حلم امتلاك العقارات في الأندلس الإسبانية يتحول إلى كابوس لمستثمرين أجانب

كثيرون هدمت منازلهم لأنها بنيت بطريقة اكتشفوا أنها غير قانونية

هدم أحد المنازل في إسبانيا بدعوى أنه بني بطريقة غير قانوية («نيويورك تايمز»)
هدم أحد المنازل في إسبانيا بدعوى أنه بني بطريقة غير قانوية («نيويورك تايمز»)
TT

حلم امتلاك العقارات في الأندلس الإسبانية يتحول إلى كابوس لمستثمرين أجانب

هدم أحد المنازل في إسبانيا بدعوى أنه بني بطريقة غير قانوية («نيويورك تايمز»)
هدم أحد المنازل في إسبانيا بدعوى أنه بني بطريقة غير قانوية («نيويورك تايمز»)

أشارت ماورا هيلين، وهي تقود في شوارع الريف الأندلسي، نحو مجموعة صغيرة من المنازل البيضاء على تل بعيد بجانب بساتين الزيتون. وقالت هيلين، التي انتقلت مع زوجها جون من بريطانيا منذ 10 سنوات: «وضع تلك المنازل غير قانوني ويمكن أن تهدم». إن وضع أكثر من 5 آلاف منزل في ذلك الوادي الراقي غير قانوني، فقد بنيت بعض المنازل من تلك التي يزيد عددها على الـ250 ألفا، في الأندلس دون تصريح خلال الفترة التي شهد فيها مجال البناء بإسبانيا ازدهارا كبيرا من 2001 إلى 2008. وتم بيع الآلاف من تلك المنازل إلى أشخاص بعضهم من السكان المحليين، وأكثرهم من الأجانب بمن فيهم هيلين، الذين أرادوا التقاعد في مكان خلاب يزخر بأشجار النخيل والمنازل الريفية المبنية من الأحجار القديمة المتهالكة. وعوضا عن ذلك كان من نصيبهم معركة تمتد لـ10 سنوات حول مستقبل تلك المنازل، ولا يبدو أن هذا الصراع يقترب من الحل بحسب اعتقاد كثيرين. وتم القبض على مسؤولين وعاملين بمجال التنمية العقارية بسبب تورطهم في هذه الفضيحة، لكن لم يتم اتخاذ أي قرار يحدد مصير هذه المنازل التي لا تتمتع بصفة قانونية ويمكن أن تهدم في أي وقت.
كانت هناك إشارات خلال الأشهر القليلة الماضية تدل على حدوث تقدم، حيث أقر محاكم ومسؤولون حكوميون بالحاجة إلى التوصل لحل. مع ذلك في نوفمبر (تشرين الثاني) تم هدم منزلين ملك زوجين بريطانيين على أطراف بلدة كانتوريا. وقالت هيلين، رئيسة رابطة «أبيسوس أوروبانستيكوس ألمانزورا نو»، التي تضم 600 من مالكي المنازل الذين يناضلون من أجل الحفاظ على منازلهم: «إن السلطات تعذب أصحاب المنازل لسنوات من خلال تلويحها بهدم المنازل وهو بمثابة قتل ناعم باستخدام الأوراق والإجراءات واللوائح والخطط». واحتلت أخبار عمليات الهدم والمعارك القضائية العناوين الرئيسية في الصحافة الأوروبية مخلفة وراءها سحابة سوداء تلقي بظلالها على سوق منازل العطلات في المنطقة الذي تحاول استعادة عافيتها بعد انهيار أسعار العقارات الإسبانية بنسبة تزيد على 40 في المائة منذ ارتفاعها إلى الذروة عام 2007 بحسب شركة «تينسا» الإسبانية لتقييم العقارات. وتزداد المبيعات في ماربيلا والمدن الساحلية الأخرى، في حين تتراجع على التلال في الأندلس، حيث يمكن للمشترين العثور على صفقة رابحة. وقال ستيفن غارنر، مدير المبيعات في شركة العقارات «إسبانيش بروبيرتي تشويس»: «يرى الكثير من عملائنا، خصوصا الإسبانيين والبلجيكيين، الجانب السيئ من قضية المنازل غير القانونية من منظور إيجابي، حيث يرون أنه سيؤدي إلى مزيد من الانخفاض في الأسعار».
