منذ أن أعلن مركز التحليل المخبري في ألمانيا أنه عثر أثناء الفحوص التي أجراها على نافالني، على آثار لغاز «نوفيتشوك» الكيماوي السام، استعادت علاقات روسيا والغرب تاريخاً حافلا بشبهات لحالات مماثلة، جرى خلالها استهداف معارضين أو منشقين عن روسيا بأسلحة سامة.
ومع تحول قضية نافالني إلى عنصر جديد يفاقم الأزمة والتوتر بين موسكو والعواصم الغربية، بدا أن الشق المتعلق باستخدامات الأسلحة المحظورة سيكون في الواجهة لفترة طويلة مقبلة. ويذكر أنه طغت في أوقات سابقة عناصر أخرى، مثل التدخل في استحقاقات انتخابية داخلية في الغرب، أو محاولات التأثير على مزاج الشارع في عدد من بلدان عبر دعم التيارات القومية المتشددة فيها، وصولاً إلى الأزمات المتفجرة في البلدان المجاورة لروسيا من جورجيا 2008 إلى أوكرانيا 2014 إلى المشهد الساخن حاليا في بيلاروسيا.
لقد برز التركيز على ملف استخدام الأسلحة المحظورة، خلال جلسة مجلس الأمن قبل أسابيع قليلة التي خصصت لمناقشة الملف الكيماوي السوري، والتي شهدت سجالات حادة بين مندوبي البلدان الغربية ومندوب روسيا لدى المجلس. إذ وجه اتهام إلى روسيا بمواصلة استخدام الأسلحة المحظورة دولياً «في سوريا وفي أوروبا وداخل روسيا نفسها».
وهذه العبارة ذاتها كررها حرفياً تقريباً الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في خطابه أخيراً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إذ أشار إلى تمسك باريس بما وصفه بأنها «خطوط حمراء» حول تحريم استخدام هذه الأنواع من الأسلحة الخطرة. ويشير التعاطف والتأييد من جانب العواصم الغربية الكبرى الذي حصلت عليه ألمانيا عندما وجهت أصابع اتهام إلى الأجهزة الروسية بالوقوف وراء حادثة تسميم أليكسي نافالني إلى تحول هذا الموضوع إلى صدارة المناقشات خلال الفترة المقبلة مع موسكو. وحتى إذا شفي نافالني تماماً، وعاد إلى روسيا، كما أعلن عن نيته أخيرا، فسيبقى هذا العنصر حاضراً في السجالات الروسية الغربية.
من جهة ثانية، قبل أن تبرز آثار «نوفيتشوك» - وهي التسمية التي تعني بالروسية «القادم الجديد» - على نافالني، كانت مختبرات بريطانيا أكدت أن المنشق الروسي سيرغي سكريبال قد تعرض لاستنشاق هذا الغاز السام مع ابنته في جنوب إنجلترا. وعلى الرغم من أن موسكو رفضت هذه المزاعم، وطالبت لندن بتقديم أدلة تدين القيادة الروسية، لم يهدأ الأمر، ومع عودة «القادم الجديد» للظهور في ملف نافالني، تتزايد المطالبات لروسيا الآن بتقديم توضيحات حول صناعة هذه المادة في مصانع الأجهزة الخاصة الروسية.
ولا تتعلق المطالبات بـ«نوفيتشوك» وحده، لكن الحادثة الأخيرة أعادت فتح الملفات القديمة. إذ كانت قضية المواد السامة قد أثيرت بشكل قوي منذ العام 2006 عندما تعرض الجاسوس الروسي المنشق ألكسندر ليتفينينكو إلى عملية تسميم مماثلة في لندن. وخلافاً للوضع مع سكريبال ومع نافالني أخيراً، فقد قضى ليتفينينكو نحبه في الحادثة، ووجهت أصابع الاتهام إلى الكرملين. ومع اتجاه أوروبا لفرض مزيد من العقوبات على موسكو على خلفية قضية نافالني، يبدو أن ملف المواد السامة سيبقى خلال الشهور المقبلة واحداً من عناصر التوتر الرئيسية في علاقات الجانبين.
7:57 دقيقة
«القادم الجديد»... يفاقم الأزمة بين روسيا والغرب
https://aawsat.com/home/article/2529586/%C2%AB%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%AF%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%C2%BB-%D9%8A%D9%81%D8%A7%D9%82%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A7-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B1%D8%A8
«القادم الجديد»... يفاقم الأزمة بين روسيا والغرب
«القادم الجديد»... يفاقم الأزمة بين روسيا والغرب
مواضيع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة