تعيينات رموز النظام السابق تشعل خلافات حادة في الرئاسة التونسية

تعيينات رموز النظام السابق تشعل خلافات حادة في الرئاسة التونسية
TT

تعيينات رموز النظام السابق تشعل خلافات حادة في الرئاسة التونسية

تعيينات رموز النظام السابق تشعل خلافات حادة في الرئاسة التونسية

خلف اللقاء الذي جمع أمس رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد برئيس الحكومة الجديدة هشام المشيشي، مجموعة من الانتقادات، التي تحدثت عن «علاقة متوترة» باتت تطبع رأسي السلطة التنفيذية في تونس، خاصة بعد أن كشفت تصريحات رئيس الجمهورية عن خلافات عميقة حول التعيينات التي أقرها رئيس الحكومة لرموز من الصف الأول في النظام السابق، كما انتقد عدد من السياسيين طريقة إملاء الرئيس سعيد لتعليماته الموجهة إلى المشيشي خلال اللقاء.
ورفض الرئيس سعيد في فيديو نشرته مؤسسة رئاسة الجمهورية التعيينات التي أقرها المشيشي، وقال إنها مسألة يجب أن تعرض على الجميع للحسم فيها، وهو ما اعتبره بعض المراقبين «محاولة لتصفية الحسابات السياسية بعد استنجاد المشيشي بأكبر الأحزاب الممثلة في البرلمان (حركة النهضة وحزب قلب تونس) لتجاوز مخاوف جلسة منح الثقة لحكومته».
وشدد الرئيس سعيد في معرض حديثه عن التعيينات الجديدة على أنه «لا مجال لعودة من ثار عليهم الشعب، أو من ما تزال قضاياهم معروضة أمام القضاء»، موضحا أن المحاكم «تصدر أحكامها باسم الشعب، وإذا كان صاحب السیادة أدان منظومة كاملة بمؤسساتها وأشخاصها وثار علیها، وسقط الشهداء والجرحی من أجل إزاحتهم، فلا مجال لأن یعودوا الیوم بعد أن تواروا عن الأنظار وما زالت قضایاهم أمام القضاء».
وأضاف سعيد بلهجة تتضمن الكثير من النقد لقرار المشيشي ليخلص إلى أن «خبرة من سيعينهم رئيس الحكومة ليست في إنقاذ البلاد، بل في السطو على أموال التونسيين وأملاكهم، وفي صياغة قوانين تحميهم من العقاب».
وفي مقابل هذا الهجوم على المشيشي، اعتبر عدد من المتابعين للشأن السياسي أن الرئيس سعيد «تجاوز صلاحياته الدستورية، وتدخل في صلاحيات رئيس الحكومة الذي يمنحه الدستور إمكانية تعيين مستشاريه له، دون الرجوع إلى رئيس الجمهورية». وفي هذا الشأن، اعتبر عياض اللومي، قيادي حزب «قلب تونس»، أن تصريحات رئيس الجمهورية بخصوص التعيينات الأخيرة «شعبوية وغير مقبولة».
وقال اللومي إنه «من غير المعقول حرمان البلاد من كفاءاتها. فتونس بحاجة إلى كفاءات في حجم منجي صفرة، وتوفيق بكار المقترحين لشغل منصب مستشارين اقتصاديين للمشيشي». مضيفا أن رئيس الدولة «لم يستسغ بعد بأن حكومة المشيشي تحولت إلى حكومة سياسية، وأن البرلمان افتكها منه»، ومشيرا إلى «وجود تيار شعبوي اليوم يقوده سعيد»، على حد تعبيره.
ومن ناحيتها، شددت «حركة الشعب» على انحراف حكومة هشام المشيشي، وانتقالها من حكومة مستقلة إلى حكومة سياسية، معتبرة تعيينات عدد من المستشارين الجدد في ديوان رئيس الحكومة من المؤشرات السيئة.
وفي هذا السياق قال هيكل المكي، القيادي في الحركة إن حزبه يرفض هذه التعيينات «لأنها تنحرف بالحكومة، وهي تعيينات مرفوضة أخلاقيا وسياسيا، خاصة إذا كانت نابعة من اقتراحات حزبية، كما أنها تعد انحرافا خطيرا». وحذر المكي من أن تتحول الحكومة إلى «حكومة حزبية تخضع لإملاءات الأحزاب»، حتى لا تدخل البلاد في متاهات هي في غنى عنها.
من ناحية أخرى، تمخض مجلس وزاري مصغر، أشرف عليه رئيس الحكومة، مساء أول من أمس، عن مجموعة من الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية لفائدة العاطلين المحتجين في منطقة الكامور بولاية (محافظة) تطاوين (جنوب شرقي). ومن بين هذه الإجراءات الانطلاق فورا في إجراءات توظيف الدفعة الأخيرة الخاصة بشركة البيئة والغراسة والبستنة، والمقدرة بـ500 موطن شغل، وتكليف فريق عمل بحل كافة الإشكاليات العالقة التي تحول دون تفعيل بند الاتفاق المتعلق بتمويل صندوق الاستثمار، وبقية المشاريع المعطلة بجهة تطاوين، على أن يتحول هذا الفريق مطلع الأسبوع المقبل إلى الجهة، ويمكث بها إلى حين حل الإشكاليات المذكورة بصلاحيات تقريرية، ودون الحاجة للرجوع إلى الإدارة المركزية.
لكن رغم أهمية هذه الإجراءات، فقد أعلن عدنان اليحياوي، القيادي في الاتحاد الجهوي للشغل (نقابة العمال) بتطاوين، عن مواصلة شباب الجهة الاعتصام إلى حين عقد الاجتماع الحاسم الذي أعلنت عنه الحكومة، الحكومة، وما سيفضي إليه من قرارات عملية، على حد تعبيره.



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.