مراكز «دروس خصوصية» تتجاهل التحذيرات والملاحقات في مصر

استبقت انطلاق «العام الجديد» رغم مخاوف «كورونا»

جانب من إعلانات مراكز الدروس الخصوصية المصرية على «فيسبوك»
جانب من إعلانات مراكز الدروس الخصوصية المصرية على «فيسبوك»
TT

مراكز «دروس خصوصية» تتجاهل التحذيرات والملاحقات في مصر

جانب من إعلانات مراكز الدروس الخصوصية المصرية على «فيسبوك»
جانب من إعلانات مراكز الدروس الخصوصية المصرية على «فيسبوك»

رغم تشديد السلطات المصرية على إغلاقها في منتصف شهر مارس (آذار) الماضي وملاحقة أصحابها قضائياً، بالتزامن مع إغلاق المدارس خوفاً من تفشي وباء «كورونا»، فإن مراكز للدروس الخصوصية في مصر، استأنفت عملها مجدداً قبل انطلاق العام الدراسي الجديد في 17 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، في مخالفة واضحة لقرارات مجلس الوزراء المصري.
محمد أحمد الديب، طالب بالصف الثالث الثانوي، بمدرسة السادات الثانوية بمحافظة المنوفية (شمال غربي القاهرة)، استجاب لطلب أسرته بعد إلحاح شديد قبل أسبوعين وتوجه إلى أحد مراكز الدروس الخصوصية بالمدينة الجديدة الواقعة على طريق (القاهرة - الإسكندرية) الصحراوي حتى لا يسبقه زملاؤه في المناهج المقررة، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «مع أنني في القسم الأدبي فإن أسرتي تتمنى حصولي على مجموع جيد في نهاية العام الدراسي والالتحاق بكلية مناسبة، لذلك كانت تلح علي في الذهاب إلى هذه المراكز لرفع مستواي التعليمي في 5 مواد دراسية قبل انطلاق العام الدراسي بأكثر من شهر».
ويشير مصطفى الذي ينفق نحو ألفي جنيه (الدولار الأميركي يعادل 16 جنيهاً مصرياً) شهرياً على الدروس الخصوصية إلى اعتياده على الذهاب إلى هذه المراكز، قبل انطلاق الدراسة بمدرسته الحكومية بحوالي شهر خلال السنوات الماضية: «هذا أمر متعارف عليه منذ سنوات طويلة». حسب وصفه.
وأكد الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، في المؤتمر الصحافي الخاص بإعلان استراتيجية الوزارة للعام الدراسي الجديد (2020 - 2021) في 10 سبتمبر (أيلول) الجاري، استمرار إغلاق مراكز الدروس الخصوصية إلى أجل غير مسمى، معبراً عن «استيائه الشديد من محاولات تحايل البعض لاستمرار الدروس الخصوصية في الخفاء بالتزامن مع إغلاق هذه المراكز».
لكن خبراء تعليم من بينهم الدكتور مصطفى رجب، عميد كلية التربية الأسبق في جامعة سوهاج (جنوب مصر) والرئيس الأسبق لهيئة محو الأمية وتعليم الكبار، يؤكدون أن «ثقافة الدروس الخصوصية لم ولن تنتهي من مصر»، ويقول رجب لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الثقافة مترسخة في مصر منذ أكثر من 150 عاماً، عندما كان يتلقى أبناء الباشوات دروساً خصوصية في بيوتهم الفاخرة، وهذا ما يحدث حالياً حيث يتلقى أبناء (الباشوات) الحاليين أو الأغنياء دروساً في بيوتهم، بالإضافة إلى أبناء الطبقة المتوسطة أيضاً».
ويشدد رجب على أن بعض الخطط التعليمية التي يضعها وزراء التعليم في مصر للحد من الدروس الخصوصية لا تتفق مع الواقع الصعب الذي يعيشه الطلاب في المدن والقرى البعيدة عن القاهرة، لأن الكثير من هؤلاء الوزراء لا يعترفون بالتعليم الحكومي، ويُلحقون أبناءهم بمدارس وجامعات أجنبية»، على حد تعبيره.
ولمواجهة «توحش» ظاهرة الدروس الخصوصية، قرر وزير التربية والتعليم تفعيل مجموعات التقوية بالمدارس مع انطلاق العام الدراسي الجديد بشكل يحقق استثماراً كبيراً وفائدة للمعلمين، وستكون مجموعات التقوية اختيارية يحصل المعلم خلالها على نسبة 85 في المائة من العائد.
بينما يرى رجب أن «الهدف المنشود من تفعيل مجموعات التقوية لن يتحقق إلا في حالة حب وتقدير الطلاب والمعلمين لناظر المدرسة الذي يمكنه تنظيم دروس تقوية مشجعة ومفيدة للجميع».
ويقدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الرسمي، إجمالي ما ينفقه المصريون على الدروس الخصوصية بنحو 47 مليار جنيه مصري، وفق نتائج بحث الدخل والإنفاق 2017 – 2018، التي أعلنها الجهاز العام الماضي.
ويزيد عدد تلاميذ مراحل التعليم قبل الجامعي في مصر على 23 مليون تلميذ، وفق أحدث إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، العام الماضي، الذي يفيد أيضاً بأن إجمالي عدد المدارس والمعاهد الأزهرية في مصر يبلغ نحو 64 ألف مدرسة ومعهد، بينما يصل عدد طلاب المرحلة الجامعية إلى نحو 3 ملايين طالب.
وأغلقت السلطات المحلية بمحافظة الشرقية (دلتا مصر) عدداً من مراكز الدروس الخصوصية بمنطقة «فيلل الجامعة» بمدينة الزقازيق قبل أسبوعين، بحسب بيان صحافي للمحافظة، أكد استمرار إغلاق المراكز المخالفة.
ومع تردد الكثير من طلاب الثانوية العامة على مراكز الدروس الخصوصية بمناطق عدة بالعاصمة المصرية والمحافظات الأخرى، وفق روايات بعض أولياء الأمور، لـ«الشرق الأوسط»، تشهد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر صراعاً افتراضياً لافتاً بين هذه المراكز لاجتذاب الطلاب عبر صفحاتها الرسمية التي تعلن فيها عن أسماء المدرسين ومواعيد الدروس، وتحث هذه المراكز الطلاب على سرعة الاشتراك حتى لا تضيع الفرصة، وتشهد منشورات هذه المراكز تفاعلاً كبيراً من الطلاب وأولياء الأمور حيث يسألون عن قاعات الدروس والأسعار.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.