عدد خاص من مجلة «الدراسات الفلسطينية»: تحية إلى بيروت

عدد خاص من مجلة «الدراسات الفلسطينية»: تحية إلى بيروت
TT

عدد خاص من مجلة «الدراسات الفلسطينية»: تحية إلى بيروت

عدد خاص من مجلة «الدراسات الفلسطينية»: تحية إلى بيروت

صدر عدد جديد من مجلة «الدراسات الفلسطينية»، متضمناً عدداً من الدراسات والبحوث المتعلقة بالأحداث الفلسطينية والعربية الحالية. واهتم العدد بشكل خاص بانفجار بيروت. جاء في افتتاحية العدد:
جاء انفجار بيروت ثقيلاً ومدمراً للإنسان، حيث سقط الآلاف بين قتيل وجريح، وللأمكنة حيث انهارت آلاف الوحدات السكنية، وكادت العاصمة أن تتلاشى بعصف انفجار هو واحد من الأكبر في تاريخ الانفجارات التي يسببها الإنسان، ليُفرض تغييراً شاملاً في خطة العدد، ويتم إنتاج عدد خاص في وقت قياسي.
ما حدث في بيروت ليس مجرد انفجار، مهما بلغت قوته، بل إنه على المستوى الاستراتيجي بمثابة إعلان عن انتهاء مرحلة وبداية مرحلة جديدة، شاء قدر الفساد المستشري في تفاصيل هذا البلد، أن يحدث فيما تتغير معالم الخريطة السياسية الاستراتيجية في المنطقة: توتر في البحر المتوسط مع تمدد تركيا باتجاه ليبيا، معلنة نفسها طرفاً في الصراع هناك (بعدما ظهرت علناً أطماعها بضم أجزاء من سورية، مباشرة أو بشكل غير مباشر)، طمعاً بحصة وازنة من ثروات الغاز المكتشفة في شرق هذه البحيرة الكبيرة، وهو توتر كاد أن يؤدي لصدام فرنسي (أوروبي) مع تركيا؛ انكشاف عربي أمام إسرائيل وربما كان فشل مشروع قرار فلسطيني في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية لإدانة التطبيع، أبرز مثل على ذلك. أما في سورية، فالمشهد يتغير يوماً بعد يوم، فحزب الله بادر إلى انسحاب متدرج من هناك بعد سنوات من التورط في حرب (نتج عنها مقتلة هائلة للشعب السوري)، كدلالة على تدني التأثير الإيراني هناك، لمصلحة روسيا التي تنسق الكثير من خطواتها مع إسرائيل. وشارك في ملف العدد عن بيروت 29 كاتباً، تناولوا تاريخ بيروت («مدينة الغرباء» كما وصفها إلياس خوري في مقالته) ومرفئها الذي دمره الانفجار، والمتغيرات السياسية والاستراتيجية المفترضة، فضلاً عن شهادات وتجارب شخصية في بيروت وعنها. وقد شارك في الكتابة، فضلاً عن استعادة لسمير قصير من فصل من كتابه «تاريخ بيروت»، كل من:
جاد تابت؛ إيلي جورج حداد؛ روجيه عساف؛ زياد ماجد؛ جلبير الأشقر؛ ميشال نوفل؛ فواز طرابلسي؛ ديمة الشكر؛ فرح عريضي؛ شوقي بزيع؛ فيصل سلطان؛ أحمد قعبور؛ محمد بنيس؛ قاسم حداد؛ محمد سويد؛ فؤاد فؤاد؛ محمد علي الأتاسي؛ خالد زيادة؛ معين الطاهر؛ ليانة بدر؛ غسان زقطان؛ كريم مروة؛ محمد برادة؛ أمين صالح؛ أنيس محسن؛ إلياس خوري. أما الغلاف فكان بدوره خاصاً بالحدث، وهو بريشة الفنان حسين ماجد.



«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.