلدا بأنشطتها المدنية في مجال التعليم والسلام العالمي وتقديم مساعدات للفقراء والمساكين عبر جمعياتها الخيرية والحوار بين منتسبي الأديان الأخرى. وما اتهام هذه الحركة ووصمها بـ«الكيان الموازي» إلا مناورة سياسية هدفها التستر والتعتيم على أكبر فضيحة فساد في تاريخ الجمهورية التركية التي تكشفت وقائعها في 17 و25 ديسمبر (كانون الأول) 2013 وتسببت في تقديم 4 وزراء لاستقالتهم.
والعجيب أنه حتى قبل عام–أي قبل الكشف عن الفساد–كانت الشخصيات البارزة الموجودة داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم بمن فيهم رئيس الجمهورية رجب طيب إردوغان يصفقون لحركة الخدمة وينعتونها بعبارات لامعة وبراقة جدا لما تقدمه من خدمات جليلة وأعمال ناجحة في سبيل النهوض بالبلاد، إلا أن كل من يعيش في تركيا، بل والعالم أجمع، يرى أن الحكومة التركية ابتعدت عن الديمقراطية وزادت معدلات الفساد في البلاد لا سيما في آخر عامين أو 3 أعوام. ولو كانت حركة الخدمة صفقت لهذا المسلك السيئ للحكومة لما كانت شهدت–الآن–أية مشكلة.
وبعد أن نفذت حكومة حزب العدالة والتنمية إصلاحات ديمقراطية مهمة اندفاعا وتأثرا بمفاوضات الانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، بدأت فيما بعد تسلك طريقا مخالفا وعادت لنهجها القديم وألغت كل خطواتها الإيجابية بممارساتها المعادية للديمقراطية، وبدأت تتجه للاستبداد والديكتاتورية في الفترة الأخيرة، إذ تم طرد الكثير من الصحافيين بسبب آرائهم وانتقاداتهم. كما تم الكشف عن الضغوط التي تمارس على مسؤولي وسائل الإعلام، وتبين ذلك عن طريق واقعة مكالمة إردوغان الهاتفية التي اشتهرت في الشارع التركي بـ«آلو فاتح». ومن خلال اعترافات رؤساء تحرير ومسؤولي الصحف، وعجز وسائل الإعلام المحلية عن تغطية أحداث القتل في احتجاجات جيزي بارك في وقت نقلتها وسائل الإعلام الدولية إلى مشاهديها كما حدثت. وبحسب التقرير الذي أعده حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة في تركيا، بعنوان: «الصحافيون المكسورة أقلامهم» تم فصل وطرد 1863 صحافيا من عمله خلال 12 عاما، أي أن 90 في المائة منهم خرجوا من عملهم أو فصلوا في الفترة الثالثة من حكم العدالة والتنمية التي أطلق عليها إردوغان فترة «الأستاذية». وزادت أعمال القمع والضغوط على القضاء المستقل ورجال الشرطة والإعلام الحر عقب الكشف عن ادعاءات الفساد الثقيلة في 17 و25 ديسمبر المتهم فيها بعض الوزراء السابقين وأبناء وزراء وبلال نجل إردوغان ورجال أعمال مقربون من الحكومة.
* ماذا تقول بخصوص ادعاء «الكيان الموازي»؟
- يرى البروفسور سامي سلجوق الرئيس الفخري السابق للمحكمة العليا–أعلى هيئة قضائية في تركيا–أن ادعاء «الكيان الموازي» مجرد هراء وكلام فارغ. والسؤال الذي ينبغي طرحه هنا هو: لماذا استهدفت حكومة العدالة والتنمية حركة الخدمة التي كانت تنظر إليها نظرة قبول وترحيب طيلة 12 عاما من حكمها عقب الكشف مباشرة عن أعمال الفساد واتهمتها بافتراءات تتنافى مع القانون والعقل والمنطق مثل تشكيل كيان موازٍ وتنظيم إرهابي مسلح؟
إن فتح الله غولن كعالِم إسلامي يدعم القيم الإنسانية العالمية التي يدعمها الإسلام في جوهره مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون ويرفض العنف تماما أيا كان الهدف منه، فضلا عن أنه يعرب دائما عن رأيه كلما سنحت له الفرصة بأن «المسلم لا يمكن أن يكون إرهابيا ولا يمكن أن يكون الإرهابي مسلما». لذا فإن اتهام الناس الموقرين المنتمين إلى حركة الخدمة بتشكيل تنظيم إرهابي على الرغم من أنها لم تشارك في أية أعمال عنف حتى الآن يعتبر أمرا سخيفا لأنه يفتقد إلى دليل قانوني. إن صحيفة «زمان» تؤدي وظيفتها الصحافية بمصداقية طيلة 30 عاما في اتجاه تحقيق الديمقراطية الحقيقية في تركيا، وسنواصل بعد الآن نشر الأخبار والحقائق في هذا الاتجاه.
* بعد هذه التجربة التي تعرضتم لها، هل سيتغير نهج «زمان»؟ وهل حقا أنتم جزء من الصراع كما تقول الحكومة؟
