تبدو عقدة وزارة المال كفيلة بإفشال مهمة الرئيس المكلف مصطفى أديب لتشكيل «حكومة مهمّة» من شخصيات مستقلة عن القوى السياسية ومن أصحاب الخبرة والاختصاص، مع اعتماد مبدأ المداورة في الحقائب الوزارية بين كل الطوائف، وعدم تكريس أي حقيبة لطائفة معينة، كما أنها يمكن أن تطيح مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وتضيع الفرصة الأخيرة أمام اللبنانيين.
ويتمسّك «الثنائي الشيعي»؛ («حركة أمل» و«حزب الله»)، بوزارة المال، للاحتفاظ بـ«التوقيع الثالث» على المراسيم للطائفة الشيعية، إلى جانب توقيعي رئيس الجمهورية الماروني ورئيس الحكومة السنّي. ويشدد عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب أيوب حميّد، على أن «حصر وزارة المال بالطائفة الشيعية، يندرج ضمن حقّها في المشاركة بالقرار التنفيذي في البلد». ويرفض في تصريح لـ«الشرق الأوسط» مقولة أن «الشيعة يحاولون تكريس عرفٍ غير ثابت في الدستور». ويسأل: «هل مواقع رئيس الجمهورية الماروني ورئيس مجلس النواب الشيعي ورئيس الحكومة السنّي مكرّسة في الدستور؟ وهل مناصب حاكم (مصرف لبنان) وقائد الجيش ورئيس مجلس القضاء الأعلى المسندة عرفاً إلى الطائفة المارونية منصوص عليها في الدستور؟ وهل موقعي رئيس مجلس الإنماء والإعمار أو النائب العام التمييزي المحصورين بالطائفة السنيّة ثابتان دستورياً؟». وقال حميّد: «إذا كان المطلوب العودة إلى ثنائيات عفا عليها الزمن، ولا تأخذ في الاعتبار المتغيّرات على المستوى الوطني، فهذا أمر لا يمكن القبول به». وأضاف: «نحن لا نريد نكء جراح؛ بل نطالب بالمساواة بين المكونات اللبنانية، وأن يقتنع الآخرون أننا (الشيعة) متجذرون في هذا الوطن منذ مئات السنين».
ومنذ إبرام «اتفاق الطائف» في عام 1989 شكّلت في لبنان 18 حكومة، أسندت فيها حقيبة المالية إلى وزراء من كلّ الطوائف؛ إذ شغلها 8 وزراء من الطائفة السنيّة، و6 شيعة، و4 مسيحيين، وهنا يذكّر النائب أيوب حميّد أن «وزارة المال تسلّمها وزيران شيعيان في أول وثاني حكومة بعد (الطائف) (علي الخليل وأسعد دياب)، لكن عندما تسلمها الرئيس رفيق الحريري في عام 1992، كان لتلك المرحلة ظروفها وأسبابها المتعلقة بتسهيل مهام حكومته من أجل إعادة الإعمار، وبتدخّل الإخوة السوريين، وكنّا نستأخر حسم هذا الموضوع للنقاش الذي تأخر بسبب أوضاع البلد».
وبرأي خصوم الثنائي الشيعي، فإن «إلزامية التوقيع الشيعي على المراسيم الحكومية، بمثابة (فيتو) على كلّ القرارات التنفيذية التي لا تتوافق مع مصالحه». وحذّروا من أن «تكريس أعراف لم يلحظها (اتفاق الطائف) ولم تطبّق بعد إقراره، يكرّس المثالثة المقنّعة».
ويعدّ رئيس «مركز أمم للأبحاث والتوثيق»، الباحث السياسي لقمان سليم، أن «إصرار الثنائي الشيعي على هذه الحقيبة، مردّه إلى التبدّل الذي طرأ على موازين القوى داخلياً وخارجياً، والتي لم تعد لمصلحته». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «معركة هذا الثنائي لها بعدان؛ تكتيكي واستراتيجي». وقال: «في البعد التكتيكي، فإن تسمية وزير المال من (حزب الله) و(حركة أمل)، بمثابة انتزاع صكّ براءة فرنسي لهما من تهمتي الفساد وتمويل الإرهاب». أما في البعد الاستراتيجي، فيشير لقمان سليم؛ وهو سياسي شيعي معارض لهذا الثنائي، إلى أن «هذا الفريق غير مستعدّ لتقديم تنازلات للفرنسيين، ويفضل تقديمها للأميركيين لاحقاً».
«الثنائي الشيعي» يتمسّك بـ«المالية» لتثبيت المشاركة في القرار التنفيذي
«الثنائي الشيعي» يتمسّك بـ«المالية» لتثبيت المشاركة في القرار التنفيذي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة