«مؤسسة النفط» الليبية تعيد فتح منشآتها الآمنة

«الجيش الوطني» اعتبر القرار «رضوخاً» لاتفاق حفتر ـ معيتيق... و«الإخوان» تهاجم

السراج خلال اجتماعه مع سفير ألمانيا في طرابلس أمس (حكومة الوفاق)
السراج خلال اجتماعه مع سفير ألمانيا في طرابلس أمس (حكومة الوفاق)
TT

«مؤسسة النفط» الليبية تعيد فتح منشآتها الآمنة

السراج خلال اجتماعه مع سفير ألمانيا في طرابلس أمس (حكومة الوفاق)
السراج خلال اجتماعه مع سفير ألمانيا في طرابلس أمس (حكومة الوفاق)

أعلنت «غرفة عمليات سرت - الجفرة» التابعة لحكومة «الوفاق» الليبية برئاسة فائز السراج، أمس، رفضها اتفاق نائبه أحمد معيتيق مع المشير خليفة حفتر القائد العام لـ«الجيش الوطني» على استئناف إنتاج النفط، بعد ساعات من إعلان مؤسسة النفط الموالية للحكومة رفع حالة «القوة القاهرة» عن بعض المنشآت النفطية في أول تنفيذ عملي للاتفاق.
واستغل سفير ألمانيا لدى ليبيا أوليفر أوفتشا، لقاءه مع السراج في طرابلس، أمس، ليدعو «الأطراف الليبية كافة إلى ضمان انتقال شرعي وسلمي للسلطة». وأبدى «تقديراً» لإعلان السراج رغبته في تسليم مهامه للسلطة التنفيذية القادمة التي من المفترض أن تشكلها لجنة الحوار. وقال السراج الذي تجاهل لليوم الثالث على التوالي التعليق على الاتفاق الخاص باستئناف إنتاج النفط وتصديره، في بيان وزعه مكتبه، أنه اتفق مع السفير الألماني على أهمية الالتزام بمخرجات مؤتمر برلين التي حددت ثلاثة مسارات لحل الأزمة الليبية (أمنية واقتصادية وسياسية) تقود إلى انتخابات تشريعية ورئاسية.
بدوره، قال رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري إنه بحث مع السفير الألماني لدى ليبيا «تطورات الأوضاع السياسية والعسكرية في البلاد، والمبادرات المطروحة لوقف إطلاق النار، وفرص استئناف الحوار السياسي، وكيفية صناعة بيئة مناسبة لإنجاحه، ودور ألمانيا في الدفع بالعملية السياسية إلى الأمام».
وعبّر وزير الدفاع في حكومة «الوفاق» صلاح النمروش عن رفضه لاتفاق حفتر - معيتيق، وقال في بيان إنه «منفتح على أي حل سياسي» لا يكون حفتر طرفاً فيه «بعد المجازر التي ارتكبها، والدمار الذي خلفه عدوانه الآثم على طرابلس»، على حد تعبيره. وأضاف «نرفض أي حوار ليس فيه تمثيل لأبطال بركان الغضب... ولن نتنكر لدماء الشهداء».
وقالت «غرفة عمليات سرت - الجفرة» التابعة لحكومة «الوفاق»، في بيان تلاه المتحدث باسمها عبد الهادي دراة إنها تعمل بإمرة السراج «وتنفذ تعليمات وزارة الدفاع ورئاسة الأركان، وترفض الزج بها من قبل أشخاص في مماحكات سياسية ومصالح شخصية، ولن تكون طرفاً في أي مناورة سياسية، حتى وإن اتخذت شعارات برّاقة». وأكدت «حرمة المساس بوحدة التراب والوحدة الوطنية للدولة الليبية... ولا نكترث بخطوط أو تقسيمات ترسم من قبل الواهمين في الداخل أو من الخارج». وكانت المؤسسة الليبية للنفط أعلنت رفع حالة «القوة القاهرة» عن الحقول والموانئ النفطية «الآمنة». وقالت في بيان، مساء أول، أمس إنها أعطت تعليمات للشركات المشغلة بمباشرة مهامها واستئناف الإنتاج والصادرات، بعد يومين من إعلان المشير خليفة حفتر إعادة فتح المنشآت المغلقة.
وأعلنت شركتا سرت والخليج العربي عن بدء الإجراءات اللازمة والمعمول بها لتجهيز التشغيل وإعادة عملية الإنتاج في أسرع وقت مع مراعاة ضوابط ومعايير السلامة المقررة.
