كيف أسس الملك عبد العزيز لاستقلال السعودية وحيادها؟

مذكرة ترصد قصة العلاقة مع بريطانيا بين معاهدتين

الملك عبد العزيز رمز سعودي كبير في تحقيق الاستقرار وإبعاد بلاده عن الاستقطابات
الملك عبد العزيز رمز سعودي كبير في تحقيق الاستقرار وإبعاد بلاده عن الاستقطابات
TT

كيف أسس الملك عبد العزيز لاستقلال السعودية وحيادها؟

الملك عبد العزيز رمز سعودي كبير في تحقيق الاستقرار وإبعاد بلاده عن الاستقطابات
الملك عبد العزيز رمز سعودي كبير في تحقيق الاستقرار وإبعاد بلاده عن الاستقطابات

كانت الفترة التاريخية بين عامي 1915 و1927 حقبة مهمة شهدت صراعات في مختلف أنحاء العالم، أبرزها قيام الحرب العالمية الأولى. أما الجزيرة العربية فكانت تعيش مرحلة انتقالية فاصلة في تاريخها.
مرت الجزيرة العربية في تلك الحقبة بـ3 مراحل مهمة، الثورة ضد التبعية التركية في بعض مناطقها، ومرحلة الحروب الداخلية، ثم مرحلة التوحيد والاستقرار على يد الملك المؤسس.
في هذه الأجواء، كانت «معاهدة العقير» في 1915 التي شكلت الأساس الأول في رسم روح العلاقة وطبيعتها بين السعودية وبريطانيا. وهي المعاهدة التي كانت محل انتقاد بعض المؤرخين، مقارنة بـ«معاهدة جدة» التي تلتها بأعوام.
لكن «معاهدة العقير» كانت معاهدة حماية ونفوذ على غرار المعاهدات الأخرى التي أبرمتها بريطانيا مع دول الخليج الأخرى، إلا أن الملك عبد العزيز حينها كان شديد الحذر، عالماً باللعبة السياسية التي يمارسها الغربيون، وبالذات بريطانيا في ذلك الوقت.
خشية الملك عبد العزيز من امتداد صراع القوى العظمى إلى الجزيرة العربية خلال الحرب العالمية الأولى، دفعته إلى مراسلة جيرانه آنذاك، ومنهم مبارك في الكويت، قائلاً: «أرى وقد وقعت الحرب، أن نجتمع للمذاكرة عسى أن نتفق على ما ينقذ العرب من أهوالها، أو نتحالف مع دولة من الدول لصون حقوقنا وتعزيز مصالحنا».
«معاهدة العقير» ليست كسائر المعاهدات الأخرى التي عقدتها بريطانيا في منطقة الخليج، فهي ليست معاهدة حماية ولا معاهدة نفوذ، ولكنها معاهدة مصالح متبادلة بين طرفين، كل منهما يريد حماية مصالحه الخاصة.
ولعل أبرز ما يوضح طبيعة العلاقة موقف الملك عبد العزيز من عرض بريطانيا التي كانت من أعظم دول العالم آنذاك، عليه المشاركة معها في القتال ضد الترك أثناء الحرب العالمية الأولى، فكان جوابه للمندوب البريطاني شكسبير: «أنت تعلم أنكم بعيدون عنا، وأن في العرب من يتهمني بالدعوة إلى مذهب خامس، فقيامي معكم وجعل رايتي المنقوش عليها؛ لا إله إلا الله، إلى جانب رايتكم أمر غير نافع لي ولا لكم».
وترصد مذكرة «العلاقات السعودية - البريطانية من معاهدة العقير إلى معاهدة جدة» التي أنجزها الدكتور يوسف الثقفي، ونشرت في كتاب «دراسات متميزة في العلاقات بين الشرق والغرب» عام 1988، هذه العلاقة.
ومن أجل أن يتم وضع النقاط على الحروف، كما يقال، لا بد من الوصول للتساؤل الذي يدور عن أهمية «معاهدة العقير» في العلاقات بين البلدين، والتي تضمنت 7 بنود.
