الجيش السوري يمهد لهجوم كبير على الغوطة الشرقية بأعنف حملة قصف جوي

80 غارة جوية لجيش النظام في الجنوب خلال 3 أيام.. و16 غارة جوية لقوات التحالف ضد «داعش»

سورية مع فتاة مصابة بجروح اثر قصف جوي لقوات موالية للنظام السوري على ريف دمشق (رويترز)
سورية مع فتاة مصابة بجروح اثر قصف جوي لقوات موالية للنظام السوري على ريف دمشق (رويترز)
TT

الجيش السوري يمهد لهجوم كبير على الغوطة الشرقية بأعنف حملة قصف جوي

سورية مع فتاة مصابة بجروح اثر قصف جوي لقوات موالية للنظام السوري على ريف دمشق (رويترز)
سورية مع فتاة مصابة بجروح اثر قصف جوي لقوات موالية للنظام السوري على ريف دمشق (رويترز)

أكدت مصادر المعارضة السورية في ريف دمشق لـ«الشرق الأوسط»، أن الطائرات الحربية السورية استهدفت منطقة الغوطة الشرقية المحاصرة بنحو 80 غارة خلال 72 ساعة، في حملة جوية هي «الأعنف»، تهدف «للتمهيد لهجوم بري واسع إلى الغوطة، ويقوده وزير الدفاع السوري جاسم الفريج شخصيا».
وقال عضو مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق إسماعيل الداراني لـ«الشرق الأوسط»، إن عدد الغارات الجوية التي استهدفت الغوطة أمس «وصلت إلى 25 غارة»، لتضاف إلى سلسلة غارات جوية بدأت الأربعاء الماضي وارتفع مجموعها إلى 80 غارة، تركزت بشكل خاص في مناطق عين ترما، ودوما، وجوبر، وزملكا، وحمورية، وسقبا التي سقط فيها أمس 5 مدنيين، بعد ارتكاب مجزرة أول من أمس في دوما. وقال الداراني، إن هذا الهجوم «يعد الأعنف من أسابيع»، مشيرا إلى أن «وزير الدفاع السوري فهد الفريج شخصيا، يقود هذا الهجوم الجوي ضمن مخطط للدخول إلى الغوطة الشرقية»، مشيرا إلى أن الفريج «يرأس غرفة عمليات تشكلت أخيرا لتنفيذ خرق في الغوطة تمهيدا للسيطرة عليها». وأضاف: «يبدو أن الهجوم الجوي العنيف تمهيدي قبل إطلاق العمليات البرية»، مشيرا إلى أن القوات الحكومية «جمدت عملياتها العسكرية البرية منذ بدء الهجوم الجوي، في حين بقيت الاشتباكات دائرة في منطقة حي جوبر الدمشقي فقط»، الذي يعتبر المدخل الجنوبي للغوطة، وهو يحاذي ساحة العباسيين في قلب العاصمة السورية.
وقال ناشطون، إن الطائرات الحربية «تنطلق على شكل أسراب، تحلق فوق الغوطة، وتنفذ ضربات متزامنة لمواقع كثيرة في عدة مواقع في المنطقة». وأوضح هؤلاء، أن الغارات المتتالية استهدفت محيط دير العصافير ووادي عين ترما في الغوطة الشرقية لريف دمشق والخاضعة لسيطرة المعارضة، وذلك غداة تنفيذ نحو 30 غارة استهدفت دوما وحرستا ودير العصافير في الغوطة الشرقية، ألقت خلالها نحو 60 صاروخا فراغيا مما أسفر عن مقتل وإصابة مدنيين بينهم أطفال.
وقال الداراني، إن خريطة الهجمات «تشير إلى أن الضربات تستهدف مداخل الغوطة من الشمال والجنوب والشرق والغرب، وليس عمقها، ما يؤكد أن النظام يحاول إحداث خروقات على مداخل المنطقة، تمهيدا لهجوم بري»، مشيرا إلى أن تلك الضربات «تهدف إلى ضعضعة قوات المعارضة، وهو ما لم يتحقق حتى الآن».
وأفاد ناشطون بأن طائرات ألقت أكثر من 7 صواريخ دفعة واحدة استهدفت أطراف المتحلق الجنوبي في جوبر وعين ترما وزملكا، بعد ساعات على استهداف عبن ترما بصواريخ فراغية، بينما استهدفت منطقة طريق المطار بـ8 غارات جوية.
وتحاول القوات النظامية منذ 7 أشهر الدخول إلى الغوطة الشرقية، حيث لم تتمكن من إحداث خرق كبير سوى في منطقة المليحة التي استعادت السيطرة عليها، كما استعادت السيطرة على أجزاء من حي جوبر. وتعد الغوطة الشرقية المحاصرة، خاضعة بأكملها لسيطرة قوات المعارضة، ويتمتع فيها «جيش الإسلام» الذي يتزعمه زهران علوش بنفوذ واسع. وتشكل الغوطة تهديدا مستمرا لمناطق سيطرة النظام في أحياء دمشق، عبر استهدافها بقذائف المورتر.
وتزامن القصف مع اشتباكات اندلعت عند محور المتحلق الجنوبي شرق حي جوبر بمدينة دمشق، حيث تصدت خلالها الأخيرة لمحاولة القوات النظامية التقدم نحو جسر زملكا بريف دمشق. وأدت المعارك بين الطرفين، بحسب ناشطين، إلى مقتل عنصرين من القوات النظامية، وإعطاب عربة «Bmp» تابعة للجيش النظامي، بالإضافة إلى مقتل عنصر وإصابة آخر تابعين إلى المعارضة، بينما تواصلت الاشتباكات بين الطرفين في محيط حي جوبر.