وتلقى توم جونز (74 عاما) مؤخرا عرضا لشراء منزله المكون من 3 غرف في الحمراء مقابل 30 ألف يورو أو ما يعادل نحو 37 ألف دولار، في حين أنه اشتراه مقابل 195 ألف يورو عام 2005. ورغم انتظاره 3 سنوات حتى الآن للنظر في استئناف قرار الهدم، قرر الامتناع عن البيع وقال: «نحن نقاوم ذلك طوال الوقت. هل تسأل عن التقدم؟ لا أظن أن هناك أي تقدم، بل محض هراء».
وافقت حكومة الإقليم عام 2012 على قرار بتخصيص يتيح تفادي عمليات الهدم، لكن خلال عامين لم يتمكن سوى بضع مئات من مالكي المنازل من الاستفادة من هذه العملية وتغيير وضع منازلهم بحسب مسؤولين في الحكومة.
وقال غيراردو فازكويز، أحد المحامين الممثلين لأصحاب المنازل: «يحتوي القرار على ثغرة كبيرة؛ فهو ينطبق في أفضل الأحوال على منازل الأفراد أو التجمعات الكبيرة فقط». ولم يشمل الآلاف من المنازل في التجمعات الصغيرة والأجزاء المعاد تقسيمها في مناطق ريفية. كذلك اعتمد القرار على المجالس البلدية في وضع خطط محددة وهو ما يخشى أصحاب المنازل أن يستغرق سنوات.
وحقق أصحاب المنازل نصرا خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) عندما أصدر قاضي حكما بوقف عملية هدم 4 منازل، بل ومنح أصحابها، في سابقة هي الأولى من نوعها، 140 ألف يورو أو ما يعادل 174 ألف دولار كتعويض معنوي لمعاناتهم خلال سنوات. وقال روجر هارفي صاحب أحد المنازل يبلغ من العمر 60 عاما: «لقد شعرنا بالارتياح، لكننا غاضبون من استغراق هذا الأمر 10 سنوات». ورغم الحكم، لا يزال وضع الفيللا، التي يملكها هارفي والمكونة من 3 غرف نوم، غير واضح. ففي الوقت الذي لا يمكن أن تطال يد الهدم الفيللا، لا يعد وضعها قانونيا ولا يمكنه بيعها. ولذلك لا يحق له الاستفادة من المرافق، ويستخدم مولد كهرباء ويحصل على المياه من شاحنة. وأوضح هارفي قائلا: «لا يمكننا تركه، ولا يمكننا بيعه. إنه يمثل كل مدخراتنا».
ويعد مستقبل المنازل غير القانونية موضوعا سياسيا ساخنا في الأندلس، حيث يقول مسؤولون حكوميون إنهم على استعداد لدعم التشريع الجديد الذي من شأنه أن يغير القانون ويقنن أوضاع تلك المنازل.
وقال خوسيه لويز سانشيز تيرويل، أمين عام الحزب الاشتراكي، الذي يحظى بالأغلبية في الأندلس، في ألمرية: «أنا متفائل، فهناك إرادة سياسية لحل هذه المشكلة».
مع ذلك لا تزال هناك عواقب متعددة، حيث يرى خبراء البيئة ضرورة هدم المنازل المشيدة على أرض ملكيتها عامة دون النظر إلى وضع المالك. وهناك أيضا موضوع خطير هو تعويض أصحاب المنازل التي يتم هدمها. ويشكك الكثير من أصحاب المنازل مثل بريان ريد في اقتراب هذه المشكلات من الحل. وقد تلقى ريد مؤخرا إخطارا يفيد بأن الحكومة في الأندلس بدأت عملية هدم منزله. ويعتقد أن كل الأوراق الخاصة بالعقار كانت سليمة عندما دفع 240 ألف يورو عام 2006 مقابل فيللا منفصلة تحت الإنشاء في زورغينا في وادي ألمازورا. مع ذلك تم التحفظ على منزل ريد في إطار تحقيق جنائي في المجلس المحلي لزورغينا. وقال: «بوجه عام نحن نلف في دوائر. لا أشعر أني سأجلس يوما ما على مقعدي وأقول إن كل هذا قد انتهى».

* خدمة «نيويورك تايمز»



«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
TT

«كوفيد ـ 19» يوقف إجراءات تسليم المساكن في السودان

ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء
ينتظر أن ينطلق برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي لرفع الوعي بهذا النوع من البناء

في وقت تجري فيه الاستعدادات لعقد اجتماع بين الصندوق القومي للإسكان ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان، لبحث سبل توفير تمويل لمشروعات الإسكان للمواطنين عبر قروض طويلة الأجل، ألغت الحكومة أول من أمس، وأوقفت، إجراءات تسليم المساكن للموطنين والتقديم لها، خوفاً من حدوث إصابات بـ«كورونا»، أثناء الاصطفاف للتقديم والتسلم.
وكان الصندوق القومي للإسكان قد طرح مباني سكنية جاهزة للمواطنين في معظم المناطق الطرفية بالعاصمة الخرطوم، وبقية الولايات، وذلك ضمن مشروع السودان لتوفير المأوى للمواطنين، الذي سيبدأ بـ100 ألف وحدة سكنية لذوي الدخل المحدود. وقد بدأ المشروع بفئة العمال في القطاعات الحكومية في جميع ولايات السودان العام الماضي، بواقع 5 آلاف منزل للمرحلة الأولى، تسدد بالتقسيط على مدى 7 سنوات. ويتضمن مشروع إسكان عمال السودان 40 مدينة سكنية في جميع مدن البلاد، لصالح محدودي الدخل، ويستفيد من المشروع في عامه الأول أكثر من مليونين.
وقد أقام المواطنون مواقع أمام مقر الصندوق القومي للإسكان، وباتوا يتجمعون يومياً بأعداد كبيرة، ما سبب إزعاجاً لدى إدارة الصندوق والشارع العام، وذلك بعد قرار سياسي من والي ولاية الخرطوم، لدعوة المواطنين للتقديم للحصول على سكن شعبي.
ووفقاً للدكتور عبد الرحمن الطيب أيوبيه الأمين العام المكلف للصندوق القومي للإسكان والتعمير في السودان لـ«الشرق الأوسط» حول دواعي إصدار قرار بوقف إجراءات التسليم والتقديم للإسكان الشعبي، وعما إذا كان «كورونا» هو السبب، أوضح أن تلك التجمعات تسببت في زحام شديد، حيث نصب المتقدمون للوحدات السكنية خياماً أمام مقر الصندوق في شارع الجمهورية، بعد قرار الوالي في وقت سابق من العام الماضي بدعوة المواطنين للتقديم. وظلت تلك التجمعات مصدر إزعاج وإرباك للسلطات، ولم تتعامل معهم إدارة الصندوق، إلى أن جاء قرار الوالي الأخير بمنع هذه التجمعات خوفاً من عدوى «كورونا» الذي ينشط في الزحام.
وبين أيوبيه أن الخطة الإسكانية لا تحتاج لتجمعات أمام مباني الجهات المختصة، حيث هناك ترتيبات وإجراءات للتقديم والتسلم تتم عبر منافذ صناديق الإسكان في البلاد، وعندما تكون هناك وحدات جاهزة للتسليم يتم الإعلان عنها عبر الصحف اليومية، موضحاً أن كل ولاية لديها مكاتب إدارية في كل ولايات السودان، وتتبع الإجراءات نفسها المعمول بها في العاصمة.
ولم يخفِ أيوبيه أزمة السكن في البلاد، والفجوة في المساكن والوحدات السكنية، والمقدرة بنحو مليوني وحدة سكنية في ولاية الخرطوم فقط، لكنه أشار إلى أن لديهم خطة مدروسة لإنشاء 40 ألف مدينة سكنية، تم الفراغ من نسبة عالية في العاصمة الخرطوم، بجانب 10 آلاف وحدة سكنية.
وقال إن هذه المشاريع الإسكانية ستغطي فجوة كبيرة في السكن الشعبي والاقتصادي في البلاد، موضحاً أن العقبة أمام تنفيذها هو التمويل، لكنها كمشاريع جاهزة للتنفيذ والتطبيق، مشيراً إلى أن لديهم جهوداً محلية ودولية لتوفير التمويل لهذه المشاريع.
وقال إن اجتماعاً سيتم بين الصندوق القومي للإسكان وبنك السودان المركزي ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، لتوفير الضمانات بالنسبة للتمويل الخارجي واعتماد مبالغ للإسكان من الاحتياطي القانوني للمصارف المحلية.
وأكد الدكتور عبد الرحمن على أهمية التنسيق والتعاون المشترك بين الجهات المعنية لإنفاذ المشروع القومي للمأوى، وتوفير السكن للشرائح المستهدفة، مجدداً أن أبواب السودان مشرعة للاستثمار في مجال الإسكان. وأشار إلى أن الصندوق القومي للإسكان سيشارك في معرض أكسبو في دبي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وذلك بجناح يعرض فيه الفرص الاستثمارية في السكن والوحدات السكنية في السودان، وسيتم عرض كل الفرص الجاهزة والمتاحة في العاصمة والولايات.
وقال إن هناك آثاراً متوقعة من قرار رفع العقوبات الاقتصادية الأميركية على البلاد، ومن المتوقع أن يسهم كثيرا في إنعاش سوق العقارات واستقطاب رؤوس أموال لصالح التوسع في مشروعات الإسكان. وأبان أن الصندوق استطاع خلال السنوات الماضية إحداث جسور للتعاون مع دول ومنظمات واتحادات ومؤسسات مختلفة، وحالت العقوبات دون استثمارها بالشكل المطلوب، مشيرا إلى أن جهودهم ستتواصل للاستفادة من الخبرات والموارد المالية المتاحة عبر القروض والمنح والاستثمارات.
وأكمل الصندوق القومي للإسكان في السودان تحديد المواقع والدراسات لمشروع المأوى القومي ومنازل العمال، حيث ستشيد المنازل بأنماط مختلفة من السكن الاقتصادي، الشعبي، الاستثماري، الريفي، والمنتج، بتمويل من البنوك العاملة في البلاد، وفق خطة الصندوق.
وقد طرحت إدارة الصندوق عطاءات منذ بداية العام الجاري لتنفيذ مدن سكنية، كما دعت المستثمرين إلى الدخول في شراكات للاستثمار العقاري بالولايات لتوفير المأوى للشرائح المستهدفة، إلا أن التمويل وقف عثرة أمام تلك المشاريع.
وطرح الصندوق القومي للإسكان في ولاية الخرطوم أن يطرح حالياً نحو 10 آلاف وحدة سكنية لمحدودي الدخل والفئويين والمهنيين في مدن العاصمة الثلاث، كما يطرح العديد من الفرص المتاحة في مجال الإسكان والتطوير العقاري، حيث تم الانتهاء من تجهيز 5 آلاف شقة و15 ألفا للسكن الاقتصادي في مدن الخرطوم الثلاث.
وتم تزويد تلك المساكن بخدمات الكهرباء والطرق والمدارس وبعض المرافق الأخرى، بهدف تسهيل وتوفير تكلفة البناء للأسرة، حيث تتصاعد أسعار مواد البناء في البلاد بشكل جنوني تماشياً مع الارتفاع الذي يشهده الدولار مقابل الجنيه السوداني والأوضاع الاقتصادية المتردية التي تمر بها البلاد حالياً.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان لديه خطة لتوسيع قاعدة السكن لمحدودي الدخل، عبر الإسكان الرأسي، الذي يتكون من مجمعات سكنية، كل مجمع يضم بناية من 7 أدوار، ويتكون الطابق من 10 شقق سكنية، بمساحات من 180 إلى 300 متر مربع.
ويتوقع الصندوق أن يجد مشروع الإسكان الرأسي والشقق، رواجاً وإقبالاً في أوساط السودانيين محدودي الدخل، خاصة أنه أقل تكلفة وأصبح كثير من السودانيين يفضلونه على السكن الأفقي، الأمر الذي دفع الصندوق لتنفيذ برامج إعلامية لرفع مستوى وعي وثقافة المواطنين للتعامل مع السكن الجماعي والتعاون فيما بينهم.
ووفقاً لمسؤول في الصندوق القومي للإسكان فإن برنامج التوعية والتثقيف بالسكن الرأسي، يتضمن كيفية المحافظة على خدمات البناية، ورفع وعيهم بهذا النوع من البناء، حتى تتحول الخرطوم إلى عاصمة حضارية وجاذبة. وأضاف المصدر أن برنامج التوعية بالسكن في الشقق ودوره في تقليل تكلفة السكن، سيتولاه فريق من اتحاد مراكز الخدمات الصحافية، الذي يضم جميع وسائل الإعلام المحلية، مما سيوسع قاعدة انتشار الحملات الإعلامية للسكن الرأسي.
تغير ثقافة المواطن السوداني من السكن التقليدي (الحوش) إلى مساحات صغيرة مغلقة لا تطل على الشارع أو الجيران، ليس أمرا هينا. وبين أن خطوة الصندوق الحالية للاعتماد على السكن الرأسي مهمة لأنها تزيل كثيرا من المفاهيم المغلوطة عن السكن في الشقق السكنية.
يذكر أن الصندوق القومي للإسكان عام 2018 بدأ بالتعاون مع شركة هيتكو البريطانية للاستثمار، لتنفيذ مشروع الإسكان الفئوي الرأسي، الذي يستهدف بناء 50 ألف وحدة سكنية بالعاصمة الخرطوم، وكذلك مشروع لبناء أكبر مسجد في السودان، بمساحة 5 كيلومترات، وبناء 3 آلاف شقة ومحلات تجارية.