- بنود المعاهدة
شمل البند الأول اعتراف الحكومة البريطانية بالإقرار بأن نجد والأحساء والقطيف وغيرها (مناطق تابعة للسعودية الآن) هي «بلاد ابن سعود وآبائه من قبل، وأن يرشح الحاكم من يخلف من بعده، وألا يكون المرشح مناوئاً للحكومة البريطانية بوجه من الوجوه؛ خصوصاً فيما يتعلق بهذه المعاهدة».
ومن هذا البند تحديداً تظهر الصورة الصحيحة لنوعية العلاقة بين الملك عبد العزيز وبريطانيا من الاعتراف الصريح من الحكومة البريطانية بدولة الملك عبد العزيز الناشئة، ما يعطينا الدليل القاطع بأن هذه المعاهدة لا تحمل صفة «التبعية» لمن وصفوا السعودية بها من قبل، وأن الطرفين يتعاملان نداً لند.
ونص البند الثاني على أنه «إذا حدث أي اعتداء من قبل إحدى الدول الأجنبية على أراضي الأقطار التابعة لابن سعود وحلفائه من دون مراجعة الحكومة البريطانية أو إعطائها الفرصة للمخابرة مع ابن سعود، فالحكومة البريطانية تعين ابن سعود بعد استشارته».
الجدير ذكره أن الملك عبد العزيز لم يطلب المساعدة من دولة أجنبية من تاريخ فتح الرياض عام 1902 وحتى توحيد الدولة السعودية. وكانت بريطانيا خلال تلك الفترة تعيش المراحل الأولى من الحرب العالمية الأولى ضد أعدائها، فنص البند الثالث على اتفاق الملك المؤسس على أن يتحاشى الوفاق أو المعاهدة مع أي دولة أجنبية، وقد يهدف البند إلى ما تخشاه بريطانيا على مصالحها في الخليج لو قام الملك عبد العزيز بالتحالف مع دولة أخرى.
في البند الرابع، تعهد الملك عبد العزيز ألا يبيع أو يؤجر أي من الأقطار المذكورة لدولة أجنبية أو يمنحها امتيازاً من دون رضا الحكومة البريطانية، شرط ألا يكون ذلك مجحفاً بمصالح البلاد.
ورود مثل هذا الشرط ينتفي حدوثه مع شخصية ابن سعود الذي همه الوحيد صون الجزيرة العربية من أي اعتداء أجنبي، فإن لم يرضَ الملك عبد العزيز ببيع أو رهن أو تأجير أي من أملاك دولته الناشئة إلى بريطانيا نفسها، وهي الطرف الثاني في المعاهدة، فهل من المعقول أن يقوم بهذا العمل مع أي دولة أخرى؟
وتعهد ابن سعود في البند الخامس بحرية المرور في أقطاره على السبل المؤدية إلى الأماكن المقدسة، وحماية الحجاج في مسيرهم ورجوعهم منها. هذا البند خدم أهداف الملك عبد العزيز التي تتعهد حماية وخدمة وأمن حجاج بيت الله وخدمة الحرمين الشريفين والوافدين إليهما من ناحية، والإشارة إلى كون المعاهدة لا تحمل أي صفة للحماية والتبعية للنفوذ البريطاني من ناحية أخرى.
الملاحظ في المعاهدة في البند السادس أن سياسة الملك عبد العزيز التي ينادي بها دائماً، هي عدم التدخل في شؤون الغير، والتي ليس من شأنه، وهو في تلك الفترة، فترة التأسيس لدولته الناشئة، أن يزج بنفسه في نزاع مع جيرانه الذين ما زالوا أيامها تحت النفوذ البريطاني.
وأما ختام البند السابع والأخير، فلا يتضمن سوى التزام بريطانيا والملك عبد العزيز بتوقيع معاهدة أخرى تحمل بين طياتها تفصيلاً أوسع للأمور المتعلقة بكليهما.
- السعودية وبريطانيا... ما بعد المعاهدة
كان شعور بريطانيا بعد الحرب العالمية الأولى يستدعي المحافظة على كيانها وقواها في المناطق البعيدة عن ساحة المعركة؛ خصوصاً أنها تنافس دولاً كانت لديها الرغبة الشديدة في الحصول على مناطق نفوذ في الشرق الأوسط مثل فرنسا وألمانيا وروسيا وغيرها من الدول الأوروبية. وانطلاقاً من هذا كان اهتمام بريطانيا بالدولة السعودية الناشئة.
وحدث أن بريطانيا حينها أوفدت أثناء الحرب الكابتن شكسبير إلى الرياض يحمل معه اعترافاً بالدولة السعودية، مذكّراً بـ«خطر امتداد النفوذ الألماني»، والرغبة في وضع خطة تعاون مع الملك عبد العزيز على أساس متين.
ولا يغيب عن البال أن بريطانيا كانت تعلم عن موقف الملك عبد العزيز من دولة الأتراك، ما سيساعد بطريقة ما على اضمحلال سيطرة الأتراك على المناطق المتاخمة لمناطق النفوذ البريطاني في الخليج العربي. إضافة إلى ذلك، فإن دولة الأتراك كانت من ألد أعداء الحلفاء خلال الحرب، في وقت تضاءل النفوذ البريطاني في أروقة وزارة الخارجية العثمانية، وبدأ النفوذ الألماني يتمدد.
أما عن موقف الملك عبد العزيز من الحرب العالمية الأولى، فكان موقف رجل سياسي يرى أن الأتراك يمرون بمرحلة حرجة وأن مساندتهم وتأييدهم ضد بريطانيا أثناء الحرب، قد تؤدي إلى ضياع فرصة استقرار الأمن لبلاده؛ خصوصاً أن تركيا طرف في الحرب العالمية الأولى يخوض معركة خاسرة ضد الحلفاء.
ولعل الاختبار الأبرز لبريطانيا بعد توقيع «معاهدة العقير»، كان موقفها من النزاع بين الملك عبد العزيز والأشراف في الحجاز. وكانت الصفة الغالبة على الموقف البريطاني آنذاك صفة السياسة المزدوجة، بمعنى أن بريطانيا كانت تخشى من التأثير على شروط المعاهدة مع الملك عبد العزيز، وفي الوقت ذاته كانت تحاول المحافظة على علاقتها مع الشريف حسين بمكة.
كانت السياسة البريطانية تعمل بما يخدم مصالحها، فعندما أدركت أن القوة السعودية أصبحت هي الغالبة في الجزيرة العربية وأن صديقها التقليدي الشريف حسين أصبح في موضع الضعف، فضلت استخدام أسلوب المراوغة كي لا تخسر أياً من الطرفين. وبعد معرفة الملك عبد العزيز علاقته مع بريطانيا، وجد أنه لا بد من وضع معاهدة تتفق مع المكانة الجديدة لدولته، وضرورة اعتراف دول العالم الكبرى بالمملكة العربية السعودية الموحدة الجديدة.
وعقدت «معاهدة جدة» في 20 مايو (أيار) 1927، وتكونت من 11 بنداً و4 ملاحق، وأصبحت سارية المفعول منذ توقيعها، مشيرة في بندها التاسع إلى إلغاء المعاهدة السابقة «معاهدة العقير»، وفي بندها الأول اعتراف الحكومة البريطانية اعترافاً رسميّاً مطلقاً بالاستقلال التام لدولة الملك عبد العزيز بلا تحفظ.
ويمكن القول إن الفائز من «العقير» كان الملك عبد العزيز، إذ طمأن بحياده في الحرب العالمية الأولى بريطانيا التي كانت تخشى من اتجاه الدولة السعودية نحو طرف آخر في الحرب، فيما ضمن الملك المؤسس لبلاده النجاة من التضييقات السياسية التي قد تتعرض لها على هامش هذه الحرب.



