أمين معلوف يتضرّع من أجل بيروت في أربعين «الانفجار الكبير»

بتأجيل أيام عن موعده، وبعد تعديل على المكان، أقيم الاحتفال الإنشادي الموسيقي «بيروت تِنذِكِر»... بمناسبة أربعين انفجار المرفأ، وذلك في حديقة «قصر سرسق - كوكرن» الذي ألحق به العصف أضراراً بالغة، وأودى بحياة صاحبته الليدي إيفون كوكرن.
شارك في الحفل 300 شخص، بين منشدين وموسيقيين، وفنيين. وتضمن البرنامج خليطاً من الأناشيد والأغنيات، والمقطوعات الموسيقية الكلاسيكية، والشهادات من شخصيات أدبية وفنية، بينهم الأديب وجدي معوض والروائي أمين معلوف، الذي بعث برسالة صوتية إلى مواطنيه باللغة الفرنسية، هي أقرب إلى ابتهال توجه به إلى السماء. ومن ثمّ، تلا الممثل القدير رفعت طربيه كلمة معلوف باللغة العربية، التي قال فيها:
«من بيروت، العاصمة الجريحة، صلاة إلى عنان السماء. بأي لغة كان، ابتهلنا إليه تعالى، وبأي اسم كان، رفعنا إليه الدّعاء. فلتقرّ لاحظته، وقد حاشت الكون والخلق أجمعين، فلتقرّ علينا قليلاً. طال الزمان ونحن نكفّر عن آثام البشرية جمعاء، وعن عنياتنا، علاوة. طال الزمان، ونحن أول من يداهينا كل وباء قبل أن يستشري في العالم. من هذه المدينة وقد مسّها الدمار، ومن ثمّ البناء، فالدمار من جديد. من هذا الشاطئ المخبر بلسان الأساطير، عن رجل حرّ، عرف في عابر الزمان، كيف يقتل التنين، صلاة إلى عنان السماء».
ويكمل معلوف صلاته بالقول «ألا فليتمكن لبنان، هذه المرة أيضاً، من أن يهبّ واقفاً من جديد، ويعلي أركانه، ويضمد جراحه. ألا فليدرك كيف يقهر محنته وتوجّعه وإحباطه. ألا فليدرك كيف ينتصر على شراسة العالم، وأيضا كيف ينتصر على شياطينه هو. من مرفأنا السحيق القدم، وقد غدا على حين غرّة، صرحاً لجنون البشر، وهيكلاً لسخطهم، صلاة إلى عنان السماء!».
بدأ الحفل باستعادة أغنية فيروز «لبيروت» بصوت فاديا طنب التي أدت الكثير من الأغنيات، بينها «المحبة» من كتاب «النبي» لجبران خليل جبران، وشاركت تانيا صالح بأغنيتها «شبابيك بيروت»، التي رافقتها مشاهد إعادة إعمار افتراضي للمباني المهدمة. وبين الحضور الفعلي والافتراضي، كانت مقطوعة موسيقية على البيانو لعبد الرحمن الباشا، وأخرى لعمر الرحباني، وعزف زاد ديراني مقطوعة «يا ست الدنيا» التي وضعت لأغنية نزار قباني. كما شارك غابريل يارد بموسيقى كان قد وضعها لفيلم «المريض الإنجليزي».
وكان من المقرر إقامة الحفل الموسيقي في المرفأ، حيث حدثت المأساة، لكن الحرائق المتتالية التي اندلعت بعد الانفجار، اضطرت جمعية «ريكولكت بيروت» المنظمة إلى تغيير المكان وتأجيل الموعد بسبب تلوث الهواء.
وحرص المنظمون على تذكر الضحايا الـ192 الذين سقطوا بسبب الانفجار، بأسمائهم مقرونة بصورهم والشموع. وتمكن جان لوي مانغي، المدير الفني للحفل، بالتعاون مع المخرج باسم كريستو، من التوليف بين البث الحي، والتسجيلات المحضّرة مسبقاً، وقرن الأغنيات بمشاهد من قلب الانفجار والمعاناة الإنسانية للأهالي ببراعة لافتة. وعملت محطات التلفزة اللبنانية على نقل الحفل مباشرة وفي وقت واحد.