بموازاة ذلك، تضاعفت وتيرة القصف في الغوطة الغربية، إذ استهدفت مناطق فيها بالبراميل المتفجرة، في حين أغار الطيران الحربي على أهداف في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب مدينة دمشق والخاضع لسيطرة المعارضة السورية. كما أفاد ناشطون بقصف الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة مناطق في مزارع مخيم خان الشيح بالغوطة الغربية، بينما تعرضت مناطق في الجبل الغربي لمدينة الزبداني، لقصف من قبل قوات النظام، ترافق مع قصف الطيران الحربي لمناطق في المدينة.
وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس، أن 40 عنصرا من تنظيم داعش على الأقل، قتلوا خلال ضربات نفذتها طائرات التحالف العربي – الدولي، ليل الثلاثاء – الأربعاء، وفجر الأربعاء، على تجمعات سكنية للتنظيم في مدينة الرقة، في حين واصل سلاح الجو السوري قصفه على مدينة الباب غداة مقتل 52 مدنيا في هجمات استهدفت المنطقة، ليضافوا إلى العشرات الذين قتلوا خلال 3 أيام نفذت خلالها القوات النظامية 500 غارة جوية في أنحاء سوريا.
وقال المرصد في بيان، إنه وثق ما يقارب 500 غارة جوية نفذتها طائرات ومروحيات النظام خلال الأيام الـ3 الماضية، في أعلى معدل للغارات الجوية خلال 3 أيام متتالية، وأسفرت عن مقتل 115 مدنيا. وأوضح أن طائرات النظام الحربية نفذت أكثر من 267 غارة استهدف مناطق في محافظات دمشق، ريف دمشق، والحسكة، وحلب، والقنيطرة، والرقة، ودير الزور، وحمص، وحماه، وإدلب، ودرعا واللاذقية. كما قصفت طائرات النظام المروحية بأكثر من 207 براميل متفجرة مناطق في مدن وبلدات سورية. وأشار إلى أنها أسفرت عن مقتل 115 مواطنا مدنيا، بينهم ما لا يقل عن 26 طفلا دون سن 18، و14 مواطنة فوق سن 18، و75 رجلا، إضافة لإصابة أكثر من 420 آخرين بجراح، بينهم العشرات في حالات خطرة، كما أدت الغارات إلى أضرار كبيرة في ممتلكات مواطنين.
وتواصل القصف الجوي على معاقل تنظيم داعش في ريف حلب، لكنه أدى إلى مقتل مدنيين، بحسب ما أفاد به ناشطون. وقال المرصد إن القصف تواصل أمس على مدينة الباب، مما أدى إلى مقتل 4 مدنيين جراء قصف الطيران الحربي منطقة السكن الشبابي بالمدخل الغربي لمدينة الباب، التي يسيطر عليها تنظيم داعش بريف حلب الشمالي الشرقي.
وشن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة 31 غارة جوية ضد مواقع تنظيم داعش، أمس، من بينها 13 غارة على مدينة عين العرب (كوباني) الكردية السورية، بحسب وزارة الدفاع الأميركية. وأدت غارات التحالف على كوباني إلى تدمير 19 موقعا قتاليا، إضافة إلى مبانٍ تابعة للتنظيم ومناطق تجمع وعربة، بحسب بيان الوزارة. وجاء في البيان أن المقاتلات والقاذفات والطائرات من دون طيار قصفت كذلك الكثير من الوحدات التكتيكية. وبلغ العدد الإجمالي للغارات التي تم شنها في سوريا 16 غارة، اشتملت على قصف لبرج حفر ولعدد من العربات ومنطقة تجمع أخرى.
وفي سياق متصل، كشف المرصد عن مقتل أكثر من 40 عنصرا من تنظيم داعش خلال ضربات التحالف الأربعاء الماضي، استهدفت تجمعات سكنية للتنظيم في مدينة الرقة، ومركز لتصنيع العبوات الناسفة في شرق مدينة الرقة، ومعسكر في منطقة المناخير بريف مدينة الرقة. وقال المصدر إنه من بين الخسائر البشرية في صفوف عناصر التنظيم، 13 مقاتلا على الأقل من الجنسية السورية، والباقون من جنسيات مختلفة.
وواصل المقاتلون الأكراد في كوباني، تحقيق التقدم على مقاتلي «داعش». وقال ناشطون، إن اشتباكات عنيفة دارت بين مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي وتنظيم داعش في شرق المركز الثقافي وشرق حي صوفيان بالقرب من مدرسة اليرموك في منطقة بوطان بمدينة كوباني، حيث تمكنت وحدات الحماية من السيطرة على عدة نقاط في المنطقتين، وسط تبادل للقصف بين الطرفين.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.