أحداث العام 2014: أكثر من نصف الشعب السوري «لاجئون»

يعانون اجتماعيا واقتصاديا في الدول المجاورة.. وعام 2014 كان الأسوأ لهم في لبنان

طفل سوري كردي يحاول أهله تمريره فوق حاجز حدودي إلى الجزء التركي غرب مدينة كوباني في 29 سبتمبر 2014 ({نيويورك تايمز})
طفل سوري كردي يحاول أهله تمريره فوق حاجز حدودي إلى الجزء التركي غرب مدينة كوباني في 29 سبتمبر 2014 ({نيويورك تايمز})
TT

أحداث العام 2014: أكثر من نصف الشعب السوري «لاجئون»

طفل سوري كردي يحاول أهله تمريره فوق حاجز حدودي إلى الجزء التركي غرب مدينة كوباني في 29 سبتمبر 2014 ({نيويورك تايمز})
طفل سوري كردي يحاول أهله تمريره فوق حاجز حدودي إلى الجزء التركي غرب مدينة كوباني في 29 سبتمبر 2014 ({نيويورك تايمز})

بعد نحو أربع سنوات من بدء الأزمة السورية، بات أكثر من نصف الشعب السوري يعانون ويحملون صفة «لاجئ». الحرب لم تترك لهم إلا خيار الهروب، فبعضهم فضّل البقاء في بلده نازحا إلى منطقة أكثر أمنا، والبعض الآخر لجأ إلى البلاد المجاورة بما يحمله هذا القرار من معاناة وصلت إلى حد موت عدد من الأطفال بردا أو جوعا.
نحو 18 مليون سوري يتوزعون داخل سوريا وفي لبنان والأردن وتركيا إضافة إلى مصر والعراق، فيما تشير التقديرات إلى مقتل أكثر من 5 آلاف لاجئ في البحر خلال محاولتهم الهجرة بطريقة غير شرعية إلى أوروبا. ومن كان له حظ الوصول إلى أوروبا والحصول على سقف يؤويه فإنه يعيش في حالة «يرثى لها»، وفق توصيف منظمة العفو الدولية. مع العلم بأنه وباستثناء ألمانيا، التي تستقبل العدد الأكبر من النازحين في أوروبا، فإن الاتحاد الأوروبي لم يؤمن إعادة توطين سوى 0.17 في المائة من اللاجئين الموزعين على الدول الخمس المجاورة لسوريا، وفق المنظمة.
ولا يختلف كثيرا وضع النازحين السوريين في بلاد اللجوء المجاورة التي تستقبل العدد الأكبر منهم، إذ إنه في حين أنشئت لهم مخيمات خاصة في الأردن وتركيا، يخضع وضعهم في لبنان لمعايير عدّة، منها «سياسية» و«ديموغرافية»، حالت حتى الآن دون تنظيم وجودهم ضمن مخيمات. ويتوزع هؤلاء في مختلف المناطق اللبنانية، وبنسبة كبيرة في الشمال والبقاع، حيث أقيمت بعض المخيمات العشوائية التي تفتقد إلى أدنى المقومات اللازمة.
وقد بلغ عدد اللاجئين السوريين في الأردن نحو 800 ألف لاجئ موزعين في معظمهم على 3 مخيمات، بينما تشير أرقام المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إلى أن اللاجئين السوريين المسجلين في تركيا يبلغ تعدادهم 713 ألف لاجئ، وبالتالي فإن العدد قد يتجاوز المليون إذا أضيف له اللاجئون غير المسجلين أو الذين دخلوا البلاد بصورة غير شرعية، وهو ما عكسته تقديرات حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، مشيرة إلى أن عدد اللاجئين السوريين في تركيا «يقترب من مليون لاجئ»، كلفوا الاقتصاد التركي أكثر من 2.5 مليار دولار.
وإذا كان وضع اللاجئين الإنساني سيئا في لبنان، حيث وصل عددهم إلى نحو المليونين، فإن عام 2014 شهد تطورات أمنية خطيرة كانت كفيلة بتردي أوضاعهم أكثر، لا سيما بعد معركة عرسال في أغسطس (آب) الماضي بين المسلحين والجيش اللبناني الذي سقط منه قتلى وجرحى ومخطوفون لا يزال مصيرهم مجهولا. وهذا الأمر أدى إلى ردود فعل لبنانية وسياسية تجاه قضية اللاجئين، التي كانت أساسا موضع خلاف بين الأفرقاء السياسيين.
ومنذ ذلك الحين فرض الجيش تدابير أمنية مشددة في المنطقة خصوصا في المخيمات التي تؤوي لاجئين سوريين أشارت المعلومات إلى أن عددا منهم شاركوا في الهجوم ضد الجيش. وقررت الحكومة اللبنانية أخيرا، وفي إطار مساعيها لمواجهة أزمة اللجوء، وقف استقبال أعداد جديدة من اللاجئين السوريين، وإسقاط صفة النازح عمن يدخل إلى سوريا ويريد العودة إلى لبنان، والتدقيق بحقيقة امتلاك السوريين الموجودين في لبنان صفة نازحين.
