مقاتلون من «طالبان» أفرجت عنهم الحكومة عادوا لحمل السلاح

أعرب عبد الله عبد الله، المسؤول الحكومي المكلّف الإشراف على عملية السلام الجارية بين كابل وحركة «طالبان»، أمس (الثلاثاء)، عن أسفه لأنّ عدداً من مقاتلي الحركة المتمرّدة الذين أفرجت عنهم الحكومة الأفغانية مؤخراً عادوا لحمل السلاح، مبدياً في الوقت نفسه ارتياحه للأجواء «الإيجابية» التي تسود المحادثات.
وقال عبد الله في مؤتمر عبر الإنترنت نظّمه «مجلس العلاقات الخارجية» وهو مركز أبحاث أميركي: «أعلم أنّ بعضاً منهم عادوا إلى ساحة المعركة في انتهاك للتعهدات التي التزموا بها» في صفقة تبادل السجناء التي أبرمتها حركة «طالبان» مع كابل.
وأضاف أنّ القسم الأكبر من هؤلاء السجناء السابقين لم يعد إلى حمل السلاح «لكنّ بعضهم فعل ذلك»، وفقاً لما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
ولفت عبد الله إلى أنّ المفاوضات التي انطلقت في الدوحة بين الحكومة الأفغانية والحركة المتمرّدة تتواصل بين الجانبين على مستوى مجموعات اتّصال، مشيراً إلى أنّ الوفدين بدآ يتعرّفان.
وقال: «بالنظر إلى السياق، أراه أمراً إيجابياً».
وفي حين لا يزال مستوى العنف على حاله في أفغانستان، دعا ممثّل الحكومة الأفغانية في مفاوضات السلام كلاً من الولايات المتّحدة، التي أبرمت مع «طالبان» اتفاقاً منفصلاً كانت هذه المفاوضات إحدى ثماره، وباكستان التي تتّهمها كابل بانتظام بإيواء المتمرّدين وتمويلهم، إلى الضغط من أجل التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وقال عبد الله إنّ «مستوى العنف مرتفع للغاية، لدرجة غير مقبولة بالنسبة للشعب، وأكرّر دعوتي (طالبان) وجميع الشركاء الذين لديهم تأثير على (طالبان) إلى الضغط في هذا المجال».
ولفت المفاوض الحكومي إلى أنّه سيتوجّه إلى باكستان «في غضون أيام قليلة»، في أول زيارة له إلى هذا البلد منذ 2008.
وانطلقت المفاوضات بين كابل و«طالبان» في 12 سبتمبر (أيلول) الجاري بعد ستّة أشهر من الموعد المقرّر أساساً، وذلك بسبب خلافات مريرة بينهما بشأن صفقة تبادل أسرى مثيرة للجدل تم الاتفاق عليها في فبراير (شباط) الماضي ولم تُنفّذ سوى في مطلع الجاري.
وفي 29 فبراير وقّعت الولايات المتّحدة اتفاقاً تاريخياً مع حركة «طالبان» ينصّ على انسحاب جميع القوات الأجنبية من أفغانستان بحلول ربيع عام 2021 مقابل التزامات قدّمتها الحركة المتطرّفة أبرزها منع الأنشطة الإرهابية في المناطق الخاضعة لسيطرتها والعمل على خفض مستوى العنف والتفاوض للمرة الأولى بصورة مباشرة مع كابل.
وعلى الرّغم من أنّ انطلاق محادثات السلام بين كابل و«طالبان» تأخّر أكثر من ستة أشهر، ووتيرة العنف لم تنخفض، فقد أبقت الولايات المتّحدة على جدول انسحابها المقرّر، وهي تعتزم الإعلان عن خفض إضافي لعدد قواتها المنتشرة في هذا البلد قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية المقرّرة في 3 نوفمبر (تشرين الثاني).
وقضية مستوى العنف في أفغانستان كانت محور جلسة استماع عقدتها أمس (الثلاثاء)، لجنة الرقابة والإصلاح في مجلس النواب الأميركي وشارك فيها كلّ من المبعوث الأميركي إلى أفغانستان زلماي خليل زاد، والمسؤول عن ملف آسيا في البنتاغون ديفيد هيلفي.
وخلال جلسة الاستماع تعرّض المسؤولان لوابل من الأسئلة بشأن التنازلات التي حصلت عليها حركة «طالبان» لتمكين الرئيس دونالد ترمب من تحقيق وعده القديم بسحب القوات الأميركية من أفغانستان.
واكتفى هيلفي في الجلسة بالقول إنّ الإدارة تعتزم بالفعل خفض عديد القوات الأميركية في أفغانستان إلى 4500 عنصر «بحلول نهاية نوفمبر»، متهرّباً من الردّ على أسئلة النواب بشأن ما إذا كان ترمب يمارس ضغوطاً لتحقيق هذا الهدف قبل الانتخابات الرئاسية المقرّرة في 3 نوفمبر.
من جهته قال خليل زاد إنّ «أي انسحابات أخرى سيتمّ تحديدها على ضوء الوضع الميداني ومدى احترام (طالبان) لالتزاماتها»، مؤكّداً أنّه لم يتم اتخاذ أي قرار بشأن هذا الموضوع حتّى الآن.