«تهديد نيابي» بإسقاط الحكومة المقبلة «إذا خالفت الاتفاق السياسي» في ليبيا

«تهديد نيابي» بإسقاط الحكومة المقبلة «إذا خالفت الاتفاق السياسي» في ليبيا
TT

«تهديد نيابي» بإسقاط الحكومة المقبلة «إذا خالفت الاتفاق السياسي» في ليبيا

«تهديد نيابي» بإسقاط الحكومة المقبلة «إذا خالفت الاتفاق السياسي» في ليبيا

استبق برلمانيون ليبيون عقد الحوار السياسي، المزمع إقامته في جنيف الشهر المقبل برعاية أممية، بجملة من الاعتراضات والتخوفات المتعلقة بآليات عمله، واختيار المشاركين فيه، فضلاً عما سموه بـ«فتح أبواب الشك والريبة حول صدق النيات في تشكيل حكومة وحدة وطنية»، وتعهدوا بإسقاط الحكومة المقبلة.
وقال «تكتل التجمع الوسط النيابي» بمجلس النواب الليبي (شرق)، إن البعثة الأممية «تعتزم بشكل انتقائي توسعة لجنة الحوار بإضافة مزيد من الشخصيات، دون معايير واضحة للكيفية التي يتم بها الاختيار، أو الجهة التي تمثلها هذه الشخصيات، أو كيف سيتم اعتماد نتائج عملها؟».
وأضاف التكتل النيابي في بيانه، أمس، أن «مثل هذا الإجراء من قبل البعثة أثار استغرابنا، وفتح أبواب الشك والريبة حول صدق النيات في تشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية، وليس حكومة ترضيات لأطراف دولية، وشبهات التبعية»، ورأى أن البعثة بهذه الخطوة «تكون خالفت وبشكل واضح وصريح قرارات مجلس الأمن، والاتفاق السياسي ومخرجات برلين، مما يعد تجاوزاً لصلاحياتها، وتدخلاً سافراً لن يخدم مصلحة الوطن».
وتأتي هذه الشكوك المتصاعدة، رغم أنه سبق للبعثة الأممية التأكيد على أنها «غير مسؤولة» عن قوائم راجت في الأوساط الليبية، تحمل أسماء يعتقد أنها ستشارك في حوار جنيف منتصف الشهر المقبل، وقالت على لسان جان علم، المتحدث باسمها، «إن كل ما تم تداوله عبر وسائل الإعلام حول قوائم المشاركين التي يشُاع أنه تم تسريبها، غير صحيح، وما دامت هذه المعلومات، أو الأسماء لم تصدر عن البعثة، أو تنشر على موقعها أو صفحاتها الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي، فهي غير مسؤولة عنها».
ويتشابه حوار جنيف المرتقب مع «المؤتمر الوطني الجامع»، الذي دعا إليه غسان سلامة، المبعوث الأممي السابق، في الرابع عشر من أبريل (نيسان) عام 2019، لكن الحرب التي شنها المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، على العاصمة طرابلس عطلته.
وأمام التحركات الدولية والإقليمية الدائمة بشأن الأزمة الليبية، رأى النائب أبو بكر أحمد سعيد أن جميع هذه اللقاءات «تهدف إلى تقاسم السلطة، وفرض أجندات خارجية، وإعادة تدوير الأشخاص أنفسهم»، وقال بهذا الخصوص: «حوار بوزنيقة المغربية، وحوار مونترو السويسرية، وجنيف القادم... جميعها مضيعة للوقت».
وجدد سعيد، النائب عن مدينة ترهونة، دعمه في تصريحات أمس «لإجراء انتخابات تشريعية قبل مارس (آذار) المقبل، وإرجاع القرار للشعب ليختار سلطة جديدة، تكون قادرة على توحيد مؤسسات الدولة وتكليف حكومة وحدة وطنية»، داعيا أعضاء مجلس النواب الحالي إلى «الاتفاق على عقد جلسة رسمية علنية لمناقشة، وإصدار قانون الانتخاب».
وتلتئم جلسات التفاوض بين وفدي من مجلسي نواب طبرق و«الأعلى للدولة» في المغرب، اليوم، لاستكمال باقي المشاورات المتعلقة بشكل السلطة الجديدة، إيذاناً بلقاء مرتقب بين عقيلة صالح وخالد المشري. وينظر لهذه الجلسات على أنها «غير رسمية»، لكن الوفدين أعلنا في لقائهما السابق أنهما توصلا إلى تفاهمات حول آليات اختيار الشخصيات، التي ستشغل المناصب السيادية في السلطات التنفيذية الجديدة.
ووجه «تكتل تجمع الوسط» اللوم للبعثة الأممية، وقال إنه «سبق لها أن أوقفت الحوار السياسي بين مجلسي النواب و(الدولة) في تونس حين اقترب المجلسان من تسوية شاملة، كما سبق أن أبدت اعتراضها عندما تم الاتفاق على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية، عبر التجمعات الانتخابية»، وهو الأمر الذي رفضه مسؤول بالبعثة، بالقول: «لم يسبق للبعثة أن تدخلت قط في عمل أي اجتماعات، تتعلق بتسوية الأزمة الليبية، لكنها تكتفي بدور المنسق بين الأفرقاء للوصل إلى حل».
ومضى التكتل النيابي يقول: «نسعى بمجلس النواب لعقد جلسة استثنائية من أجل إعادة توحيد المجلس، ونلفت انتباه البعثة والمجتمع الدولي والأطراف المحلية إلى أن اختيار حكومة جديدة، بعيداً عن الآلية الواردة في الاتفاق السياسي، يعد أمراً غير مقبول، ولن تكون له شرعية وطنية، وسنكون أول من يطعن فيه أمام القضاء الليبي».
وتابع «التكتل» موضحا أن «السبيل الأمثل والأقرب للحل هو تمكين مجلسي النواب و(الدولة) من تنفيذ الاتفاق الذي تم بينهما، واعتمد بجلسات رسمية حول إعادة تشكيل السلطة التنفيذية، بدل فتح حوار جديد للغرض ذاته»، مشيرا إلى أن «ما تعمل عليه البعثة عبر الأسماء المختارة يعد مكافأة للأطراف، التي كانت تعرقل الحل خلال الفترة الماضية، بل وحاربت مجلس النواب بكل السبل لتبنيه هذا الحل». وقال بهذا الخصوص إن «التواصل الانتقائي لرئاسة ومستشاري وموظفي البعثة بشخصيات، أو أطراف دون غيرها، ودون وجود معايير واضحة، يثير الشكوك حول النوايا».
وانتهى التكتل النيابي إلى أن «إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بأسرع وقت ممكن لا بد أن يكون من أهم الأولويات والاستحقاقات، التي يجب أن تناقش ويتم الاتفاق على سبل إنجازها».
وسبق لوفدين من مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» الالتقاء في تونس عام 2017 برعاية أممية، وعقد مفاوضات تتعلق بتعديل الاتفاق (الصخيرات)، لكنها توقفت دون إبداء أسباب.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.