فرنسا تتأهب لطرح مشروع قانون «الانفصالية الإسلاموية»

TT

فرنسا تتأهب لطرح مشروع قانون «الانفصالية الإسلاموية»

كان من المفترض أن يلقي الرئيس الفرنسي أول من أمس خطاباً رئيسياً يكشف فيه عن الخطوط الرئيسية لمشروع القانون الذي تحضره الحكومة لمواجهة ما تسميها «النزعات الانفصالية» في المجتمع الفرنسي، والمستهدف بشكل رئيسي «الانفصالية الإسلاموية». بيد أن إيمانويل ماكرون ألغى الموعد المشار إليه. وبحسب مصادر «قصر الإليزيه»، فإنه اختار بدل ذلك موعد 2 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل ليعرض تصوره. وهذا الموعد الجديد أكده وزير الداخلية جيرالد دارمانان في حديث إذاعي صباح أمس، علماً بأن مواعيد عدة سابقة أُجلت نظراً لحساسية الموضوع. إلا إن الوضع السياسي الداخلي، واقتراب الاستحقاقات الانتخابية، وحرص ماكرون على منع اليمين بشقيه التقليدي والمتطرف من استغلال هذا الملف للتنديد بما يسميه «ضعف» الدولة في محاربة التوجهات الانفصالية... كلها عوامل تدفع بالرئيس الفرنسي إلى فقء الدملة وطرح رؤيته من خلال مشروع القانون المنتظر الذي سيعرض قريباً على مجلس الوزراء وينتقل من هناك إلى البرلمان بمجلسيه (النواب والشيوخ).
في شهر أكتوبر من العام الماضي، أدخل ماكرون مفهوم «الانفصالية الإسلاموية» إلى القاموس السياسي الفرنسي، وعمد إلى تعريفه كالتالي: «في بعض مناطق الجمهورية، ثمة نزعة نمت عنوانها (الانفصالية)؛ التي تعني وجود رغبة في رفض العيش المشترك والخروج من الجمهورية وذلك باسم ديانة هي (الإسلام) التي يتم تحريفها. وأصحاب هذه النزعة يقولون: (نحن نؤمن بالإسلام السياسي، وسوف نعيش وفق تعاليمه وقواعده) المختلفة عن قواعد العيش في إطار الجمهورية».
وفق هذا العرض، فإن «الانفصالية» تعني اعتناق مبادئ وقيم وممارسات اجتماعية تعدّ شاذة قياساً بما هو متعارف عليه في المجتمع الفرنسي، وليست مشروع انفصال بالمعنى الجغرافي. وتناول ماكرون مجدداً هذا الموضوع في خطاب رئيسي بمدينة مولوز (شرق فرنسا) في شهر فبراير (شباط) الماضي، عرض فيه بعض التدابير المقترحة لمحاربة «الانفصالية»؛ ومنها وضع حد لمجيء أئمة من الخارج، ومنع التمويل الآتي من وراء الحدود للمساجد والجمعيات والمراكز الثقافية، وفرض رقابة مشددة على الجوانب المالية بوصفها المدخل للتأثيرات الخارجية، وإلغاء الحصص الدراسية اللغوية والثقافية التي يقدمها أساتذة أجانب من غير إشراف وزارة التربية الفرنسية وهي تطال ما لا يقل عن 80 ألف طالب وتلميذ. وأخيراً، تناول ماكرون هذا الملف في 4 سبتمبر (أيلول) الحالي بمناسبة الاحتفال بمرور 170 عاماً على قيام الجمهورية. وأهم ما جاء فيه قوله: «لن نفسح المجال في فرنسا لمن يسعون لفرض القوانين الخاصة بهم باسم الدين وبمساعدة أطراف خارجية؛ إذ إن الجمهورية، بما أنها غير قابلة للتجزئة، لن تسمح بوجود أي مغامرة انفصالية. ولذا، فإن مشروع قانون بهذا الخصوص سيقدم في الخريف المقبل».
بعد ذلك بثلاثة أيام، أعلن وزير الداخلية وشؤون العبادة عن تدابير إضافية؛ أهمها فرض التوقيع على «تعهد باحترام العلمانية» على المؤسسات والجمعيات بحيث تحرم من المساعدات في حال عدم احترام المساواة بين الجنسين، وملاحقة الأطباء الذين يوفرون «شهادات العذرية» قبل أي زواج ديني إسلامي... ومن جانبها؛ قالت وزيرة الدولة لشؤون المواطنة والمساواة بين الجنسين إن القانون المرتقب «سيكون ضد الإسلام السياسي، ولكن ليس فقط ضده؛ إذ يعني كل النزعات الانفصالية، بما فيها انفصالية دعاة تفوق العرق الأبيض». ويوم الاثنين الماضي، أعلن الناطق باسم الحكومة الوزير غابرييل أتال، أن الحكومة لم تنتظر القانون الجديد للبدء في محاربة الانفصالية، مشيراً إلى «إغلاق أماكن العبادة التي تدعو إلى التطرف وتروج للحقد في فرنسا»، مضيفا أن عمل الحكومة لإعادة سيطرة الأمن والقانون على الأحياء التي كانت خارجهما يندرج في إطار محاربة الانفصالية.
في حديثه الصحافي أمس، أكد وزير الداخلية أن نص مشروع القانون «مهم للغاية... لأنه سيوفر الحماية لفرنسا وهويتها ويحمي الجمعيات وحرية العبادة والأمن للمواطنين». وأضاف دارمانان: «الغرض محاربة أعداء الجمهورية وأعداء فرنسا وأولئك الذين يريدون الانفصال عن النموذج الجمهوري الفرنسي». ولدى سؤاله عن هوية الانفصاليين، أجاب دارمانان: «إنهم الإرهابيون الإسلامويون والإسلاميون المتطرفون، وآخرون، مثل دعاة تفوق العرق الأبيض». لكن بنظره، فإن الانفصاليين الرئيسيين هم الإسلاميون المتطرفون. ولمزيد من الشرح، فقد عدّ الوزير الفرنسي أن هناك نوعين من الانفصالية: «الأول: تقليدي ويدعو إلى وضع النساء جانباً وقتل الكفار واستهداف النموذج الجمهوري... والآخر: يعتمد مبدأ التقية؛ وهو الإسلام السياسي الساعي، من خلال التسلل والتورية، إلى تغيير أنماط حياة مواطنينا وفرض رؤيته عليهم». لا يخفي دارمانان نسبه وأن دماء مسلمة تسري في عروقه. فاسمه الكامل جيرالد موسى دارمانان، وجده لجهة أمه موسى واكد؛ جزائري الأصل انتمى إلى الجيش الفرنسي، وأمه اسمها آني واكد. أما من جهة أبيه، فإن جذوره تعود إلى أرمن جزيرة مالطا.



