واشنطن تنشر قوات إضافية ومدرعات في شمال شرقي سوريا

مسؤول أميركي: لا نريد صراعاً مع أي دولة أخرى

عربة أميركية في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
عربة أميركية في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
TT

واشنطن تنشر قوات إضافية ومدرعات في شمال شرقي سوريا

عربة أميركية في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)
عربة أميركية في شمال شرقي سوريا (أ.ف.ب)

نشرت الولايات المتحدة قوات إضافية ومدرعات شرق سوريا، بعد الأحداث الأمنية التي وقعت مؤخراً بين قوات تابعة للتحالف الدولي وقوات روسية، أدت إلى إصابات.
ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية، الكابتن في البحرية الأميركية، بيل أوربان، أن الولايات المتحدة أرسلت أيضاً أنظمة رادار، وزادت من دوريات الطائرات المقاتلة فوق المنطقة لتوفير حماية أفضل للقوات الأميركية وقوات التحالف، في معركتها المستمرة من أجل هزيمة «داعش». وأضاف أوربان: «لا تسعى الولايات المتحدة إلى صراع مع أي دولة أخرى في سوريا؛ لكنها ستقوم بالدفاع ودعم ومساندة قوات التحالف هنالك، إذا لزم الأمر».
إلى ذلك، أعلنت القيادة المركزية الأميركية (سينتكوم) في بيان الجمعة، أنها نشرت مركبات «برادلي» القتالية ورادار «سنتينل»، بالإضافة إلى زيادة وتيرة دوريات الطائرات المقاتلة فوق القوات الأميركية، من أجل «المساعدة في ضمان سلامة وأمن قوات التحالف».
ونقلت الوكالة عن مسؤول أميركي كبير، من دون الكشف عن هويته، قوله إنه تم إرسال 12 مركبة عسكرية من طراز «إم 2 آي 2 برادلي» القتالية، وحوالي 100 جندي إضافي إلى شرق سوريا؛ مشيراً إلى أن «تلك التعزيزات تهدف إلى أن تكون إشارة واضحة لروسيا لتجنب أي أعمال غير آمنة واستفزازية أخرى ضد الولايات المتحدة وحلفائها هناك»، في إشارة إلى «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية - العربية.
وشهدت المنطقة عدداً من الأحداث بين القوات الأميركية والروسية التي تقوم بدوريات في شرق سوريا. وكان أخطرها الشهر الماضي، عندما قال مسؤولون أميركيون إن «مركبات روسية تصادمت وألحقت ضرراً بمركبة عسكرية أميركية مدرعة، ما أدى إلى إصابة أربعة أميركيين».
وقد وقع هذا الحادث الشهر الماضي بالقرب من ديريك في شمال شرقي سوريا. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، جون أوليوت، إن الدورية الأميركية غادرت المنطقة «لتهدئة الموقف».
وعادة ما ترافق القوات الأميركية عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) المدعومة من الولايات المتحدة، أثناء قيامها بإجراء الدوريات.
كما وقعت عدة حوادث أخرى بين القوات الأميركية والروسية في شرق سوريا، إلا أن المسؤولين وصفوا حادث شهر أغسطس (آب) بأنه من الحوادث الأكثر إثارة للقلق.
وهذه هي المرة الثانية التي يتم فيها إرسال مدرعات «برادلي» الأميركية إلى سوريا. واستخدمت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في عمليات مع «قوات سوريا الديمقراطية» في مهام لهزيمة فلول «داعش» وحماية حقول النفط في تلك المنطقة.
واعتبر البيان الذي نشرته قوة المهام المشتركة أنه على الرغم من الهزيمة الإقليمية التي مني بها التنظيم المتطرف وتدهور قيادته، وبداية تراجع آيديولوجيته على نطاق واسع «لا تزال هذه الجماعات المتطرفة العنيفة تشكل تهديداً».
وأضاف البيان الذي نقل عن العقيد واين ماروتو المتحدث باسم عملية «العزم الصلب» قوله، إن عودة ظهور «داعش» ستظل تمثل احتمالاً واقعياً للغاية، ما لم يتم الاستمرار في الضغط عليه. ولفت البيان إلى أن التحالف الدولي ضد «داعش» ملتزم بالعمل «مع وإلى جانب شركائنا المحليين» لضمان الهزيمة الحتمية لـ«داعش».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.