قطر: اعتماد نتائج الاستفتاء على تعديل الدستور بنسبة موافقة 90.6%

أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يشارك في الاستفتاء على التعديلات الدستورية (قنا)
أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يشارك في الاستفتاء على التعديلات الدستورية (قنا)
TT

قطر: اعتماد نتائج الاستفتاء على تعديل الدستور بنسبة موافقة 90.6%

أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يشارك في الاستفتاء على التعديلات الدستورية (قنا)
أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يشارك في الاستفتاء على التعديلات الدستورية (قنا)

أعلنت اللجنة العامة للاستفتاء على مشروع التعديلات الدستورية في قطر برئاسة وزير الداخلية خليفة بن حمد بن خليفة آل ثاني، رئيس اللجنة العامة للاستفتاء، عن اعتماد نتائج الاستفتاء العام على مشروع التعديلات الدستورية لسنة 2024 على الدستور الدائم للبلاد، والتي رفعتها اللجنة التنفيذية للاستفتاء، عقب اكتمال عمليات فرز الأصوات وإحصائها من قبل لجان التصويت الورقي والإلكتروني وعبر تطبيق «مطراش2».

وتقدمت اللجنة العامة للاستفتاء بـ«خالص الشكر للقيادة الرشيدة وللشعب القطري الكريم، تقديراً لما تحقق من نجاحات في هذه التجربة الوطنية التي جسدت أسمى صور التلاحم بين مختلف فئات المجتمع القطري».

وأعلن وزير الداخلية عن «موافقة شعبية على الاستفتاء بنسبة وصلت 90.6% من إجمالي الأصوات الصحيحة».

وشهدت لجان الاستفتاء على مشروع التعديلات الدستورية في قطر إقبالاً واسعاً من المواطنين القطريين الذين أتموا الثامنة عشرة من العمر، وهي التعديلات التي أعلن عنها أمير البلاد منتصف الشهر الماضي، وأقرها مجلس الشورى بالإجماع وتفضي إلى العودة لنظام «التعيين» لاختيار أعضاء مجلس الشورى، بدلاً من «الانتخاب».

وكان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أعلن في وقت سابق من الشهر الماضي أنه سيطرح للاستفتاء العام تعديلات دستورية تشمل إلغاء انتخاب ثلثَي أعضاء مجلس الشورى، وتكريس نظام تعيينهم جميعاً.

وأعلنت وزارة الداخلية القطرية أن نسبة مشاركة المواطنين بالتصويت على مشروع التعديلات الدستورية سجلت 51 في المائة حتى الساعة 11 صباحاً بالتوقيت المحلي.

وأفادت «الداخلية» في تغريدة على منصة «إكس»: «بلغت نسبة مشاركة المواطنين في التصويت على مشروع التعديلات الدستورية حتى الآن عند الساعة (11 صباحاً) بالتوقيت المحلي نسبة 51 في المائة».

وكان أمير قطر قد ذكر في تغريدة سابقة عبر منصة «إكس» أن التعديلات الدستورية «لها غايتان: الحرص على وحدة الشعب من جهة، والمواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات من جهة أخرى»، مشدداً على أن «المساواة أمام القانون وفي القانون أساس الدولة الحديثة، وأيضاً واجب شرعي وأخلاقي ودستوري».

أمير قطر السابق (الأمير الوالد) يدلي بصوته في الاستفتاء على التعديلات الدستورية (قنا)

وبدأت عملية التصويت بتمام الساعة السابعة صباحاً، وتنتهي عند الساعة السابعة مساء، على أن تبدأ بعد ذلك مباشرة إجراءات فرز وعد الأصوات، لتعلن اللجنة العامة النتائج في غضون 24 ساعة من انتهاء التصويت.

وشارك في الاستفتاء أمير البلاد، وأمير قطر السابق، وعدد من كبار المسؤولين القطريين.

بحسب وزارة الداخلية القطرية فقد بلغت نسبة مشاركة المواطنين في التصويت على مشروع التعديلات الدستورية حتى الآن منتصف النهار 51 في المائة (قنا)

وكانت قطر قد نظمت في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) 2021 أول انتخابات نيابية تشهدها البلاد منذ قيام مجلس الشورى في عام 1972. ويكرس الدستور القطري الساري منذ عام 2005، مبدأ انتخاب ثلثَي أعضاء مجلس الشورى المؤلف من 45 عضواً، على أن يعين الأمير الثلث، وذلك قبل إجراء تعديل المواد الدستورية، بما يضمن قيام مجلس معين بالكامل.

مواطنون قطريون يدلون بأصواتهم في الاستفتاء على التعديلات الدستورية (قنا)