«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار غير ملزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.

والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت، يدعو إلى "وقف لإطلاق النار فوري وغير مشروط ودائم" وكذلك أيضا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، وهي صيغة مشابهة لتلك التي وردت في مشروع قرار استخدمت ضدّه واشنطن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

واستخدمت الولايات المتحدة يومها حق النقض لحماية إسرائيل التي تشن منذ أكثر من سنة هجوما عسكريا في قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب الدولة العبرية. وعطّل الأميركيون في حينها صدور قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار "فوري وغير مشروط ودائم" في غزة، مشترطين من أجل إقرار أي هدنة إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع منذ هجوم حماس.

وقبيل التصويت على النصّ، قال نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتّحدة روبرت وود إنّه سيكون من "المخزي" تبنّي مشروع القرار لأنّه "قد يوجّه إلى حماس رسالة خطرة مفادها أنّ لا حاجة للتفاوض أو لإطلاق سراح الرهائن"، في وقت تحدّثت فيه وزارة الدفاع الإسرائيلية عن "فرصة" لإبرام اتفاق لاستعادة الرهائن.

بدوره قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إنّ "تصويت اليوم ليس تصويت رحمة، بل هو تصويت تواطؤ" و"خيانة" و"تخلّ" عن الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.