مأساة مخيم «موريا» اليوناني تعيد ملف الهجرة إلى الواجهة الأوروبية

خطة لتحصين الحدود وتسريع الإجراءات وإلغاء الحصص الإلزامية

متطوعة توزع الطعام على مهاجرين على بوابة مخيم بالقرب من سراييفو عاصمة البوسنة (أ.ف.ب)
متطوعة توزع الطعام على مهاجرين على بوابة مخيم بالقرب من سراييفو عاصمة البوسنة (أ.ف.ب)
TT

مأساة مخيم «موريا» اليوناني تعيد ملف الهجرة إلى الواجهة الأوروبية

متطوعة توزع الطعام على مهاجرين على بوابة مخيم بالقرب من سراييفو عاصمة البوسنة (أ.ف.ب)
متطوعة توزع الطعام على مهاجرين على بوابة مخيم بالقرب من سراييفو عاصمة البوسنة (أ.ف.ب)

بعد خمس سنوات على انفجار أكبر أزمة هجرة في تاريخه، يستعد الاتحاد الأوروبي لمفاوضات عسيرة حول أول خطة شاملة لتنظيم تدفق المهاجرين على أراضيه وتحديد شروط مشتركة وملزمة لجميع الدول الأعضاء. ويأمل الاتحاد أن تضع الخطة حداً لعقود من السياسات والتدابير الفردية التي تسببت في أزمات عديدة داخل البيت الأوروبي كانت وراء الصعود السريع للحركات والقوى اليمينية المتطرفة التي تولدت منها آخر المآسي الكبرى التي عاشتها القارة الأوروبية والتي قام المشروع الأوروبي أساساً لمنع تكرارها. وكان الحريق الهائل الذي دمر مخيم «موريا» في جزيرة كريت اليونانية قد سلط الضوء على سنوات من الفشل الذريع في إدارة تدفق المهاجرين الذين تحولوا إلى وقود لمحركات الأحزاب اليمينية في طول الاتحاد وعرضه رغم الحاجة الملحة لهم لتعويض تقدم السكان الأوروبيين في العمر.
وبعد أن كانت النية هي لطرح الخطة مطلع الشهر المقبل بهدف إطلاق المفاوضات في أجواء مواتية يوفرها التراجع المتواصل في تدفقات المهاجرين منذ ثلاث سنوات وعدم وجود انتخابات في الأفق المنظور كي تستغلها الأحزاب اليمينية، فضلاً عن المناخ الإيجابي الذي أشاعه الاتفاق السريع حول «صندوق الإنقاذ»، اضطرت المفوضية لتقديم الموعد بعد كارثة «موريا» التي أعادت ملف المهاجرين إلى واجهة الأحداث، خاصة أن التوتر والاحتقان السياسي والأمني كان قد بلغ ذروته على الجبهة الشرقية للاتحاد بين اليونان وتركيا.
وتركز خطة المفوضية على تحصين الحدود الخارجية للاتحاد وتسريع إجراءات طرد المهاجرين غير الشرعيين وإعادتهم إلى بلدانهم، إضافة إلى إلغاء الحصص الإلزامية لتوزيعهم واستبدالها بمبدأ «التضامن الإلزامي» الذي يخير الدول الأعضاء بين قبول المهاجرين أو المساعدة على إعادتهم إلى بلدانهم.
وتنص الخطة على تخصيص مبلغ ١٠ آلاف يورو عن كل مهاجر للدولة التي تقبل باستقباله، و١٢ ألفا إذا كان قاصرا. وفي حال نشوب أزمة واسعة كتلك التي وقعت في العام ٢٠١٥، عندما تدفق حوالي مليوني مهاجر على البلدان الأوروبية، يعطى زمام المبادرة للمفوضية كي تقرر توزيع المهاجرين بين الدول الأعضاء. ولا يخفي المسؤولون في المفوضية أن الخطة تستهدف استمالة الدول المتشددة في مواقفها من الهجرة، مثل المجر والنمسا وبولندا وتشيكيا وسلوفاكيا، وإنجاز المرحلة الأساسية من المفاوضات قبل نهاية السنة الجارية خلال الرئاسة الألمانية للاتحاد.
