أديب يعتذر عن تشكيل الحكومة لـ «عدم التزام الكتل وعودها»

الاستشارات النيابية اللبنانية لن تحدد قبل منتصف الأسبوع المقبل

رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب يعلن اعتذاره أمس عن تشكيل الحكومة (رويترز)
رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب يعلن اعتذاره أمس عن تشكيل الحكومة (رويترز)
TT

أديب يعتذر عن تشكيل الحكومة لـ «عدم التزام الكتل وعودها»

رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب يعلن اعتذاره أمس عن تشكيل الحكومة (رويترز)
رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب يعلن اعتذاره أمس عن تشكيل الحكومة (رويترز)

اعتذر الرئيس المكلف تأليف الحكومة اللبنانية مصطفى أديب عن الاستمرار في مهمته بعد أكثر من ثلاثة أسابيع على تكليفه نتيجة وصول المشاورات السياسية التي استمرت حتى اللحظة الأخيرة، إلى حائط مسدود.
وأعلن أديب بعد زيارته القصر الجمهوري أمس أنه اتخذ قرار الاعتذار بعدما لم تلتزم الكتل النيابية بما وعدت به معتبرا أن «تشكيلة بالمواصفات التي وضعها باتت محكومة سلفا بالفشل». وقال في بيان بعد اللقاء مع الرئيس ميشال عون «عندما سمتني غالبية كبيرة من نواب الأمة في الاستشارات الملزمة، وكلفني فخامة الرئيس بناء عليها تشكيل الحكومة، تشرفت بالقبول على أساس أنني لن أتخطى مهلة الأسبوعين لتشكيل حكومة إنقاذ مصغرة، ذات مهمة إصلاحية محددة ومفصلة استنادا إلى المطالب الإصلاحية العارمة للبنانيين، قوامها أفضل ما يوفقنا إليه الله من اختصاصيين مشهود لخبرتهم ونزاهتهم ومعرفتهم بالإدارة، وليس من بينهم أصحاب انتماءات حزبية أو من تسميهم الأحزاب». وأضاف «كان تفاؤلي كبيرا لمعرفتي أن هذه المواصفات كلها وافقت عليها الكتل الرئيسية في المجلس النيابي والتزمتها أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، صاحب المبادرة الإنقاذية الدولية المتاحة أمام بلدنا، في اجتماع حصل مطلع الشهر الجاري في قصر الصنوبر، جرى فيه تدوين الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية المفصلة واللازمة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عمر الحكومة، والتي التزمت الكتل نفسها دعمها في المجلس النيابي الكريم». ورأى أديب أنه «كان واضحا في المقابل، أن تشكيل حكومة بهذه المواصفات الاختصاصية المبنية على الكفاءة والنزاهة، والتزامها مع الكتل النيابية برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري التفصيلي، من شأنه أن يسمح للرئيس ماكرون بالإيفاء بوعده بتجييش المجتمع الدولي لدعم لبنان، بدءا من مؤتمر دولي في باريس بعد حوالي الشهر من نيل الحكومة ثقة المجلس النيابي. وما زاد من تفاؤلي، أن برنامج الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية المفصل الذي التزمه الجميع في الأول من سبتمبر (أيلول)، شكل مسودة أولى شبه جاهزة للبيان الوزاري، وخصوصا أنني أعلنت بوضوح لجميع الكتل النيابية أن لا نية لدي شخصيا أو لدى أي تشكيلة حكومية أنا في صددها، الولوج في أي شأن سياسي، وهو ما طلبته على شكل تعهد قاطع من جميع الأسماء التي فكرت باقتراحها من ضمن التشكيلة الحكومية».
وأضاف «لكن مع وصول المجهود لتشكيل الحكومة إلى مراحله الأخيرة، تبين لي أن هذا التوافق الذي على أساسه قبلت هذه المهمة الوطنية في هذا الظرف الصعب من تاريخ لبنان، لم يعد قائما، وبما أن تشكيلة بالمواصفات التي وضعتها باتت محكومة سلفا بالفشل، وحرصا مني على الوحدة الوطنية بدستوريتها وميثاقيتها، فإني أعتذر عن عدم متابعة مهمة تشكيل الحكومة، متمنيا لمن سيتم اختياره للمهمة الشاقة من بعدي، وللذين سيختارونه، كامل التوفيق في مواجهة الأخطار الداهمة المحدقة ببلدنا وشعبنا واقتصادنا».
وتوجه أديب بالشكر إلى «رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ومن رؤساء الحكومات السابقين الذين دعموني في مهمتي، ومن السادة أعضاء المجلس النيابي»، فيما اعتذر «من الشعب اللبناني الذي عانى ويعاني، والذي أفهمه ويفهمني عن عدم تمكني من تحقيق ما يطمح إليه من فريق إصلاحي يعبر من نافذة الإنقاذ التي فتحتها مبادرة الرئيس ماكرون»، مجددا التأكيد «أن هذه المبادرة يجب أن تستمر لأنها تعبر عن نية صادقة من الدولة الفرنسية الصديقة ومن الرئيس ماكرون شخصيا بدعم لبنان ومساندته».
وإثر الاعتذار، أعلنت رئاسة الجمهورية أن أديب عرض على الرئيس ميشال عون الصعوبات والمعوقات التي واجهته في عملية تشكيل الحكومة، ثم قدم له كتاب اعتذاره عن عدم تشكيلها، مشيرة إلى أن عون شكر للرئيس المكلف الجهود التي بذلها وأبلغه قبول الاعتذار. وسيتخذ رئيس الجمهورية الإجراءات المناسبة وفقا لأحكام الدستور.
وقالت مصادر رئاسة الجمهورية لـ«الشرق الأوسط» «إن الدعوة إلى الاستشارات النيابية لتسمية رئيس حكومة بديل لن تكون سريعة»، مرجحة أن تتم بعد منتصف الأسبوع المقبل وذلك بعد تقييم هذه المرحلة وتجربة أديب وما رافقها من مشكلات ودراسة ردود الأفعال عليها «لتكون الخطوة مدروسة وليست ناقصة».
وبعد المعلومات التي أشارت إلى أن الرئيس عون رفض تسلم تشكيلة الحكومة من أديب مساء الجمعة، نفت رئاسة الجمهورية هذا الأمر. وأكدت أن «الرئيس المكلف في الزيارات المتتالية التي قام بها إلى قصر بعبدا، بعد تكليفه وبلغ عددها 6 زيارات، لم يقدم إلى رئيس الجمهورية أي صيغة حكومية، ولم يعرض عليه أسماء مقترحة للتوزير ولا تشكيلة حكومية جاهزة أو تصورا عن توزيع للحقائب».
من جهته، أصدر رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب بيانا، أسف خلاله لاعتذار أديب الذي سيعيد الأمور إلى الوراء. وناشد دياب الرئيس الفرنسي الاستمرار بالوقوف إلى جانب لبنان في هذه المرحلة الصعبة، ومواصلة مساعيه ومبادرته لمساعدة لبنان، ولفت إلى «أن اعتذار الرئيس المكلف يستوجب الإسراع بإجراء الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف شخصية بتشكيل حكومة قادرة على التعامل مع المرحلة الصعبة التي يمر بها لبنان».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».