روحاني يطلب من مواطنيه الاعتقاد بـ«الحرب الاقتصادية»

عدّ أن إيران حققت «انتصاراً» على واشنطن

«الحرس الثوري» الإيراني يستعرض صواريخ منها «باليستية» من طراز «قدر» بمناسبة ذكرى الحرب الإيرانية - العراقية في شارع وسط طهران (إ.ب.أ)
«الحرس الثوري» الإيراني يستعرض صواريخ منها «باليستية» من طراز «قدر» بمناسبة ذكرى الحرب الإيرانية - العراقية في شارع وسط طهران (إ.ب.أ)
TT

روحاني يطلب من مواطنيه الاعتقاد بـ«الحرب الاقتصادية»

«الحرس الثوري» الإيراني يستعرض صواريخ منها «باليستية» من طراز «قدر» بمناسبة ذكرى الحرب الإيرانية - العراقية في شارع وسط طهران (إ.ب.أ)
«الحرس الثوري» الإيراني يستعرض صواريخ منها «باليستية» من طراز «قدر» بمناسبة ذكرى الحرب الإيرانية - العراقية في شارع وسط طهران (إ.ب.أ)

طلب الرئيس الإيراني حسن روحاني من مواطنيه الاعتقاد بوجود «حرب اقتصادية» عمرها عامان ونصف، رافضاً وصفها بـ«العقوبات»، فيما وصل سعر الريال أمام الدولار، أمس، إلى مستويات قياسية.
وأصر روحاني على وصف العقوبات الاقتصادية الأميركية بـ«الحرب الاقتصادية»، مضيفاً أنها «يجب ألا تكون على عاتق الحكومة وحدها»، قبل قوله إنه «لا مزاح في الحرب»، مشيراً إلى أنه يحتمل الانتصار والهزيمة وأنه من «الممكن أن يسفر عن قتلى وجرحى».
ولجأ روحاني إلى لغة الإشارة، التي يعتمدها في مخاطبة أطراف داخلية، دون أن يتطرق إلى أسماء، وصفهم بأنهم «يجلسون جانباً ويقولون: نحن جالسون هنا، إذا توجهتم بذلك الاتجاه لكان أفضل، وإذا ضربتم بتلك الطريق لكان أفضل، وإذا وقفتم هناك، لكان أفضل». وعاد للقول: «الحرب ليست على عاتق الحكومة وحدها؛ وإنما على عاتقنا جميعاً».
وقال روحاني: «سننتصر في الحرب الكبيرة»، موضحاً أن «الحرب الاقتصادية بدأت ضدنا عام 2018. هي ليست مسألة عقوبات. نحن في حرب اقتصادية (في مواجهة) الولايات المتحدة بكل قدراتها»، عادّاً أنه «عندما فرض الأميركيون الحرب علينا في 2018، أرادوا قلب النظام»، لكنه زعم أن الأميركيين «لم يحققوا أياً من أهدافهم. لقد ارتكبوا الأخطاء في كل حساباتهم».
وانتقل روحاني إلى المقارنة بين هذه «الحرب الاقتصادية»، وحرب الأعوام الثمانية (1980 - 1988) مع العراق في عهد رئيسه الأسبق صدام حسين، التي تحيي طهران هذا الأسبوع الذكرى الأربعين لاندلاعها.
وشبّه روحاني انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الاتفاق النووي الحالي، بـ«الحسابات الخاطئة» لصدام حسين خلال الحرب.
وبالتزامن مع اجتماع الحكومة الإيرانية، شهدت المواقع الإيرانية تفاعلاً عن صعود سعر الدولار. وقالت مواقع وقنوات «تلغرام» إن الدولار لامس 280 ألف ريال بعدما تخطى في الأيام الأخيرة 270 ألف ريال. وجاءت تصريحات روحاني غداة إلقائه كلمة بلاده عبر الفيديو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقوله إن إيران ليست «أداة مساومة» في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وعدّ روحاني أن بلاده حققت «انتصاراً» على الولايات المتحدة في مجلس الأمن الدولي، مع رفض الغالبية العظمى من أعضائه التجاوب مع مسعاها لإعادة فرض العقوبات الأممية على طهران، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وأعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأسبوع الماضي، إعادة عقوبات كانت قد رفعت بموجب الاتفاق النووي في يوليو (تموز) 2015، لكن دولاً عدة؛ بينها حلفاء تقليديون لواشنطن، لا سيما الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق (فرنسا وبريطانيا وألمانيا)، رأت أن الإجراء يفتقد الأساس القانوني، خصوصاً أن الولايات المتحدة انسحبت بشكل أحادي من الاتفاق في عام 2018، وأعادت فرض عقوبات قاسية على طهران.
وقال روحاني في كلمة خلال الاجتماع الأسبوعي لحكومته: «(اليوم؛ الأمة الإيرانية حققت نجاحاً كبيراً على المستويات؛ السياسية، والقانونية والدبلوماسية، في الأمم المتحدة»، مضيفاً: «انهارت عظمة الولايات المتحدة، والهيمنة التي اعتقدت أنها تتمتع بها في العالم».
وتأتي خطوة واشنطن بعدما قدمت مشروعاً إلى مجلس الأمن في منتصف أغسطس (آب) الماضي لتمديد حظر الأسلحة على طهران الذي ينتهي في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل طبقاً للاتفاق النووي، وعارضته أغلبية أعضاء مجلس الأمن. ولم يتجاوب المجلس كذلك مع إعلان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قبل نحو شهر تفعيل آلية «سناب باك» لإعادة فرض العقوبات الدولية، وأيضاً إعلانه الأخير دخول هذه العقوبات حيز التنفيذ مجدداً.
وحذرت واشنطن من «عواقب» على الدول التي لا تلتزم بهذه العقوبات.
وحضر الملف الإيراني أيضاً في خطاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أول من أمس، الذي جدد موقف باريس وبرلين ولندن، بعدم «التنازل» عن رفضها دعم إعادة فرض العقوبات الأممية، قائلاً إن بلاده «لن تقبل بالانتهاكات التي ترتكبها إيران».
من العراق، وتتوقف عن محاولة السيطرة على لبنان من خلال (حزب الله)؟».
الجمعية العامة للأمم المتحدة، وعدّها «تكرارية وانتخابية».



قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
TT

قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)

قال قائد قوات «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي إن سوريا تمثل «درساً مريراً لإيران» و«ليست مكاناً للتدخل الأجنبي»، متوعداً إسرائيل بـ«دفع ثمن باهظ»، وذلك في ثالث خطاب له منذ سقوط بشار الأسد وانسحاب قواته من سوريا.

ودعا سلامي إلى استخلاص العبر مما حدث في سوريا؛ في إشارة إلى الإطاحة بنظام الأسد على يد قوى المعارضة، وكذلك القصف الإسرائيلي الذي تعرضت له سوريا، وقال: «سوريا درس مرير لنا، ويجب أن نأخذ العبرة».

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم بشار الأسد خلال الحرب، ونشرت قوات «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.

ودافع سلامي مرة أخرى، عن تدخل قواته في سوريا. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن سلامي قوله، في هذا الصدد، «رأى الجميع أنه عندما كنا هناك، كان الشعب السوري يعيش بكرامة؛ لأننا كنا نسعى لرفع عزتهم».

وصرح سلامي في مراسم تقديم جائزة قاسم سليماني: «لم نذهب لضم جزء من أراضي سوريا إلى أراضينا، ولم نذهب لنجعلها ميداناً لتحقيق مصالحنا الطموحة».

وتطرق إلى الهجمات الإسرائيلية التي طالت مواقع الجيش السوري في الأيام الأخيرة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وقال: «حين سقط النظام السوري، رأينا ما يحدث من أحداث مؤسفة. الصهاينة أصبحوا قادرين على رؤية ما بداخل بيوت أهل دمشق من دون الحاجة إلى أسلحة؛ وهذا أمر لا يمكن تحمله».