وأعلن وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس أن النزوح السوري كبّد لبنان خسائر بقيمة 20 مليون دولار «كما خسر لبنان حدوده البرية و500 ألف سائح بري، وتراجع النمو من 8 في المائة إلى 1.5 في المائة، وبسبب اللجوء السوري استُهلكت البنى التحتية في لبنان خلال سنتين ما كان يفترض استهلاكه خلال 15 عاما».
وأخيرا ظهرت دعوات من جهات سياسية عدّة للتنسيق مع النظام السوري لإعادة اللاجئين إلى بلادهم، وهو ما عبّر عنه كذلك درباس، مشيرا إلى أن «لبنان جاهز ليتعاون مع سوريا لإعادة النازحين إلى سوريا، ونحن نروج لإمكانية عودة النازحين إلى مناطق سيطرة النظام بتسهيل لبناني وتنسيق مع الجهات الدولية والدولة السورية».
وبينما ينشط الحراك الدولي على خط إيجاد حل سياسي للأزمة السورية، وتطبيق خطة لـ«تجميد القتال» في بعض المناطق تبدأ من حلب، وإيجاد مناطق آمنة لعودة اللاجئين، تدخل قضية اللجوء عام 2015 مثقلة بعبء تأمين مليارين و900 ألف دولار لتقديم المساعدات الغذائية لـ12 مليونا و200 ألف شخص داخل سوريا، فيما يحتاج السوريون في الدول المجاورة إلى 5 ملايين و500 ألف دولار.
وقد أعلنت الأمم المتحدة أنها بحاجة إلى ثمانية مليارات و400 ألف دولار لتغطية تكلفة المساعدات التي ستقدم للاجئين السوريين، كما أعلن برنامج الأغذية العالمي حاجته إلى 339 مليون دولار بصفة عاجلة لدعم عملياته في سوريا والدول الخمس المجاورة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2015.
وكان قد عقد في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مؤتمر برلين لبحث قضية اللاجئين، واختتم أعماله بإعلان المجتمع الدولي التزامه بتقديم دعم مالي بعيد المدى للدول التي تستضيف العدد الأكبر من النازحين السوريين، وأبرزها لبنان، من دون أن يعلن عن مبلغ محدد. وبحسب البيان الختامي الصادر عن أربعين ممثلا لحكومات ومنظمات دولية في العاصمة الألمانية، فإن المانحين سيحاولون تعبئة دعم متزايد لأعوام عديدة يستند إلى حاجات يتم تحديدها لاحقا. وقد وعدت ألمانيا بتقديم مساعدات بمبلغ 500 مليون يورو خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، فيما أعلنت الولايات المتحدة عن زيادة مساعدتها الإنسانية بقيمة عشرة ملايين دولار.
وقال مهند هادي، منسق عملية الطوارئ الإقليمية للأزمة السورية ببرنامج الأغذية العالمي «على مدى السنوات الأربع الماضية استطعنا تجنب وقوع أزمة غذائية بين السوريين الأكثر احتياجا. وفي عام 2015، علينا العمل للحيلولة دون حدوث أزمة غذائية وفي الوقت نفسه علينا أيضا بناء قدرة السوريين على الصمود والتعامل مع التحديات التي يواجهونها، وكذلك تقديم الدعم للمجتمعات المضيفة التي فتحت منازلها لاستقبالهم».
مع العلم بأن برنامج الأغذية العالمي كان قد علّق تقديم مساعداته إلى اللاجئين لعدم توافر التمويل اللازم قبل أن يعود ويستأنف نشاطه بعد حملة تبرعات تمكن خلالها من جمع المبلغ الكافي للتقديمات الغذائية للاجئين بعد حملة تبرعات إلكترونية.



مصر تتحدث عن «تجربة مريرة» عمرها 13 عاماً في ملف السد الإثيوبي

سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
TT

مصر تتحدث عن «تجربة مريرة» عمرها 13 عاماً في ملف السد الإثيوبي

سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

جدّدت مصر الحديث عن صعوبات مسار التفاوض مع إثيوبيا بشأن قضية «سد النهضة»، مؤكدة أنها «خاضت تجربة مريرة لمدة 13 عاماً»، ورهنت حدوث انفراجة في الملف بـ«توافر إرادة سياسية لدى أديس أبابا».

وجدَّد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء تلفزيوني، مساء السبت، تأكيده «محورية حقوقها المائية من مياه النيل»، وقال إن بلاده «ترفض الممارسات الأحادية، من الجانب الإثيوبي، بشأن مشروع (السد)».