وخلال تقديمها للخطة قالت رئيسة المفوضية أورسولا فان در لاين «ما حدث في موريا يذكرنا بقسوة أن النظام القديم لإدارة الهجرة لم يعد صالحاً، ورغم التباعد في مواقف الدول الأعضاء من هذا الملف تشكل الخطة منطقة التلاقي الأمثل التي توصلنا إليها بعد استمزاج جميع الدول الأعضاء».
وتعول المفوضية على قدرة الرئاسة الألمانية للتأثير على معظم الدول المتشددة في موقفها من موضوع الهجرة لتذليل الصعاب الكثيرة المرتقبة في المفاوضات، خاصة أن ثمة ملفات أخرى شائكة على مائدة الاتحاد مثل الموجة الثانية لكوفيد١٩ والتصلب البريطاني في مفاوضات «بريكست» والبحث عن مخرج للعلاقات المتأزمة على الجبهتين التركية والروسية.
وتفيد بيانات المفوضية أن تدفقات الهجرة تراجعت في العام الماضي بنسبة ٩٢ في المائة عن العام ٢٠١٥، وأن عدد المهاجرين الذين عبروا الحدود الأوروبية في النصف الأول من هذا العام لم يتجاوز ٦٠ ألفاً، أي بانخفاض نسبته ١٤ في المائة عن العام الفائت. ويسعى الاتحاد من خلال هذه الخطة إلى تحويل الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود البحرية والبرية «فرونتكس» إلى جهاز أمني واسع الصلاحيات يتولى خفر الحدود الخارجية وفرز المهاجرين غير الشرعيين وإعادة الوافدين منهم لأسباب اقتصادية إلى بلدانهم. كما يسعى إلى إبرام المزيد من الاتفاقيات مع بلدان العبور، خاصة دول البلقان الشرقية وشمال أفريقيا.
الحكومات الأوروبية المحافظة أبدت تجاوباً مع الخطة الجديدة فيما أعربت الحكومات الاشتراكية عن إصرارها على استعادة مبدأ الحصص الإلزامية وعدم ترك توزيع المهاجرين خارج اعتبارات النسبية العددية للدول الأعضاء.
وتصر دول الخط الأمامي، وهي اليونان وإيطاليا وإسبانيا ومالطا، على الإسراع في إنجاز المفاوضات واعتماد قواعد واضحة وملزمة تنهي حال الفوضى والاستنسابية التي دفعت هذه الدول إلى أزمات اجتماعية وسياسية حادة خلال السنوات الخمس المنصرمة، وأججت مشاعر العداء للمشروع الأوروبي وساهمت في صعود القوى اليمينية المتطرفة. وفيما كان موقف المنظمات غير الحكومية الناشطة في موضوع الهجرة مثل «أوكسفام» و«كاريتاس» متوقعاً من حيث انتقادها لإلغاء مبدأ الحصص الإلزامية والتشديد على تدابير الرفض والإعادة إلى بلدان المنشأ، جاءت المفاجأة من النمسا حيث قال ناطق بلسان الحكومة أمس «إن هذه الخطة لا تشكل أساساً صالحاً للمفاوضات»، وأعلن عن عزم الحكومة النمساوية تقديم نص بديل بعد التشاور مع بعض الدول الأعضاء.
وحذر جان أسلبورن وزير خارجية لوكسمبورج من التسرع في رفض المقترحات الجديدة. وقال أسلبورن لوكالة الأنباء الألمانية «أرى أنه أمر غير تضامني على الإطلاق أن يتم تفكيك هذه المقترحات جزئيا في الهواء بهذه السرعة»



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».