لبنان: الرئيس المكلف يحسم خياراته الأسبوع المقبل بالتشكيل أو الاعتذار

لا يؤيد منح الفرصة لأي طرف بتسمية وزرائه

لبنان: الرئيس المكلف يحسم خياراته الأسبوع المقبل بالتشكيل أو الاعتذار
TT

لبنان: الرئيس المكلف يحسم خياراته الأسبوع المقبل بالتشكيل أو الاعتذار

لبنان: الرئيس المكلف يحسم خياراته الأسبوع المقبل بالتشكيل أو الاعتذار

قال مرجع سياسي يواكب المشاورات الجارية لتهيئة الأجواء لتشكيل الحكومة الجديدة، إن المراوحة لن تبقى قائمة إلى ما لا نهاية وإن الأسبوع المقبل يُفترض أن يدفع باتجاه حسم المواقف سلباً أو إيجاباً وإن الرئيس المكلف السفير مصطفى أديب سيُضطر إلى حسم خياراته تشكيلاً أو اعتذاراً.
وأكد المرجع، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن العائق الوحيد الذي يؤخّر ولادة الحكومة يكمن في أن بعض الأطراف -في إشارة إلى موقف «الثنائي الشيعي»- يصرّ على تجويف المبادرة الفرنسية من مضامينها خصوصاً في ضوء إصراره على أن يسمّي الوزراء الشيعة ومن بينهم وزير المالية.
ولفت المرجع السياسي لـ«الشرق الأوسط» إلى أن مجرد الرضوخ لطلب «الثنائي الشيعي» في تسمية الوزراء الشيعة سيؤدي إلى إسقاط ما تعهد به أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لجهة المجيء بحكومة مستقلة من اختصاصيين.
وإذ أكد أن المشاورات مستمرة بين رئيس الجمهورية ميشال عون، والرئيس المكلف، وكانت آخرها الجولة التي عُقدت بينهما عصر أمس، رأى في المقابل أن أديب لم يرفض أن يتسلّم من ممثلَي «الثنائي الشيعي»، (المعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي نبيه بري النائب علي حسن خليل، والمعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، حسين خليل) عندما التقاهما أول من أمس، لائحة بأسماء عشرة مرشحين لتولي وزارة المالية على أن يختار أديب أحدهم لتولّيها.
وأوضح المرجع السياسي أن أديب تحفّظ على المبدأ، انطلاقاً من أن عدم موافقته على أي اسم من الأسماء الواردة في اللائحة سيدفع بممثلي «الثنائي الشيعي» إلى التقدُّم إليه بلائحة ثانية أو ثالثة، وهكذا دواليك إلى أن يوافق على الاسم.
وقال إن مجرد موافقته على اختيار اسم بناءً على رغبة «الثنائي الشيعي» سيدفع بالآخرين إلى مطالبة أديب بمعاملتهم بالمثل، وهذا ما يشكّل التفافاً على المبادرة الفرنسية وصولاً للإطاحة بها. وأكد أن الحكومة الجديدة في هذه الحالة ستكون نسخة من الحكومة المستقيلة مع فارق أن أديب سيحل محل الرئيس حسان دياب على رأس هذه الحكومة.
وأكد أن أديب أراد أن يقطع الطريق على «الثنائي الشيعي» برفضه أن يتسلّم منه لائحة بأسماء المستوزَرين، لأنه في حال أبدى استعداده لتسلّمها لن يكون في وسعه الامتناع عن تسلّم لوائح مماثلة من الكتل النيابية الأخرى أو الاعتراض على طلب عون أن يكون له الحضور الوازن في الحكومة.
ورأى أن الخروج عن خريطة الطريق التي رسمها ماكرون بموافقة الجميع لإنقاذ البلد بوضع معايير جديدة لاختيار الوزراء، سيلقى اعتراضا فرنسياً سينسحب تلقائياً على المجتمع الدولي والدول العربية لأن باريس لن توفر الغطاء السياسي لهكذا حكومة مرفوضة منها في الأساس.
وفي هذا السياق تستغرب مصادر سياسية المحاولة الرامية للنيل من دور أديب في تشكيل الحكومة من خلال التعامل مع زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، بأنه هو من يتولى تشكيلها بالنيابة عن أديب وصولاً إلى اتهام الحريري بأنه يخطط للعودة إلى رئاسة الحكومة.
وتؤكد المصادر نفسها لـ«الشرق الأوسط» أن من يراهن على وجود رغبة لدى الحريري في العودة إلى رئاسة الحكومة بعد أن يستنفذ أديب قدراته على تشكيلها، يفترض أن يدرك أن رهانه ليس في محله. وتعزو السبب إلى أن من يقرر التضحية وتقديم التنازلات لتسجيل اختراق في حائط الأزمة المسدود ويفتح الباب أمام تسهيل ولادتها ويوافق بملء إرادته على الخروج حالياً من المعادلة السياسية، لا يخطط للعودة إلى رئاسة الحكومة.
وتضيف أن الحريري قرر أن يتخلى عن كل ما لديه من أوراق لتوفير كل الدعم لأديب. وتقول إنه أخذ على عاتقه أن يكون «كاسحة ألغام» لتعطيل «العبوات السياسية» بغية إزالة كل العراقيل التي تؤخّر تشكيل الحكومة. وتؤكد أنه وضع كل أوراقه السياسية لإنجاح المبادرة الفرنسية لقطع الطريق على ما ينتظر لبنان في حال اتَّخذ ماكرون قراره بسحب مبادرته من التداول في غياب أي بديل يمكن أن يملأ الفراغ السياسي الذي سيترتب على انكفاء فرنسا عن لعب دورها لإنقاذ لبنان.
وتحذّر المصادر من اللعب على عامل الوقت، وتقول إن لبنان لا يحتمل التخلي عن المبادرة الفرنسية ووضعه على لائحة الانتظار إلى حين إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية. وتؤكد أن الحصار سيُفرض على الجميع وقد يأخذ البلد إلى المجهول ومنه إلى الفوضى بدلاً من تقديم كل التسهيلات لإنجاحها.
وتدعو هذه المصادر الرئيس بري للعب دور إنقاذي انطلاقاً من قدرته على التعاطي مع الجميع بخلاف حليفه «حزب الله»، وتقول: «لن نطلب منه الصدام مع حليفه وإنما بتكثيف حضوره لما له من فاعلية في إقناع حليفه بأنْ لا مصلحة في تمديد مشاورات التكليف بلا جدوى لئلا يُضطر ماكرون لإعادة النظر بمبادرته وصولاً إلى تجميدها في وقت ليس في قدرة أي طرف تسديد الكلفة السياسية لإسقاطها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».