ترمب سيختار امرأة لخلافة غينسبرغ في المحكمة العليا

أشخاص تجمعوا أمام المحكمة العليا الأميركية تأبيناً للقاضية روث بادر غينسبرغ التي توفيت أمس (أ.ف.ب)
أشخاص تجمعوا أمام المحكمة العليا الأميركية تأبيناً للقاضية روث بادر غينسبرغ التي توفيت أمس (أ.ف.ب)
TT

ترمب سيختار امرأة لخلافة غينسبرغ في المحكمة العليا

أشخاص تجمعوا أمام المحكمة العليا الأميركية تأبيناً للقاضية روث بادر غينسبرغ التي توفيت أمس (أ.ف.ب)
أشخاص تجمعوا أمام المحكمة العليا الأميركية تأبيناً للقاضية روث بادر غينسبرغ التي توفيت أمس (أ.ف.ب)

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمس (السبت)، إنه سيختار بين قاضيتين محافظتين بمحاكم الاستئناف الاتحادية لعضوية المحكمة العليا خلفاً للراحلة روث بادر غينسبرغ، في خطوة من شأنها أن تدفع المحكمة أكثر نحو اليمين.
وقال ترمب إن اختياره وقع على إيمي كوني باريت، من الدائرة السابعة في شيكاغو، وباربرا لاجوا من الدائرة الحادية عشرة في أتلانتا.
وتوفيت غينسبرغ، وهي من رموز الدفاع عن حقوق المرأة ومن أيقونات الليبراليين الأميركيين، أول من أمس (الجمعة) في منزلها بواشنطن بسبب مضاعفات سرطان البنكرياس النقيلي، بعد أن استمرت في عملها بالمحكمة نحو 27 عاماً.
وتمنح وفاة غينسبرغ لترمب، الذي يسعى لإعادة انتخابه في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني)، فرصة لتعزيز الأغلبية المحافظة في المحكمة بتعيين شخصية ثالثة في وقت تشهد فيه البلاد انقسامات حادة مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة.
ويتطلب أي تعيين في المحكمة العليا الأميركية موافقة مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه حالياً الجمهوريون الذين ينتمي ترمب إليهم.
وما زال الديمقراطيون غاضبين من رفض الجمهوريين في مجلس الشيوخ اتخاذ خطوة بشأن مرشح الرئيس الديمقراطي باراك أوباما، للمحكمة العليا ميريك جارلاند عام 2016 بعد وفاة العضو المحافظ أنطونين
سكاليا قبل 10 أشهر من تلك الانتخابات.
وكان زعيم الأغلبية في المجلس ميتش ماكونيل قد قال عام 2016 إنه لا ينبغي لمجلس الشيوخ أن يتصرف بشأن مرشح للمحكمة خلال عام الانتخابات، وهو موقف تراجع عنه منذ ذلك الحين.
وحتى وإن فاز الديمقراطيون بالانتخابات الرئاسية وبالأغلبية بمجلس الشيوخ فإن ترمب وماكونيل لا يزالان في متسع من الوقت، إذ لن يدلي أعضاء الكونغرس الجدد بالقسم قبل الثالث من يناير (كانون الثاني) المقبل.
ورغم غضب الديمقراطيين، فإن فرصهم ضئيلة لمنع اختيار من يرشحه ترمب، إذ يسيطر الجمهوريون على 53 مقعداً من مقاعد مجلس الشيوخ البالغ عددها 100. وقال ماكونيل إنه يعتزم إجراء تصويت على أي مرشح يختاره ترمب.
ومع افتقار الديمقراطيين للأدوات التي تمنع الترشيح، فإنهم يخططون لمحاولة حشد معارضة عامة ضد الخطوة.
ودعا الرئيس السابق باراك أوباما بنفسه أمس (السبت)، أعضاء مجلس الشيوخ من الجمهوريين إلى احترام ما وصفه بمبدأ عام 2016.
وكتب أوباما في بيان على الإنترنت: «المبدأ الأساسي للقانون، وللعدالة بوجه عام، هو أننا نطبّق القواعد باتساق، وليس استناداً إلى ما هو ملائم أو مفيد للوقت الراهن». وأضاف: «حكم القانون وشرعية محاكمنا ومبادئ الديمقراطية الأساسية كلها تعتمد على هذا المبدأ الأساسي».
ويخاطر الجمهوريون باحتمال أن يتبنى الليبراليون مقترحات أكثر تطرفاً إذا ما استبدل ترمب غينسبرغ ثم فاز الديمقراطيون في انتخابات نوفمبر، حيث اقترح بعض الناشطين من اليسار حتى قبل وفاة غينسبرغ ضرورة زيادة عدد القضاة في المحكمة لمواجهة المعينين من قِبل ترمب.
وعبّر بايدن عن معارضته لطرح ترمب أي مرشح على مجلس الشيوخ قبل الانتخابات قائلاً إن الفائز في الانتخابات هو من يتعين عليه اختيار من سيخلفها.
ويلعب قضاة المحكمة العليا دوراً بارزاً في بلورة السياسات الأميركية حيال قضايا ساخنة كالإجهاض وحقوق المثليين وحق امتلاك وحمل الأسلحة والحريات الدينية وعقوبة الإعدام والسلطات الرئاسية.
وكان الرئيس الأميركي الديمقراطي الأسبق بيل كلينتون، هو من عيّن غينسبرغ في المحكمة العليا عام 1993، وكان لصوت غينسبرغ دور مهم في أحكام تاريخية تضمن للمرأة حقوقاً متساوية وتحافظ على الحق في الإجهاض.
كانت غينسبرغ أكبر أعضاء المحكمة سناً وصاحبة ثاني أطول مدة خدمة بين قضاة المحكمة الحاليين بعد كلارنس توماس. وكانت ثاني امرأة تُعين في المحكمة في أعقاب تعيين القاضية ساندرا داي أوكونور قبل 12 عاماً.


مقالات ذات صلة

كيف تسعى غرينلاند للاستفادة من رغبة ترمب في ضمها؟

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخَب دونالد ترمب (أ.ف.ب) play-circle 02:14

كيف تسعى غرينلاند للاستفادة من رغبة ترمب في ضمها؟

قالت وكالة «بلومبرغ» للأنباء إن غرينلاند التي تُعدّ أكبر جزيرة في العالم تتطلع إلى الاستفادة من رغبة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في ضمها

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شريحة في معهد تايوان لأبحاث أشباه الموصلات في حديقة العلوم في هسينشو (رويترز)

تايوان تتوقع تأثيراً محدوداً لتعريفات ترمب على صادرات أشباه الموصلات

قال وزير الاقتصاد التايواني، كيو جيه هوي، يوم الجمعة إن تايوان تتوقع تأثيراً ضئيلاً للرسوم الجمركية التي قد تفرضها حكومة الرئيس الأميركي المنتخب.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)

من دون شروط مسبقة... بوتين جاهز للتحاور مع ترمب

أعلن الكرملين، اليوم (الجمعة)، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جاهز للتحاور مع دونالد ترمب دون شروط مسبقة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع الآمنة في دار «برو أوروم» للذهب في ميونيخ (رويترز)

الذهب يسجل مكاسب ملحوظة مع تزايد المخاوف حول سياسات ترمب

ارتفعت أسعار الذهب يوم الجمعة مع تزايد حالة عدم اليقين بشأن سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مما زاد من الطلب على السبائك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ رسم توضيحي لجلسة محاكمة ترمب، في نيويورك 7 مايو 2024 (رويترز)

المحكمة العليا ترفض طلب ترمب تعليق نطق الحكم بحقه في نيويورك

رفضت المحكمة العليا الأميركية الخميس محاولة الرئيس المنتخب دونالد ترمب في اللحظة الأخيرة وقف نطق الحكم بحقه في قضية شراء سكوت ممثلة الأفلام الإباحية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