غياب «دبلوماسية الكواليس»... جائحة «كورونا» تغير المشهد بالأمم المتحدة

الأمين العام أنطونيو غوتيريش (إلى اليسار) يتحدث مع فولكان بوزكير رئيس الدورة الخامسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة (أ.ب)
الأمين العام أنطونيو غوتيريش (إلى اليسار) يتحدث مع فولكان بوزكير رئيس الدورة الخامسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة (أ.ب)
TT

غياب «دبلوماسية الكواليس»... جائحة «كورونا» تغير المشهد بالأمم المتحدة

الأمين العام أنطونيو غوتيريش (إلى اليسار) يتحدث مع فولكان بوزكير رئيس الدورة الخامسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة (أ.ب)
الأمين العام أنطونيو غوتيريش (إلى اليسار) يتحدث مع فولكان بوزكير رئيس الدورة الخامسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة (أ.ب)

«بيتنا في فوضى»... بتلك الجملة لخص الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مشهد الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تبدأ الثلاثاء أسبوعها الثاني مع مواصلة مداخلات قادة العالم، وبينها كلمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وتلقى الخطابات هذه السنة عبر مقاطع فيديو صور بعضها مسبقاً قبل أيام من بثها. ووصف الصحافي في «نيويورك تايمز» ريك غلادستون المتخصص في مسائل الأمم المتحدة، الجمعية العامة هذه السنة، بأنها «أشبه بمشاهدة فيلم في صالة سينما شبه مقفرة».
ومع تفشي وباء «كوفيد - 19» الذي شل العالم في أشهر قليلة، غاب العنصر البشري هذه السنة عن الملتقى الدبلوماسي العالمي الكبير، مع ما يواكبه من لقاءات ثنائية بعيداً عن الأضواء.
وأقر سفير بلد من كبار أعضاء مجلس الأمن طالباً عدم كشف اسمه بأن لا دبلوماسية من دون دبلوماسية «الكواليس».
لكن في المقابل، أتاح انعقاد الجمعية العامة عبر الإنترنت تسجيل رقم قياسي من حيث المشاركة هذه السنة، مع بث كلمات لأكثر من 160 رئيس دولة وحكومة من أصل بلدان الأمم المتحدة الـ193، بمن فيهم قادة نادراً ما يحضرون إلى مقر المنظمة الدولية، مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جينبينغ، أو حتى البابا فرنسيس الذي تعود آخر زيارة له إلى نيويورك إلى عام 2015.
لكن من حيث الجوهر، لم يسجل أي تغيير، بين إدارة أميركية تسارع إلى مهاجمة الصين، وباقي العالم الداعي إلى تعزيز وحدة الصف في مواجهة أزمة صحية لا يمكن التكهن بعواقبها.
وفي وسط كل ذلك، يحاول الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إسماع صوته مثل قبطان يرفض مغادرة سفينة «النهج التعددي» الغارقة، فيبقى حاضراً في غالب الأحيان في مقر المنظمة المهجور بسبب تدابير التباعد لمكافحة فيروس كورونا المستجد.
وأطلق غوتيريش تحذيراً صارماً الخميس، قائلاً إن «الجائحة إشارة إنذار إلى كوارث أكثر خطورة يمكن أن تحصل، بدءاً بالأزمة المناخية»، مضيفاً وسط تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة والصين: «إذا كانت استجابتنا غير موحدة وغير منظمة على النحو الذي شهدناه هذا العام، أخشى أن يحصل الأسوأ».
ومع تهديد روسيا الممانعة لعقد اجتماعات افتراضية بعدم الاعتراف بالخطابات عبر الفيديو على أنها وثائق رسمية للأمم المتحدة، يقوم دبلوماسيون ملزمون بالحضور إلى مقاعد المنظمة الأممية بتقديم الكلمات قبل بث الفيديو.
أما الرؤساء، فيظهرون في مقاطع الفيديو في حدائق أو أمام جدران عارية، إلى جانب علم بلادهم.
ومن بين الرؤساء الذين ألقوا كلمات رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فايز السراج الذي يستعد لتسليم السلطة، ورئيس فنزويلا نيكولاس مادورو.
في المقابل، غاب عن الجمعية العامة الرئيس السوري بشار الأسد، والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون الذي أرسل ممثلاً عنه سيلقي كلمة الثلاثاء.
وطلبت الأمم المتحدة من قادة العالم إرسال تسجيلات الفيديو قبل أربعة أيام على الأقل من بثها، فارضة مدة لا تتخطى 15 دقيقة لكل تسجيل. لكن كلمة الرئيس الأميركي دونالد ترمب البالغة مدتها سبع دقائق لم تصل سوى عشية بثها، فيما استمرت كلمة ماكرون 50 دقيقة.
وخلافاً للسنوات السابقة، ستستمر الاستراحة في منتصف الجمعية العامة ليومين (الأحد والاثنين) بدل يوم واحد. وبرر دبلوماسي ذلك بوجوب «القيام بحملة تنظيف وتعقيم واسعة» للقاعة.
وبعد الثلاثاء، يتم عقد مؤتمرات عبر الفيديو على مستوى رفيع بشأن التنوع الأحيائي ووباء «كوفيد - 19» والنساء والأسلحة النووية والنزاعين في ليبيا وأفريقيا الوسطى.
كما سيتواصل اعتباراً من الأربعاء، بث كلمات قادة 55 دولة من بينها بريطانيا والبرازيل وإيران، ما يعني أن خطابات رؤساء العالم ستمتد 15 يوماً، وهي سابقة في الأمم المتحدة.


مقالات ذات صلة

ما هو قرار مجلس الأمن «2254» للتسوية السياسية في سوريا؟

المشرق العربي رجل يسير بالقرب من البنك المركزي السوري في دمشق (أ.ف.ب)

ما هو قرار مجلس الأمن «2254» للتسوية السياسية في سوريا؟

يجدد القرار 2254 الذي أقره مجلس الأمن الدولي في العام 2015 الالتزام «القوي بسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدتها وسلامتها الإقليمية».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي أشخاص يمرون أمام المباني المدمَّرة في بلدة جوبر السورية بالغوطة الشرقية على مشارف دمشق (أ.ف.ب)

مبعوث أوروبي يتوجه إلى سوريا للتباحث مع القيادة الجديدة

قالت منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، اليوم الاثنين، إن مبعوث الكتلة إلى سوريا سيزور دمشق للتحدث مع القيادة الجديدة للبلاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي قائد «هيئة تحرير الشام» أحمد الشرع يلتقي المبعوث الأممي لسوريا غير بيدرسن (قناة القيادة العامة في سوريا عبر تلغرام)

بيدرسن يشدد للشرع على «انتقال سياسي شامل» في سوريا

ناقش أحمد الشرع مع مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، ضرورة إعادة النظر في خريطة الطريق التي حددها مجلس الأمن الدولي في عام 2015.

سعاد جروس (دمشق)
المشرق العربي أشخاص يلوحون بالأعلام السورية خلال مسيرة في السويداء بسوريا في 13 ديسمبر 2024، احتفالاً بانهيار حكم بشار الأسد (أ.ف.ب)

المبعوث الأممي يرى «تحديات كثيرة» أمام تحقيق الاستقرار في سوريا

نقلت متحدثة باسم المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسن عنه قوله، اليوم (الجمعة)، إنه يرى تحديات كثيرة ماثلة أمام تحقيق الاستقرار في سوريا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي توافد النازحين السوريين إلى معبر المصنع لدخول لبنان (أ.ف.ب)

مليون نازح إضافي في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل

أفادت الأمم المتحدة، الخميس، أن أكثر من مليون شخص، معظمهم نساء وأطفال، نزحوا في الآونة الأخيرة في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل المسلحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)

اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، اليوم الجمعة، على إنشاء شركة مشتركة لبناء طائرتها المقاتِلة الأسرع من الصوت، والمتوقع أن تجهز في عام 2035، في إطار برنامج يحمل اسم القتال الجوي العالمي «GCAP».

وأعلنت الشركات المصنّعة الثلاث المسؤولة عن تطوير الطائرة المقاتِلة، الجمعة، في بيان، أنها وقّعت على اتفاقية إنشاء الشركة التي تملك كلٌّ منها ثُلثها. والشركات هي: «بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)» البريطانية، و«ليوناردو (Leonardo)» الإيطالية، و«جايك (JAIEC)» اليابانية، التي أنشأتها، على وجه الخصوص، شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

وأنشئت الشركة المشتركة، التي ستبدأ أنشطتها منتصف عام 2025، في إطار برنامج القتال الجوي العالمي الذي أُعلن في عام 2022 بالشراكة بين لندن وروما وطوكيو. وستحلّ الطائرة الضخمة ذات الذيل المزدوج على شكل حرف V محل طائرات «إف-2» (F-2) اليابانية ومقاتِلات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية. ومن المتوقع أن يمتد عمرها الافتراضي إلى ما بعد عام 2070، وفقاً للبيان.

وفي حال احترام الجدول الزمني، الذي وضعه القائمون على المشروع، فإنها ستدخل الخدمة قبل خمس سنوات على الأقل من الطائرة التي يبنيها مشروع نظام القتال الجوي المستقبلي «SCAF» الذي تُنفذه فرنسا وألمانيا وإسبانيا.