25 يوماً مضت على آخر جولات مفاوضات «سد النهضة» بين مصر وإثيوبيا والسودان، برعاية الاتحاد الأفريقي. ورغم فشل التوصل إلى توافق واضح، فإن الأمر ما زال معلقاً، ما أثار تساؤلات حول مصير «المسار الأفريقي»، في ظل صمت لافت للدول الثلاث.
وذكر مصدر مصري لـ«الشرق الأوسط»، أن «بلاده تواصل مشاوراتها الدولية بشأن المرحلة المقبلة، في إطار تعاملها الدقيق مع القضية»، دون مزيد من التفاصيل. لكن مراقبين مصريين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، حذروا من أن توقف المفاوضات دون بديل واضح، يتيح لإثيوبيا مزيداً من الوقت لمواصلة تشييد السد، عقب توقف فيضان النيل نهاية الشهر الحالي، والتجهيز للمرحلة الثانية من ملء الخزان.
وتدشن إثيوبيا «سد النهضة»، على «النيل الأزرق»، ويثير توترات مع دولتي مصب نهر النيل (مصر والسودان). وأُنجز نحو 75 في المائة من عملية بناء السد، التي انطلقت عام 2011. فيما انتهت أديس أبابا في يوليو (تموز) الماضي من المرحلة الأولى لملء الخزان، تمهيداً لتشغيله.
وأعلنت الدول الثلاث، عقب اجتماعهم، في 28 أغسطس (آب) الماضي، فشلهم في دمج مقترحاتهم بشأن قواعد ملء وتشغيل السد، بسبب خلافات واسعة حول عدد من النقاط القانونية والفنية، الأمر الذي تقرر على أثره قيام كل دولة منفردة بإرسال خطاب إلى رئيس جنوب أفريقيا (الذي يرأس الاتحاد الأفريقي)، يتضمن رؤيتها للمرحلة المقبلة، لكن الاتحاد الأفريقي لم يعلق حتى الآن.
ويتزامن الجمود الأفريقي مع صمت رسمي في مصر والسودان، و«سعادة إثيوبية لاستنزاف مزيد من الوقت وفرض سياسة الأمر الواقع»، كما يشير الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الموارد المائية المصري الأسبق، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذا الجمود غير مبرر وغير مفهوم... قد يكون لمصر اتجاه آخر، خصوصاً أنها نشطت تحركاتها الدبلوماسية لدى واشنطن وغيرها، لكن لا يجب إهدار مزيد من الوقت، ولا بد من خطوة جدية».
وشدد علام على أن «إثيوبيا تنتظر نهاية فيضان النيل آخر سبتمبر أو مطلع أكتوبر، لاستكمال عملية البناء، قبل التوصل إلى اتفاق، يلزمها بتجنب الإضرار بمصر والسودان».
ولا يعول السفير وائل نصر الدين، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق للشؤون الأفريقية، على مساعي الاتحاد الأفريقي للحل، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، إن «أديس أبابا ضغطت باتجاه اللجوء إلى الاتحاد الأفريقي بهدف تعطيل المفاوضات، وثقتها في عدم الوصول إلى اتفاق».
وأكد نصر الدين أن مصر أقدمت على تلك الخطوة كي تؤكد للعالم أجمع مساعيها للحل السياسي في كل اتجاه، لكن إذا حاولت إثيوبيا الإضرار بالمصالح المصرية، فإن للإدارة المصرية بالتأكيد بدائل عدة.
وتعقد المفاوضات بمشاركة وزراء الموارد المائية للدول الثلاثة، وبحضور خبراء ومراقبين من قبل الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وسبق أن اقترح وزير الري السوداني ياسر عباس، نهاية أغسطس (آب) الماضي، رفع مستوى التفاوض إلى الرؤساء.
وأضاف: «لا بد من تعديل طريقة التفاوض، فالطريقة الحالية أصبحت غير ذات جدوى والتعديل يكون بإعطاء المراقبين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي دوراً أكبر ليصبحوا وسطاء تحت مظلة الاتحاد الأفريقي». وتعتبر أديس أبابا أن سد النهضة أساسياً لنموها الاقتصادي ولإمدادها بالكهرباء، في حين تخشى الخرطوم والقاهرة أن يحدّ المشروع الضخم الذي يبلغ ارتفاعه 145 متراً، وسيكون الأكبر في أفريقيا، من إمكان وصول المياه إليها».
وتشدد مصر والسودان أيضاً على «ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم يضمن حقوق ومصالح الدول الثلاث، وفق اتفاق إعلان المبادئ الموقع عام 2015، ومبادئ القانون الدولي، على أن يضمن آلية فاعلة وملزمة لتسوية النزاعات».
تعطل «المسار الأفريقي» يثير تساؤلات بشأن مصير مفاوضات السد الإثيوبي
تعطل «المسار الأفريقي» يثير تساؤلات بشأن مصير مفاوضات السد الإثيوبي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة