عمر الصاوي: الشخصيات القصصية تجذب الأطفال أكثر للتعلم

عمل مديراً بمشروع تطوير مناهج التعليم الأساسي في دول مجلس التعاون الخليجي

عمر الصاوي
عمر الصاوي
TT

عمر الصاوي: الشخصيات القصصية تجذب الأطفال أكثر للتعلم

عمر الصاوي
عمر الصاوي

عشر سنوات قضاها الكاتب والشاعر المصري عمر الصاوي في العاصمة السعودية الرياض مديرا للتحرير في مشروع تطوير مناهج التعليم الأساسي في دول مجلس التعاون الخليجي، الذي انطلق عام 2006. وقد تم تنفيذه بالمشاركة بين مكتبة العبيكان وشركة ماكغروهيل العالمية، في كل من السعودية والبحرين والإمارات وقطر. كتب الصاوي أكثر من مائة قصة للأطفال قبل البدء في هذا المشروع التعليمي، وقد تركز الجزء الأكبر من جهد الصاوي واهتمامه فيه على كتابة مواد تربوية مساندة للمناهج، قدم خلالها عشرات القصص التربوية والأفلام الكرتونية الموجهة لسنوات رياض الأطفال والمرحلة التمهيدية والصف الأول والثاني والثالث الابتدائي فيما يعرف بحصص المكتبة.
عن هذه التجربة، قال الصاوي لـ«الشرق الأوسط» إنه تناول في القصص «المفاهيم العلمية والأهداف التربوية للمناهج كجزء من نسيج القصص الجذاب، المشوق والمحبب للأطفال، وفيها رحت أجسد المفاهيم المجردة، وأربط بينها وبين تفاصيل الحياة الواقعية التي يعيشونها، وبذلك صارت القصة أسلوب تعلم ووسيلة لها إسهامها الفعال في إكساب الطفل المفاهيم العلمية والتربوية على نحو ممتع وجذاب، ومرتبط بخبراته التي يعايشها كل يوم».
وذكر الصاوي أنه سعى، وهو يكتب قصصه، لأن يكون لها دور في بناء حالة من الشراكة الفعالة بين المدرسة والمنزل، باعتبار ذلك من أسس النجاح في التعليم، بخاصة في المراحل الأولى منه، حيث تشجع الحكايات هذه الشراكة من خلال قراءتها ومشاهدتها بشكل جماعي، وإجراء نقاش وحوار تفاعلي في القضايا والأفكار والظواهر العلمية والسلوكية التي تطرحها، إضافة إلى المشاركة في تنفيذ التجارب، والمشاريع العلمية المنزلية.
تكامل معرفي
وأشار إلى أن القصص وأفلامها المنتجة منها مثل «حكايات صالح وأرقم» التي كتبها أيضا ضمن المنهج التعليمي، كانت تهدف إلى التأكيد على الدور النشط ذهنيا للأطفال في عملية التعليم والتعلم؛ فهي تهيئ لهم خبرات تعلمية عبر تنويع أساليب التعلم من خلال القراءة، والتأمل، والمناقشة والحوار. وتتيح المجال للتعليم الذاتي والتدريب على المهارات المختلفة التي تتناولها وتعالجها، كما تساعد الحكايات في تحقيق التكامل المعرفي من خلال التأكيد على جوانب الترابط بين فروع ومجالات العلوم الأساسية، وبين العلوم والمواد الدراسية الأخرى، وبخاصة الرياضيات، والعلوم الاجتماعية، والفنون، واللغة.
والى جانب ما تتميز به هذه القصص والأفلام باعتبارها وسيطا للقراءة، فإنها تهدف إلى تحبيب الطفل في القراءة، وإثراء لغته، وتنمية ملكة الخيال والتذوق الجمالي والتعبير الأدبي لديه، كما تهدف إلى إثراء وجدانه ومشاعره، وغرس القيم النبيلة والمعاني السامية في نفسه الغضة، من خلال التأكيد على قيم الحب والخير والجمال والصدق والتعاطف والإيثار.
أما عن سلسلة «حكاياتي» فكانت، حسب الصاوي، مرتبطة بمنهج تعليمي متكامل يخص شركة أميركية هي تيتشينغ استراتيجي إنترناشونال، وكانت العبيكان مرتبطة معها بعقد لترجمة ذلك المنهج، ونشره في العالم العربي، وهو منهج مشهور جدا في أوروبا وأميركا ويغطي 70 من رياض الأطفال في أميركا، وهذا رقم ليس بسيطا في التعليم.
القراءة الحرة
كان من بين مسؤوليات الصاوي، حين تعاقدوا على المنهج وحصلوا عليه فعلا، الإشراف على ترجمته وصياغته بما يتناسب مع الثقافة العربية، وقد كان هناك جزء من هذا المنهج عبارة عن قصص ليست مرتبطة به، لكن ارتباطها كان بالوحدات الدراسية، وتأتي في صورة حصة قراءة حرة، تكون بدون عنوان، وتخضع فقط لتوجيه المعلم.
يقول: «حين قمنا باعتماد هذا المنهج، واجهتنا مشكلة وهي نفسها التي اصطدمنا بها في منهج الكبار الذي حصلنا عليه من مؤسسة ماكغروهيل، وهو بالمناسبة المطبق الآن في وزارة التربية في السعودية والإمارات البحرين وقطر، أما عن المشكلة فكانت أن القصص لا تناسب ثقافتنا العربية والإسلامية، كان بها الكثير من المخالفات الشرعية، وكان الحل بعد بحث طويل، وبعد أن فشلنا في العثور على قصص تناسب المرحلة الابتدائية أن أكتب المطلوب بنفسي، كان هذا هو المخرج الذي عرضه علي المسؤولون في العبيكان، وقتها رحت أفكر في طريقة كتابتها، هل ستكون مثل كتب الأطفال العادية التي قدمتها وتتوافر فيها عناصر الأدب والخيال، والقيم، دون أن أضع في حساباتي أي عناصر تربطها بأي مناهج؟
وتابع عمر: «وقتها سألت نفسي ما هو الجديد الذي يجب تقديمه، وقد توصلت بعد تفكير ومحاولات، إلى أن القصة نفسها يجب أن يكون من بين أهدافها نقل المحتوى التعليمي والتربوي، وأن يكون ذلك مضافا لما فيها من جاذبية وإمتاع وفائدة، من جوانب أخلاقية ولغوية وأدبية وخيالية وكل شيء، كان هدفي أن يتم تضفير هذا كجزء من نسيج القصة، فبالإضافة إلى كونها عملا أدبيا، يجب أيضا أن تعلم الأطفال جوانب علمية تكون لها علاقة بما يدرسونه، في مناهج الرياضة والعلوم الطبيعية من دون جور على طفولية القصص ولا أهدافها السلوكية ولا بساطتها، ولا الجوانب الأخلاقية الأخرى، وهو ما قمت به بالفعل، في هذه السلسلة، وقد كتبت عشرين قصة على هذا الأساس وطبقا لهذا التصور، كتبت القصص باللغة العربية، ثم كانت المرحلة التالية، وهي نقلها للإنجليزية، بقرار من مسؤولي المؤسسة الأميركية، وقد طلبوا أن يحصلوا على هذه القصص ويترجموها، وتم ذلك على يد مترجمة أميركية متمكنة تعيش في القاهرة، وتعمل في ذات الوقت في المجال السينمائي، وتتميز بإجادة العربية أيضا، وقامت بترجمة العشرين قصة، الخاصة بمرحلة الروضة والصفوف الأولى الابتدائية، برهافة ومحبة، جعلتها تظهر في لغتها الإنجليزية بنفس قدر وجمال النسخة الأصلية العربية».