وتقيم إثيوبيا مشروع سد النهضة على رافد نهر النيل الرئيسي، منذ 2011، ويواجَه مشروع السد باعتراضات من دولتَي المصب مصر والسودان؛ للمطالبة باتفاق قانوني ينظم عمليات «تشغيل السد».

وشدد وزير الخارجية المصري على «ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم بشأن السد الإثيوبي»، وقال إن «بلاده لها تجربة مريرة امتدت إلى 13 عاماً دون التوصل إلى أي نتيجة بشأن (سد النهضة)»، مشيراً إلى أن «أديس أبابا ليست لديها الإرادة السياسية للوصول لاتفاق قانوني».

وعدّ عبد العاطي ملف المياه «قضية وجودية لمصر والسودان»، وقال إن «موقف الدولتين متطابق بشأن السد الإثيوبي».

وتنظر القاهرة لأمنها المائي بوصفه «قضية وجودية»، حيث تعاني مصر عجزاً مائياً يبلغ 55 في المائة، وتعتمد على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، وفق بيانات وزارة الري المصرية.

ورهن عبد العاطي الوصول لاتفاق بين الدول الثلاث بشأن السد بـ«ضرورة توافر الإرادة السياسية لدى إثيوبيا؛ من أجل التوصل لاتفاق قانوني». وقال إن «ممارسات أديس أبابا الأحادية بملء بحيرة السد وتشغيله انتهاك لمبادئ القانون الدولي، باعتبار نهر النيل نهراً دولياً مشتركاً عابراً للحدود».

وفي وقت سابق، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، قرب «اكتمال بناء مشروع السد»، وقال، في شهر أغسطس (آب) الماضي، إن «إجمالي المياه في بحيرة السد ستصل إلى 70 مليار متر مكعب، نهاية عام 2024».

ويرى الأمين العام المساعد الأسبق لمنظمة الوحدة الأفريقية، السفير أحمد حجاج، أن «الحكومة الإثيوبية لم تلتزم باتفاقيات التعاون المبرَمة بينها وبين مصر والسودان، خصوصاً إعلان المبادئ الذي جرى توقيعه عام 2015، بين الدول الثلاث»، إلى جانب «مخالفة الاتفاقيات الدولية، المتعلقة بالأنهار العابرة للحدود، والتي تقضي بعدم إقامة أي مشروعات مائية، في دول المنابع، دون موافقة دول المصب»، منوهاً بأن «أديس أبابا لم تستشِر القاهرة والخرطوم بخصوص مشروع السد».

ووقَّعت مصر وإثيوبيا والسودان، في مارس (آذار) 2015، اتفاق «إعلان مبادئ» بشأن سد النهضة، تضمَّن ورقة تشمل 10 مبادئ وتعهدات تلتزم بها الدول الثلاث، من بينها التزام إثيوبيا «بعدم إحداث ضرر جسيم لدولتي المصب».

وفي تقدير حجاج، فإن «الجانب الإثيوبي لم يشارك في مسارات التفاوض بشأن السد، بحسن نية». وقال إن «أديس أبابا أفشلت المفاوضات بسبب التعنت وغياب الإرادة السياسية لإبرام اتفاق قانوني بشأن السد»، ودلل على ذلك بـ«عدم التجاوب الإثيوبي مع توصيات مجلس الأمن بضرورة الوصول لاتفاق نهائي بشأن السد».

كان مجلس الأمن قد أصدر بياناً، في سبتمبر (أيلول) 2021، حثّ فيه مصر وإثيوبيا والسودان على «استئناف المفاوضات؛ بهدف وضع صيغة نهائية لاتفاق مقبول وملزِم للأطراف بشأن ملء (السد) وتشغيله ضمن إطار زمني معقول».

بدوره، يعتقد خبير الشؤون الأفريقية المصري، رامي زهدي، أن «القاهرة واجهت صعوبات عدة في مسار مفاوضات سد النهضة؛ بسبب تعنت الجانب الإثيوبي». وقال إن «أديس أبابا لم تُثبت جديتها في جولات التفاوض على مدار 13 عاماً»، معتبراً أن ما يحرك الجانب الإثيوبي «المكايدة السياسية ضد القاهرة، وممارسة ضغوط جيوسياسية عليها».

وحذّرت وزارة الخارجية المصرية، في خطاب إلى مجلس الأمن، نهاية أغسطس الماضي، من «تأثيرات خطيرة للسد على حصتي مصر والسودان المائيتين». وأشارت إلى «انتهاء مسارات المفاوضات بشأن سد النهضة بعد 13 عاماً من التفاوض بنيّاتٍ صادقة». وأرجعت ذلك إلى أن «أديس أبابا ترغب فقط في استمرار وجود غطاء تفاوضي لأمد غير منظور بغرض تكريس الأمر الواقع، دون وجود إرادة سياسية لديها للتوصل إلى حل».