{حلحلة} سياسية تمهد لتشريعات استخراج النفط في لبنان قبل منتصف العام المقبل

الاتفاق بين بري وعون على أن يبدأ التلزيم من الحقول المحاذية لإسرائيل

زال التباطؤ الذي يتعلق بإنجاز الآليات التي تكفل الوصول إلى عملية التنقيب (أ.ف.ب)
زال التباطؤ الذي يتعلق بإنجاز الآليات التي تكفل الوصول إلى عملية التنقيب (أ.ف.ب)
TT

{حلحلة} سياسية تمهد لتشريعات استخراج النفط في لبنان قبل منتصف العام المقبل

زال التباطؤ الذي يتعلق بإنجاز الآليات التي تكفل الوصول إلى عملية التنقيب (أ.ف.ب)
زال التباطؤ الذي يتعلق بإنجاز الآليات التي تكفل الوصول إلى عملية التنقيب (أ.ف.ب)

أثمرت النقاشات السياسية بين الكتل النيابية، في الشهر الأخير من 2014، حلحلة في ملف التنقيب عن النفط في لبنان، بعد أن دق رئيس البرلمان جرس الإنذار، لناحية اقتراب إسرائيل من الحقول النفطية في المياه الإقليمية اللبنانية، وسط توقعات بأن تنجز المراسيم المرتبطة بالتنقيب عن النفط في الأشهر الأولى من العام المقبل. وقضى الاتفاق بين بري وعون بأن يبدأ التلزيم من الحقول المحاذية لإسرائيل «وفقا للأهمية والخطورة».
وكان خلافا سياسيا بين كتلة بري، وكتلة رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، أدى إلى التباطؤ في إصدار التشريعات الحكومية التطبيقية للتنقيب عن النفط، وسط خلافات على تلزيم كامل البلوكات البحرية، والبالغ عددها 10 بلوكات، دفعة واحدة، وهو ما كان يدفع إليه رئيس البرلمان، بينما كانت وجهة نظر وزارة الطاقة التي كان وزيرها جبران باسيل أحد وزراء عون في الحكومة، تتمحور حول تجزئة التلزيم للشركات العالمية الراغبة بالاستثمار في قطاع النفط اللبنانية.
ويبدو اليوم، بحسب متابعين، أن ثمة دفعا من رئيس المجلس كما من جانب التيار الوطني الحر؛ من أجل تحريك هذا الملف، بعد أن جرت «حلحلة» التعقيدات المرتبطة به، على قاعدة أن الأيام المقبلة «ستشهد حلحلة في الملف بعدما أكد الرئيس بري قبل أيام أن الخلاف بشأن التلزيم قد ذلل»، وبعدما أمل وزير الطاقة والمياه آرتور نظريان أن «يكون توقيع الحكومة لمراسيم النفط هدية منها للشعب اللبناني في العام المقبل، لننطلق بعدها في رحلة الاستكشاف والتنقيب عن البترول والغاز».
وأكد عضو كتلة «التنمية والتحرير» التي يترأسها بري النائب أيوب حميد، أن «ملف النفط هو موضوع اهتمام لدى الرئيس بري»، مشيرا إلى أنه «زال التباطؤ الذي يتعلق بإنجاز الآليات التي تكفل الوصول إلى عملية التنقيب وتلزيم كامل البلوكات، إضافة إلى حفظ هذه الثروة الوطنية، ومنع العدو الصهيوني من سرقتها». ولفت، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «حينما جرى التأكد أن هناك مساعي إسرائيلية فعلية للبدء بسرقة الغاز في البلوك المتنازع عليه، دق بري جرس الإنذار كي نتدارك هذه السرقة الموصوفة والمتمادية، لذلك بدأ بتحريك الموضوع من جديد».
وأكد حميد أن العلاقات جيدة دائما بين الرئيس بري والعماد عون، وأن هناك «حوارات متبادلة من أجل تذليل أي عائق أو مشكلة تتعلق بوجهة نظر كل منهما»، آملا أن يكون هناك مسعى وزاري حثيث «لكي نحفظ هذا الحق ونستثمره لمصلحة لبنان واللبنانيين وتحقيق النتائج الإيجابية المرجوة». وأعرب عن أمنيته أن يكون عام 2015 «عام اعتماد الآليات التي توصل إلى عملية التلزيم والتنقيب». وأضاف: «يمكن حل المشكلات المرتبطة بعدم اهتمام الشركات المعنية بالملف؛ لأن أصحاب المصالح يتهافتون وتتقاطع مصالحهم». أما محليا «فلا مصلحة لأحد بأن يضع أي عراقيل في وجه الاستثمار على هذه الموارد الخيرة التي هي ملك للبنانيين».
وكان وزير الطاقة دعا بعد لقائه بري الأسبوع الماضي، إلى «تحريك هذا الملف في أسرع وقت ممكن كي نستفيد من هذه الثروة، ونساهم في تحريك اقتصادنا، بعيدا عن الخلافات السياسية».
