شوارع دمشق تخلو من السيارات وسط ارتفاع بأسعار الخضراوات والفاكهة

إجراءات الحكومة السورية لم تخفف من أزمة البنزين

سوريون يتسوقون في أحد محال دمشق (إ.ب.أ)
سوريون يتسوقون في أحد محال دمشق (إ.ب.أ)
TT

شوارع دمشق تخلو من السيارات وسط ارتفاع بأسعار الخضراوات والفاكهة

سوريون يتسوقون في أحد محال دمشق (إ.ب.أ)
سوريون يتسوقون في أحد محال دمشق (إ.ب.أ)

لم تفلح الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السورية مؤخراً في التخفيف من أزمة توفر البنزين في مناطق سيطرتها؛ ما أدى إلى انحسار كبير في حركة السيارات في شوارع دمشق، وتضاعف أسعار الخضراوات والفاكهة، واستغلال سائقي السيارات العامة للمواطنين.
وبعد أن كان سائقو السيارات يحتاجون إلى ما بين 15 و20 دقيقة لتجاوز شوارع في وسط دمشق تعرف بازدحامها الشديد، تراجعت حركة السيارات فيها بنسبة تقدر بـ60 في المائة مع تواصل أزمة توفر البنزين التي تعاني منها المدن الواقعة تحت سيطرة الحكومة منذ بداية سبتمبر (أيلول) الحالي، وبات سائق السيارة يمكنه تجاوزها في دقائق معدودة.
ورغم تعديل الحكومة مؤخراً، مدة تعبئة مادة البنزين على «البطاقة الذكية» لجميع الآليات بهدف تخفيف الازدحام على محطات الوقود لتصبح مدة التعبئة مرة واحدة، 30 لتراً، لكل آلية خاصة بفارق زمني 7 أيام من آخر عملية بيع، وفق مخصصاتها الشهرية (100 لتر)، ومرة واحدة لكل آلية عامة بفارق زمني 4 أيام من آخر عملية بيع، بعد أن كان الفارق 4 أيام، فإن الازدحام على محطات الوقود في دمشق لم يتراجع سوى بنسبة تكاد لا تذكر.
ويؤكد سائقو سيارات لـ«الشرق الأوسط»، أنهم ما زالوا يقضون ساعات طويلة وربما يوماً كاملاً للحصول على 30 لتراً بالسعر الحكومي المدعوم (225 ليرة سورية)، بينما يلجأ البعض منهم إلى الشراء من السوق السوداء بأسعار تصل إلى 2500 – 3000 ليرة للتر الواحد.
وقال أحد العاملين على سيارة عامة، إنه لم يعد يستطيع الوقوف في الطوابير بعد أن انتظر منذ يومين أكثر من 12 ساعة ولم يحصل على المادة بسبب انتهاء كمية البنزين في المحطة، بينما واصل البعض الوقوف لليوم التالي بانتظار قدوم صهاريج جديدة لتزويد المحطة بالمادة، ويضيف «لن أنتظر مرة أخرى؛ لأنني إن فعلت سأصاب بجلطة حتماً».
وأصبح كثير من المواطنين يشتكون من قيام أغلب سائقي السيارات العامة برفع أجرة نقل الركاب لأضعاف عدة بحجة أنهم يشترون مادة البنزين من السوق السوداء. ويقول موظف لـ«الشرق الأوسط»، «لا يلتزمون بالتعرفة التي تظهر على شاشة العداد، على الرغم من تشغيله من قبل بعضهم»، ويضيف «يتقاضون ما بين 2000 و3000 لمسافة لا تتعدى 5 كيلومترات، رغم أن العداد لا يُظهر نصف هذا المبلغ».
وانعكست أزمة توفر البنزين على أسعار الخضراوات والفاكهة؛ إذ تضاعفت أسعارها عما كانت عليه قبل تفاقم الأزمة الحالية، ووصل سعر الكيلوغرام الواحد من البندورة إلى 500 ليرة بعد أن كان ما بين 250 و300، وكيلوغرام الخيار قفز من 300 إلى 600.
وعزا عاملون في أسواق بيع الجملة لـ«الشرق الأوسط» هذا الارتفاع في الأسعار، إلى تضاعف تكاليف النقل بين المحافظات مرات عدة بسبب أزمتي البنزين والمازوت وارتفاع ثمن المادتين بشكل كبير في السوق السوداء.
وتقول سيدة في العقد الخامس من العمر لـ«الشرق الأوسط»، «شو بدو يتحمل المواطن ليتحمل أزمات، خبز وغاز وكهربا وبنزين ومازوت وغلا. البلد ما صفي (لم يبق) فيها شي. الله يعطيهون (الحكومة) العافية».
وتقدر تقارير أممية ودراسات أن أكثر من 87 في المائة من السوريين في مناطق سيطرة الحكومة يعيشون تحت خط الفقر؛ إذ لا يتجاوز معدل الدخل الشهري للعاملين في الدولة 60 ألف ليرة، على حين يقدر خبراء اقتصاديون، أن العائلة المؤلفة من 5 أشخاص تحتاج شهرياً إلى أكثر من نصف مليون ليرة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».