وشددت المؤسسة الموالية لحكومة «الوفاق» على «أهمية التمسك بالثوابت المهنية وغير السياسية في أي ترتيبات تتعلق برفع حالة القوة القاهرة عن الحقول والموانئ النفطية». لكنها أعلنت مع ذلك استمرار حالة «القوة القاهرة» على الحقول والموانئ النفطية «التي تأكد وجود عناصر من عصابات الفاغنر والجماعات المسلحة الأخرى التي تعرقل أنشطتها وعملياتها»، من دون ذكر أسماء الحقول التي يشملها استئناف الإنتاج أو تلك التي ستظل مغلقة.
وقال رئيس المؤسسة مصطفى صنع الله إن «همنا الأساسي بدء الإنتاج والصادرات بمراعاة سلامة العاملين والعمليات، وأيضاً منع أي محاولات تسييس لقطاع النفط الوطني، مما يعني أن المؤسسة تفي بمهمتها الفنية وغير السياسية لاستئناف العمليات في المناطق الآمنة ونجري تقييماً فنياً تمهيداً لمباشرة الإنتاج والصادرات».
وبعدما أكد على التزام المؤسسة «أعلى المعايير الدولية لشفافية عملياتها التجارية»، أشار إلى أن «المسائل المتعلقة بإدارة الشؤون المالية الليبية وعملية وضع الميزانية هي مسائل سياسية خارج اختصاص المؤسسة». وتعهد العمل «بشفافية كاملة بتوجيه من السلطة التنفيذية بشأن التصرف في الإيرادات الجديدة».
وتعني «القوة القاهرة» تعليقاً للعمل بشكل مؤقت لمواجهة الالتزامات والمسؤولية القانونية الناجمة عن عدم تلبية العقود النفطية بسبب أحداث خارجة عن سيطرة أطراف التعاقد.
بدوره، انتقد رئيس حزب «العدالة والبناء»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، محمد صوان الاتفاق، واعتبر أن «ما جرى اليومين الماضيين من ترتيبات للإعلان عن تسوية وتمرير اتفاقات مشبوهة، يحمل في طيّاته طموحات فردية وتجاوزاً للشرعية وللجهات المسؤولة، وهي مغامرة غير مدروسة تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات النجاح».
ورأى في بيان أن «ما ورد في مذكرة التفاهم من مواضيع خطيرة ومهمة تتعلق بمقدرات الدولة، وبالميزانية وتوزيعها، وتشكيل لجنة بصلاحيات حكومة، وتسوية ملفات مالية عالقة خطيرة من دون أدنى ترتيب وموافقة من الجهات الرسمية المسؤولة، أو حتى تشاور مع الأطراف الرئيسية أو الترتيب المسبق للتنفيذ، يؤشر إلى غياب أبجديات العمل السياسي والعقلاني بما لا يسمح بأي فرصة للنجاح، ويؤدي إلى مزيد من التعقيد للأزمة». ودعا صوان ضمناً إلى مراعاة ما وصفه بـ«حقوق تركيا في ليبيا»، مدعياً أن حزبه «يسعى إلى ترتيبات رصينة تراعي مصالح الدول الشريكة لليبيا في المجال الجيواستراتيجي».
في المقابل، اتهم الناطق باسم «الجيش الوطني» اللواء أحمد المسماري، السراج والميليشيات الموالية لحكومته بالوقوف ضد استئناف تصدير النفط، منتقداً «تجاهل الأمم المتحدة للاتفاق». واعتبر المسماري في تصريحات تلفزيونية أن رفع مؤسسة النفط حالة «القوة القاهرة» بمثابة «رضوخ لهذا الاتفاق الذي سمح بمقتضاه الجيش الوطني يوم الجمعة الماضي بإعادة استئناف إنتاج وتصدير النفط بعد إغلاق دام نحو 9 شهور».
إلى ذلك، تجنب أحمد معيتيق، نائب السراج، في أول ظهور رسمي له عقب توقيع الاتفاق، الحديث عن ملابساته. وقال في بيان إنه ناقش في طرابلس مع رئيس اللجنة المركزية لانتخابات المجالس البلدية سالم بن تاهية «المشاكل والصعوبات التي تعيق استكمال العملية الانتخابية للبلديات المنتهية ولايتها القانونية». وأكد دعمه اللجنة «حتى تتمكن من القيام بمهامها لنجاح هذا الاستحقاق الانتخابي وفق الأسس والضوابط المتعلقة بانتخاب المجالس البلدية»، مشدداً على «ضرورة استكمال الانتخابات في كل البلديات».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.