ويبدو أن الملف تحرك فعلا على ضوء «النظرة الموحدة بين عون وبري حيال مسألة التلزيم»، كما يقول عضو «تكتل التغيير والإصلاح» النائب حكمت ديب لـ«الشرق الأوسط»، كاشفا أنه «قبل أيام قليلة حصل اتفاق بأن التلزيم يجب أن يكون وفقا للأهمية والخطورة، لا سيما البلوك المسمى حقل كاريش، الذي تستكشف فيه إسرائيل من خلال عمليات الحفر وتطوير الآبار على مسافة 4 كلم من حدودنا الجنوبية». وأشار إلى أن بري وعون «حريصان على عدم إعطاء الفرصة للعدو للاستفادة من الآبار اللبنانية، ولا يمكننا تأخير هذا الأمر بعد اليوم، حيث باتت هناك قناعة مشتركة لدى الجميع بأن الأولوية هي للخطوات التي تحفظ حق لبنان بنفطه في وجه إسرائيل».
وقال إن المسؤولية في التأخير بإصدار المراسيم التطبيقية «تتحملها الحكومة السابقة والحكومة الحالية، حيث كان هناك بطء في ذلك»، لكنه أشار إلى أن رئيس الحكومة تمام سلام «تكفل» بالمعالجة، وقد «لمسنا منه تجاوبا مقبولا جدا حيال إصدارها، ونأمل منه إقرار مشروع خارطة الطريق الذي أعدته لجنة الأشغال والطاقة النيابية والهيئة العليا لإدارة قطاع النفط».
وتشير التقديرات إلى أن تكون هناك خزانات تحتوي على كميات هائلة من النفط والغاز في بحر لبنان، تقدر بنحو 40 تريليون قدم مكعب من الغاز، إضافة إلى مئات الملايين من براميل النفط، ويتوقع أن تتجاوز قيمتها أكثر من 100 مليار دولار. وحالت الخلافات السياسية دون إصدار التشريعات التطبيقية لتلزيم حقول النفط والغاز.
وأكد رئيس لجنة الأشغال العامة والنقل والطاقة والمياه في البرلمان محمد قباني لـ«الشرق الأوسط»، أن ما يحصل «دليل واضح على أن الاختلاف في وجهات النظر ليس اختلافا متجذرا، بل هو عبارة عن وجهتي نظر في قضية عملية لا أكثر، وعندما نلزم بلوكا واحدا أو 2 أو 3 تنتفي المشكلة». وقال: «من المفترض بنا جميعا العودة إلى تحريك الملف بأفضل توافق وبأسرع وقت ممكن، بعدما أجمع المعنيون على أن البطء الذي رافق هذا الملف لا يجوز أن يستمر ونحن اليوم نعود للسير به وتجاوز الخلافات».
وكشف قباني أن ثمة مشروع «خارطة طريق» أعدته هيئة إدارة قطاع البترول في مجلس النواب، وتبنّت لجنة الأشغال والطاقة هذه التوصية، مضيفا: «لقد رفعنا ذلك إلى رئيس الحكومة، وبالتأكيد سنتعاون في سبيل إقرارها بما تشمل من المرسومين في مجلس الوزراء، وقانون الضرائب في مجلس النواب، وهناك اقتراح توصية بإعادة تأهيل الشركات وهو قيد الدرس».
وإذ أمل أن يصار إلى إقرار مشروع «خارطة الطريق»، رجح أن يستغرق إصدار المراسيم وقتا «ربما لا يتجاوز الأشهر الأولى من العام المقبل»، لافتا إلى أن الدول والشركات الأجنبية «لم تعد مهتمة بالملف كما ذي قبل، إلا أننا من منطلق الزخم اللبناني الحاصل ندعو جميع هذه الدول والشركات إلى إعادة الاهتمام كما كان وأكثر، بما في ذلك تنشيطنا للحملة الترويجية لنفطنا وغازنا».
ولا يرى خبراء أن الخلاف بين بري وعون حول تلزيم الثروة النفطية، يتعدى كونه «خلافا تقنيا»، كما قال الخبير النفطي ربيع ياغي لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أن الطرفين «مهتمان بمسألة السير بالملف اليوم قبل الغد».
ويشارك ياغي الداعين الحكومة إلى المبادرة واتخاذ قرار حاسم بإقرار المراسيم النفطية، قائلا: «التأخير اليوم هو في هذين المرسومين، الأول متعلق بالاتفاق مع الشركات، والثاني بتقسيم البلوكات الـ10 في المياه اللبنانية». وأوضح أن «لكل بلوك مساحة محددة، فعلى سبيل المثال في جنوب المياه الاقتصادية الخالصة، هناك 3 بلوكات (8، 9، 10)، ويدعو موقعها إلى قطع الطريق على إسرائيل كي لا تتمدّد وتشفط علنا النفط والغاز الموجود في هذه المنطقة التي أثبتت المسوحات الجيولوجية الثنائية والثلاثية الأبعاد أنها المنطقة الواعدة والغنية جدا بمكامن الغاز والنفط السائل»، مبينا أن «هذه الأولوية يجب أن تترجم من خلال المباشرة بالتنقيب والاستكشاف والاستخراج في هذه البلوكات فورا». وقال: «يهمنا أن نبدأ من الجنوب انطلاقا من تثبيت وتكريس حقنا والسيادة اللبنانية على البلوكات الجنوبية».
يذكر أن إسرائيل قطعت أشواطا في الصناعة النفطية في اكتشافاتها، وكذلك قبرص وحتى سوريا التي لزمت بلوك رقم 2 لشركة روسية، رغم أزماتها.
وأشار ياغي إلى أنه «إذا باشرنا اليوم بالخطوات العملية فإننا نحتاج على الأقل إلى 7 إلى 8 سنوات كي تصبح لدينا اكتشافات تجارية قابلة للاستخراج».



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.