أنقرة «تراقب» إعادة هيكلة «تحرير الشام» في إدلب

ترفض خفض نقاطها شمال غربي سوريا

TT

أنقرة «تراقب» إعادة هيكلة «تحرير الشام» في إدلب

أكدت مصادر تركية أن أنقرة حريصة على تثبيت الوضع في منطقة خفض التصعيد في شمال غربي سوريا، وأنها لن تقبل بتخفيض نقاط مراقبتها أو خفض تسليحها، كما طلبت موسكو ذلك في اجتماعات عقدت في العاصمة التركية مؤخراً.
وقالت المصادر إن الجيش التركي مستمر في تعزيز نقاط المراقبة المنتشرة في المنطقة وإن القوات الموجودة بها قادرة على الرد على أي اعتداء على هذه النقاط من أي جهة سواء النظام أو بعض المجموعات المتشددة.
وعن خطوة إعادة «هيئة تحرير الشام» المسيطرة في إدلب هيكلة قواتها، قالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن تركيا «تراقب الموقف في إدلب عن كثب وتعمل على تثبيت الوضع واستدامة وقف إطلاق النار بموجب الاتفاقات والتفاهمات مع روسيا ومقررات سوتشي وآستانة وأنها تراقب حركة الفصائل المسلحة في المنطقة ولن تقبل بأي إخلال بالاتفاقات، وتعمل في الوقت نفسه على إنجاز التزاماتها بالفصل بين الفصائل المعتدلة والمتشددة». وتواصل «خطتها لتوحيد الفصائل في إدلب تحت قيادة واحدة».
واعترفت المصادر بأن تركيا ليست في وارد الصدام المباشر مع النظام أو روسيا، لكنها لن تقبل أي اعتداء على نقاطها أو قواتها من أي طرف، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن الهيئة لن تتصادم مع تركيا بعد تجربة الاعتصام على طريق حلب - اللاذقية الدولي (إم 4). وتحدثت تقارير عن هيكلة الهيئة قواتها ضمن 12 لواء، بينها 6 ألوية مقاتلة، وذلك بعد خسارة أعداد كبيرة من المقاتلين والسلاح في المعارك الأخيرة شمال غربي سوريا.
وتضغط تركيا على «الهيئة» لحل نفسها والانضمام إلى جيش موحد تسعى تركيا لتأسيسه في المنطقة. وتدرك «الهيئة» بدورها أنه لا يمكن تحدي تركيا في ظل التمدد والانتشار العسكري الكثيف لها في شمال غربي سوريا، فضلاً عن سيطرة القوات التركية على منافذ التمويل المالي للهيئة التي تأتي من الواردات عبر طريق «إم 4» والمعابر الداخلية.
ويؤكد مراقبون أن الالتزام التركي بموجب اتفاق سوتشي 2018 بفصل «الهيئة» عن فصائل المعارضة السورية المعتدلة، وتحييدها، هو أمر صعب، ولذلك فإن دمج الهيئة مع فصائل المعارضة ضمن جيش موحد، هو الحل الذي يخدم تركيا، لكنه صعب للغاية أيضاً ما لم تحدث انشقاقات عميقة في الهيئة تجعل من حلها أمراً ممكناً.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.