وقال: «الآن ندرك أنه إذا لم يصمد الجيش ولم تقاوم القوات المسلحة، فإن البلاد بأكملها قد تُحتل في لحظة»، وأعرب عن اعتقاده بأن «الناس في دمشق يفهمون قيمة رجال المقاومة، ويدركون كم هم أعزاء عندما يكونون موجودين، وكيف ستكون الكارثة إذا غابوا».

وأشار سلامي إلى تصريحات المرشد علي خامنئي بشأن سوريا قبل أيام، وقال: «كما قال قائدنا، فإن سوريا ستحرر على يد شبابها الأبطال، وستدفع إسرائيل ثمناً باهظاً، وستدفن في هذه الأرض».

ورأى أن هذا الأمر «يتطلب وقتاً وصموداً عظيماً وعزماً راسخاً وإيماناً جميلاً»، عاداً ذلك من صفات من وصفهم بـ«الشباب المجاهدين في العالم الإسلامي».

وقال سلامي: «نحن ندافع بحزم عن أمننا واستقلالنا ونظامنا ومصالحنا وتاريخنا وديننا. هذه الأرض ليست أرضاً يمكن للغرباء أن ينظروا إليها بنظرة غير لائقة».

وتحدث سلامي الأسبوع الماضي مرتين إلى نواب البرلمان وقادة قواته. وكان أول ظهور لسلامي الثلاثاء أمام المشرعين الإيرانيين في جلسة مغلقة، لم يحضرها إسماعيل قاآني، مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، ونقل نواب إيرانيون قوله إن إيران «لم تضعف» إقليمياً.

أما الخميس، فقد تحدث سلامي أمام مجموعة من قادة قواته، وقال: «البعض يّروج لفكرة أنَّ النظام الإيراني قد فقد أذرعه الإقليمية، لكن هذا غير صحيح، النظام لم يفقد أذرعه». وأضاف: «الآن أيضاً، الطرق لدعم (جبهة المقاومة) مفتوحة. الدعم لا يقتصر على سوريا وحدها، وقد تأخذ الأوضاع هناك شكلاً جديداً تدريجياً».

وتباينت رواية سلامي مع رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، الذي تحدث بدوره الخميس، عن «الاختلال في العمق الاستراتيجي للقوى المرتبطة بالجمهورية الإسلامية»، رغم أنه توقع أن يتمكن «حزب الله» من التكيف مع الظروف الجديدة.

جاءت تصريحات سلامي، الأحد، في وقت ركزت وسائل إعلام «الحرس الثوري» على حملتها في تبرير الوجود الإيراني خلال الحرب الداخلية السورية، وكذلك سقوط نظام بشار الأسد وتداعياته على إيران وأذرعها الإقليمية.

بعد صمت دام أكثر من 48 ساعة من قبل الإعلام الإيراني إزاء الاحتفالات التي عمت سوريا، وخصوصاً دمشق، بسقوط النظام، كما لم تنشر أي من الصحف الإيرانية صوراً على صفحاتها الأولى من الاحتفالات، أبرزت عدد من الصحف في المقابل آثار القصف الإسرائيلي على مواقع عسكرية سورية، وصوراً من كبار المسؤولين في تركيا، والمعارضة السورية.

على المستوى الرسمي ألقت إيران منذ أولى لحظات سقوط الأسد، اللوم على الجيش السوري، وتركيا والولايات المتحدة وإسرائيل في سقوط حليفها.

قاآني خلال تشييع الجنرال عباس نيلفروشان في طهران 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)

خالي الوفاض

قال النائب إسماعيل كوثري، مسؤول الملف العسكري في لجنة الأمن القومي، إن «بشار الأسد كان خالي الوفاض ولم يتمكن من كسب رضا الجيش».

وصرح كوثري، وهو قيادي في «الحرس الثوري»، بأن بشار الأسد «فشل في كسب دعم الجيش بسبب افتقاره للموارد وضعف الدعم، ما أدى إلى انهيار الجيش». وأكد أن الاتصال مع إيران استمر حتى اللحظة الأخيرة، لكن بعض المحيطين بالأسد، مثل رئيس الوزراء وبعض قادة الجيش، عرقلوا هذا التواصل.

وأوضح كوثري أن سوريا كانت نقطة عبور وطريقاً مهماً لدعم «حزب الله»، ولكن بعد رفض الحكومة السورية السماح بالدخول، لم تتمكن إيران من التدخل بالقوة. وأضاف أنه خلال فترة «داعش»، دخلت إيران سوريا بناءً على طلب رسمي وساهمت في القضاء على التنظيم، ما حال دون تمدده نحو الحدود الإيرانية.

وتحدث عن الوضع الحالي، مشيراً إلى أن سوريا ما زالت تحت سيطرة «الكيان الصهيوني وأميركا وعملائهم». وبشأن المستقبل، توقع ظهور خلافات «بين القوى التي اجتمعت بأموال أميركية»، مما سيدفع الشعب السوري إلى إدراك الخداع والبحث عن جهات قادرة على تحقيق الأمن وتحسين الاقتصاد.

ملصقات تحمل صورة زاهدي ونائبه محمد هادي حاجي رحيمي خلال مجلس عزاء في السفارة الإيرانية بدمشق أبريل الماضي (أ.ف.ب)

خسائر «الحرس الثوري»

في سياق متصل، قال الجنرال مهدي فرجي، الذي شارك في الحرب السورية، في حديث لوكالة «فارس»، إن إيران بدأت في إرسال القوات «الاستشارية» منذ 2011، مشدداً على ضرورة «تفسير الأوضاع التي كانت في سوريا حينذاك».

وبرر فرجي وجود إيران بظهور تنظيم «داعش» ومنع وصولها إلى حدود إيران. وأشار إلى دور مسؤول العمليات الخارجية السابق قاسم سليماني، الذي قضى في ضربة أميركية مطلع 2020، وقال: «تنسيق الجيش السوري كان عملاً ذا قيمة كبيرة، حينها لم يكن الجيش السوري ملوثاً إلى هذا الحد، ولكن خلال هذه السنوات العشر، أصبح تأثير العدو على الجيش السوري كاملاً».

كما أشار فرجي إلى الدعم الذي قدمه الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد إلى طهران، في الحرب الإيرانية - العراقية في الثمانينات قرن الماضي. وقال: «لقد أرسلت ذخائر بناء على أمر حافظ الأسد»، ونقل عن بشار الأسد قوله: «حافظ الأسد أوصى ابنه بشار قائلاً: طالما أنكم مع إيران، فأنتم موجودون».

وقال فرجي إن الشباب تحت الـ30 شكلوا 90 في المائة من القوات الإيرانية، ونحو 10 في المائة من المحاربين القدامى في حرب الثمانينات؛ في إشارة إلى قادة «الحرس».

وقال إن «الشباب شكلوا أكثر من 90 في المائة من 540 قتيلاً في الدفاع عن الأضرحة».

وهذه أول مرة قيادي من «الحرس الثوري» يشير إلى مقتل أكثر 500 إيراني في الحرب السورية. وهي نسبة أقل بكثير مما أعلنه نائب إيراني الأسبوع الماضي عن مقتل أكثر من ستة آلاف.

وقال النائب محمد منان رئيسي، وهو مندوب مدينة قم، إن إيران خسرت 6000 من قواتها في الحرب الداخلية السورية. وهي أعلى إحصائية يكشف عنها مسؤول إيراني لعدد قتلى القوات التي أطلق عليها مسؤولون إيرانيون اسم «المدافعين عن الأضرحة».

وتعود أعلى إحصائية إلى 2017، عندما أعلن رئيس منظمة «الشهيد» الإيرانية محمد علي شهيدي، مقتل 2100 عنصر من القوات الإيرانية في سوريا والعراق.

ويرفض «الحرس الثوري» تقديم إحصائيات واضحة عن خسائره البشرية والمادية.