لبنان: مخاوف مسيحية من «اعتياد» غياب الرئيس

بعد 218 يوما من الفراغ في سدة الرئاسة.. واستمرار عجلة الحكم

لبنان: مخاوف مسيحية  من «اعتياد» غياب الرئيس
TT

لبنان: مخاوف مسيحية من «اعتياد» غياب الرئيس

لبنان: مخاوف مسيحية  من «اعتياد» غياب الرئيس

بدا مستغربا للكثير من اللبنانيين أن يروا عبر شاشات التلفزة، أحد وزرائهم يلقي كلمة له قبيل مغادرته صالون الشرف في مطار رفيق الحريري الدولي في العاصمة بيروت، وفي الخلفية إطار أبيض فارغ اعتادوا أن يحمل صورة رئيس جمهورية البلاد. فمسؤولو البروتوكول هناك ارتأوا إزالة صورة الرئيس الأسبق ميشال سليمان تاركين الإطار فارغا، ما استدعى «مجرد استغراب» لدى قسم كبير من اللبنانيين.
اليوم، اعتاد هؤلاء أن يطل عليهم المسؤولون السياسيون، كما الزوار الرسميي،ن بالخلفية عينها، بعد 218 يوما على شغور سدة الرئاسة وفشل البرلمان اللبناني خلال 16 جلسة بانتخاب رئيس نظرا لإصرار حزب الله و«تكتل التغيير والإصلاح» الذي يرأسه الزعيم المسيحي النائب ميشال عون، وعدد آخر من الأحزاب الحليفة لهما على عدم حضور جلسات الانتخاب، وبالتالي تأمين النصاب قبل التوافق على اسم الرئيس سلفا أو حصر المنافسة بين عون ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع.
ويُعد الرئيس اللبناني هو الرئيس المسيحي الوحيد في منطقة الشرق الأوسط، لذلك تولي دوائر الفاتيكان، المرجعية المسيحية الأولى في العالم، ودول أوروبية أخرى، أهمية استثنائية لوجوب انتخاب رئيس بأسرع وقت ممكن خوفا من فقدان هذا الموقع.
وقد برز أخيرا دور فرنسي لتحريك المياه الراكدة بالملف الرئاسي بعد ما حكي عن «إشارات إيرانية إيجابية» في هذا الاتجاه، تبين لاحقا أنّها لم تكن جدية كفاية بعد تجديد حزب الله من مقر البطريركية المارونية في بكركي (شرق بيروت) قبل يومين، تبني ترشيح عون للرئاسة.
وفي المقابل ربط عون مصير الانتخابات الرئاسية بمصير الجمهورية ككل. ورأى أن بقاء الجمهورية مرتبط بانتخاب رئيس «قوي» ذي حيثية شعبية ونيابية، معتبرا أنه إذا لم يتحقق هذا الأمر فالأفضل البحث في صيغة جديدة للجمهورية «في ظل الخلل المستمر في الشراكة الوطنية وفي تطبيق بنود اتفاق الطائف».
وقد اتفق الفرقاء السياسيون منذ انتهاء ولاية سليمان في مايو (أيار) الماضي، لتسيير أمور مجلس الوزراء، على استبدال تواقيع الوزراء الـ24 بتوقيع رئيس الجمهورية، وبالتالي فإن قرار أحدهم عدم التوقيع يسقط أي مشروع قرار وزاري.
وباعتبار أن صلاحيات الرئيس اللبناني محدودة بإطار ما نص عليه اتفاق الطائف، يجري حاليا تسيير أعمال الدولة من دون عراقيل جوهرية، وهو ما يخشى مسؤولون في الكنيسة من استمراره، وبالتالي اعتياد الواقع القائم حاليا.
وفي هذا الإطار، أشار رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو أبو كسم، إلى أنه «بمقابل المخاوف الموجودة من الاعتياد على الفراغ الرئاسي، برز في الوقت عينه التماس لضرورة انتخاب رئيس من قبل شركائنا في الوطن من غير المسيحيين، باعتبار أن تجربة شغور سدة الرئاسة، رغم سلبياتها، بيّنت أن غياب رأس الدولة المسيحي يخلق خللا بالانتظام العام وبمفهوم الديمقراطية، بعدما بات مجلس الوزراء يسيّر أموره متخطيا ما ينص عليه الدستور».
وإذ شدّد أبو كسم في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن الفراغ الرئاسي فراغ على مستوى الوطن وغير محصور بطائفة، دعا إلى «المسارعة إلى انتخاب رئيس على أن يجري بعدها إعادة النظر بإعطائه مزيدا من الصلاحيات بعدما حاولوا في فترة من الفترات تقليص هذه الصلاحيات، وها هم يحاولون اليوم تهميش دوره».
وتحدث أبو كسم عن «جهود فاتيكانية، كما أوروبية وأميركية، تبذل للدفع باتجاه انتخاب رئيس؛ حرصا على الانتظام العام وعلى الحفاظ على وجه لبنان الديمقراطي النموذج في منطقة الشرق الأوسط».
وقد اعتاد اللبنانيون في الحقب الماضية أن يكون للنظام السوري الكلمة الأولى والأخيرة بتحديد هوية رئيس الجمهورية؛ نظرا لوجود الجيش السوري على الأراضي اللبنانية. وفي عام 2008 انتخب سليمان رئيسا بعد جولة من العنف عُرفت بـ«أحداث 7 أيار» نتج عنها اتفاق جرى توقيعه بين الأقطاب اللبنانيين في الدوحة.



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.