- تمارس الحكومة أعمال تمييز ضد مراسلي الصحيفة، وبدا ذلك في قراراتها بعدم السماح لهم بحضور المؤتمرات الصحافية المنعقدة في رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء والكثير من الوزارات والبلديات منذ نهاية شهر أغسطس (آب) الماضي، أي اعتبارا من تولي إردوغان منصب رئاسة الجمهورية حتى الآن. وقد تعرضنا كذلك لحملات شنيعة تهدف إلى تشويه سمعة الصحيفة قبل أعمال التمييز الصريحة. كما طلبت شخصيات تجلس في أعلى منصب في الدولة من الشعب التركي عبر شاشات التلفزيون عدم شراء صحيفتنا، ودعت العاملين لدينا بالاستقالة من أعمالهم. ومع وجود كل هذه الضغوط شهدنا مزيدا من أعمال الظلم يوما بعد يوم بسبب موقفنا الصريح الرامي إلى البحث عن الحقائق وتقديمها للرأي العام. وتم اعتقالي بتهم ملفقة ووهمية أمام أعين العالم أجمع. ومن الآن فصاعدا سنواصل بحثنا عن الحقائق–كما كنا نفعل دائما–مهما كان الشخص أو الجهة التي أمامنا. وإضافة إلى ما سبق أود أن أقول إننا لسنا جزءا أو طرفا في أي صراع، كما أن ما نفعله ليس معارضة لحكومة أو حزب بعينه. ونحن ما زلنا وسنظل أيضا نتعامل مع الأحزاب السياسية على قدم المساواة ونقف على مسافة متساوية منها جميعا.
* الحكومة تقول إن حرية الفكر محمية، وإنها توجه الاتهام للمتهمين بارتكاب جرائم حتى ولو كانوا صحافيين. حسنا، لماذا تشعر بقلق على حرية الفكر في تركيا؟
- ينبغي أن تكون الأدلة التي يتم من خلالها إدانة المشتبه فيهم ملموسة ومؤكدة كما يحدث في جميع التحقيقات. أما تهمة «إدارة تنظيم إرهابي» الموجهة ضدي وضد زميلي هدايت كاراجا فلا تستند إلى أية أدلة قانونية إطلاقا. وهذا الموقف يكفي لأن يكون بمفرده سببا للقلق والخوف من التراجع المشهود في حرية الفكر والتعبير والصحافة، مع أن هناك أسبابا كثيرة أخرى وعلى نطاق أوسع تستوجب هذا القلق أيضا. ويمكن أن نستدل على ذلك باستقالة وطرد المئات من الصحافيين المعارضين من أعمالهم لاختلاف أفكارهم وبالحظر المفروض على «تويتر» و«يوتيوب».
* كيف تقيم القوانين المتعلقة بالصحافة في تركيا؟ هل تؤمن بأن هذه القوانين من شأنها أن تحمي الصحافيين؟
- التهديد الحقيقي الموجه إلى حريات الفكر والتعبير والصحافة في بلدنا ليس ناجما عن نقصان في القوانين، لكننا نمر اليوم بفترة تحكم فيها حكومة لا تعترف بالقوانين، وتنتهك جميع المبادئ المحلية والعالمية.. إنها فترة بقيت فيها القوانين التي تضمن هذه الحريات مجرد حبر على ورق، وأضفت فيها الحكومة الصبغة القانونية على جميع عمليات القمع والترهيب التي تقوم بها عن طريق امتداداتها في جهازي الشرطة والقضاء. وللأسف الشديد تشهد الدولة حاليا توحيد السلطات (التشريعية والتنفيذية والقضائية) وتجميعها في يد واحدة وليس الفصل بينها. وإذا ما أضفنا إلى كل ذلك غياب المؤسسات والآليات التي تؤمن الاتزان والتوازن في البلاد يتبين لنا بوضوح أنه لم يعد هناك سوى عدة صحف وقنوات قادرة على أن تقول «قف» لهذه المسيرة الخاطئة. ولذلك لم يكن من قبيل المفاجأة أن يتم استهداف هذه المؤسسات مباشرة في الآونة الأخيرة لتحقيق مآرب معينة.
* ماذا تتوقع أن يحدث في الفترة المقبلة؟ هل تشعر بقلق من إغلاق صحيفة «زمان» والصحف المعارضة الأخرى؟
- تعد تركيا بمثابة جسر في غاية الأهمية من الناحية الجيوسياسية والثقافية بين العالم الإسلامي والغرب. وحسب قناعتي الشخصية أرى أن الأنسب والأمثل لتركيا أن تحظى باحترام في الغرب والعالم الإسلامي في الوقت نفسه، إذ إن تركيا لو تصالحت مع القيم الإسلامية والتاريخ ودول الجوار وقامت بإرساء الديمقراطية في البلاد لأصبحت دولة لا غنى عنها من أجل السلام العالمي.
وبالفعل، عندما تقدمت حكومة العدالة والتنمية في هذا الاتجاه في أولى فتراتها لمع نجم تركيا في الشرق والغرب. فعلى سبيل المثال عندما أصبحت تركيا عضوا في مجلس الأمن الدولي عام 2008 دعمتها 151 دولة، إلا أنها كلما ابتعدت عن هذا المنوال وزادت استبداديتها، وانزلقت في سياسة التدخل في الشؤون الداخلية لجيرانها والانحياز لأطراف بعينها بدلا عن انتهاج سياسة العلاقات المتساوية، أصيب وضعها بجروح غائرة وشوهت صورتها على الصعيد الخارجي. ولذلك فعندما أصبحت مرشحة لعضوية مجلس الأمن الدولي غير الدائمة، هذا العام، لم تحصل على دعم إلا من 60 دولة ولم يتم اختيارها. وسيظل أملي هو أن يتم العدول عن هذا الطريق الخاطئ قبل أن تصاب الدولة بأضرار أكثر من ذلك.



تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟
TT

تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

تمديد «ميتا» لقيود الإعلانات... هل يحُدّ من «المعلومات المضلّلة»؟

أثار إعلان شركة «ميتا» تمديد فترة تقييد الإعلانات المتعلقة بالقضايا الاجتماعية أو السياسية لما بعد انتخابات الرئاسة الأميركية، من دون أن تحدّد الشركة وقتاً لنهاية هذا التمديد، تساؤلات حول مدى فاعلية القرار في الحدّ من انتشار «المعلومات المضلّلة»، يأتي ذلك بالتزامن مع رصد تجاوزات مرّرَتها المنصة الأشهَر «فيسبوك» خلال الفترة السابقة برغم تقييد الإعلانات.

ما يُذكر أن «فيسبوك» أعانت بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي «حظر أي إعلان يحمل رسائل توجيه سياسي أو اجتماعي من شأنه التأثير في سير الانتخابات الرئاسية الأميركية»، غير أن مراقبين قاموا برصد تجاوزات على المنصة وصفوها بـ«التضليل»، وقالوا إن «فلاتر» المحتوى على «ميتا» – التي تملك «فيسبوك» – «غير متمرّسة» بما يكفي لتمييز المحتوى الذي ينتهك إرشادات المصداقية، ما يثير شكوكاً بشأن جدوى قرار الشركة تقييد الإعلانات.

الدكتور حسن مصطفى، أستاذ التسويق الرقمي والذكاء الاصطناعي في عدد من الجامعات الإماراتية، عدّ قرار «ميتا» الأخير «محاولةً لتجاوز المخاوف المتزايدة حول استغلال الإعلانات في التأثير على الرأي العام»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «ميتا تخشى اتهامها بنشر المعلومات غير الموثوقة بشكل واسع إبان الفترات الانتخابية وما بعدها، لا سيما وأنه سبق اتهام الشركة من قبل بوجود محتوى يؤثر على الرأي العام خلال فترات انتخابية سابقة».

وعن دور «ميتا» في الحدّ من «المعلومات المضللة»، أوضح مصطفى أنه «لا تزال المعلومات المضلّلة تحدياً قائماً برغم ما اتخذته (ميتا) من إجراءات لمكافحتها، والتقليل من انتشار الأخبار الكاذبة»، وقال عن دور الشركة في هذا الصدد: «لقد عزّزَت (ميتا) التعاون مع جهات خارجية للتحقّق من صحة الأخبار، فباتت تعتمد على منظمة (فاكت تشيك/ FactCheck)، وشبكات من المؤسسات المستقلة؛ للتحقّق من الأخبار المتداوَلة عبر المنصة».

واستشهد الدكتور مصطفى ببعض التقارير الصادرة عن منظمة «هيومن رايتس ووتش»، التي أظهرت إحراز «ميتا» تقدماً في مجال الحد من «خطاب الكراهية»؛ «إذ تمكّنت خوارزميات الشركة من التعرّف على بعض الأنماط المتكرّرة للمحتوى المسيء، وحذفه تلقائياً قبل أن ينتشر»، غير أنه مع ذلك عدّ إجراءات «ميتا» غير كافية، مشيراً إلى أن «خوارزميات الذكاء الاصطناعي ما زالت محدودة القدرة على معالجة المحتوى بلغات ولهجات متنوعة، أو فهم السياقات الثقافية المعقّدة، ما يجعل من الصعوبة بمكان وضع حدود واضحة أمام تحقيق نجاح كامل في تقليص خطاب الكراهية».

هذا، وكانت المنظمة الدولية «غلوبال ويتنس» قد أعدّت تقريراً حول ما إذا كانت منصات التواصل الاجتماعي قادرةً على اكتشاف وإزالة «المعلومات المضلّلة الضارّة»، لا سيما المتعلقة بانتخابات الرئاسة الأميركية، وأشارت في نتائجها عقب الانتخابات الأميركية إلى أن أداء «فيسبوك» كان أفضل مقارنةً بمنصة مثل «تيك توك»، لكن التقرير لم ينفِ التورّط في نشر «معلومات مضلّلة» برغم القيود، كذلك ذكر التقرير أن «فيسبوك» وافَق على واحد من بين 8 إعلانات اختبرت بها المنظمة قيود المنصة للحَدّ من «المعلومات المضلّلة»، ما رأته المنظمة «تحسّناً ملحوظاً مقارنةً بأداء المنصة السابق مع أنه لا يزال غير كافٍ».

من ناحية أخرى أشار تقرير صادر عن منظمات المجتمع المدني «إيكو» و«المراقبة المدنية الهندية الدولية»، إلى أن «ميتا» سمحت بظهور إعلانات تحتوي على عبارات تحريضية ضد الأقليات على منصّتها خلال فترة الانتخابات الأميركية، كما أشارت إلى رصد «محتوى زائف» مصنوع بأدوات الذكاء الاصطناعي.

وحول هذا الأمر، علّق خالد عبد الراضي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» بمصر والمملكة العربية السعودية، لـ«الشرق الأوسط»، على قرار «ميتا» بالقول إننا بصدد محاولات عدّها «غير جادة»، ودلّل على ذلك بأن «(ميتا) قيّدت الإعلانات قبل الانتخابات الأميركية بأسبوع واحد فقط، وهذه مدة غير كافية إذا كانت المنصة بالفعل جادّة في الحدّ من التضليل والتأثير على الرأي العام، مثلاً (إكس) كانت أكثر جدّية من خلال تقييد أي منشور موجّه قبل الانتخابات بشهر»، مشيراً إلى أنه «بالتبعية شاهدنا على منصة (فيسبوك) محتوى مضلّلاً وزائفاً طُوّر بالذكاء الاصطناعي».

وأوضح عبد الراضي أن «(ميتا) لم تفرض قيوداً على الإعلانات بشكل عام، بل على نوع واحد فقط هو الإعلانات السياسية المدفوعة، ومن ثم تركت المجال أمام التضليل والتأثير على الرأي العام»، ودلّل كذلك على قلة جدّية الشركة بقوله: «بعد الانتخابات الأميركية في 2020 واجهت (ميتا) عدة اتهامات بتوجيه الرأي العام، ما دفع الشركة لاتخاذ إجراءات جادّة، من بينها توظيف (فِرق سلامة) معنية بمراجعة النصوص؛ للتأكد من ملاءمتها مع معايير المنصة، غير أن عمل هذه الفِرق أُنهِي لاحقاً، ما يشير إلى أن ادّعاءات المنصة لم تكن جدّية».