إذا غامرت بالذهاب إلى شاطئ البحر في نيويورك بالصيف، فقد ترى حيواناً كبيراً رأسه على شكل حدوة حصان، وجسمه سداسي دائري وذيله طويل وشائك، وهذا ما يسمونه «سرطان حدوة الحصان»، وهو نوع من الأحافير الحية.
والأحافير الحية هي حيوانات لا تزال تعيش إلى الآن، على الرّغم من أنّها وُجدت منذ ملايين السنين، ومنها هذا الحيوان الذي توجد أحافير خاصة به تعود إلى نحو 480 مليون سنة، وهو أكثر من 200 مليون سنة قبل الديناصورات.
وعلى الرّغم من بقاء هذا الحيوان طيلة تلك الفترة الطويلة، فإنّه أصبح مهدداً بالانقراض بعد أن أوجد الطب الحديث له استخداماً، وهو توظيف دمائه الزرقاء لاختبار وجود أي ملوثات بكتيرية خطيرة في الأدوية الجديدة والمبتكرة، حيث يتفاعل مستخلص خلايا دماء هذه الحيوانات بشكل كيميائي مع أي ملوثات ضارة في الأدوية.
ويتم اصطياد الآلاف من هذه الحيوانات سنوياً بهدف استخلاص دمائها من أحد الأوردة الدموية القريبة من القلب، ليطلق سراحها لاحقاً، لكن ثبت أن 30% من هذه المخلوقات تموت بعد هذه العملية، وهو الأمر الذي دفع علماء من جامعة نيو ساوث ويلز بأستراليا ومتحف علم الحيوان بجامعة هارفارد الأميركية، إلى إنشاء أطلس يضم جميع أنواع سرطان «حدوة الحصان» من 480 مليون عام، وأعلنوا عن هذا العمل في العدد الأخير من دورية «فرونتيرز إن إيرث ساينس».
ويقول د. راسل بيكنيل من جامعة «نيو ساوث ويلز» بأستراليا والباحث الرئيسي بالدراسة في تقرير نشره أول من أمس، موقع «ذا كونفرسيشن»، إنه على الرغم من توفر بديل صناعي للدم الأزرق منذ ما يقرب من عقدين، فإن هناك عدم يقين بشأن فاعلية هذا البديل مما يجعل حصاد دماء (سرطان حدوة الحصان) مستمراً، ونأمل أن يساعد الأطلس في جهود الحفظ لحماية هذه المخلوقات.
واستغرق بناء الأطلس ثلاث سنوات، وتضمن إرسال بريد إلكتروني إلى أكثر من 100 باحث ومدير متحف، والسفر بين أستراليا وبريطانيا وألمانيا وروسيا وسلوفينيا والولايات المتحدة لجمع الصور، وكانت النتيجة توثيق 110 أنواع من سرطان حدوة الحصان، سواء كانت حية أو منقرضة.
ويضيف بيكنيل: «سيساعد الأطلس في تسليط الضوء على التاريخ التطوري الفريد والمعقد لسرطانات حدوة الحصان، حيث نجت هذه المفصليات (اللافقاريات ذات الهيكل الخارجي والأرجل المفصلية) من جميع حالات الانقراض الجماعي، وتغير مظهر بعضها بمرور الوقت، فعلى سبيل المثال، لدينا أشكال أحفورية غريبة تماماً، مثل سرطان حدوة حصان في شكل فأس».