حزن في مصر لرحيل «القبطان» نبيل الحلفاوي... رجل «الأدوار الوطنية»

نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)
نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)
TT

حزن في مصر لرحيل «القبطان» نبيل الحلفاوي... رجل «الأدوار الوطنية»

نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)
نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)

سادت حالة من الحزن في الوسطين الفني والرسمي المصري، إثر الإعلان عن وفاة الفنان نبيل الحلفاوي، ظهر الأحد، عن عمر ناهز 77 عاماً، بعد مسيرة فنية حافلة، قدّم خلالها كثيراً من الأدوار المميزة في الدراما التلفزيونية والسينما.

وكان الحلفاوي قد نُقل إلى غرفة العناية المركزة في أحد المستشفيات، الثلاثاء الماضي، إثر تعرضه لوعكة صحية مفاجئة، وهو ما أشعل حالة من الدّعم والتضامن معه، عبر جميع منصات التواصل الاجتماعي.

ونعى رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي الفنان الراحل، وقال في بيان: «كان الفقيد قامة فنية شامخة؛ إذ قدّم عبر سنوات إبداعه الطويلة أعمالاً فنية جادة، وساهم في تجسيد بطولات وطنية عظيمة، وتخليد شخوص مصرية حقيقية خالصة، وتظلّ أعماله ماثلة في وجدان المُشاهد المصري والعربي».

الفنان الراحل نبيل الحلفاوي (حسابه على «إكس»)

وعبّر عددٌ من الفنانين والمشاهير عن صدمتهم من رحيل الحلفاوي. منهم الفنانة بشرى: «سنفتقدك جداً أيها المحترم المثقف الأستاذ»، مضيفة في منشور عبر «إنستغرام»: «هتوحشنا مواقفك اللي هتفضل محفورة في الذاكرة والتاريخ، الوداع لرجل نادرٍ في هذا الزمان».

وكتبت الفنانة حنان مطاوع: «رحل واحدٌ من أحب وأغلى الناس على قلبي، ربنا يرحمه ويصبّر قلب خالد ووليد وكل محبيه»، مرفقة التعليق بصورة تجمعها به عبر صفحتها على «إنستغرام».

الراحل مع أحفاده (حسابه على «إكس»)

وعدّ الناقد الفني طارق الشناوي الفنان الراحل بأنه «استعاد حضوره المكثف لدى الأجيال الجديدة من خلال منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتاد أن يتصدّر الترند في الكرة والسياسة والفن»، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الحلفاوي رغم موهبته اللافتة المدهشة وتربيته الفنية الرّاسخة من خلال المعهد العالي للفنون المسرحية، لم يُحقّق نجوميةَ الصف الأول أو البطل المطلق».

وعبر منصة «إكس»، علّق الإعلامي اللبناني نيشان قائلاً: «وداعاً للقدير نبيل الحلفاوي. أثرى الشاشة برقِي ودمَغ في قلوبنا. فقدنا قامة فنية مصرية عربية عظيمة».

ووصف الناقد الفني محمد عبد الرحمن الفنان الراحل بأنه «صاحب بصمة خاصة، عنوانها (السهل الممتنع) عبر أدوار أيقونية عدّة، خصوصاً على مستوى المسلسلات التلفزيونية التي برع في كثير منها»، لافتاً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «السينما خسرت الحلفاوي ولم تستفِد من موهبته الفذّة إلا في أعمال قليلة، أبرزها فيلم (الطريق إلى إيلات)».

حنان مطاوع مع الحلفاوي (حسابها على «إنستغرام»)

وُلد نبيل الحلفاوي في حي السيدة زينب الشعبي عام 1947، وفور تخرجه في كلية التجارة التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية الذي تخرج فيه عام 1970، ومن ثَمّ اتجه لاحقاً إلى التلفزيون، وقدّم أول أعماله من خلال المسلسل الديني الشهير «لا إله إلا الله» عام 1980.

ومن أبرز أعمال الحلفاوي «رأفت الهجان» عام 1990 الذي اشتهر فيه بشخصية ضابط المخابرات المصري «نديم قلب الأسد» التي جسدها بأداءٍ يجمع بين النبرة الهادئة والصّرامة والجدية المخيفة، بجانب مسلسل «غوايش» و«الزيني بركات» 1995، و«زيزينيا» 1997، و«دهشة» 2014، و«ونوس» 2016.

مع الراحل سعد أردش (حسابه على «إكس»)

وتُعدّ تجربته في فيلم «الطريق إلى إيلات» إنتاج 1994 الأشهر في مسيرته السينمائية، التي جسّد فيها دور قبطانٍ بحريّ في الجيش المصري «العقيد محمود» إبان «حرب الاستنزاف» بين مصر وإسرائيل.

وبسبب شهرة هذا الدور، أطلق عليه كثيرون لقب «قبطان تويتر» نظراً لنشاطه المكثف عبر موقع «إكس»، الذي عوّض غيابه عن الأضواء في السنوات الأخيرة، وتميّز فيه بدفاعه المستميت عن النادي الأهلي المصري، حتى إن البعض أطلق عليه «كبير مشجعي الأهلاوية».

نبيل الحلفاوي (حسابه على «إكس»)

ووفق الناقد محمود عبد الشكور، فإن «مسيرة الحلفاوي اتّسمت بالجمع بين الموهبة والثقافة، مع دقة الاختيارات، وعدم اللهاث وراءَ أي دور لمجرد وجوده، وهو ما جعله يتميّز في الأدوار الوطنية وأدوار الشّر على حد سواء»، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «لم يَنل ما يستحق على مستوى التكريم الرسمي، لكن رصيده من المحبة في قلوب الملايين من جميع الأجيال ومن المحيط إلى الخليج هو التعويض الأجمل عن التكريم الرسمي»، وفق تعبيره.